إغواء الفتيات بالزواج والسفر عبر الفايسبوك لـ"خطفهن".. وشرطة كركوك تلوم الأهل السومرية نيوز/ كركوك
بصراحة، كنت في طريقي للوقوع في الخطأ ولكن الله تعالى أحبني وأبعدني عن فتاة حاولت إيقاعي في طريق الإغواء واللجوء إلى الزواج العرفي، من خلال دعوتي إلى مراكز الانترنت بعد انتهاء الدوام المدرسي"، بهذه العبارة شكرت طالبة في إحدى ثانويات البنات في مدينة كركوك ربها على "النجاة" من فخ إحدى زميلاتها التي حاولت إقناعها بالهروب مع أحد الشباب الذين يستدرجون الفتيات عبر الفايسبوك.
إنها ظاهرة استدراج الفتيات عبر الإنترنت والفايسبوك بالتحديد تعود إلى الواجهة من جديد، بعد تسجيل العديد من حالات الخطف أو الهروب التي باتت تثير مخاوف الأهل وتحيرهم في كيفية التصرف مع بناتهن خصوصاً في ظل تزايد دخول التقنيات الجديدة من الاتصال الاجتماعي في صفوف الشباب.
"صديقة السوء" أقنعتني بالذهاب إلى منزله لبحث الزواج العرفي والسفروتروي "س. ق." قصتها لـ"السومرية نيوز"، أملاً منها في أن تكون عبرة لفتيات جيلها، خصوصاً اللواتي يعانين من "قلة الصراحة" مع الأهل، قائلة "بدأت الحكاية عندما سجلت نفسي في موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك تحت اسم مستعار طبعاً، بمساعدة صديقتي (ل. ع)، وأدمنا على مراكز النت للتعرف على الشبان والتحدث إليهم بحرية مطلقة".
وتضيف الفتاة أن صديقتها حرضتها على مطالبة والدتها بشراء هاتف محمول "كي أستخدمه حين أتأخر في العودة إلى المنزل بعد الخروج من المدرسة، كما كان لدينا اشتراك مع سائق سيارة أجرة حديثة ليوصلنا إلى مركز الانترنت بعد أن طلبت مني صديقتي ذلك مرات عدة".
وتقول الفتاة "تعرفت من خلال النت على شاب يبلغ من العمر 25 عاماً، وهو خريج كلية، وعرض علي الزواج خلال حديثنا على الموبايل، وحين رأيته لأول مرة في مركز النت، وجدت أنه لطيف"، مشيرة إلى أنه "بعد فترة من العلاقة الحميمة على الانترنت وخدمة النت التي حملتها على الموبايل، طلبت مني صديقتي إقناع أهلي بأنني ذاهبة إلى الدرس الخصوصي، كي نذهب سوياً للقاء صديقينا في منزل قريب في وسط كركوك بهدف مناقشة موضوع الزواج العرفي وكيفية السفر بعدها إلى الخارج معهما".
وتتابع الفتاة "كنا قد أتممنا أنا وصديقتي كل شيء مع الشابين، وحددنا ساعة للهروب إلى منزل الشاب لقضاء ليلة هناك قبل السفر إلى الخارج، لكن القصة بدأت عندما جاء الشاب ليأخذني بسيارته وسألته عن صديقتي وقال إنها تنتظرنا في المنزل، لكنها لم تكن موجودة وطلب مني أن أنتظره لمدة ساعة".
ويسود الصمت للحظة إذ تستذكر الفتاة الحادثة بحسرة ثم تستأنف حديثها "حين تجولت في المنزل، انتابني شعور بالخوف من مستقبل مجهول، خرجت هاربة وعدت إلى أحضان أمي باكية وقصصت لها ما دار بالتحديد".
