الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 320تاريخ التسجيل : 03/02/2010الابراج :
موضوع: البوش والهوش والبلابوش السبت 1 مايو 2010 - 5:33
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
البوش والهوش والبلابوش
شبكة البصرة
كاظم فنجان الحمامي
(البلا بوش): مفردة عجيبة من رواسب اللغات واللهجات العراقية القديمة، مازالت تستخدم حتى هذه الساعة في العراق والبلدان العربية المجاورة، وهي لفظة شعبية مختصرة للتعبير عن الاستياء من بعض الناس والتذمر منهم ومن سلوكهم الطائش، وتطلق دائما على المتهورين والمستهترين والمجانين، ادخل عليها العراقيون تعديلا طارئا للتعبير عن البلاء العالمي الذي جلبه لهم بوش بمؤازرة القادة العرب الذين فتحوا قواعدهم وبوابات بلدانهم لسحق العراق وتدمير بنيته التحتية والفوقية، فتحولت هذه المفردة إلى (بلاء بوش)، بعدما صار البلاء من الحقائق المرة المعاشة، فهل كانت هذه المفردة الغامضة تستبطن في جوهرها نبوءة مستقبلية تنذر بوقوع الشر والبلاء، وتحذر من الأعاصير السياسية والكوارث الحربية التي عصفت وستعصف بالمنطقة؟، أم إنها صورة طبق الأصل لاستهتار الدول الطائشة وتجبرها وتكبرها؟. وهل لهذه المفردة استخدامات عربية أخرى؟. أم إنها مرتبطة جغرافيا ومأساويا ببلاد ما بين النهرين؟.
تعالوا معي نفتش في دفاتر علم اللسانيات، ونراجع قواميس اللهجات العربية الفصحى والدارجة، ونبحث في سجلات اللهجات الأخرى عن المعاني الغريبة والرموز الخفية لهذه المفردات المشفرة التي تستحق التأمل.
(البلا بوش): لفظة عراقية آرامية الأصل تعني قليل الحياء. (بلا) تعنى بدون، و(بوش) تعني الخفر أو الحياء، والبوش تعني البوشي، والبوشية، وهي قطعة من القماش الأسود من متممات الحجاب لدى المرأة توضع على الوجه لتغطيته تماماً. ويقال (بلا بوش) للإشارة إلى الرجل الفج، الذي لا يستحي ولا يخاف الله، ولا يعرف الخجل والحياء.
و(البلبوش) مفردة طرابلسية ليبية تعني الحلزون والمحار والصدف والقواقع البحرية الصغيرة المنتشرة على السواحل الرملية البعيدة عن بلبلة بوش وهيمنة مدمراته البحرية المستهترة.
و(بلبوش) هو زعيم قبيلة (سُليم) في زمانه، واليه تنتسب قبيلة هوارة (البلابيش) في مصر العربية، وهي من اعرق قبائل (الهوارة) بين محافظتى قنا وسوهاج، والبلابيش عرب اقحاح سلميون قيسيون، وجدهم (بلبوش)، الله يبشبش الطوبة اللي تحت رأسه، هو اشرف نسبا وأنقى عرقا من أجداد بوش وسلالته الانجليكانية المتطرفة.
