حين أرى وأسمع كيف يعيش الإنسان الاعتيادي والإنسان الغير اعتيادي في مجتمعنا العراقي ( السيد المعمم) وأقارن بين ما يقدمه الأول وما يقدمه الثاني وما يحصل عليه الأول ومثله الثاني أشعر بالحزن والألم على الفارق بين رجل يتعب ويكد ويطعم أولاده من عرق جبينه وهو بالكاد يعيش يومه خائفا من يوم لا يحمد عقباه إن وقعت مصيبة أو ابتلاء رباني كمرض أحد الأطفال أو الزوجة بأمراض مزمنة أو مرض عضال ، وبين النوع الثاني الذي لا يقدم سوى الخزعبلات والهلوسات والشخبطات والكل يقبل الأيادي والكل يحترمه أكثر مما يتوقع بحجة أنه سليل الشجرة المحمدية ، عندها أشعر بالامتعاض من هذا الوضع المزري الذي يجعلني بعيدا نوعا ما عن الإيمان ومترنحا بين رافض وخاضع للعدالة الإلهية ولكن سرعان ما أعود لاستغفر ربي خوفا من أن أبتلى بأحد الأمراض حينها سأقف علنا مع جادة الملحدين دون خوف أو وجل من كلام الناس الذي لا يرحم خصوصا ونحن عراقيون لا نفهم إلا فلسفة الانتقاد والنقد. ثم أحاول أن أقلب الفكرة إلى مزيدا من السخرية لإمتصاص الغضب العارم الذي ينتابني من هذه الفكرة التي تؤرقني على الدوام ولا أستطيع حقيقة أن أزيحها من قاموس الافكار الملتصقة بعقلي عندما أشاهد وأسمع التهويل والتضخيم والتمجيد ورفع المقام لشخوص لا تستحق كل هذا الإحترام الزائف ، أقول زائف ليس إنتقادا لطبيعة العراقيين ولكن في حقيقة الحالة التي يعيشها هذا الشعب المسكين ، ثم بعدها أفكر لوهلة وأحاول أن اخرج عن المألوف في نشوة ذاتية فنتازية عندما أتخيل لو إني أحد أبناء المعممين الكبار ( مرجع مثلا ) وكيف لي أن أعيش في بحبوحة لم يعرف طريقها أولاد الاباطرة والملوك والأمراء وكيف لا وأنا أشاهد أن المسألة لا تتعدى مجرد تدريب النفس على الكذب والبكاء الزائف وكذا آية ومثلها قول للائمة الأطهار(ع) أحفظها على ظهر قلب وقليلا من قلب الوجه ( الدلغمة ) في بعض أيام السنة ( شهر محرم ) بحجة إني اتأمل مصاب أهل البيت وعلى رأسهم الامام الحسين ( ع) في معركة الطف حتى يشعر من يراني إني فعلا هذا الشبل من ذاك الأسد . تصوروا أن كلا منا له عمل فالقاضي يعمل والمهندس يعمل والطبيب يعمل والفلاح يعمل والنجار يعمل والحداد يعمل والموظف البسيط يعمل وكلنا نسترزق من الأعمال التي نقدمها للناس وهكذا هي سنة الحياة ولكن بربكم ماذا يقدم لنا هذا المعمم، هل يستحق كل هذا التقدير ومزيدا من النساء الجميلات الشابات ( متعة ) والكثير من الارصدة من عرق جبين العامة وهو نائم لا يرى الشمس والحر في الصيف ولا يرى المطر والبرد في الشتاء وفوق كل هذا وذاك نركع لهم ولسان حالنا يقول (لبيك لبيك أنا عبدك بين ايديك ) ، أين ذهب العقل هل تبخر ، أين أجد من يفكر بعقل ولو لدقيقة ويقول في نفسه ماذا قدم ويقدم لنا هذا الدجال لنركض خلفه ، هل لديه تفويض الهي ، هل لدية أسرار لا يعلم بها إلا الراسخون في العلم ، هل هو فعلا أرقى من العامة ، هل لون دمه هو أزرق ونحن بلون أحمر ، هل يده فيها موجات كهرومغناطيسية تشفي العليل ونحن لا نملك هذا الخاصية ، وهل وهل وهل وإلى ساعة صياح الديك ولكن لا جواب شافٍ . أتمنى ولو لعام واحد أصبح ولدا لمعمم ( عمامه سوداء ) حتى أشعر بحياة قارون وأعيش لحظات هارونية وأشعر بهزلية العقول علنا وأجمع رصيد في مصارف عمان والإمارات وكل ليلة شرعا سأكون عريس ( متعة ) وفوق كل هذا وهذا أستلم الخمس من هذا وذاك ( تسول شرعي ) حينها سأكون الكاتب الوحيد الذي يدافع عن خزعبلات المعممين وأفضلهم في وصف فوائد العمامة بعد أن أغطي الدجل بحجج منطقية ما دمت حيا وما دامت الليالي التي اعيشها مخملية حمراء جدا والأرصدة في كل مصرف خارج العراق وكل هذا لا يكلفني إلا ان اتعلم البكاء كذابا والسفسطة دجلا ومزيدا من التقدم على خطى الاب المعممم الذي منحني شرف النصر على هذه العقول الخاوية .
لو كان والدي معمما لفزت فوزا عظيما ااا فواز الفواز