الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61370مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: محمد الماضي/ تكريت : كنائس في تكريت بالعراق الإثنين 20 أغسطس 2012 - 3:22
محمد الماضي/ تكريت 24/03/2009
تعد مدينة تكريت من أوائل المدن التي دخلها المبشرون، فكثرت فيها الكنائس والأديرة، وأصبحت، فيما بعد، مقراً لمفريان الشرق، وهي لفظة سريانية من مفريونو، وتعني الرئيس الروحي وهي درجة أدنى من البابوية.
واشتهرت تكريت، بوجود الكنيسة الخضراء فيها التي لا تزال قائمة على قمة جبل تكريت الجنوبي وتعتبر من أقدم الكنائس في العالم. والى جوار تلك الكنائس بنيت جوامع للمسلمين، فتآخى الطرفان في حياة سلمية على امتداد قرون.
يقول أستاذ التاريخ في جامعة تكريت الدكتور خالد محمود "لعل المسيحية التي نشأت في العراق قبل الإسلام بأكثر من خمسة قرون قد امتزجت في ثقافتها وإيمانها بالجذور الحضارية العريقة ذات الأبعاد الإنسانية".
ويوضح محمود أن "الناس في تكريت يتداولون حكايات وقصصاً حول التعايش الاجتماعي في العراق بين المسلمين والمسيحيين وقتئذ، ربما قرأوها في الكتب التاريخية أو تداولوها عن طريق القصص من الأجداد، وهناك عدد من العائلات التكريتية المعروفة من يفتخر بأصل أجداده المسيحيين، ومنهم من يحتفظ ببعض الكتب المسيحية التي ورثها عن أسلافه، وبعض العائلات في المدينة لها صِلة قرابة بعدد من العائلات المسيحية في مناطق أخرى بالعراق".
ويؤكد أستاذ العقائد الدينية بجامعة تكريت الدكتور عدي الأجدع إن "ولاء المسيحيين في العراق لبلدهم وحبهم وإخلاصهم له، إذ عاشوا فيه منذ آلاف السنين، لذلك لا نستغرب من دموع المسلم التي تنهمر من أجل المسيحي، عندما تم الاعتداء على بعض الكنائس والأديرة بفعل النزعة الطائفية التي لم تفرق بين جامع أو حسينية أو كنيسة بعد أحداث عام 2003".
ويشير الأجدع إلى أن "تكريت لم تشهد مثل هكذا اعتداء من قبل، وهناك العديد من الإخوة المسيحيين هم أصدقاء وزملاء لنا، ولم يتعرضوا إلى أي أذى".
وبنى الكنيسة الخضراء، في القرن السابع ميلادي، ماروثا بن حبيب التكريتي الذي شاع ذكره في عموم البلاد المسيحية، إذ اشتهر بعلمه، وإرشاده، ومؤلفاته، كما اشتهر باهتمامه الواسع في إقامة الكنائس والأديرة في الجزيرة الفراتية وبلاد الشرق.
ويقول الأجدع إن "الكنيسة الخضراء، التي تعد معلماً حضارياً وتاريخاً في تكريت تم ترميمها وإعادة بنائها عام 1994، ولا تزال شخوصها باقية إلى اليوم، ويوجد بمحاذاتها جامع كبير تم ترميمه أيضا، فوجود الكنيسة الخضراء الى جوار الجامع الكبير يدل على روح التسامح والسلام التي كانت تسود المدينة".
ويضيف الدكتور خالد محمود إن "بقايا من آثار كنائس قديمة عثر عليها تحت الأنقاض، عندما كانت تشيّد القصور الرئاسية في تكريت، في القرن الماضي".
وتقول أم ماري، 40 سنة موظفة، "لم اشعر أن هناك من ينظر إلي كوني مسيحية في تكريت، بل لدي علاقات كثيرة مع صديقاتي من المسلمات، حتى إنني أرسل لهن بعض أطباق الحلوى في شهر رمضان، وعلاقتي جيدة بهن، ويشاركني الجيران في أعياد الميلاد ويقدمون لنا الهدايا".
أما الحاجة أم عبدالله، 65 سنة، فتقول "أنا حزينة جداً على فراق جارنا المسيحي الذي سافر مع عائلته خارج العراق بحثا عن الرزق. كان لا يفارقنا بل يقدم لنا الطعام والشاي، كنا عائلة واحدة، لكنه يتصل بنا دائما ويسأل عن أحوالنا".
يذكر إن تكريت كانت مركزاً لكرسي المشرق للديانة المسيحية، وأقام المفارنة "الرؤساء الروحيون" فيها حتى عام 1272م. وفي العقد الأخير للقرن الخامس الميلادي حكم كقباذ بن عزارسب الفارسي فخلق حالة من البلبلة في المدينة لتسهيل السيطرة عليها وهدم بعض كنائس المدينة واستحوذ على كنيسة مار احودمة كبرى كنائس تكريت، مما دفع مفريانها وعدداً من أهلها إلى النزوح إلى مدينتي الموصل وبغداد.