و(البلايش) في لهجة العراق والجزيرة هي المشاكل العويصة، والبلاء الذي لا خلاص منه، والبلشة هي الورطة، ونذكر هنا مقتطفات من الشعر النبطي:
بلش الله من يحبون البلايش والعقل فيه الثقل وعقول ريشه وأنت ما تنزل بمنزال الولايش
دام ما ترضى.. جزيل الظلم ليشه
يقولون في العربية الفصحى (الهَوْش والبَوْش) للتعبير عن الكثرة في العدد والاختلاط، أو للتعبير عن كثرةُ الناس والدواب، ويقولون: دخلنا السوق فما كِدْنا نَخْرُج من هَوْشِها وبَوْشِها، وجاءت (البَوْش) في قاموس لسان العرب والقاموس المحيط بمعنى الجماعةُ الكثيرةُ. وقوم من قبائِلَ شَتَّى، وقيل: الجماعةُ والعيَال، وقيل: هما الكَثْرة من الناس، والناس المُختَلِطِين. يقال: بَوْش بائِشٌ، والأَوْباش جمعٌ مقلوب منه، والبَوْشِي الرجُل الفقير الكثيرُ العيالِ، والرجل الذي ينتمي إلى عامة الناسِ ودَهْمائهِمْ، ورجل بَوْشِيٌّ: كثير البَوْشِ؛ قال أَبو ذؤيب:
وأَشْعَث بَوْشيّ شَفَيْنا أُحاحَهُ
غَداتَئِذٍ ذي جَرْدَةٍ مُتَماحل
و(البوشي) في صحف اليوم الفضائحية هو الملياردير العربي الأصل (نبيل البوشى) المتهم في قضية الاستيلاء على عشرات الملايين من الدولارات من رجال الأعمال والفنانين والرياضيين والمشاهير العرب. وهو يحمل الجنسية الأمريكية، التي لاذ بها للإفلات من التحقيق معه، على اعتبار أنه مواطن أمريكي من جماعة السلطان بوش الأصغر بن السلطان بوش الأكبر.
وبَوّشَ القومُ: كثرُوا واختَلطوا. وتركهم هَوْشاً بَوْشاً أَي مختلطين، وباشَ إِذا خَلَط، وباشَ يَبُوش بَوْشاً إِذا صَحِب البَوْشَ، وهم الغَوْغاء. وبَوْشٌ: بَنو الأبِ إذا اجْتَمَعُوا، وبَوْشٌ: طَعَامٌ بِمِصْرَ من حِنْطَةٍ وعَدَسٍ، يُجْمَعُ ويُغْسَلُ في زِنْبِيلٍ، ويُجْعَلُ في جَرَّةٍ، ويُطَيَّنُ، ويُجْعَلُ في التَّنُّورِ، وهو اليوم من الأطعمة الشعبية المشهورة في بعض البلدان العربية، ويتكون من الفول والحمص المسلوق والطحينة وزيت الزيتون واللبن الرائب والثوم والبصل والطماطم والفلفل الأخضر والجبن الأبيض والبهارات.
والبوش في اللهجات الدارجة لبادية العراق وبادية الشام والجزيرة تعني الإبل والهجن العربية الأصيلة. اما الهوش في اللهجة العراقية والخليجية الدارجة فتعني الأبقار والأغنام والماعز، ويفضل أبناء الريف والبادية قضاء أوقاتهم مع البوش والهوش وتلبية احتياجاتها من المأكل والمشرب، والسهر على راحتها وسلامتها والعناية بها، والابتعاد عن المنغصات التي جلبها لهم بوش وهوشه. ولنأخذ هذه الأبيات النبطية المعبرة، التي قيلت في قبيلة حرب:
حنا قبايل حرب لاقطر الهوش نرسي كما ترسي روس الجبالي افعالنا هزت عماير ولد بوش يوم انحروها صاملين العيالي لاهمنا سلطه ولا همنا اقروش همنا نرضي عزيز الجلالي
وبوش في الانجليزية (bosh) تعني ثرثرة وهراء، وتحمل المعاني نفسها في لهجة أهل العراق وأقطار الخليج العربي، فهي تعني هراء، وترمز لكل ما هو فارغ، أو تافه، أو غير منضبط، وتطلق أحيانا على العبوات والقناني الفارغة، وأغلفة القذائف والعتاد الحربي المستخدم. ويستخدمها أهل الخليج للتعبير عن محركات السيارات المعطوبة، فيقولون: (سيارة مبوشة) بمعنى (سيارة تحرق الزيت)، و(حكومة مبوشة ومتبوشة) بمعنى حكومة بوشية الهوى ومشرفة على الانهيار.
