الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 2221تاريخ التسجيل : 19/02/2010الابراج :
موضوع: موت مدون يفتح أبواب جهنم على إيران الخميس 27 ديسمبر 2012 - 2:51
إيران تفتح عش الدبابير
موت مدون يفتح أبواب جهنم على إيران
باباك ديغانبيشه
بيروت - لم يكن هناك ما يميز ستار بهشتي الذي يقطن في ضاحية تسكنها الطبقة العاملة إلى الجنوب من طهران تدعى رباط كريم.
وشأن بهشتي "35 عاما" شأن الكثير من أقرانه كان هذا العامل ملتزما دينيا ويعيش في المنزل مع والدته، لكن حياته تبدلت العام الماضي عندما أنشأ مدونة اسمها "حياتي من أجل إيران".
كانت كتاباته كثيرا ما تركز على معاناة الطبقة العاملة وكذلك القيود السياسية في إيران وكان يمزجها في بعض الأحيان بحكايات شخصية من حياته اليومية.
وبمرور الشهور أصبحت نبرة المدونة أكثر حدة ولها صبغة سياسية بدرجة أكبر مع تضمنها انتقادا مكشوفا للمؤسسة الحاكمة وحتى الزعيم الأعلى وهو خط أحمر في الجمهورية الإسلامية.
وفي إحدى الكتابات انتقد بهشتي كلمة ألقاها الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي خلال اجتماع لحركة دول عدم الانحياز في طهران وكتب فوق صورة للزعيم الأعلى يقول "قدمت مجموعة أكاذيب ولم يكن خطابا".
كما كانت كتابات أخرى تنتقد دعم إيران لحزب الله في لبنان أو تبرز محنة نشطاء حقوق الإنسان في البلاد.
وسرعان ما جاء الانتقام. كتب بهشتي يقول يوم 29 أكتوبر تشرين الاول "هددوني أمس وقالوا لي أن أمك سترتدي السواد قريبا."
في اليوم التالي اعتقله ضباط الشرطة الالكترونية الإيرانية، وتم تسليم جثته التي كانت بها كدمات إلى أسرته بعد أسبوع وكانت وفاته نتيجة للتعذيب طبقا لخطاب تم تهريبه من سجناء آخرين.
كان رد الفعل سريعا وقويا خاصة من مدونين آخرين حتى من المدونين الموالين للحكومة والذين أزعجهم مصير رجل متدين لم يكن يشتهر بأي نشاط سياسي. صبوا جام غضبهم على الشرطة الالكترونية والحملة التي تطلقها بهدف منع أي محاولة لانطلاق "ثورة مخملية" في الجمهورية الإسلامية عبر الانترنت.
ولم ينف مسؤولو الحكومة ارتكاب تجاوزات.
وقال المدعي العام غلام حسين محسني اجئي في مؤتمر صحفي في الثالث من ديسمبر كانون الأول "هذا الفرد ضرب لكن الضرب لم يكن بطريقة تفضي للموت."
وخلال شهر من وفاة بهشتي ألقي القبض على سبعة من رجال الشرطة وأقيل قائد الشرطة الالكترونية في تحول كبير للأحداث في فضيحة خلافية صدمت إيران.
ومع تزايد الضغط الدولي على إيران بسبب برنامجها النووي وفرض عقوبات اقتصادية صارمة مؤلمة تتوجس القيادة من الاضطرابات الداخلية خاصة مع إجراء انتخابات رئاسية في يونيو حزيران قد تشهد اضطرابات.
وكشفت وفاة بهشتي عن الصدوع السياسية في إيران مع الحاح عدد من أعضاء البرلمان على حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد والقضاء لإجراء تحقيق.
لكن الأداة الأكثر فاعلية التي اختيرت للتوعية بقضية بهشتي هي الأداة ذاتها التي اختارها هو.. إنها الانترنت.
قال محمود عنايت مدير برنامج الإعلام الإيراني في جامعة بنسلفانيا ومؤسس مجموعة "سمول ميديا" غير الربحية التي تركز على تحسين تدفق المعلومات في المجتمعات المنغلقة "أعتقد حقا أنها واحدة من أهم الأمثلة على أثر الانترنت في إيران." ويرى أن شبكة الانترنت أصبحت جهازا رقابيا يجبر الحكومة على الرد على أي قضية تلقى ما يكفي من الاهتمام.
ومضى يقول "لم يعد بإمكانهم التجاهل."
ورغم أن الكثير من تفاصيل احتجاز بهشتي ووفاته ما زالت مبهمة فإن بعض التفاصيل الأخرى مؤكدة. ففي ليل 30 أكتوبر ألقي القبض عليه في منزله في رباط كريم ونقل إلى القسم 350 من سجن ايفين سيء السمعة في طهران.
وقال نزلاء في السجن إنه علق في سقف الزنزانة وضرب. وبعد ذلك تم تقييد يديه ورجليه في مقعد ثم تعرض للضرب مرة أخرى. وفي بعض الأحيان كان المحققون يطرحونه أرضا ويركلونه في رأسه ورقبته.
