كلام عن بعض شؤون وشجون كنيستنا الملقبة بالكلدانية : القس لوسيان جميل - تلكيف - نينوى - العراق
كاتب الموضوع
رسالة
البيت الارامي العراقي الادارة
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 10384تاريخ التسجيل : 07/10/2009
موضوع: كلام عن بعض شؤون وشجون كنيستنا الملقبة بالكلدانية : القس لوسيان جميل - تلكيف - نينوى - العراق الأربعاء 26 ديسمبر 2012 - 14:05
كلام عن بعض شؤون وشجون كنيستنا الملقبة بالكلدانية
القس لوسيان جميل
قرائي الكرام! ما ان اُعلن عن خبر تقاعد واستقالة غبطة البطريرك عمانوئيل الثالث دلي من مهمة البطريركية، بناء على طلبه كما قيل، حتى عاد البعض من السياسيين المسيحيين الطفيليين، الى التدخل في الشؤون الكنسية التي لا تعنيهم، والتي ليسوا مؤهلين لها، حتى من باب اللياقة المطلوبة في القضايا الكنسية العليا. غير اننا اليوم لن نتكلم عن كل السياسيين المسيحيين الذين يتدخلون في الشؤون الكنسية، ولكننا نتكلم خاصة عن واحد منهم فقط، هو السياسي المخضرم السيد سمير اسطيفو شبلا، المنتمي الى ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني، ليس فقط لأنه منتم الى هذه المنظمات المشبوهة، ولكن ايضا لأنه بادر وللمرة الثانية او الثالثة الى الكتابة الى غبطة البطريرك طالبا منه الاستقالة، ولأنه خاصة، تبرع من عنده، من وحي منظمته المدنية جدا، بأن يضع المواصفات التي يطلبها في البطريرك الجديد، معتمدا على اسباب ما انزل الله بها من سلطان، وهي اسباب لا تحترم الحق ولا عقول رجال الدين المسيحي، صغارهم وكبارهم، حيث يفرم صاحب هذه المقترحات البصل على لحيتهم، كما يقال، وذلك لأن المواصفات التي يقترحها لا تنطبق على رجل دين مسيحي، ولا على بطريرك محترم، بل يمكن ان تنطبق فقط على بطريرك يعمل اي سي دي سي، اي يعمل بالسياسة تارة وبالدين تارة أخرى، ويرتدي ثوب السياسي وعقليته وأخلاقه مرة، كما يرتدي ثوب البطريرك مرة أخرى، في حين نعرف انه اصبح من المستحيل ان تجتمع عقليتان: العقلية السياسية والعقلية الدينية في رجل واحد، بعد ان انتهى زمن الثيوقراطيات الدينية في العالم كله.
السيد شبلا واسطوانته المجروخة: هذا وقد كان السيد سمير شبلا سباقا الى تشغيل اسطوانته المجروخة، التي تعزف لنا لحنا نشازا حول الشروط الواجب توفرها في البطريرك الذي سيخلف غبطة البطريرك عمانوئيل دلي، بعد استقالته، وكأن سمير شبلا، ومن لف لفه، وتخلق بأخلاقه السياسية وصفق له، متخصصون بالشؤون الكنسية ومشهورون بعمق ايمانهم، لكي يكون لهم حق التدخل في شؤونها، بالطريقة المسيسة السافرة التي نراها عند السيد سمير شبلا. مع اننا نعلم ان غالبية من يتدخلون في شؤون كنيستنا، بعد الاحتلال، ويمارسون السياسة في هذا العهد العاهر، ليسوا اكثر من شلة حاقدة، ولأسباب مختلفة، على عراقنا الحبيب وعلى شعبه وعلى كنائسه، استطاعت قوة الاعلام الأمريكي والمخابراتي ان تجندهم كأبواق صدئة ضد مصلحة العراق، بلدهم الأصلي، وضد استقلالية وسيادة كنائسهم.