وبَوْشٌ في الفصحى ضَجيجُ الأخْلاطِ من الناسِ، والبوش في العامية السودانية معروف، ويعني الجمع من الناس الذين يجتمعون في مناسبة الزواج، فيقال: (ناس فلان عندهم بوش)، أي يوجد لديهم وليمة زواج، وقد اشتهر أبناء قرية (أم بوشه) في السودان بإقامة حفلات الزواج والأعراس الصاخبة.
ويقولون بَاشَ الناس وتَرَكْتُهُم هَوْشاً بَوْشاً: أي مُخْتَلِطِينَ. وبَاشَ فلاناً: أهْوَى له بشيءٍ. وتَبَاوَشَا: تناوَشَا. ولا يَنْباشُ: لا يَنْحَاشُ، ولا يَنْقَبِضُ. وبَوَّشُوا تَبْوِيشاً وتَبَوَّشُوا: اخْتَلَطُوا. و(الباء والواو والشين) في مقاييس اللغة العربية أصلٌ واحد، وهو التجمُّع من أصنافٍ مختلِفين. يقال: بَوْشٌ بائشٌ، وليس هو عندنا من صميم كلام العرب، وكان يَحْيَى بنُ أسْعَدَ بنِ بَوْشٍ البَوْشِيُّ من المحدّثين.
ويقولون: هاشَت الإِبلُ هَوْشاً، أي نفَرَت في الغارة فتبدَّدَتْ وتفرَّقت. وإِبل هَوّاشةٌ: أَخَذَت من هنا وهنا. والهَوْشَةُ: الفِتْنةُ والهَيْجُ والاضطرابُ والهَرْجُ والاختلاطُ. قال: قد هَوَّشَ القوم إِذا اختلطوا، وكل شيء خَلَطْتَه فقد هَوَّشْته؛ قال ذو الرمة يصِفُ المنازل وأَن الرياح قد خلَطت بعضَ آثارها ببعض:
تَعَفَّتْ لِتَهْتانِ الشِّتاءِ، وهَوَّشَتْ
بها نائِجاتُ الصَّيْفِ شَرْقِيَّةً كُدْرا
وفي حديث الإِسراء: فإِذا بَشَرٌ كثيرٌ يَتَهاوَشُون، والتَّهاوُشُ: هو الاختلاطُ، أَي يَدْخُل بعضُهم في بعض. وفي حديث قيس بن عاصم: كنت أُهاوِشُهم في الجاهلية، أَي أُخالِطُهم على وَجْهِ الإِفْساد. والهَوْشةُ: الفسادُ. وهاشَ القومُ وهَوِشُوا هَوَشاً، وتَهَوّشوا: وقعُوا في فساد. وتهَوَّشوا عليه: اجْتَمَعُوا. وهَوَّشَ بينهم: أَفسَد؛ وقول الراجز: قد هَوَّشَتْ بُطونُها واحْقَوْقَفَتْ، أَي اضطربت من الهُزال، وكذلك هاشَ القومُ يَهُوشون هَوْشاً. ويقال للعدد الكثير: هَوْشٌ. والهُواشاتُ: الجماعاتُ من الناس ومن الإِبل إِذا جمعوها فاختلط بعضها ببعض.
يقال: رأَيت هُوَاشةً من الناس وهَوِيشةً أَي جماعة مختلط. ويقال: إتقوا هَوَشاتِ السُّوق. أَي اتقوا الضلال فيها وأَن يُحْتالَ عليكم فتُسْرَقُوا. وهَوَشاتُ الليل: حوادثُه ومكروهُه. وفي حديث ابن مسعود: إيّاكم وهَوَشاتِ الليلِ وهَوَشاتِ الأَسواق، أَي فِتَنها وهَيْجَها. والهُوَاشُ: ما جُمِع من مالٍ حرام وحلالٍ، كأَنه جمعُ مَهْوَشٍ من الهَوْش الجمع والخلْط. والمَهاوِشُ: مكاسبُ السُّوء ومنه الحديث: مَن اكتسبَ مالاً من مَهاوِشَ أَذْهَبَهُ اللَّه في نَهابِرَ. المَهاوِشُ: كلُّ مالٍ يُصاب من حرام، كالغَصْب والسَّرِقة ونحو ذلك، وهو شبيه بما ذكر من الهَوَشاتِ، وقول العامّة شَوَّشَ الناسُ إِنما صوابه هَوَّشَ وشَوَّشَ خطأٌ. ويقولون: هاشَت الإِبلُ تَهُوش، إذا أُغِيرَ على مالِ الحيِّ فنَفَرت الإِبلُ واخْتَلَط بعضُها ببعض، فهي هَوائِشُ.
