☚ الثّــورة ... علــــى الثّـــورة !!! ☚

بقلـم / حيدر محمد الظالمي :

شخصياً لا استغرب كثيراً من الأحداث الجارية في مصر، والتي تكمن
غرابتها في إن الرئيس نفسه الذي انتخب قبل أشهر يظهر الآن
وكأنه جاء إلى سدة الحكم بالمدافع والدبابات وليس بانتخابات
ديمقراطية حتى يثير حوله كل تلك الفوضى بقراراته الأخيرة التي
بدأها بالإعلان الدستوري ثم إعطاء الجيش صلاحية التوقيف والمحاكمة ،
ما ادخل الشارع المصري في سلسلة لاتنتهي من
السجلات والمهاترات المستمرة منذ أسابيع .
عدم استغرابي من ذلك التحول السريع في مزاج المواطن المصري
يرجع الى سبب بسيط هو إن الذي صوت للرئيس مرسي
أو حتى لغيره من منافسيه كان تصويته عاطفياً وليس مبنياً على
العقل فنحن في العالم العربي ننتخب بالعاطفة لكننا عندما تنتهي
الانتخابات وتأتي الاستحقاقات الواقعية الكبيرة المتعلقة ببناء الدولة
وتقديم الخدمات ورعاية شؤون المواطنين ونرى إن الحصاد اقل
مما كان متوقعاً نثور ونشتم ونسب وندعو بالويل والثبور على
من انتخبناه قبل أشهر أو حتى قبل أيام قلائل .
إننا ننتخبهم بالعاطفة ثم نحاسبهم بالعقل وهذه المعادلة لا يمكن
إن تقودنا إلى بناء حقيقي للديمقراطية أو إلى اختيار الأشخاص
المناسبين لقيادتنا في كل المراحل وخصوصاً تلك المراحل الحساسة
من تاريخ بلداننا ، مراحل التأسيس والبناء لمؤسسات الدولة وتشييد
أركانها والتي تحتاج إلى أشخاص لا تهمنا انتماءاتهم بقدر مايهمنا
فيهم القدرة والكفاءة والإصرار على النجاح والفهم العميق لمعاني
الديمقراطية والانفتاح على آراء الآخرين وتقبلها ، فلا توجد حقيقة
مطلقة في السياسية ولا ينفع فيها التمسك والتشبث بالآراء
لمجرد إننا نعتقد بصحتها وصوابها بينما يعتقد الآخرون عكس ذلك ،
ولذلك علينا دائماً إن نفهم إن الديمقراطية في جانب كبير منها
تعني الانسجام مع الآخر لأنك وان كنت تختلف معه في الرأي
لكنك مجبر على العمل معه أو من اجله لأن الجميع
يبحر في سفينة واحدة وهي الوطن .
لقد انجرفنا بعيداً وراء عواطفنا فحتى ثوراتنا التي فرحنا بها في بادئ الأمر
هاهي تبتعد بعيداً عن وجهاتها الأصلية وتذهب إلى حيث مواطن
الاختلاف والسجال أكثر من ذهابها إلى مواطن التفاهم والالتقاء
الكثيرة التي تجمعنا كمواطنين أولا وكشعوب عربية ثانياً ،
فهل تحتاج ثوراتنا العربية إلى ثورات داخلية لتصحيحها أم الى
ولادة ثورة عرجاء ، أفضل من وطن كسيح ؟ .