ام سى ان
/
يعد دير مار كبرئيل - الذى يعود الى القرن الخامس - والموجود فى منطقة
طور عبدين في جنوب شرق تركيا (جبل خدام الرب) بالقرب من الحدود التركية- السورية،أحد
أقدم الاديرة المسيحية السريانية فى العالم وهو بمثابة "القدس الثانية" ، وقد فشل المنغوليون
فى هدمه منذ 700 عاما بالرغم من المذبحة التى راح ضحيتها 40 راهبا و 400 مسيحي،
وهو يواجه الان تهمة ممارسة "انشطة مناهضة للأتراك".
فقد قام رؤساء القرى المسلمة الثلاثة المجاورة والاكراد وقبيلة بلبعى برفع
دعوى ضد الدير منذ عدة سنوات ماضية بمساندة عضو البرلمان عن حزب العدالة والتنمية
الذى ينتمى اليه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ، وبمقتضى هذه الدعوى القضائية،
وجهت للسريان تهمة ممارسة "انشطة مناهضة للأتراك" من خلال تعليم الصغار،
من غير المسيحيين وباحتلال الاراضى التى تنتمى للقرى المجاورة بصورة غير شرعية،
كما زعمت الدعوى ان المحراب بنى على انقاض مسجد، متناسية ان النبى محمد ولد بعد
بناء الدير بـ 17عاما.
وبعد عدد من الاحكام المتناقضة، حكمت أخيرا أعلى محكمة استئناف فى انقرة
لصالح رؤساء القرى بالاتى " ان الارض التى كانت تعد جزءا من الدير لمدة 1600
عاما ليست من املاك الدير" ، حسبما ذكرت صحيفة /زمان/ التركية.
وقد هوجم الحكم بشدة من قبل وسائل الاعلام التركية وكتبت( زمان)
" ان القضاة قد فقدوا وثائق الملكية والوثائق المالية التى تثبت ان الارض محل
النزاع تنتمى للدير"، ويتعين حاليا على مسئولى الدير اللجوء الى
المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان من أجل البقاء، وهو التحرك الذى اتخذ منذ عدة سنوات
بنجاح من قبل البطريرك اليونانى كونستانتينوبولى لاعادة الحصول على البناء الذى
يؤوى دار ايتام بويوكادا الارثوذكسى فى اسطنبول.
تأسس الدير فى عام 397 من قبل الراهب صموئيل والراهب شمعون فى شرق الاناضول،
هو قلب المجتمع الارثوذكسى لقرون، وينحدر السريان من احدى فروع الديانة المسيحية
الشرق اوسطية ومن أقدم الجاليات فى تركيا.
ويقيم فى الدير حاليا مار تيموثيوس صمويل اكتاش وثلاثة رهبان و11
راهبة و 35 صبيا يتلقون تعاليم الدير واللغة الارامية القديمة التى كان يتحدث بها
المسيح الى جانب التقاليد السريانية الارثوذكسية.
وبالرغم من ان الدير يقع فى منطقة هى مركز الصراعات بين الانفصاليين الاكراد
مع جماعات حزب العمال الكردستانى المسلحة والجيش التركى، فان مار جابرييل يستقبل
20 الف حاج كل عام.
ويحكم الجالية السريانية الارثوذكسية - التى تقدر ب 5ر2 مليون نسمة فى
جميع انحاء العالم - بطريرك انطاكية وتعتبر هذا الدير بمثابة "القدس الثانية".
وترجع شهرة الدير الى 1500 عام مضت عندما شيد اباطرة الرومان اركاديوس
وثيودوسيوس وهونوريوس عدة ابنية جديدة حوله وقاموا باثراء هذه الابنية بالرسوم
الفنية وقطع الموزاييك.
وخلال الـ150 عاما الماضية، مر الدير بفترة تدهور بعد المذابح التى راح
ضحيتها اعداد من المسيحيين على يد السكان فى نهاية القرن الـ 19 - حيث لاقى 3000
مسيحي حتفهم حرقا فى كاتدرائية الرها فى عام 1895 - وكذلك الاشتباكات التى وقعت
بين الاتراك والاكراد فى المنطقة خلال الحرب العالمية الاولى، وفى منتصف الستينات،
بلغ عدد افراد جالية طور عبدين 130 الف ، واليوم لم يتبق سوى 3500 شخص بينما تواجه
"القدس الثانية" خطرا.