وقال ابناء البادية في قصائدهم النبطية:
على الشوارع نرغد البوش نجتل أرواح الناس ببلاش تكفي الحمير وجمعة الهوش لي عالشوارع دوم تعتاش رغد وفوق الشاعر اتبوش وترقص يالي من شافت فلاش
وهوش في اللغة الفارسية تعني (استخبارات)، والترجمة الحرفية لعبارة (هوش مركزي أمريكي) لا علاقة لها بالهوش وقطعان الأغنام المنساقة وراء السراب الأمريكي، وإنما تعني (الاستخبارات المركزية الأمريكية). التي اعتمد عليها بوش في تسويقTop of Form
التي اعتمد عليها بوش في تسويقالت حروبه الاستباحية (الخاطفة)، تلك الحروب التي لم يتردد وزير الخارجية البريطانية ديفيد مليباند، في وصفها بالحروب الخاطئة، وشتان بين الخاطفة والخاطئة، فقد خلفت بلايش بوش تحديات وصعوبات جديدة للغرب، ودمرت الإنسان وكرامته، وانتهكت حقوق البشرية، وعمقت الفجوة بين البيت الأبيض وشعوب العالم الإسلامي، ولم تحقق الاستقرار الوهمي، الذي كانت تتشدق به، فلا العراق أصبح آمناً، ولا أفغانستان استقرت أحوالها، بل على العكس تحولتا إلى دولتين هشتين، تعدى الخطر فيهما إلى دول الجوار، فزاد ذلك من فاتورة الأمن لتلك الدول، وهو أمر لم يواجه التحدي الأمني إلا بالحد الأدنى.
ولابد لنا في نهاية حديثنا عن البوش والهوش والبلابوش من أن نشير إلى مقطع من هذه المحاورة الشعرية التي جرت بين توني بلير وبوش:
يا بوش أنا مرهق وخايف ومدهوش
وانته تقول الحرب خدعه وخطة صحيح عندك مال وسلاح وجيوش
بس أتوقعلك نهاية وسقطة
وسقط بوش تلك السقطة، وأكلت لسانه القطة، وقبرت أفكاره في مزبلة التاريخ، فالعالم اليوم بلا بوش، وانتهت أكاذيبه ووعوده بمذبحة غزة، الأمر الذي عزز فرضية انتماء البلابوش إلى بوش الحوش الأبيض وهوش البنتاغون. وكان البلاء الذي جلبه بوش للعالم من أخطر كوارث الإدارات الأمريكية المتهورة.
يعد بوش بن بوش في نظر الشعب الأمريكي من أغبى شخصياتهم ضمن أكثر من تصويت لهم، فقد بدأ عهده الرئاسي بمسرحية تدمير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، ومبنى البنتاغون في الحادي عشر من أيلول عام 2001، وهي من البلايش والبلاوي الكبرى، التي لفقها بوش مع الهوش ليجعل من مكافحة الإرهاب ذريعة لحروبه وغطرسته في كل أرجاء العالم، وخاصة في العالمين العربي والإسلامي، وأنهى عهده الدموي بمجزرة غزة عام 2009، والمفارقة أنه قال في آخر تصريح له: ((أنهي رئاستي وأنا مرتاح لأنني عملتُ بضمير)، نعم ولكن بضمير الهوش، وهكذا بدأ عهده بتدمير برجين، وأنهاه بفردتي حذاء.