اسمه سمعان، بطرس أو الصخرة هو الاسم الّذي أطلقه عليه الربّ يسوع (يو 1، 42). والده يونا من سَبَط نفتالي. وُلِدَ في بيت صيدا على الضفة الشماليّة من بحر الجليل. متزوّج وامرأته كانت ابنة شقيق الرسول برنابا ورُزِقَ بابنتين. احترف وأخوه أندراوس الّذي كان أحد تلاميذ يوحنا المعمدان، صيد السمك وكانت لهما سفينة، وكانا شريكين ليوحنا ويعقوب ابني زبدى. بينما كان يسوع ماشياً عند بحر الجليل أبصرَ سمعان بطرس وأخاه أندراوس يلقيان شبكةً في البحر فقال لهما: "هلمَّ ورائي فأجعلكما صيَّادي الناس. وللوقت تركا الشباك وتبعاه" (متى 4). لبطرس مكانة مميّزة بين تلاميذ الربّ يسوع الإثني عشر فهو أحد الثلاثة (بطرس ويوحنا ويعقوب ابنا زبدى) الّذين كانت لهم حظوة لدى الربّ يسوع بدليل اصطحابه لهم دون البقية في أكثر من مناسبة كالصعود إلى الجبل والتجلّي وشفاء ابنة يايروس. تعلَّم بطرس أن يتواضع، فمقابل تعلّقه بيسوع كان مُستعدّاً أن يتخلّى عن كلّ شيء، عن كبريائه، عن كرامته وعن نفسه أخيراً. بنعمة الله أثبت في أكثر من مناسبة التصاقه بالسيّد وكل ما تعلَّمه بطرس تعلَّمه في جامعة التصاقه بيسوع، وهكذا صار إنساناً جديداً. أخبار بطرس الرسول عديدة وتفاصيلها ورَدَت في الأناجيل الأربعة وفي أعمال الرسُل وبعض الرسائل. ففي أعمال الرسُل هو مَن قام في وسط التلاميذ بحضور مئة وعشرين منهم ودعا إلى اختيار بديل عن يهوذا فألقوا القرعة واختاروا متّياس. ثمَّ بعدَ حلول الروح القدس وقفَ مع الأحد عشر وخاطبَ اليهود والساكنين في أورشليم شاهداً: "إنَّ الله جعلَ يسوع هذا الّذي صلبتموه أنتم ربّاً ومسيحاً" فانضمّ على الأثر نحو ثلاثة آلاف إنسان. كان مع يوحنا عندما شفى على باب الهيكل رجلاً أعرج من بطن أمه. وفي لدّة شفى مفلوجاً منذ ثماني سنوات اسمه اينياس، وفي يافا أقام تلميذة من الموت هي طابيثا، ومن يافا انتقلَ إلى قيصريّة ليبشّر ومنها امتدّت كرازته إلى الأمم. كتبَ بطرس رسالتان في مطلع الأولىَ منهما جاء ما يلي: "بطرس رسول يسوع المسيح إلى المتغرّبين من شتات بنطس وغلاطية وكبادوكية وآسيا وبيثينية". وقد ورَدَ في التراث أنّ بطرس سامَ أساقفة على أنطاكية ونيقوميذية وطرسوس وإزمير وفيليبي وتسالونيكي والبتراء. أمّا كورنيليوس قائد المئة فقد سامه أسقفاً على هليوبوليس وسيلا على كورنثوس. وفي مصر قيلَ أنّه جعلَ القدّيس مرقس أسقفاً على الإسكندريّة، وهناك مَن يقول أنّه بلغَ ميلان وقرطاجة وحتى بريطانيا العظمى.
استُشهدَ في رومية في زمن نيرون، مصلوباً ورأسه إلى أسفل حتى تكون عينه على السماء.