وتؤكد الفتاة أن "والدتي طلبت الذهاب إلى منزل صديقتي للتحدث مع أهلها، لكنها نكرت الموضوع، وتبلت علي واتهمتني بإقامة علاقات مشبوهة مع الشباب"، لافتة إلى أن "أمي أكدت لي أنها ستعالج الموضوع بحكمة وروية، ونقلتني من مدرستي".
"الحظ الأسود" وأخوه "الملعون" وسيلتان لاستدراج الفتياتمن جهته، يرفع أبو محمد صوته بغضب وهو يلعن الفايسبوك الذي وصفه بـ"الحظ الأسود" بعد أن أصبح الشغل الشاغل لابنته البالغة من العمر 15 عاماً وهي في المرحلة الإعدادية ، ويتهمه و"أخيه الملعون الموبايل" بتحريضها على الهرب وزميلتها مع أحد الشباب الذين يستدرجون الفتيات عبر شبكة الفايسبوك.
ويقول أبو محمد في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "الفايسبوك حديث الساعة بين جميع الفتيات والشباب، كما أن البعض يستخدمه للإيقاع بالفتيات عبر الاتفاق معهن بأساليب مختلفة منها مواضيع الحب أو السفر إلى الخارج أو الإيهام بالزواج"، مؤكداً أن "هذا الأمر يحدث عبر وسيطات للإيقاع بهن".
ويروي أبو محمد بمرارة "أنا أعي خطورة ما أتحدث عنه لأن إحدى بناتي وقعت في هذه المشكلة عندما ارتبطت بصداقة مع فتاة كانت معروفة بعلاقاتها الواسعة مع العديد من الشباب على الفايسبوك وتمارس دور الوسيط للإيقاع بزميلات لها بحجة الصداقة التي سرعان ما تتطور لممارسات غير أخلاقية".
ويستدرك أبو محمد "لكن بعون الله، عالجت الأمر بعد أن شعرت بتغير واضح في تصرفات ابنتي من خلال مواعيد خروجها التي ازدادت مع تلك الفتاة، وبدأت أراقب هاتفها المحمول واستخدامها للفايسبوك وأنصحها بعدم السير مع زميلات السوء"، مشدداً على "ضرورة أن يبحث الأهل في تصرفات المراهقين الغريبة ويربونهم بخلق أهلنا ومجتمعنا".
شرطة كركوك تؤكد استدراج الفتيات عبر النت وتعزوه للمشاكل العائليةمن جانبه، يذكر مدير شرطة الأقضية والنواحي في شرطة كركوك العميد سرحد قادر في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "موضوع الخطف يندرج ضمن نوعين، الأول يشمل العصابات التي تهدف إلى الابتزاز المادي لتمويل المجاميع المسلحة، وقد تمكنا من القبض على عدد منها وقد تلقت ضربات قاصمة من قبل قوات الشرطة".
ويضيف قادر "أما النوع الثاني، فهو يشمل حالات الخطف أو الاستدراج التي يقع فيها بعض الفتيات، ويقوم بعض الشباب ومستخدمي الشبكة المعلوماتية الانترنت ومنه الفايسبوك"، مشدداً على أن "التحقيقات أظهرت أن الفتيات يقعن بسبب مواجهتهن مشاكل عائلية، أو بسبب علاقة حب مع شاب، لكن الشرطة تتعامل مع المعلومات المتوفرة عن كل حالة خطف تسجل لديها على حدا".
ناشطة تلوم الأهل والمسلسلات الرومنسيةبدورها، تؤكد مسؤولة فرع كركوك في جمعية الأمل، والناشطة في حقوق الإنسان سرود محمد فالح لـ"السومرية نيوز"، أن ظاهرة هروب الفتيات أو استدراجهن عبر موقع التواصل الاجتماعي موجودة في كركوك، لكنها تشدد على أنها "ليست منتشرة بصورة كبيرة.