وتحدثت مجموعة من السجناء السياسيين مع بهشتي بينما كان محتجزا وهربوا خطابا دونوا فيه ملاحظاتهم.
وجاء في الخطاب الذي وقعه 41 نزيلا ونشر في مواقع الكترونية تابعة للمعارضة "عندما نقلوا ستار إلى القسم 350 كانت آثار التعذيب واضحة على كل أجزاء جسمه."
ورغم ما لحق به من إصابات قدم بهشتي بلاغا عن المعاملة التي تلقاها لمسؤولي السجن. وقبيل نقله إلى منشأة احتجاز أخرى قال بهشتي لزملائه من النزلاء إن محتجزيه يعتزمون قتله. وبعد أربعة أيام أبلغت السلطات أسرته بوفاته.
وقالت أمه خلال مقابلة مع الخدمة الفارسية للإذاعة الألمانية دويتشه فيله إنه بعد وفاة بهشتي حذرت قوات الأمن الأسرة من الحديث لوسائل الإعلام وهددها ضباط الأمن باعتقال شقيقة بهشتي في حالة عدم توقيع الأسرة على وثيقة توافق فيها على ملابسات وفاته.
كما عرضت الدية على أسرته لكن جوهر عشقي والدته رفضت. وعندما سمح للأسرة برؤية جثة بهشتي لاحظوا وجود بقع دماء عند ركبتيه ورأسه على الكفن. وقالت عشقي في مقابلة مع موقع سحام الالكتروني الموالي للمعارضة "قتلوه وأعادوا جثته لي".
وفي يوم 13 ديسمبر كانون الأول تجمعت مجموعة صغيرة من الأصدقاء والجيران وأفراد الأسرة لإحياء ذكرى الأربعين عند قبره. وقالت سحر بهشتي شقيقته لموقع كلمة وهو موقع آخر تابع للمعارضة إنه في اليوم السابق قامت أجهزة أمنية بتمزيق ملصقات عن إحياء ذكرى الأربعين في الحي.
ونشرت تسجيلات فيديو عن ذكرى الأربعين ظهرت فيها عشقي وهي تمسك صورة ابنها وتقول "أنا فخورة بابني... لابد من إعدام قتلة ابني." وقالت سحر إن الشرطة هاجمت بعد ذلك الناس وضربت عشقي وأصابتها في ساقها.
ونشر موقع كلمة صورا لإصابات عشقي.
لم يتوقع كثير من الإيرانيين أن من الممكن ان تحدث وفاة بهشتي هزة. لكن الحملة التي أطلقها النشطاء على الانترنت ظلت مستمرة. وتبنت مواقع مرتبطة بالحركة الخضراء المعارضة قضيته ونشرت تفاصيل احتجازه والتجاوزات التي ارتكبت في حقه.
وأدى ذلك إلى خروج المدونين المحافظين عن صمتهم لقلقهم من أن تضر هذه القضية بصورة الجمهورية الإسلامية.
وتأسست الشرطة الالكترونية وهي وحدة تابعة للشرطة الإيرانية في يناير كانون الثاني عام 2011 مع منحها سلطات كبيرة نسبيا.
وفي حين أن الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات تقوم بالفعل بمراقبة الانترنت فإن المسؤولية الأساسية للشرطة الالكترونية هي تعقب المعارضين على شبكة الاتصالات الدولية.
كما أنها مسؤولة عن حجب المواقع التي لها محتوى مثير للجدل والنظر في قضايا متعلقة بتخريب مواقع الانترنت.
وفي وقت سابق من العام الجاري طلبت الشرطة الالكترونية من كل مقاهي الانترنت تثبيت كاميرات لمراقبة الزبائن.
لكن في قضية بهشتي لم تكن هناك حاجة كبيرة لإتباع أساليب متقدمة للمراقبة لأنه كان يدير مدونته بكل صراحة ودون اسم مستعار.
ولاقت القضية اهتماما دوليا ودعت الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى إلى إجراء تحقيق محايد في وفاة بهشتي.
وفي إيران كانت القضية فرصة سانحة لخصوم أحمدي نجاد.
وقال أحمد توكلي وهو نائب برلماني من طهران ومن أشد معارضي أحمدي نجاد في 11 نوفمبر تشرين الثاني "أثارت الحكومات الأجنبية جلبة سياسية بسبب هذه القضية.
لماذا لا تقدم وزارة الخارجية والسلطة القضائية تفسيرا؟" وأضاف: "حدثت وفاة ولابد من وجود تفسير".
وربما يكون من أسباب العاصفة التي ثارت في البرلمان الإيراني الانتخابات الرئاسية التي ستجرى العام القادم.
وفي عام 2009 أدت انتخابات رئاسية أعلن فوز أحمدي نجاد بها إلى عنف على نطاق واسع وفقدان الثقة في النظام السياسي بين بعض الناخبين. وما زالت التوترات مستمرة منذ وفاة بهشتي.
فبعد إقالة محمد حسن شكريان رئيس الشرطة الالكترونية في الأول من ديسمبر شكا الكثير من المتشددين من أن النظام أذعن لضغوط من الإعلام والخارج.