الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 606تاريخ التسجيل : 12/03/2010الابراج :
موضوع: الدروس من قصة ابن الملك نبوخذ نصر السبت 1 مايو 2010 - 19:55
الدروس من قصة ابن الملك نبوخذ نصر
بعد الدروس التي قرأناها في المقالة السابقة عن قصة نبوخذ نصر الملك والتي قُمتُ بطرحها في المقالة الموجودة في موقع عنكاوا على الرابط المذكور في الأسفل ، جاء دور ابنه بلشصر الملك ، هذا الملك الذي تربّع على العرش بعد والده . إذا كانت القصة رمزية أو حقيقية أو ما يرغب بها البعض بالقول انها تمثيلية ، مع كل المعاني للقصة هناك دروس مهمة جداً لأبن نبوخذنصر وأحفاده المفترضين من بعده وخاصة الذين لا يزالون يُؤمنون بنبوخذنصر وأعوانه وفتوحاته التي تتشابه مع بعض الفتوحات التي أدت الى تمزيق العالم آنذاك وتغيير معالمه الرئيسية بعيداً عن الإله الحقيقي . الأعتراض على مقالةٍ ما حالة صحيّة جداً والتناقض موجود ليس بين الكُتاب أو الأصدقاء فقط وإنما بين الأخوة في نفس العائلة الواحدة والظَهر الواحد ، كأن يكون أحد الأخوة شيوعياً اشتراكياً والثاني رأسمالياً أو قومياً أو احدهما من حزب العمال والثاني من حزب المحافظين وكل واحد يبدي رأيه ويكتب في الصحف عكس ما يُفكّر ويُؤمن بهِ الآخر ، وهنا علينا أن نكتب بحرية وبنوعية وخاصة الكتابات التي تستند الى أسس علمية أو تاريخية أو أبحاث أصيلة ورصينة . القارئ هو الذي يحكم ويُقرر بحسب الوعي والأدراك الذي في عقلهِ عندما يقرأ المنابع الرئيسية للموضوع من مصادرها الأصلية وبدون رتوش وتكحيل . في هذه القصة هناك من يقول بان بلشصر كان ابن بنت نبوخذنصر وليس ابنه!!! في المقالة السابقة اعترف نبوخذنصر في نهاية العقوبة التي تلَقاها بان الإله الحقيقي هو الرب الوحيد القادر على كل شئ وهو ملك السماء والأرض الذي يستطيع انهاء دور اي ملك أو اية مملكة ، وهو الجبّار الذي ينزل بالمتكبّرين الى الحضيض والهاوية . وبعد ان تم اذلال نبوخذنصر جاء دور ابنه الذي قاد المملكة من بعدهِ ، هذا الأبن بعد أن استلم السلطة بدأ يمشي في الطريق الذي كان يسير به والده ورُبما اكثر ، حيث أمر في احد الأيام باقامة وليمة كبرى لألفٍ من الكبار والوجهاء وبدأ في شُرب الخمر معهم وبعد أن تذوّق الطعم اللذيذ أمر باحضار كل الأواني والكؤوس الذهبية والفضية التي غنمها أبيه من هيكل اورشليم وطلب من الحاضرين وجميع النساء والجواري والمغنيات بالشرب في هذه الكؤوس ، لقد شرب الجميع ومجّدوا الأصنام آلهة الفضة والذهب والحجر والخشب!!! يقول سفر دانيال في 5 - 5 وبعدها " وفي تلك الساعة ظهرت اصابع يد انسان وكتبت تجاه المصباح على كِلْسِ حائط قصر الملك ، والملك ينظر طرف اليد التي تكتب ، فتغيرت سحنته وأقلقته افكاره ، وانحلّت مفاصله ، وأصطكْت ركبتاه ، ونادى بصوتٍ شديد أن يُدخلوا المجوس والمنجمين والحكماء لتفسير الظاهرة الغريبة ....". لم يستطِع ولا يقدر أي واحدٍ من قراءة الكتابة او تفسيرها ....