تواصل صحيفة الوطن القطرية نشر الوثائق الخاصة بقوات الاحتلال الامريكية والتحقيقات التي قام بها جهاز التحقيقات الفيدرالي مع الرئيس السابق صدام حسين اثناء اعتقاله في مطار بغداد الدولي
توقفنا في الحلقة السابقة عند شهادة صدام حسين حول احتلال الكويت حيث نفى أن يكون الجنود العراقيون قد أشعلوا أبار النفط مع انسحابهم من الأراضي الكويتية منكرا الحقائق التي تقول إن هناك 105 آبار تم إشعالها. كذلك تنكر للجرائم التي ذكر المحقق الأميركي أنها وقعت على يد قواته بحق الكويتيين حيث اعلن تحمله للمسؤولية عن أي من هذه الجرائم ثم عاد ونفى أن تكون أوامر قد صدرت للجنود بارتكاب مذابح أو سرقات بحق الكويتيين واصفاً هذه الحوادث بالأعمال الفردية التي لا تتحملها القيادة السياسية. في حلقـة اليـوم نستكمـل معـا رد صـدام علـي أسئلـة المحقق جورج بيرو وما زلنا نتصفح أوراق الوثيقة العاشرة من أوراق التحقيقات السرية التي أجرتها الاف بي اي مع صدام بمحبسه بمطار بغداد الدولي عقب القبض عليه عام 2003.
حيث وجه المحقق سؤالا إلى صدام حول قيام الحكومة العراقية بنفي الأسرة الحاكمة في الكويت إلى خارج البلاد والسبب وراء القيام بمثل هذا التصرف؟ وهو ما رد عليه صدام بالقول: لقد قمت بما قمت به بناء على رغبة الكويتيين وأنا اعلم جيداً مشاعر الكويتيين قبل وبعد الاحتلال العراقي وإذا ما كان الكويتيون قد رحبوا بعودة حكامهم بعد الانسحاب فهذا قرارهم وهم أحرار فيه.
وحول كون قيام صدام باحتلال الكويت يتنافى مع فكرة العروبة والقومية التي يتحدث عنها منذ بدء التحقيقات قال صدام: لقد أوضحت موقفي في خطاب مطول قبيل الغزو، لقد رفضت باقي الدول مبدأ العروبة ومساندة الأشقاء بل حتى إن السعودية مثلاً أخذت أراض من اليمن.. وسوريا مازالت تحتل أجزاء من لبنان (انسحبت سوريا من لبنان 2006 ) ومصر أخذت أجزاء من السودان وتعاملت بقسوة مع ليبيا (الحرب المصرية الليبية 1977) فلا تحدثني عن العروبة وحق العروبة الآن.
أما عن التحقيقات التي نشرت في عدد من الصحف حول تعرض أسرى الحرب للتعذيب واجراء اختبارات طبية عليهم قال صدام: هذا لم يحدث وهو أمر غير مقبول وقل لي من الذي اخرج تلك المعلومات هل هي مصادر تحقيق مستقله أم تابعه للحكومة الأميركية.. ما تتحدث عنه لم يحدث سواء لعراقي أو من أي جنسية أخرى ودعني أقول لك ما تدور حوله انت تتكلم عن ذلك الأميركي وهو شخص PERSON وليس سجين PRISONER قائد طائرة عسكرية أميركيه تم إسقاطها في الصحراء الغربية لقد أحطت علماً على الفور بسقوط هذه الطائرة وقتها قلت للقادة دعوا الأميركيين يبحثوا عن طيارهم المفقود ولا تعارضوهم ولا تصادروا المعلومات كنا نعلم أين موقعه بالضبط ولكننا تركنا الأميركان ليبحثوا عنه بل إن هناك ضباطا عراقيين ساعدوا البعثة الأميركية لوجيستيا بالخرائط وقلت لهم وقتها اتركوا الأميركان حتى يأتوا ليسألونا عن مكان هذا الشخص.
بهذه الكلمات تنتهي الوثيقة العاشرة وتبدأ الوثيقة الحادية عشر والتي استهلها المحقق بيرو بالسؤال حول التكتيكات والاستراتيجيات التي استخدمها الجيش العراقي في غزو الكويت وهو ما رد عليه صدام قائلاَ: أي تكتيكات.. لا أتذكر منها الكثير لان الكويت ببساطة هي مسطح مفتوح سهل التضاريس ولم نحتاج لأية تكتيكات أو خطط حربية معقده لإنهاء الأمر كان يمكن لأي شخص لدية معرفة حربية بسيطة أن يضع خطة محكمة للسيطرة على الكويت بسهوله، لقد تمت السيطرة في ساعة واحدة بينما توقعنا أن الأمر سيستغرق اكثر من ساعتين لان هناك داخل الكويت من كان يساعدنا بل هناك من أتى إلينا وطلب منا غزو البلاد لتغيير النظام السياسي.. هنا قاطعه المحقق قائلاً إذن هناك كويتيين قاموا بالاتصال بالقوات أو الحكومة العراقية قبل أو خلال الغزو ورد صدام قائلاً «ليس بالضبط وإنما شعرنا أنهم يطلبون منا هذا».
