الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61370مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: أستاذ من الماضي ! عامر العظم السبت 25 أغسطس 2012 - 2:25
Thursday, August 23, 2012 3:29 AM
أستاذ من الماضي !
درّست في فلسطين خمس سنوات في بداية التسعينات قبل أن أغترب إلى السعودية ثم قطر ثم أعود هذا العام، درست خلال هذه السنين مئات الطلبة والطالبات..يعملون الآن في مختلف الوظائف والمواقع في فلسطين وخارجها.
بعض من درّستهم أو عرفوني مدرسا يعرفون صفحتي على الفيسبوك ويعلقون أحيانا ويخاطبونني ب"أستاذنا"، لم ألتقيهم أو أتحدث معهم شخصيا منذ أكثر من 15 سنة، لا شك أنني أشعر بمودة وسعادة عندما أرى تعليقاتهم وصورهم.
اتصل بي ثاني يوم العيد ابن خالتي، وهو موظف كبير في شركة جوال، وقال: كنا، وأخوته الثلاثة الآخرين، نتحدث عنك يوم العيد ونتذكر قصصك ومواقفك ونستغيبك أيام كنت تدرسنا وقلنا لأنفسنا نريد أن نزورك، في البلدة التي أقطن فيها حاليا والتي تبعد حوالي 40 كيلو متر عن بلدتي الأصلية، حيث يقيمون. وبالفعل جاءوا، لم يتذكروا من ابن خالتهم في العيد إلا مدرسا ومواقف وذكريات!
جاءني اليوم إلى بيتي "طالب سابق" درسته قبل عشرين عاما، لاستشارتي في موضوع ما وتقديم يد المساعدة لي في أمر آخر في الوقت ذاته، الآن بات عمره 36 عاما، لم ينفك أن يخاطبني طوال الجلسة بـ "أستاذ" وحتى خلال الاتصالات الهاتفية الماضية، جاهدت أن أشعره بطريقة فنية بأننا أصدقاء وزملاء الآن ولا داعي لهذه"الرسميات"، وخلال الحديث أعطاني رقم "طالب سابق" آخر يمكنه المساعدة واتصلت به، كان يتحدث هو الآخر معي بوقار، بلغة الطالب مع مدرسه! قلت له إن كان في الأمر إحراج أو إزعاج، فلا تكلف نفسك، وكان يرد بحزم "لا، يا أستاذ!"، كانت نبرته توشي بأنه يريد أن يقدم أو يفعل لي شيئا بأي طريقة أو ثمن وكأنه يسد دينا لي في رقبته!
لم ينسى طلبتي أنني درّستهم يوما. نسجوا عني قصصا جميلة كمدرس وكإنسان وظلوا يتحدثون عني خلال خمسة عشر عاما ويقيسون ويعايرون أي مدرس يدرس بعدي في مدرسة بلدتنا بي وبكفاءتي، ورسخ أهل القرية والطلبة من بعدي قصة "أنني أفضل مدرس للغة الإنجليزية"، وحكايات ومواقف معبرة أو نبيلة أحيانا لا أذكر أنني فعلتها أو شاركت بها، ولا يريدون أن يتخلوا عن هذه القناعة حتى لو كانت غير صحيحة.
جميل أن تشعر بأنك تركت أثرا طيبا في أناس وأنهم لم ينسوك ولا يزالون يذكرونك بالخير ويكنون لك الاحترام بعد كل هذه السنين.