الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 7038مزاجي : تاريخ التسجيل : 02/01/2010الابراج :
موضوع: مقال قصير في الرد على جلال الصغير الأربعاء 22 أغسطس 2012 - 7:57
مقال قصير في الرد على جلال الصغير
محمد شمس الدين بريفكاني
ليس عيبا أن يكون الإنسان صغيرا بجسده، فهذه من الله، وليس عيبا أن يكون صغيرا في مكانته الوظيفية أو الإجتماعية أو السياسية، فهذه أيضا تخضع لإعتبارات كثيرة ومختلفة، عشائرية تعليمية ثقافية حزبية إلى آخره، فالدنيا كما يقال مقامات وحظوظ، والإنسان الذي يعرف نفسه، ويعرف قدراته وإمكاناته العقلية والفكرية، ويتصرف ضمنها وفي حدودها، متقبلا ومحترما الآخر كإنسان أولا، ثم كفكر وعقيدة وإنتماء ثانيا، بالتأكيد سيكون هذا الإنسان محترما وكبيرا في نظر الآخرين ، مهما كان صغيرا كما قلت في حجمه أو مكانته. وعلى العكس فعندما يكون الإنسان طبيعيا في تكوينه الجسدي، ومتميزا في قدراته العقلية وإمكاناته المعرفية أو العلمية أو الثقافية، ويتبوأ مكانة إجتماعية أو سياسية أو إدارية بارزة ومرموقة في دولته، لكنه يتصرف ببلادة وبلاهة، بعيدا عن الإلتزامات الأخلاقية والسياسية والوطنية، التي تحتمها عليه مكانته ومسؤوليته، ويتجاوز على حقوق وحريات الآخرين، ولا يكن لها الإحترام، فإن مثل هذا الشخص مهما كان كبيرا في مكانته وإمكاناته، سيكون بلا شك في نظر الآخرين ليس فقط صغيرا، بل صغيرا إلى حد التفاهة والقرف... الكلام هذا ينطبق على جلال الدين الصغير، فبالرغم من أنه ينتمي إلى إسرة لها مكانة علمية ودينية متميزة ومرموقة لدى الشيعة، وإنه قيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وعضو في مجلس النواب العراقي، وإمام وخطيب ومشرف في جامع براثا ببغداد، إلا أنه قد خرج عن مسار عائلته وشذ عنها وعاش حياته كلها من الناحية الإنسانية صغيرا بعقله وفكره وإرتباطاته، وتافها من الناحية الوطنية، وجاهلا مغفلا من الناحية السياسية. فشل في إكمال دراسته في حوزة النجف العلمية، تنقل للعيش بين إيران وسوريا ولبنان، كان على إتصال بالمخابرات العراقية وكتب الكثير من التقارير عن زملاءه عندما كان طالبا في حوزة النجف، وفي لبنان وعن طريق حزب الله الذي إنظم إليه سنة 1988 إرتبط بالمخابرات السورية والإيرانية، متجسسا على العراقين الذين يهربهم من سوريا إلى لبنان، كغطاءا لعمله الإستخباراتي. إنضم إلى حوزة المرتضى في لبنان، لكن المرجع الشيعي اللبناني فضل الله طرده من الحوزة بسبب سلوكه المشين والمثير للفتن والأزمات، مما دفعه إلى إختلاس أموال كبيرة من أنصار آية الله محمد مهدي شمس الدين والهرب إلى الدنمارك. بعد تحرير العراق وبدعم المخابرات الإيرانية ومن خلال فيلق بدر، عاد ليتسلم إدارة مسجد براثا الذي حول أقبيته إلى معتقلات للخطف و للقتل والتعذيب، حتى أطلق البعض على مسجد براثا إسم مسلخ براثا، لكثرة جرائم القتل والتعذيب الذي مورست فيه، تحت إشراف وبأوامر مباشرة من هذا الصغير. وفي سنة 2006 تمت مداهمة هذا المسلخ من قبل قوات عراقية وأمريكية مشتركة، عثرت فيه على أسلحة ومتفجرات ومسدسات كاتمة إيرانية الصنع، بالإضافة إلى جثث مدفونة خلف المسجد لأشخاص ماتوا تحت التعذيب، هرب وإختفى عن الأنظار لفترة لكنه عاد إلى موقعه مرة أخرى طبعا بدعم من المخابرات الإيرانية المتنفذة في حكومة وعراق المالكي. هذه بإختصار هي بعض المحطات القذرة في حياة هذا الرجل الصغير، الذي يشعر بالنقص فيحاول أن ينفخ نفسه ليبدو كبيرا لكنه لا يعلم بأن غرزة دبوس صغيرة ستفشه وتعيده إلى حجمه الطبيعي الصغير، الذي لا يساوي شيئا في عالم السياسة والوطنية. إلا أن ما ذكره في محاضرة له في جامع براثا، عن ما ترويه كتب الملاحم واعقيدة وتفسيره لها، ووصفه للكورد بالمارقة، وإن المهدي المنتظر سوف يظهر، وأول ما يقوم به هو مقاتلة هؤلاء المارقة الكورد خاصة في العراق، للقضاء عليهم و التخلص من شرهم وفتنتهم. أعتقد بأن هذا الكلام أكبر من حجم الصغير بكثير، وأخطر من أن نسكت عنه، لأنه يمهد الطريق مرة أخرى لثقافة القتل والإبادة الجماعية وزرع الأحقاد والفتن الطائفية، بعد أن بنيت أسس جديدة لثقافة السلام والتسامح والتعايش المشترك بين جميع مكونات الشعب العراقي، الذي تذوق طعم الحرية والديمقراطية بعد زوال دكتاتورية البعث وصدام، الذي