القدّيس بولُس الرسول
عبراني من سَبَط بنيامين. وُلدَ في طرسوس حوالي السنة العاشرة للميلاد، اسمه شاول وتمتّع من جهة أبيه بامتياز المواطنية الرومانية. كان غيوراً على الناموس فدرسَ في أورشليم على يد المعلّم غملائيل. حقدَ على المسيحيين الّذين اعتبرهم متعدّين خطرين على الشريعة، هدّد وقتلَ تلاميذ الربَ وأيَّد الّذين رجموا القدّيس استفانوس. انطلقَ إلى دمشق حاملاً رسائل من رئيس الكهنة إلى مَجمَع دمشق. فلمّا اقتربَ من دمشق غمره نور من السماء أعمىَ عينيه، فوقع على الأرض وسمعَ صوتاً يقول له: "شاول، شاول لماذا تضطهدني؟" فقال: مَن أنتَ يا سيّد؟ فقال الربّ: "أنا يسوع الّذي أنتَ تضطهده! ... قُم وادخُل المدينة"، نهضَ شاول عن الأرض ولم يكن يُبصر شيئاً فاقتادوه إلى دمشق وفيها بقي ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب إلى أن جاءه تلميذ اسمه حنانيا عرفَ بأمر شاول بواسطة ملاك الربّ، وضعَ عليه يديه فأبصرَ وامتلأ للحال من الروح القدّس وقام واعتمدَ وشرعَ يكرز بيسوع ابن الله في المجامع فأثارت مناداته استغراباً بين اليهود ومن ثمَّ حقداً فسعوا للتخلّص منه لكنَّ المسيحيين تمكّنوا من إبعاده بأن دلّوه في سلّة من سور دمشق ونجا وانطلقَ للعمل الكبير الّذي شاء الربّ الإله أن يقوم به. من تلكَ اللحظة باتت حياة بولُس كلّها مكرَّسة لخدمة الربّ يسوع، قالَ في الرسالة إلى أهل فيليبي: "أفعلُ شيئاً واحداً إذ أنا أنسىَ ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدّام". لقد ماتَ من أجل الناموس ليحيا لله: "لستُ بعد أنا أحيا بل المسيح يحيا فيَّ" (غلا 2، 20). ظهرَ له السيّد في عدد من الرؤى والإعلانات كان أوّلها على طريق دمشق، وذات يوم في أنطاكية خُطفَ إلى السماء الثالثة وسمعَ كلمات لا يُنطَق بها (2كو 12).
بولُس أعظم الرُسل بلا منافس، كتبَ 14 رسالة فيها 109 إصحاحاً بينما الأناجيل الأربعة فيها 89 إصحاحاً، إذاً هو أكثر مًن كتبوا في العهد الجديد، ويُعتبَر الثاني ممَن كتبوا في الكتاب المقدّس الأوّل داود النبيّ والثاني بولُس الرسول. لم يكن من التلاميذ الإثني عشر ولا من السبعين رسولاً إنّما جاءَ بعدهم ولكن كرازَته كانت أعظم من الجميع، كرزَ وبشّر من خلال رحلات ثلاث في أورشليم وأنطاكية، قبرص، آسيا الصغرى، اليونان، أوروبا وهو الّذي أسّس كنيسة روما. سُجِنَ سبع مرّات بحسب شهادة القدّيس اكليمنضوس الرومي، جلَدَه اليهود خمسُ مرّات في كلّ مرّة أربعون جلدة إلاّ واحدة، وضُرِبَ بالعُصي ثلاث مرّات، وثلاث مرّات انكسرَت به السفينة. عانىَ أخطار السيول وأخطار اللصوص وأخطار البحر والبرّ. تعبَ وسهرَ وجاعَ وعطشَ وبردَ. جعلَ له السيّد شوكةً في الجسد حتى يكون ضعفه أمامه في كلّ حين، وهذه كانت إمّا حمّى الملاريا أو ضعف في النظر (أكتب إليكم بحروفٍ كبيرة) وإمّا دمامل وحبوب في جسمه. صنعَ الربّ على يديه عجائب كثيرة غير مُعتادة فمن مُعجزاته: إقامة أفتيخوس من الموت (أع 20)، ضرب عليم الساحر بالعمىَ، إخراج روح العرافة من الجارية التي كانت تسكنها هذه الروح. من تلاميذه لوقا البشير ومرقس البشير، تيموثاوس، تيطس، وفيبي الخادمة الشمّاسة، وأكيلا وبريسكيلا الزوجان اللذان شاركهما سكنهما ومهنتهما في صنع الخيام. خدمَ مع برنابا وسيلا وأبولوس. في رسالته إلى أهل رومية تكلّم كثيراً عن النعمة كما تكلّم في رسائله الأخرى عن المجيء الثاني والقيامة وأجساد القيامة، وكتبَ أيضاً عن خدّام الكنيسة. وفي رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس كتبَ عن المواهب الروحيّة والمحبّة. أمّا في رسائله إلى كنائس كولوسي وفيليبي وأفسُس فعرض لعمق سرّ المسيح منذ البدء والمكشوف في ملء الأزمنة.