وتضيف فالح أن "الانفتاح الالكتروني وعدم إلمام الوالدين بأهمية وخطورة استخدام الانترنيت في آن، والسماح لفتيات بقضاء ساعات مطولة من دون متابعة، فضلاً عن الدور السلبي للإعلام، كلها عوامل تسهم بهدم وتفكيك الأسرة وتشجيع الفتيات على المجازفة والهروب تطلعاً لحياة ومنسية، كما يحصل في المسلسلات المدبلجة غير الهادفة التي تبث عبر الفضائيات وتحاول الرفتيات تقليدها".
لكن الناشطة الاجتماعية تؤكد "ضرورة إيجاد حل وتوفير متنفس حقيقي للشباب مثل الرياضة من خلال تخصيص الملاعب والمساحات الخضراء والأماكن المخصصة للنساء لتشجيعهن على استنزاف طاقتهن بشكل صحيح كالمطالعة، بدل التركيز على فكرة التعرف إلى الشباب واكتشاف الجنس الآخر، لتلافي الوقوع في فخاخ عصابات الخطف أو الشبان الذين يبحثون عن لذة التعارف".
وتدعو فالح المدارس وأولياء الأمور إلى "لعب دورهم الرئيسي واعتماد أساليب التربية الحديثة من خلال التفكير في الأسباب التي دفعت الفتيات إلى ارتكاب الخطأ، إلى جانب حملات التوعية واعتماد الحوار بدل العنف والتهديد والضرب"، معتبرة أنه "عندما تعيش الفتاة في عائلة متماسكة تتواصل مع بعضها البعض، فلن تبحث عن علاقات خارج نطاق الأسرة، أو حتى في المدرسة عندما تتحاور المرشدة أو الباحثة الاجتماعية بشكل بناء سيكون لها أثر كبير على مستقبل الفتاة".
عشر حالات خطف غالبيتها لفتيات استدرجن عن طريق الفايسبوكمن جهته، يكشف مصدر في شرطة كركوك في حديث لـ"السومرية نيوز"، أنه"تم تسجيل الحديث عشر حالات خطف لفتيات في كركوك خلال الأشهر الستة الماضية، ثمانية منهن تم استدراجهن عبر الفايسبوك، إحداهن طالبة إعدادية"، لكنه أكد أن"الشرطة تمكنت من تحريرهن جميعاً واعتقال عدد من الخاطفين".
ويروي المصدر أن "قوات الشرطة في كركوك تمكنت في الثاني من آذار 2012 من كشف ملابسات قضية خطف فتاة في الإعدادية، بعد أن كانت على علاقة مع شاب أغواها بالزواج منه والسفر معه إلى خارج العراق، قبل أن يقوم باختطافها بمساعدة ثلاثة آخرين".
ويرى المصدر أن "هذه النسبة لا تزال قليلة في المحافظة وما يحدث يندرج ضمن حالات المراهقة، لكن حالات الخطف التي سجلت لدى نساء عبر الفايسبوك كانت غايتها الكسب المادي".
والانترنت هو شبكة كمبيوترات ضخمة متصلة بعضها بالبعض، وتصدرت شبكة الحاسوب العالمية خلال السنوات القليلة الماضية وسائل الإعلام المختلفة كمصدر عال للمعلومات والاتصالات، وعلى الرغم من حداثة انتشار استخدام هذه الشبكة على نطاق عالمي، فإن عمرها في الواقع قد تجاوز الربع قرن، لكنها نمت خلال الفترة الماضية بمعدلات مذهلة وتضاعف عدد الحواسيب المرتبطة بها سنوياً، مثلما تضاعفت أعداد مستخدميها.
وشهد العراق هذا الانفتاح الالكتروني منذ سقوط النظام السابق في العام 2003، لكن العديد من منظمات المجتمع المدنية والهيئات الحكومية تحذر في أكثر من مناسبة من عدم تحقيق التوازن بين الحرية واستيراد عادات لا تمت للمجتمع العراقي بأي صلة.