الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 7038مزاجي : تاريخ التسجيل : 02/01/2010الابراج :
موضوع: الخبز والملح .. وحشد المؤمنين ! الإثنين 27 أغسطس 2012 - 7:53
الخبز والملح .. وحشد المؤمنين !
ماجد عزيزة
الحشد الكبير الذي حضر للاحتفال بعيد انتقال مريم العذراء في مزار الشهداء بميدلاند ، كان كما اطلقنا عليه أكبر حشد من المؤمنين العراقيين يتجمعون في مكان واحد منذ أن وطأ أول مسيحي عراقي أرض كندا العزيزة ، فقد بلغ العدد الذي شارك في الصلاة والقداس الذي اقامه الأب الفاضل نياز توما حسب تقديراتنا حوالي ( 2000 شخصا) وقفوا أمام المذبح المقدس ليشاركوا في القداس والصلاة ، قدموا من أماكن عديدة من كندا منهم بسياراتهم الخاصة ومنهم بالباصات الكبيرة التي أقلتهم من مدن هاملتون وأوكفيل .. أحد المسؤولين عن المزار ، وهو راهب أكد بأن عدد البطاقات التي تم قطعها للداخلين في الباب الرئيسي لذلك اليوم كان حوالي ( 6500) شخصا منهم بين 60 -70% من العراقيين ، أي ان عدد العراقيين الذين كانوا متواجدين في المزار ( للاحتفال بعيد العذراء) كان حوالي ( 4000) شخصا ! طيب اين ذهب الآخرون الـ ( 2000) ؟ الله اعلم ! الحضور للاحتفال في مثل هذه الأعياد الكبيرة هو تعبير عما في دواخل الإنسان من قوة الايمان ، وتعبير عن ما يحمله من محبة الاتحاد والتعاون مع الآخرين ومع الكنيسة ، لأن الكنيسة في ذلك اليوم وكأنها قد أعدت لحفلة عشاء كبيرة دعت اليها ( بدون بطاقات دعوة) جمع المؤمنين ، للمشاركة في تناول طعام العشاء مع الرب ، وفي هذا العشاء يقدم لنا ذاته طعاماً، لإن المحبة تستدعي الاتحاد، وأكمل صورة مادية لهذا الاتحاد الأطعمة بالجسم البشري، إذ تتحول إلى لحمه ودمه وعظامه، لذلك نرى الأم تعبر عن محبتها لطفلها بقولها إنها تود أن تأكله، كذلك إذ شاء الرب يسوع لعظمة محبته التي لا تحد، أن يتحد بنا بأكمل صورة ممكنة، لقد أعطانا ذاته بشكل طعام في سر الشكر، ولكن الفرق بين الطعام الإلهي والطعام الاعتيادي هو أن الأخير يتحول إلينا عندما نتناوله، بينما الأول عندما نتناوله يحولنا إليه سرياً، وتسري حياة يسوع الإلهية فينا، ويمكننا الترديد مع الرسول بولس :" لست أنا أحيا ولكن المسيح يحيا فيَّ " (غلاطية 19:2). وباقترابنا من المائدة الإلهية نتحد نحن أيضا ببعضنا البعض، عندما يريد البشر التعبير عن اتحادهم أو توطيده يجتمعون حول مائدة واحدة لتناول الطعام سوية، ويقال عندنا للتعبير عن الاتحاد بين شخصين : " بيناتهم خبز وملح "، هكذا فالمؤمنون يتحدون بعضهم ببعض ويصبحون جسداً واحداً عندما يتناولون كلهم من المائدة الإلهية الواحدة : الخبزة الواحدة، ونحن الكثيرون قد أصبحنا جسداً واحداً لأننا أكلنا من الخبزة الواحدة، يأتي المؤمنون إلى الكنيسة متفرقين ينتمون إلى بيئات مختلفة وطبقات متعددة، ولهم اهتماماتهم ومشاكلهم المختلفة ، ويوم الأحد 19 آب قد أتوا من مدن مختلفة ( تورونتو ومسيساغا وهاملتون وأوكفيل وسكاربورو وغيرها) وكانوا من مختلف المذاهب ( كلدانا وسريانا وآشوريين وارمن وأقباطا وغيرهم) ، ولكن عندما يتحدون بالمسيح الواحد الذي تجسد وصلب " ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد "(يو 52:61)، يتوحدون ويؤلفون عندئذ لا مجموعة أفراد بل شركة حقة أو شعباً لله، لذلك يهتف الكاهن بعد المناولة : " خلص يا رب شعبك وبارك ميراثك ".فالقداس الإلهي هو مائدة الوحدة، وحدتنا مع المسيح ووحدتنا مع الإخوة ، وهذه المائدة هي في الأساس غاية القداس الإلهي، لقد وجد القداس من اجل المناولة وهو جوهر تهيئة لها، ويظهر جلياً من تركيب خدمة القداس الإلهي، فالكاهن قبل عرض الكأس يتلو صلاة سرية يقول في نهايتها:"وارتض أن تناولنا بيدك العزيزة جسدك الطاهر ودمك الكريم، وبواسطتنا لكل شعبك"، ثم عند عرض الكأس يدعو المؤمنين بصراحة إلى المناولة قائلاً " بخوف الله وإيمان ومحبة تقدموا "، وبعدئذ يعلن :" إذ قد تناولنا مستقيمين أسرار المسيح الإله ...فلنشكر الرب باستحقاق...". طوبى لكل من أتى واتحد بذكرى العيد الكبير ، عيد انتقال مريم العذراء إلى السماء ، فهؤلاء الـ 2000 الذين وقفوا خاشعين أمام مذبح الرب ، اصبحوا اخوة فيما بينهم بخبز المسيح ودمه ( وتمالحوا) معه ومع بعضهم البعض ،فمبارك لهم اخوتهم ، وكم نتمنى أن يشاركنا الآخرون (الذين تواجدوا في المزار) في العام القادم ( اذا الله انطانا عُمر) ليكونوا اخوتنا ونتقاسم معهم ( الخبز والملح) بعيدا عن الباربكيو والخكة اليقورا .. وشيروخن بريخا !