لماذا نرفض تدخل السياسيين في امور كنيستنا: للجواب على هذا السؤال نقول بصراحة اننا نرفض تدخل السياسيين المسيحيين في شؤون كنائسنا، لأن هؤلاء السياسيين ليسوا سياسيين بالحق والحقيقة، ولا يفهموا بالسياسة شيئا، سوى ما تلقنه اياهم المخابرات الأمريكية بشكل مباشر ام غير مباشر. اما هذا فيعني ان سياسيينا المسيحيين، والذين تم تسييسهم بعد الاحتلال، بوسائل عديدة، مثل كثير من السياسيين ومن تم تسييسهم بعد الاحتلال، من غير المسيحيين، ليسوا غير عملاء متخمين برشاوى المحتل، شغلهم الشاغل هو الدفاع عن مصادر رزقهم وامتيازاتهم الوفيرة، دون ان يتساءلوا اذا ما كان عملهم السياسي الذي يقومون به ضد وطنهم مشروعا ام لا. من جهة ثانية، نحن نعرف ان بؤرة السياسيين المسيحيين الأولى لم تتكون في العراق، بل في المهجر، وخاصة في المهجر الأمريكي، اللهم الا بعض السياسيين الذين تسيسوا في شمال العراق، في زمن الصراع الكردي مع الحكومة المركزية. فما حدث في المهجر الأمريكي هو ان المخابرات الأمريكية التي تملك ملفا كاملا عن كل وافد اليها استفادت من روح الكراهية ونزعة الانتقام التي كانت تجدها عند كثير من طالبي الهجرة والمهاجرين، كما استفادت من مرض نفسي، هو مرض يمكن ان يسمى مرض فوبيا العرب والمسلمين، فعملت تلك المخابرات على تعزيز ذلك المرض، بحيث صار كل امريكي من اصل عراقي وقع بيد المخابرات وتدرب على يدها سفيرا للمحتل في العراق، تدرب على يده عراقيون آخرون، شغلهم الشاغل هو التصفيق للمحتل وكيل المديح له والافتراء بخبث على حكومة ما قبل الاحتلال الوطنية، كما صار شغلهم تبييض غسيل المحتلين الوسخ وغسيل المتعاونين مع المحتل، بمن فيهم السياسيين المسيحيين انفسهم. علما بأن كثيرا من السياسيين الذين يتدخلون اليوم في شؤون كنيستنا قد انحدروا من اصول شيوعية، ولذلك نراهم متمرسين بغوغائية الأحزاب الشيوعية وأساليبها التي لا تبالي بالمبادئ ولا بالقيم الانسانية ولا بالأخلاق كثيرا.
نحن والسيد شبلا: اما عن السيد سمير شبلا فلا اعرف عنه غير انه منخرط اليوم في منظمات المجتمع المدني التي تدعو العراقيين، ومنهم المسيحيين، بخبث ودهاء، الى قبول الأمر الواقع والرضا بعراق مدمر في كل ابعاده: في سيادته وفي قوته العسكرية وقوته الأمنية وفي شعبه وفي ثقافته وفي توازنه الوطني وفي بيئة وطنه المدمرة وفي شعبه المقتول والجريح والمشرد، وفي ثرواته المقسمة بين المحتلين كغنيمة حرب، او بالأحرى كغنيمة عدوان مدعوم بأقوى الأسلحة، والمرفق بنذالة وجبن المحتلين وإصرارهم على العدوان، وبصمت دولي وعربي وكنسي على جريمة المحتلين النكراء، هذه الجريمة التي لم يصل الى مستواها العالم في يوم من الأيام، من قبل.
اذن، فلهذه الأسباب ولغيرها الكثير، مما سنتكلم عنه لاحقا، يصعب علينا، نحن ابناء الكنيسة المؤمنين والمتنورين بنور الايمان والعقل العلمي السليم والعميق ان نقبل تدخل سمير شبلا وأمثاله في شؤون الكنيسة الملقبة بالكنيسة الكلدانية وفي شؤون اية كنيسة أخرى من كنائس مشرقنا العزيز.
السيد شبلا ودوره المرسوم: فمما هو ظاهر للعيان هو ان السيد سمير شبلا قد ظهر بيننا في الآونة الأخيرة بكل قوة، ليؤدي دوره المرسوم له، وهو دور التأثير على المسيحيين وعلى كنائسهم البائسة والضعيفة جراء الاحتلال، وليس جراء شيخوخة بطريركها، كما يدعي سمير شبلا، هذا التأثير الذي يستند الى تأييد خارجي والى قوة المحتل وعونه وقدرته على حياكة المؤامرات ضد الشعوب التي يستهدفها بظلم، كما يستند الى ذكاء السيد سمير شبلا الشخصي وقدرته على التضليل والكلام الملتبس، وعلى الاتيان بأنصاف الحقائق، بحيث ان نصف الحقيقة الصالح يخفي نصفها الآخر الطالح، وذلك بدلالة ما كتبه السيد سمير شبلا في هذه الأيام، والذي كان تكرارا لما كتبه من قبل في منتصف العام 2012. وعلى اية حال نحن لا نعتقد ان لقاء السيد شبلا بالسيد اوباما قبل مدة قصيرة كانت الغاية منه تحرير العراق ورفع يد المحتل الثقيلة عنه، وانما جاء لسبب آخر، يخص مؤامرة المجتمع المدني على العراقيين.
