مدينة جدة القديمة تنتظر أعمال ترميم تعيد لها الحياة
كاتب الموضوع
رسالة
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61353مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: مدينة جدة القديمة تنتظر أعمال ترميم تعيد لها الحياة الأربعاء 16 يناير 2013 - 7:36
مدينة جدة القديمة تنتظر أعمال ترميم تعيد لها الحياة
2013-01-14
جدة من أسماء الشريف ـ (رويترز) - في قلب مدينة جدة السعودية المترامية المطلة على البحر الأحمر تظلل مبان عمرها قرون حاراتها الضيقة بمنطقة تاريخية تعاني من التدهور في غياب عمل حاسم لحمايتها. تحمل المنطقة التاريخية التي ترجع للقرن السابع بمنازلها المبنية من الطين وتزينها مشربيات خشبية بقايا المعمار التقليدي للحجاز وهو الاسم الذي كان تعرف به المنطقة الغربية لشبه الجزيرة العربية.
لكن بينما تشيد جدة أعلى برج في العالم في اطار حملة تحديث تتعثر الجهود الرامية للحفاظ على أقدم مناطقها.
قالت عبير أبو سليمان وهي من بين نشطاء يسعون لترميم المدينة القديمة رغم أنها تعيش في الجزء الحديث من جدة إنها تتألم كلما مرت بهذه المنطقة.
أضافت أنها لم تولد ولم تعش في هذه المنطقة لكنها تشعر بأهميتها وبالفخر لأن السعوديين يمتلكون تاريخا حقيقيا.
ومعظم أعمال الترميم متروكة لأفراد لأن السلطات السعودية لا يمكنها أن تتدخل بصورة قانونية لتجديد منازل مملوكة ملكية خاصة. ويقول سكان إن الحكومة لم تظهر اهتماما كافيا بحل المشكلة أو كسر الجمود فيما يتعلق بتمويل تطوير البنية التحتية في المنطقة.
ونتيجة لذلك انهارت ربع المنازل الموجودة في المنطقة التي تمتد فوق مساحة كيلومتر مربع أو احترقت أو أزيلت خلال العقد الماضي لأنه ليس بوسع أصحابها تحمل تكاليف تجديدها الباهظة وليس لديهم اهتمام أو حافز للقيام بذلك.
وتحولت البيوت التي سكنها أغنى تجار جدة ذات يوم إلى مساكن رخيصة للعمال الأجانب الفقراء والمتسولين والمهاجريين غير الشرعيين. وقال ملاك باعيسى عمدة المنطقة إن السعوديين يمثلون أقل من خمسة بالمئة من سكان المنطقة التاريخية التي يقدر عددهم بنحو 40 ألفا.
وتتدلى كابلات متشابكة من واجهات المنازل المتداعية بينما تعلق أطباق الاستقبال على الجدران المتصدعة وتبرز مكيفات الهواء الصدئة من المشربيات الخشبية البالية.
وأخفقت جهود سابقة لادراج المنطقة التاريخية ضمن قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للمواقع الأثرية -وهو ما قال مسؤولون إنه كان من شأنه اعطاء دفعة لأعمال الترميم- وذلك لأسباب من ضمنها غياب خطة رئيسية واقعية للترميم.
وتعتزم الحكومة إعادة تقديم طلبها إلى اليونسكو هذا الشهر لكنه سيتضمن هذه المرة مقترحات لتشجيع أصحاب البيوت على ترميم منازلهم تحت اشراف الخبراء من خلال قروض وحوافز مالية كما هو الحال في بلدان أخرى تنفذ مشروعات ترميم عملاقة.
وعبر عبد القادر عامر المسؤول عن التخطيط الاستراتيجي في بلدية جدة عن تفاؤله بحدوث تحمس للترميم فور ادراج المنطقة في قائمة اليونسكو.
ويتسبب مناخ جدة الرطب في عطن القطع الخشبية في المنازل وتآكل جدرانها لذا فهي تحتاج لصيانة مستمرة. وتشترط القوانين المحلية ان تتم الصيانة باستخدام الطين والأحجار الجيرية المرجانية المستخرجة من البحر الأحمر وباستخدام طرق بناء تقليدية مكلفة.