عرف الشعب العراقي في عهده خاصة الكورد والشيعة كل أنواع الظلم والقهر والقتل والإبادة. أعتقد بأنه من واجبنا، بل أمانة في أعناقنا جميعا خاصة السياسيين والكتاب والمثقفين، أن لا نسمح لمثل هذه النفوس المريضة الضعيفة، أن تنشر مثل هذه الأفكار والطروحات الهدامة القاتلة بين أبناء الشعب العراقي في أي مكان وتحت أية ظروف، والعمل على وأدها والقضاء عليها أين ومتى ما ظهرت، والعمل سوية على ترسيخ صرح الديمقراطية، وتعميق أسس السلام والوحدة الوطنية. بالرغم من اني لا أؤمن بنظرية أو حتى فرضية عودة الإمام المهدي، بل حتى لا أؤمن أصلا بوجوده كحقيقة، وأعتبرها أسطورة مثل كل الأساطير التي يؤمن بها أتباع باقي الديانات، حيث لا يخلو دين من مثل هذه الخرافات والأساطير، وهذا رأيي الشخصي. لكني مع ذلك أحترم هذه الفكرة، وأحترم المؤمنين بها وأحترم عقيدتهم، مثلما أحترم تماما معتقدات جميع الشعوب والديانات الأخرى، وأقول كما قالت الدكتورة هدى سلطان ( أعبد حجرا، لكن لا تضربني به ) لكن عندما يأتي مثل هذا الصغير جمال الدين، ويرفع ليس حجرا بل صخرة أكبر من حجمهن ويحاول رمينا بها وبإسم المهدي الذي يؤمن بهن وينتظر ظهوره ليقضي علينان ونحن لم نقتل شيعيا واحدان و لسنا كفرة ولا مارقين أو ملحدين، بل مسلمون نؤمن بالله ورسوله ودينه، وعراقيون ساهمنا في بناء العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد الجديد، كما عانينا سابقا مثل أتباع المهدين من جبروت وطغيان المجرم صدام وزبانيته، وقدمنا سوية كوردا وشيعة مئات الآلاف من الشهداء على طريق حريتنا وكرامتنا، لم لم يظهر هذا المهدي في زمن صدام الذي فتك بالشيعة وهتك أعراضهم، وقتل حتى آياتهم ومرجعياتهم، لم لم يأت لنجدتهم وإنقاذهم، وقتال صدام المجرم المارق، هل كان يغط في نوم عميق؟ أم كان ضعيفا أمام قوة صدام وجبروته! والآن فقط آن الأوان لظهوره، وحمل السيف، وجمع القوات والجيوش للهجوم على الشعب الكوردي المسالم، المحب والمتعطش للسلام والديمقراطية والعيش المشترك. أليس هذا تشويها لإسم المهدي وفلسفة الإيمان به؟ أليس تحريفا لعقيدة وجوده، وحتمية ظهوره في المعتقد الشيعي لينشر العدل والسلام بين الناس؟ ألا يدفع هذا بملايين المسلمين الكورد الذين ربما يؤمنون به وبظهوره أيضا، لأن يقولوا بدلا من عجل الله ظهوره، أطال الله غيابه أو ألغاه بالمرة! أنا شخصيا لا أحمل الأخوة الشيعة مسؤولية كلام هذا الرجل الصغير، لكني أحملهم المسؤولية عن تداعيات كلامه المسئ للأخوة بين الكورد والشيعة و تبعياته في القادم من الأيام. لذلك أرى بأنه من واجب الجهات الحكومية الرسمية، والمرجعيات الشيعية المتنفذة، إتخاذ إجراءات سياسية وقضائية صارمة بحق هذا الرجل، ووضع حجرا صغيرا في فمه العفن، لكي يسكت عن مثل هذا الكلام القبيح، الذي أساء أولا وبشكل كبير إلى الشيعة في مفصل مهم من مفاصل إيمانهم الذي يتعلق بحقيقة المهدي وظهوره المرتقب، قبل أن يسئ إلى الشعب الكوردي الذي لا يهمه ما قاله الصغير، لا من قريب ولا من بعيد، ولن يتأثر بكلامه الذي أصبح مبعثا للضحك والسخرية والتندر لدى الشعب الكوردي. وأساء أو بالأحرى حاول الإساءة إلى وحدة الأخوة الكوردية الشيعية العريقة، وتأريخهما النضالي المشترك، من خلال نفث سموم الحقد والكراهية، بالتحدث إلى جموع الشيعة من خلال منبره في جامع براثا، بخطاب طائفي عنصري شوفيني مقيت، يبعث على التفرقة بدلا من الوحدة، وعلى القتال بدلا من السلام. نحن الكورد سنبقى كما كنا دائما، نرفع راية الوحدة والأخوة العربية الكوردية، ونعمل من أجل السلام والديمقراطية الحقيقية للعراق الجديد، الذي يحاول المالكي وأمثال هذا الصغير، للأسف تحريفها وإختزال معانيها في شخوصهم وشعارات أحزابهم، وحسب طريقة تفكيرهم. لكن محاولاتهم سوف لن تكتب لها النجاح، وستعود الأمور إلى مجاريها، والديمقراطية إلى مسارها الصحيح. لأن التأريخ لن يعود إلى الوراء، وعهد الدكتاتوريات وحروب الإبادة قد ولى وإلى الأبد. وحلت محلها مفاهيم ومعطيات جديدة، من حق الإنسان أولا في العيش بحرية وسلام وكرامة، وثانيا حق الشعوب في العيش بسلام، والتمتع بحقوقها القومية والسياسية والثقافية، وصولا إلى حقها المشروع في تقرير مصيرها، وهذا ما ننتظره نحن الكورد بفارغ صبر، ونتمنى على قيادتنا الكوردستانية أن تعلنه.