الشجرة تعرف من ثمارها: وهنا نقول: نعم الشجرة تعرف من ثمارها، وسمير شبلا وغيره يعرفون من ثمارهم ايضا، هذه الثمار الفجة التي طرحها السيد سمير شبلا مستعجلا في سوق الكنيسة الملقبة بالكنيسة الكلدانية، مستغلا فرصة استقالة البطريرك. هذا وقد كان تحرك السيد شبلا مكشوفا واضحا للعيان، مثلما كان الذئب، في حكاية ليلى والذئب، والمختفي برداء جدة ليلى، مكشوفا امام ليلى الصغيرة، من اسنانه البارزة ومن ذيله الطويل، والذي لم يستطع ثوب جدة ليلى اخفاءه عنها، فعرفت ليلى انه الذئب وهربت منه ونجت بنفسها. ولهذا نقول هنا للسيد شبلا ان لا تحاول ان تخفي حقيقتك، فأنت سياسي مكشوف أمام كل من يرفض مناورات المحتلين، ومنهم كاتب هذا المقال المتواضع، وجل همك ان يأتي الى سدة البطريرك رجل قابل بسياسة الأمر الواقع التي تبشر بها من خلال موقعك المدني المشبوه.
ثمار شجرة شبلا الفجة: اما ثمار شجرة السيد سمير شبلا فقد اخذناها من السلة التي انزلها هو نفسه الى السوق في منتصف العام 2012 وعاد وكرر انزالها الى السوق الكنسي والسياسي قبل ايام من الآن، عندما كتب ينادي على ثماره ويقول: اننا نحتاج بطريركا يحمل صفات خاصة بالقائد المسيحي، فيكون جريئا- شجاعا-محبوبا من العرب والأكراد، ومن اليزيديين والتركمان- يقرأ الواقع كما هو- ويكون محبا للسلام وحقوق الانسان...الخ. ولكن هل بهذه الثمار الفجة وغير الناضجة سوف يستطيع السيد شبلا ان يجعل من الكنيسة لقمة سائغة للمحتل الأمريكي الشرير، ولأتباعه الذين يعيثون فسادا بالوطن، انطلاقا من ثكنة او ثكنات المناطق الخضراء؟ لا نعتقد.
على الكنيسة ان لا تلدغ من جحر مرتين: نعم اعزائي القراء ان الكنيسة التي نتكلم عنها قد لدغت من جحر المحتل مرة واحدة، عندما غزا هذا المحتل بلدنا، حيث كانت هذه الكنيسة غير مؤهلة لمواجهة ما حدث لها بعد الاحتلال، فأكلت الكنيسة العراقية، مثل امنا حواء، من ثمرة المحتل المحرمة، كما في قصة سفر التكوين الدينية، فكانت النتيجة ان بانت عورة الكنيسة وظهرت خطيئتها امام العالم كله. أما الآن، فلم يبق امام هذه الكنيسة شيئا تأكله غير الثمار الفجة المتعفنة التي قدمها لها المحتلون والمتعاونون معهم، حتى مرضت هذه الكنيسة ودخلت في غيبوبة منذ ايام الاحتلال والى يومنا هذا. ومع ذلك، فنحن نأمل ان لا تلدغ كنيستنا من جحر مرتين، فيصيبها التسمم وتفقد وعيها ثانية وتقبل ان يربطها السيد سمير شبلا وغيره الى عجلة المحتلين الجهنمية ثانية.
لماذا نوجه تهمة التضليل للسيد شبلا: ولكن لماذا نوجه في هذا المقال تهمة التضليل القاسية الى السيد سمير شبلا؟ بصراحة اقول ان ما جاء على لساني بحق السيد شبلا ليس تهمة ولكنها حقيقة استخلصها من مقترحات السيد سمير شبلا نفسها. فالسيد سمير شبلا منذ بداية كتابة مقترحاته يقول ما مفاده: اننا نحتاج بطريركا يحمل صفات خاصة بالقائد المسيحي، فيكون جريئا- شجاعا-محبوبا من العرب والأكراد، ومن اليزيديين والتركمان- يقرأ الواقع كما هو- ويكون محبا للسلام وحقوق الانسان...الخ . انه كلام جميل ومنمق حقا، لكنه كلام فاسد ومضلل، في الوقت عينه. فسمير شبلا يطالب ان تكون لبطريركه العتيد الشجاعة في ان يتخلى عن استقلالية كنيسته ليصبح مرجعية ثيوقراطية ( دينية سياسية ) بعد ان خرج العراق من عهد الثيوقراطيات، منذ حوالي مائة عام، وبعد ان كان البطريرك قد اصبح رئيس كنيسة وليس غير لك. اما في اطار حالتنا الراهنة فان ما يطالب به السيد شبلا هو ان يخضع بطريركه للعملية السياسية ويصير ضيفا دائما على المنطقة او المناطق الخضراء، الأمر الذي يشوه رسالة البطريرك الروحية والإنسانية ويجعل منه دمية ( قره قوز ) تحركه ايادي السياسيين فاقدي الضمير.