في أثناء حكم نيرون في حدود العام 65م وبعد أسرٍ لمدة سنتين تمّت محاكمته كمواطن روماني وجرى قطع رأسه. إنّ هامتي الرسولين بطرس وبولُس محفوظتان في بازيليك القدّيس يوحنّا لاتران. بعض جسده تحت مذبح بازيليك القدّيس بولُس والقسم الباقي مع جسد القدّيس بطرس تحت مذبح بازيليك القدّيس بطرس في الفاتيكان.
تعيّد الكنيسة للقدّيسين بطرُس وبولُس في اليوم التاسع والعشرين من شهر حزيران، ويسبُق العيد صوماً يُدعى صوم الرسُل يبدأ من الأسبوع الّذي يلي أسبوع العنصرة ويستمر حتى عيد القديسَين بطرُس وبولُس، ومدة هذا الصوم ليست ثابتة وهي تتعلّق بتاريخ عيد العنصرة وعيد الفصح المجيد. كنائس كثيرة بُنيَت على اسم القدّيسَين ومنها كنيسة قديمة في أنطاكية يُقال أنّ بولُس مرَّ من هناك في أثناء رحلاته فبُنيَت الكنيسة ومازالت قائمة وفيها عين ماء لم تنضب ماؤها أبداً.
تسلسل تاريخيّ تقريبيّ لحياة بولس ورسائله
36 ؟ الاهتداء للمسيح على طريق دمشق.
39 زيارة إلى أورشليم.
40-44 إقامة في كيليكيا (آسية الصغرى، البلد الأم لبولس).
44-45 الوصول والإقامة في أنطاكية (سورية)
46-49 أوّل رحلة رسوليّة: من أنطاكية إلى قبرص ثمّ إلى جنوب آسية الصغرى. عودة إلى أنطاكية.
50-52 ثاني رحلة رسوليّة: من أنطاكية إلى غلاطية ومقدونية وقورنثس (1تس) عبر جنوب آسية الصغرى. عودة إلى أنطاكية.
53 مجمع أورشليم.
54-58 ثالث رحلة رسوليّة: من أنطاكية إلى أفسس عبر غلاطية، حيث يقيم فيها بولس ثلاث سنواتٍ ويُسجَن (غلاطية، فيليبي، فيليمون، 1-2 قورنثس).
57 شتاء في قورنثس (رومة)، العودة إلى أورشليم.
58-60 اعتقال في أورشليم – سجن في قيصريّة البحر.
60-61 انتقال إلى رومة عبر البحر.
61-63 سجين في رومة (لمدّة سنتين؟).
65 موت في رومة أثناء حكم نيرون؟
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :
موضوع: رد: القدّيسان بطرس وبولُس هامتا الرسل (القرن الأوّل الميلادي) الجمعة 13 يوليو 2012 - 22:58