السؤال التالي كان حول من وضع الخطة الحربية وكان رد صدام: أنا من وضع الخطة ولن أورط أحدا من أصدقائي في هذا الأمر، مضيفاً، انه بعد قتال لثماني سنوات مع الإيرانيين كان وضع الخطط الحربية أمزاً في غاية السهولة وكل ما تطلبه هو معرفة بجغرافية المنطقة والأسلحة التي في يد قوات العدو وكثافة قواته وإمكانات قواته الحالية بالإضافة إلى عوامل أخرى كالتدريب والدعم اللوجيستي ومعنويات وأخلاقيات قواتك المقاتلة.. وحول عملية اقتحام مدينة الخفجي الساحلية قال صدام الأمر كان سهلاً والعامل الوحيد الذي كنا نخشاه هو القدرة النيرانية الجوية للعدو حيث تم الدفع بتشكيلات ارضية للهجوم على المدينة بكثافة عالية حيث كان صد هذا الهجوم يتطلب مليوني جندي على الأقل وهو ما يمكن معادلته عبر الطيران من جانب الكويتيين.
وأضاف صدام: لقد كنا نعلم أن القوات الكويتية والأجنبية تتمركز في المدينة لذا هاجمناها والحقيقة أن العراق فقد الكثير من الجنود والمعدات والذخيرة في هذه المعركة نتيجة الغارات الجوية على القوات المهاجمة دون أن نتمكن من الاشتباك مع قوات العدو فعلياً.. وهنا تدخل المحقق ليسأل صدام إذن انسحابكم من المدينة كان على اثر الهزيمة من القوات المتمركزة بها فقال صدام: لا هذا غير صحيح نحن في الأساس لم نكن نخطط لاحتلال المدينة لقد دخلت القوات العراقية للمدينة بغرض الاشتباك مع القوات المشتركة التي لم تكن تشعر بوجودنا لعدة أيام و كنا سننسحب على كل الأحوال في اليوم التالي والحقيقة أن القوات المشتركة كان لها التفوق الجوي في هذه المعركة.
السؤال التالي كان حول أهداف الدخول إلى المدينة وهل كان الهدف هو أخذ اسري حرب من الجنود الأميركيين الذين كانوا يتمركزون هناك قبل الغزو العراقي وهو ما رد عليه صدام بالقول: في الحرب يكون أمامك إما قتل أو اسر جنود العدو، لقد أرادت القوات إحداث إعادة اتزان في القوه بعد أربعة عشر يوماً من قصف القوات المشتركة لمواقع تمركز القوات العراقية على أطراف الكويت وكنا نعلم أن أخذ اسرى سيضعف من قدرة العدو وروحة المعنوية.
الأمر الذي كان ليؤثر بشدة في قدرة القوات الأجنبية على القتال حيث كان يفترض أن تؤدي هذه العملية إلى تأخير المواجهة على الأرض بين القوات المشتركة والجيش العراقي، ولكن الخطأ الذي حدث هو أننا أجلنا العملية عدة أسابيع مما أتاح الفرصة للقوات الأجنبية لإضعاف قواعدنا الأرضية بعدة غارات جوية ولكن فكرة أن تكون هناك خطة لأسر جنود وان نقوم بغزو بلدة نعرف أنها محصنة جيدا لهذا السبب فهو أمر غير منطقي أو واقعي.
وعن إطلاق صواريخ سكود من العراق صوب إسرائيل قال صدام: لم يكن هناك أي شخص في الحكومة العراقية أو الجيش يمتلك السلطة لإطلاق هذه الصواريخ غيري أنا وكل شيء سيئ حدث لنا في العراق كانت وراؤه إسرائيل وكان عليها أن تدفع الثمن، أما تفاصيل إطلاق هذه الصواريخ ضد إسرائيل فهذا ما سنتابعه معاً في الحلقة القادمة من أوراق صدام حسين الأخيرة.
وثائق تحقيق قوات الاحتلال الامريكية مع الرئيس الراحل صدام حسين ـ حرق آبار الكويت