اما ان يكون البطريرك العتيد محبا ومحبوبا من العرب والأكراد ومن اليزيديين والتركمان، فهذه مزحة ( نكتة ) سمجة لا يستطيع ان يحكيها سوى شخص مراوغ مثل سمير شبلا. فأين هم العرب يا سيد شبلا، لكي يحبهم البطريرك ويحبونه؟ ام انك تقصد العرب الذين سميتهم بـ/ الأصلاء من الذين باعوا انفسهم للمحتل ولأعوانه؟ افلا تدري يا سيد شبلا وأنت السياسي الذكي والحقوقي اللامع بأن العرب غير موجودين " دستوريا " في العراق، وان العرب تبخروا وعاد العراق لا يحوي غير الشيعة والسنة والأكراد وحفنة من الطوائف التي انتحلت لنفسها قوميات شوفينية غير موجودة الا في بطون الكتب والتلال الأثرية؟
ومع هذا يمكن ان نعذرك، يا سيد شبلا، لأنك بمنهجك المراوغ اراك اضطررت الى اضافة كلمة العرب الى القائمة التي على البطريرك الجديد ان يحبها ويكون محبوبا منها، في حين انك بالفعل لم تكن تقصد سوى الشيعة والسنة والأكراد والأقليات الأخرى، هذه الأقليات التي لا مكان لها من الاعراب في عراق المحتلين، سوى خدمة المشاريع التآمرية الأمريكية والأطلسية.
ومع هذا نقول لك فليكن! ولكن هناك سؤال مهم نوجهه لحضرة المحامي شبلا ونقول له: ترى هل ولد بعد ذلك البطريرك الذي يكون محبوبا من كل هذه الجهات المتناحرة التي ذكرتها يا استاذ شبلا؟ وهل يمكن ان يوجد بطريرك يحمل مبادئ سامية وثوابت انسانية وإيمانية، يستطيع ان يحقق هذه المعجزة ويقول لكل واحد من المذكورين: انت على حق، و لك الحق على كل المليارات والامتيازات التي بيدك، لكي يحبه الجميع؟ بتحليلنا ان بطريركا يستطيع ان يحقق مثل هذه المعجزة لا يمكن الا ان يكون واحدا من اثنين: فإما ان يكون- حاشاه – كذابا ومرائيا، واما ان يكون بطريركا لا قيمة عنده للحق والخير والجمال، وحينئذ يتحول هذا البطريرك الى بهلوان لا يحب غير نفسه، ولكن هل سيحترمه أحد من بعد يا ترى؟
اي بطريرك نريد: اذن بعد كل ما قرأنا لا يمكن ان يكون الجواب على سؤال فقرتنا غير جواب ميسور. اما خلاصة جوابنا فهو اننا نحتاج بطريركا يكون عليه ان يرضي الله والضمير والثوابت الايمانية والإنسانية، قبل ارضاء البشر. فما اعرفه هو ان موسى وعيسى ويسوع، صلوات الله عليهم والمجد لمرسلهم، لم يستطيعوا ان يرضوا كل الناس، ولهذا تحملوا آلاما كثيرة في سبيل رسالتهم، ربما من اهل بيتهم وأمتهم قبل الغرباء. فلماذا يريد شبلا ان يكون بطريركنا محبوبا من كل السياسيين الذين ذكرهم؟ اذن فما يطلبه ابناء الكنيسة الشرفاء هو ان يكون بطريركهم مؤمنا بالحق والحقيقة ومدركا للقيم الانسانية العليا في رسالته الايمانية، وأن يكون مخلصا لمبادئه، ساعيا بصدق الى ارضاء الله والضمير، قبل ارضاء الناس، كما تكون له الجرأة والشجاعة التي تجعله يصرح، وبملء فمه بالحقيقة، رضي عنه من رضي واستاء من استاء، اذ ان ارضاء الله اولى من ارضاء البشر في كل الأديان.
اما في غير ذلك، فنختصر مطلبنا من البطريرك الجديد بأن يكون من ابناء المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني وليس من ابناء الردة الكنسية التي حلت علينا منذ بداية التسعينيات مع النظام العالمي الجديد المدمر لإنسانية الانسان . فما عملته تلك الردة بكنائس العراق، ولاسيما بالكنيسة الكلدانية غاية في الخطورة الايمانية، وذلك لأن الكنيسة اعتمدت جانب السلطة عوضا عن الحوار، ووضعت جانبا اية دعوة تنادي بالحقيقة والحق وتشجب الباطل والظلم، لتعيش هذه الكنيسة، وبشكل متعمد، على القداديس والحفلات الدينية الطويلة المزركشة، انسجاما مع مطلب المحتلين من هذه الكنيسة.