كتاب لماذا نرفض المطهر؟ لقداسة البابا شنودة الثالث ..
قصة الغني ولعازر : يستدل بعض أخوتنا الكاثوليك على الدينونة الخاصة من قصة الغنى ولعازر، وقول السيد المسيح إن لعازر كان يتعزى في حضن ابراهيم . وأن الغنى رفع عينيه في الهاوية وهو في العذاب وقال : " يا أبى ابراهيم أرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء ويبرد لساني ، لأنى معذب في هذا اللهيب " ( لو16: 24 ) ونحن نناقش معًا هذه القصة : 1 – يجمع الكثير من المفسرين على أنها قصة رمزية: قالها السيد المسيح ليحض الأغنياء على عدم التمتع في الأرض ، وترك الفقراء والمساكين محتاجين . وإلا فإن المسكين سيتعزى في السماء ، بينما يتعذب الغنى الشحيح . 2 – ومن الدلالة على ذلك حاجة الغنى إلى قطرة ماء ليبرد لسانه في ذلك اللهيب . فالمفروض أن جسد الغنى كان في القبر وروحه هي التي كانت في الهاوية. والروح غيرمادية ، ولا يمكن أن يصلح لنا أن يبل لعازر طرف إصبعه بماء لكي يبردها في ذلك اللهيب!! ثم ما معنى كلمة " يبرد لسانى " ؟ حيث لا يوجد له جسد، ولا لسان ؟ ! لعل هذه النار، هي عذابه النفسي، إذ شعر بالضياع والهلاك، بلا رجاء...
St-Takla.org Image: Statue showing the Poor Lazarus at Abraham's bosom and arms صورة في موقع الأنبا تكلا: تمثال يصور لعازر المسكين بين أحضان أبونا إبراهيم أب الآباء بدليل أنه طلب من أجل أهله، حتى لا يتعذبون هم أيضًا، ولم يطلب من أجل نفسه ، وبخاصة بعد أن أعلن له أبونا ابراهيم قائلًا كل ذلك بيننا وبينكم هوة عظيمة قد أثبتت حتى أن الذين يريدون العبور من هنا إليك لا يقدرون ، ولا الذين من هناك يجتازون إلينا ! ( لو16: 26) . أو لعل النار التي قال النبي إنه عذب بلهيبها هي نار الندم أو الخوف ، إذ لا توجد أمامه فرصة لتغير وضعه . أما الهوة المثبتة فهي هوة اليأس .. إذ هو شاعر أنه لا رجاء له . أما أبونا ابراهيم فله رجاء في الخلاص . ولذلك تنطبق عليه عبارة " فرحين في الرجاء " (رو12: 12) .. وهنا لعلنا نسأل عن المعنى الرمزي أيضًا لقول الغنى " لأن لي أخوة خمسة " (لو16: 28). 3 – الرقم خمسة كما يقول القديس اوغسطينوس يرمز للبشر. فالخمس العذاري الحكيمات يرمزن إلى كل البشر الخطاة . ورقم خمسة يتميز به الإنسان في حواسه الخمسة ، وفي أطرافه ( أصابع يديه وقدميه ) .. فكأن الغنى الهالك، يتكلم عن البشر الهالكين ، أو كل أقاربه وأحبائه حتى لا يهلكوا هم أيضًا .. 4 – الغنى في هذا المثل يرمز إلى الهالكين الذين لا رجاء لهم . فلا علاقة له إذن بالمطهر، حسب المعتقد الكاثوليكي . ولكن عذابه لم يحن موعده . فالألم من خوف العقوبة الأبدية شيء ، ومكابدة هذه العقوبة الأبدية شيء آخر. ( انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى ) . هو في مكان انتظار سيخرج منه في يوم الدينونة الرهيب إلى العذاب الأبدي ، إلى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت . فما هو فيه ليس هو الدينونة ، إنما الخوف من الدينونة . 5 – حينما ذكر السيد المسيح هذا المثل ، لم يكن الخلاص قد تم ، ولم يكن أبونا ابراهيم قد دخل الفردوس بعد . كان من الراقدين في الهاوية على رجاء .. وظل هكذا إلى أن تم صليب المسيح ، " ونزل إلى أقسام الأرض السفلى ، وسبي سبيًا وأعطي الناس عطايا " ( أف4: 8، 9 ) . ونقل هذه النفوس إلى الفردوس .. ومنهم أبونا ابراهيم ولعازر المسكين . فكل الآباء قبل الصب كانوا منتظرين في الهاوية ، كما قال الرسول " في الإيمان مات هؤلاء أجمعون ، وهم لم ينالوا المواعيد ، لكنهم نظروها من بعيد وصدقوها وحيوها..." ( عب11: 13 ).. وكانوا منتظرين خلاص الرب . وفي ذلك الوقت لم يكن ابراهيم في النعيم الأبدي . وقد أنتقل بعد الصليب إلى الفردوس .. على أن الفردوس أيضًا ، هو مكان أنتظار، سينتقل منه أبونا ابراهيم إلى النعيم الأبدي ، إلى أورشليم السمائية . أما الآن فإن " كل الخليقة تئن وتتمخض معًا " حتى الرسل الذين لهم باكورة الروح ( رو8: 21 – 23). " منتظرين التبنى فداء أجسادهم " ، هذا الذي يتوقعونه بالصبر (رو8: 25). هؤلاء الأبرار هم محرسون بإيمان .. " لخلاص مستعد أن يعلن في الزمان الأخير" (1بط1: 5). حينما نقام في مجده، وفي قوة، ويلبس هذا الفاسد عدم فساد (1كو15: 43 – 49 ). 6 – على أن هذه القصة – من ناحية أخري – تدل على 3 أمور هامة: أ – أن هناك مكانين فقط: أحدهما للعزاء، والآخر للعذاب، ولا ثالث لهما. ب – أنه لا يمكن أن ينتقل الإنسان بعد الحساب من مكان إلى آخر حسب قول أبينا ابراهيم (لو16: 26). ج – أنه لا شفاعة ترجي بعد صدور الحكم الإلهى. وكل هذه الأمور الثلاثة ضد المطهر... المصدر / المكتبة القبطيّــــة .