بعدها دخلت الملكة لأنقاذ زوجها ووضّحت له أمر النبي دانيال الذي فيه روح الآلهة القدوسين وهو وحده يستطيع تفسير ما رآهُ من الكتابة على الجدار. بعد ان جاء دانيال امام الملك قال له بلشصر " إن قدِرْت ان تقرأ الكتابة وتُفسّرها لي تلبس الأرجوان ، وتتقلد طوق ذهب في عنقك ، وتحتل المرتبة الثالثة في المملكة ". جواب البطل النبي دانيال كان رائعاً وقال للملك " لتكُن عطاياك لك ، وأمنح جوائزك لغيري ، أما تفسير الكتابة فهي كما يلي ": " ايها الملك العظيم تم منح والدك كل عظمة وجلال وسيطرة ، وبعد ان تكبّر وارتفع أُزيل عنه جلاله وطُرد من بين البشر وسكن مع الحمير وأقتات العشب كالثيران .... وانت يا بلشصر ابنه ، لم يتضع قلبك وترفّعْت على رب السماء وشربت الخمر في آنية الهيكل وسبّحْت آلهة الفضة والنحاس والذهب والخشب والحجر التي لا تُبصر ولا تسمع ولا تعلم ، أما الله الذي يرى جميع طُرقِك فما عظّمْتهُ ولذلك أرسل الله هذه اليد التي تؤكد بان الله احصى ايام مُلكِكَ وأنهاها ... ومملكتِكَ قُسّمت لمادي وفارس . في تلك الليلة تم قتل بلشّصّر ملك البابليين . الدروس من القصة : 1- لم يتعظ الأبن بما حلّ بوالده وإنما أستمر بنفس الطريق في اقامة الولائم والشرب مع النساء والجاريات الراقصات والمغنيات مُتكبراً امام وجهاء البلد ومتعالياً ودكتاتورياً على الجميع ناكراً الإله الحقيقي ومتمسكاً بالأصنام التي لاتسمع ولا ترى وحالها حال الحجر والطابوق. أليس من الحكمة أن يُفكّر الأبن بما حدث لأبيه ليستفاد من أخطائه ويحافظ على مملكته وعرشهِ؟ هكذا هو الحال الآن وبعد آلاف السنين لا نرغب الأستفادة من عبرات الماضي وكنوز كتابنا العزيز لتغيير طُرق تفكيرنا من اجل استلهام ماهو جديد ومفيد لشعبنا ، بل نحن سائرون بنفس طريقة الأبن غير مُكترثين للوقائع وللأسف نتلقّى النتائج ونستاهل لأننا لا نُميّز الطُرق الصائبة عن غيرها ونتمادى في التعنت والتكبر، والذي يوضّح هذه الحقائق يُتّهَم بانه شتّم أول كلداني على وجه الخليقة واعتزاز البعض بنبوخذنصر الوثني الذي أكل الحشيش ودمّر نفسه ومملكته أقوى عندهم من الأعتزاز بالله ، يا للعجب !!! 2- لقد جدّف الملك على رموز الكؤوس الموجودة في الهيكل وأصر على إهانة معانيها ومغزاها ولهذا اعطى اوامره للشرب فيها ، لقد نسي التاريخ القريب لأبيه وبدأ يشرب في تلك الكؤوس ويُمجّد الآلهة الكاذبة ورُبما كان يلعَنْ ويُشتّم الرب في قرارة نفسهِ، لقد أخطأ مرتين الأولى في استخدام الأدوات المقدسة في الملّذات والرقص والكيف ، والثانية في اهانة الرب الحقيقي عند التوجه نحو آلهة الحجر والفضة والخشب والذهب وغيرها . هكذا نحن اليوم بنظرنا الى الماضي وأمجادهِ ننسى التحدث عن المسيح الرب والأقتداء بهِ ونبدأ من جديد بتعظيم الملك الذي أهان وأحتقر نفسه بيدهِ وأصبح لقمة سهلة للعدو الذي أغتصب مملكته وحطّمها ، للأسف ننسى ملكوت الله الحقيقية وننكر اسم الله ونذهب وراء السراب عندما نتغنى بالماضي ، وللأسف سوف لا نصل الى النتيجة ابداً ونحن الآن في خطر ، هل نفهم الدرس أم لا؟ 