عيد انتقال مريم العذراء الى السماء. الاب بولس ثابت

عيد انتقال مريم العذراء الى السماء.




عيد ومناسبة تحتفل بها كل الكنائس الرسولية. انها مناسبة تخص والدة امنا مريم. ان كل مناسبة تخص العذراء هي بالحقيقة مناسبة تتوسط واقعين وحقيقتين مهمتين, الاولى هي المصدر والسبب, اما الثانية فهي نتيجة لفعل الاولى. الحقيقة الاولى التي ترتبط بها مناسبتنا هي حقيقة المسيح وحدثه. يسوع المسيح قام من بين الاموات وانتصر على الموت بموته. لم يتكن مناسبة موته نهاية ويأس وعدم, بل خطوة نحو القيامة والمجد والابدية. المسيح الذي نزل الى اعماق الارض, انما نزل وحرر منها الانسانية المائتة والغارقة في اعماق العدم. ان قيامة المسيح هي حدث خلاص للانسان لانها قد حدثت من اجل الانسان. يسوع المسيح مات ليشارك الانسان بؤسه ومصيره المؤلم, ولكن تضامنه هذا كان دواءا: انه تضامن وشاطر الانسان قدره ليجد له عن مخرج من هذه الحتمية الاليمة: حتمية الموت. ان انتقال العذراء الى السماء يرتبط جذريا بهذا الحدث. انها ام المسيح: الاله المتجسد, من جسدها اخذ جسدا ابن الله. هذا الجسد الذي مات ولم يخضع للفساد وقام, ايضا قد قام ولم يخضع للفساد الجسد الذي منه اخذ ابن الله جسده. انه التضامن الفعال, انها نتيجة القيامة المباشرة لانسانة منعم عليها. ان هدف تجسد الله وصيرورته انسان انما هي ان يرفع الانسان الى مقام وقدر رفيع, الى منطق وعالم الله, الى هويته الحقيقية. ان مريم تمثل طرفا مهما في هذه المعادلة, لان جزءها الاول قد اكتمل بجوابها عندما عرض عليها الملاك ان تصبح اما لابن الله: " هانذا خادمة الله ليكن لي حسب قولك" ( لوقا 1: 38). من الاكيد ان تصبح من ساهمت في انجاز مخطط الله اولى من يخلص ويستفيد من هذا الخلاص, والا لكانت مشاركتها ودورها سطحي, لاصبحت وسيلة جامدة لا معنى لمشاعر امومتها, ولكانت انسانية ابنها شكلية, ولكان تدخل الله في خلاص الانسان تدخلا على طريقة الغزاة الذين لا يحترمون حرية من يفرضون عليهم ارائهم. ان مريم الحرة المقتنعة بفعل الله تشترك في تنفيذ ارادته الخلاصية مؤمنة به ومنتظرة ايضا نتائج خلاصه. ان من اكتمل بها مخطط الله الخلاصي اكتمل حتى النهاية, اي هي من اصبحت الاولى لفعله. اصبح الله انسان ليصبح الانسان الها, اي يدخل الى ابدية الله ويتنعم بحياة اسمى من هذه. هذا الخلاص رفع مريم الى هذا المقام. انها امه, وما دامت انسانيته ممجدة في السماء, فهذه الانسانية تستدعي حضور من اعطاها, اي مريم العذراء ام ربنا: فكيف تتمجد انسانية في المجد الالهي بينما من اعطاها يفسد ويصبح اسير العدم؟. كما تمجدت انسانية يسوع بالقيامة والصعود كذلك مريم هي ممجدة في السماء.
الحقيقة الثانية التي تتوسط بينها وبين الاولى مريم هي الكنيسة. ان خلاص المسيح هو من اجل رفع البشرية كلها. ان انتقال مريم الى السماء هو علامة رجاء للكنيسة. مريم تمثل الكنيسة. كما ان مريم كانت اما وخادمة لمخطط الله, كذلك الكنيسة هي خادمة مخطط الله, دورها هو اعطاء المسيح للعالم من خلال تبشيرها. انها جماعة المؤمنين الذين ليسوا وسيلة جامدة, بل اناس ينتظرون خلاص الله. انها موجهة نحو الخلاص النهائي.
ان مريم هي علامة رجاء لنا وحلقة تتوسط ما قام به المسيح من خلاص ومن استفاد من هذا الخلاص. فهي الاولى التي قامت وتمجدت ونحن من بعدها. انه عيد رجاء وفرح لكل من يعرف ان يعيش دعوته المسيحية على مثال مريم. صلي لاجلنا ايتها البتول الطاهرة لنكون امناء دوما لابنك وكنيسته.

صلاة الطلبات لعيد انتقال العذراء.
- لنقف امام الرب الذي يريد ان يرفع الانسان الى مقامه, نطلب ونقول: اجعلنا ان نبلغ مقام امك.
- يا رب: انت كسرت قيود الموت وغلبته بموتك. انت لم تسمح ان ينال الموت والفساد من جسد امك الطاهر. لا تسمح يا رب يوم قيامتك ان نصبح اسرى للعدم الابدي: منك نطلب.
- يا رب: انت في السماء وبجانبك امك العظيمة. كما رفعتها الى مقامك, بصلاتها افض علينا الرحمة والبركات والسلام: منك نطلب.
- يا رب: مريم اصبحت هيكل روحك القدوس, وعلامة حية لحبك. نتوجه اليها بصلاتنا ونلتجأ الى شفاعتها طالبين من اجل كل احتياجاتنا, مستنجدين بها وقائلين: صلي من اجلنا يا والدة الله القديسة.