وقال يونس الجزار وهو من بين عدد قليل من المواطنين السعوديين مازالوا يعيشون في المنطقة التي ولد ونشأ فيها "سيتدهور المنزل ما لم يعتن به أحد. إنه مثل الملابس القديمة.. إذا لم تقم بترقيعها ستبلى."
وتعتمد تكاليف الترميم بشكل كبير على حجم وحالة الاضرار التي لحقت بالمنزل لكن قد تبدأ من 50 ألف ريال (13 ألف دولار) وتصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين ريال. وذكر الجزار أن الصيانة الدورية لمنزل عائلته تتكلف 6000 ريال سنويا على الأقل.
وتثبط سوق العقارات المحلية أيضا جهود الترميم. فإيجار المباني الجديدة في المنطقة يمكن أن يصل إلى 50 الف ريال سنويا مقارنة مع 2400 للمنازل القديمة.
وقال عامر إن أصحاب المنازل يعرفون أنهم يعيشون فوق أرض ثمينة جدا في قلب المدينة ويريدون التخلص من البيوت القديمة لتشييد مبان جديدة.
ومن بين 600 منزل قديم أحصيت قبل عشر سنوات بقي 450 منزلا فقط.
وذكر عامر أن الحكومة المركزية أصدرت توجيهات بانفاق 53 مليون دولار للمساعدة في ترميم الأجزاء العامة من المنطقة إلا أن الأموال يجب ان تأتي من خزانة المدينة نفسها.
وهذه مسألة لا تستطيع ان تتحملها الآن جدة حيث أسهمت البنية التحتية المتداعية في تفاقم أثر فيضانات مهلكة عامي 2010 و2012. كما أن جدة تستكمل اصلاح شبكات مواصلاتها.
وقال عامر إنه يمكن بالكاد تغطية التكاليف وإن المطالبة بالحصول على تمويل ستستمر.
واشترت الحكومة بعض العقارات في المنطقة ورممتها ومن بينها مسجد تاريخي يعود للقرن الثالث عشر ومنزل عاش فيه عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة عندما كان في جدة لكن مسؤولين يقولون إنه لا يمكن تحمل تكاليف شراء المزيد من المباني لذا يخططون حاليا لتقديم قروض حكومية.
وحتى وقت قريب تجاهلت السعودية التي تتبنى تفسيرا محافظا للاسلام يحرم تعظيم الأشياء الكثير من مواقعها الأثرية بل دمرت بعضها مثل منازل وأضرحة شخصيات اسلامية بارزة في مكة والمدينة.
وادرجت السعودية حتى الان موقعين هما المساكن الصخرية النبطية في مدائن صالح والدرعية العاصمة التاريخية لعائلة آل سعود على قائمة اليونسكو للتراث العالمي وتعمل حاليا على حماية تراثها هناك.
وقال علي الغبان نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار إنه كان هناك نقص في الوعي والتقدير للتراث مما نتج عنه تدمير الكثير من المواقع من بينها الرياض القديمة لكن هذه المرحلة تم تجاوزها الآن.
ويتهم بعض مواطني جدة وغيرهم من سكان الحجاز التي تضم مكة والمدينة وبلدة ينبع الساحلية القديمة الحكومة بمحاباة مناطق على حساب أخرى وإثارة مشاعر استياء قديمة تعود إلى سيطرة آل سعود على الحجاز عام 1923.
وهم يشيرون إلى استثمار ما لا يقل عن 133 مليون دولار في الحفاظ على الدرعية ويقارنون ذلك باستمرار تجاهل المواقع الثقافية في مدنهم.
إلا أن عامر دافع عن أولويات الحكومة المركزية ونفى أن جدة تعاني إهمالا لكنه قال إن من الأسهل التعامل مع الدرعية لان ما من أحد يعيش هناك كما أنها أصغر كثيرا من جدة وتمتلك الحكومة المنطقة بالكامل.
وبينما تدرس السلطات طرق ترميم المنطقة التاريخية يواصل سكان جدة مثل عبير أبو سليمان الضغط من أجل القيام بتحرك أسرع.
وقالت "لا نملك سلطة اتخاذ القرار لكننا هنا." وأضافت "نحتاج عونا... ومستعدون لأن نفعل المزيد."
مدينة جدة القديمة تنتظر أعمال ترميم تعيد لها الحياة