3- خاف الملك من الكتابة التي ظهرت على جدار القصر بالرغم من وجود اكثر من الف مدعو من الكبار وهذا الخوف يدل على الضعف والتوتر والأهتزاز في شخصيته وباعتقادي كانت الكتابة علامة الساعة القوية له والأشارة الرهيبة في انهاء مملكته الى الأبد ، قد يجوز بانه فهمَها واستوعبها ولذلك تملّكهُ الخوف وبدأ يرجف، لأن الكتابة ظهرت على القصر بالقرب من المصباح اي النور ليقول للجميع هذا هو النور الجديد القادم اليكم ، لقد بلغ السيل الزبى ولا مفر لكم وقد انتهى كل شئ ، يا لها من تعابير عظيمة . فهل نستفاد مما حدث ؟ الذي لا يرغب في الحصول على المعرفة من هكذا قصص سيبقى كما بقي نبوخذنصر يأكل العشب ، الفائز سيكون بالتأكيد الشخص الذي يستفاد من التجارب والحِكم التي آمن بها مليارات البشر عبر التاريخ ولا زال . الكتاب المقدس ليس وليد اليوم ولا البارحة وكل مَنْ يُؤمن بهِ لا يخيب الله ظنهُ ابداً ، اما المتمسك بالكتب الفانية فليكُن له ما يريد وسيكون الندم عظيماً !!! 4- انظروا الى جواب النبي دانيال الذي رفض الأرجوان والذهب والسلطة وقال للملك لتبقى عطاياك لك !!! كم واحد من عندنا يعمل هكذا ؟ لنُفكّر بكل جدية في الأجابة التي لا مثيل لها ولا يُمكن تصديقها من قبل البعض . لم يرغب دانيال أن تتلوث سمعته مهما كانت المغريات ، لقد رفض المجوهرات المعروضة ورفض كذلك بان يكون الشخص الثالث في الحكومة ليأمر وينهي . درساً في منتهى البلاغة والروعة في وقتنا الحاضر الذي نركض وراء الأموال والمناصب والسلطة وكأنها الإله الحقيقي ، فالى متى نصحى ونقتدي بذلك الرجل العظيم البسيط الذي أعطى درسا قاسياً الى الملوك ؟ هل من الحكمة ان نقتدي ونفتخر بالملوك أم بدانيال ؟ 5- والدرس الأخير من القصة هو الأنهيار والتمزق الرهيب الكامل في المملكة وتقسيمها بيد المستعمرين نتيجة لأعمال الملك وتصرفاته وهو غير مُصدّق لما يقصّهُ له دانيال وبذلك انتهت مملكته في نفس الليلة التي كان يسكر فيها ويُعربد ويُجدّف على الإله الخالق ويحتقر اسمه الكريم . كان في نشوة السكر والعدو يقتحم القصر من جميع الجهات ، لقد جاءت ساعتك يا تارك الصلاة ، وتم قتل الملك غير مأسوفاً عليه ، وأما حاشيته وأعوانه ابتعدوا عنه وجاءت النتيجة باستحقاق . والآن ليبقى نائماً في سُباتٍ عميق كل من يقتدي بهؤلاء وقد يزعل البعض عندما اقول غير مأسوفاً عليه لأنهم يعتبرونه أحد أجدادهم العظام مُتناسين العلماء الأنبياء العظام الأصليين الذين سطّروا التاريخ وليس هؤلاء الحكام الملوك المغضوب عليهم!!! مسعود هرمز النوفلي 27/4/2010 الرابط :http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,403568.0.html