(الجار قبل الدار) مثل شعبي قديم غالبا ماكانت تضعه الاسرة العراقية امامها وتعمل به حينما تبحث عن سكن جديد فتختار بيتا محاطا بمنازل تحظى بالسمعة الكريمة والصيت الحسن المعروف باحترامه لحقوق الجيرة لاسيما ان جميع الاديان السماوية تدعو لذلك اذ قال تعالى في كتابه الكريم (وبالوالدين احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل) كما اوصى النبي عليه الصلاة والسلام بالجار باحاديث كثيرة منها (خير الجيران عند الله خيرهم لجاره) وهذا مايؤكد مكانته الكبيرة ودوره العظيم في حياة الانسان. ظروف وظواهر القلق والخوف رافقا احمد جاسم الذي وجد منزلا قريبا من محل عمله في احدى اسواق بغداد معللا اسباب تلك المشاعر السلبية بظروف البلد التي تغيرت في السنوات الاخيرة نحو الاسوأ على اثر الازمات الشديدة التي تعرض لها فقد مر بمراحل تاريخية صعبة انتجت اجيالا لاتعي اهمية احترام الجار ومشاركته افراحه واحزانه و فرضت علينا اختيارات لابد ان نتقبلها لانه لابديل عنها بعد ان اضحت محكومة بعدة عوامل في مقدمتها الجانب الاقتصادي المتردي والمستوى المادي المتواضع وعوائق اخرى منها مشكلة السكن وغيرها ما جعل امر حرية انتقائنا للجارمحدودا لذلك نفضل عدم التعارف والتعامل مع الجار خصوصا ان الظواهر الاجتماعية الطارئة حديثا على المجتمع قلبت موازينه فخلفت هموماً كثيرة للاسرة العراقية. اختلاف الزمن بينما تجد الحاجة ام نهى وهي ربة بيت في العقد الخامس من العمر ان العلاقات الطيبة ضرورية مع الجيران مهما اختلفت الازمان ولابد من الاحتفاظ بها لانها تشكل سندا وعونا للانسان لايدرك اهميتهما الا في حالة غياب اهله وعائلته اذ ان الارتباط بالجاراحتياج لايمكن الاستغناء عنه وتذكر مواقف كثيرة لاتنساها لجيرانها وباوقات عصيبة حدثت لعائلتها لجات خلالها لهم وكان حضورهم كبيرا فيها وتؤكد مهما تحصل من خلافات بين الجيران غالبا ماتذوبها مشاعر الالفة والتآزر والتلاحم في المحن وكذلك بالمسرات ماديا او معنويا لان الفرد لايمكن ان يعيش بمعزل عن الناس خصوصا المحيطين به فعليه تبادل الزيارات والتواصل والتعاون معهم في السراء والضراء وتقوية اواصر المحبة والود.
احياء شعبية في حين يفسر سعدون جاسم الذي يعمل موظفا في احدى الدوائر الحكومية تباين درجة الاهتمام بالجار بحسب نوع منطقة السكن فاذا كان الحي شعبيا فان العلاقات تكون اكثر ترابطا ما يشجع على ذلك تقارب المنازل فيما بينها على عكس انواع اخرى من الاحياء التي تخلو من المشاركة مع الجار لابتعاد المسافات بين دورها لانها تتميز باتساع مساحاتها فتفصل بين الناس ونادرا مايكون هناك تلاق كما ان المستوى الثقافي له بصمة بارزة في تحديد طبيعة العلاقة بالجار ويتم الاختيار وفق حدود ذلك المستوى وهذا ماكان سائدا في السابق اما الان اصبحت الامور فيها جانب من العشوائية على اثر تغير الخارطة السكنية وتداخل المناطق واختلاطها ببعضها حتى باتت الفوارق بينها ضئيلة بعد ان غلبت على معظمها الشعبية.
السكن العمودي تنتقد المحامية انوار مهدي فضول البعض في التدخل بخصوصيات جيرانه ومحاولة اقتحام حياته والاطلاع على اسرارها واحوالها بل الانشغال بها وتكريس وقته لمراقبتها وتشكو من بعض المضايقات التي تعاني منها بسبب الطلبات والاستدانة المتكررة من احدى جاراتها (نقود او طعام او ملابس وحاجيات منزلية) وتتمنى لو ان البناء العمودي هو المعمول به في المجتمع العراقي لتحجيم العلاقات مع نوع كهذا من الجيران والتخلص من اذيتهم ومشاكلهم التي تؤدي الى اثارة الفتن وتدمير الاسر احيانا.
سابع جار من جهته يؤكد الشيخ كرار القريشي على ان طباع وسلوكيات الناس تغيرت تماما عن الماضي وابتعدت كثيرا عن سماتنا وصفاتنا كمسلمين متاثرة بالسموم التي تطرحها الاعمال التلفزيونية السائدة الان والتي تشكل نسبة مشاهدة كبيرة من قبل العوائل العراقية ما انعكس على واقعها بحيث انعدمت الثقة بين الجيران واصبحت علاقاتهم مفككة لايسودها الاحترام وقائمة على المصالح وفيها جانب كبير من الشك والريبة. ويشيرالقريشي الى اننا بحاجة لمراجعة انفسنا ومحاسبتها خصوصا ان الدين الاسلامي ينادي ويامر بحقوق الجار والتعامل الحسن معه والنبي محمد عليه الصلاة والسلام اوصى بسابع جار وليس القصد من ناحية مكانية لان في زمنهم يكون الجار السابع بمساحة تتجاوز ماموجود لدينا الان بمسافات طويلة لان امكنة سكناهم قبل اوسع. ويضيف: المفروض اننا في عصر التطور والمدنية ودخول الوسائل الحديثة ان نقترب اكثر من بعضنا ولا نتخلى عن قيمنا ومبادئنا التي من اهمها التكاتف والوئام مع الجار والالتزام تجاهه بالعديد من الاداب والحقوق والاحسان اليه كما لو انه ضمن افراد اسرتنا بحكم سنوات العشرة وعمر الجيرة والغريب ان هناك من يجهل تلك الحقوق التي حثنا عليها الاسلام لذا ندعو جميع الاسر الى تربية ابنائها على الاسس والضوابط الشرعية للتعامل مع الجيران.
مراكز دينية وتكشف الدكتورة فوزية العطية استاذ علم الاجتماع في كلية الاداب بجامعة بغداد عوامل تحول الاهتمام بالجيرة الحقيقية التي بدات تاخذ منحى اخر جراء تدخل الطائفية والعشائرية في الاونة الاخيرة وقبلها العقوبات الاقتصادية والحروب سلسلة من المتغيرات التي غيبت الثقافة الاجتماعية بالتدريج لذا ينبغي العمل على استرجاعها بجميع السبل ومن مختلف الجهات فمثلا وسائل الاعلام هنا يظهر جهدها في تسليط الضوء والتركيز على هذا الموضوع فضلا عن توجيه بعض برامج التلفزيون والمسرح لنفس الغرض ايضا والوزارات الخاصة بالطفل والاسرة والمراة عليها ان تسجل دورا في غرس وترسيخ القيم الاجتماعية مجددا كذلك فان الهندسة المعمارية ينبغي ان تراعي حاجة مجتمعنا لمجمعات ومواقع تقرب المسافات بين الجيران وتجمعهم بفعاليات ونشاطات اجتماعية وثقافية بالمنطقة وتثمن العطية التحسن الكبير في عدد الجوامع والحسينيات والمراكز الدينية وعدتها بشرى خير لان دورها اعمق واكثر تاثيرا في الناس.
عواطف مدلول
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :
موضوع: رد: الجار لم يعد معيارا لاختيار الدار السبت 8 ديسمبر 2012 - 20:47
موضوع تربوي ممتــــاز * أسأل الدّار قبل الجـــــار * ! شكراً اختي العزيزة كريمـــة خالص تقديرنـــا .