تحريم عيد الحب لا يحرُم العراقيين من الاحتفال به
عراقيون مغتربون : عيد الحبّ في العراق ليس ترفاً بل حاجة
أعياد لم يكن لها أي شعائر تذكر قبل تغيير عام 2003 في العراق، "عيد الحب" هو أحد هذه الأعياد، إذ بدأ الشباب العراقي يتفاعل مع "Valentine’s Day" بصورة كبيرة سنة تلو أخرى، حتى أضحى تقليداً يطرق أبواب العشاق في كل عام.
بوتيرة متصاعدة ينشغل العديد من أصحاب محال بيع الزهور الطبيعية والهدايا في تهيئة متجارهم التي ستصبح مقصداً للعشاق في يوم "فالنتاين"الباحثين عن الهدايا التي سيتبادلونها. يقضي صاحب محل "المايا" للزهور الطبيعية نهاراً طويلاً بتزيين محله الصغير بالبالونات والزهور الحمراء، ليستقطب أكبر عدد من العشاق بعد أن عمل خصم سعري لهم.
"عيد الحب في بغداد أصبح يزداد جمالاً عاما بعد عام"، بهذه الكلمات بدأت دينا الخياط حكايتها مع عيد الفالنتاين التي تعتزم الاحتفال به مع خطيبها في إحدى مقاهي بغداد، إذ تنشغل دينا باختيار هدية تناسب ذوق خطيبها من الورود الطبيعية الحمراء كرمز "لتجديد حبهم". وتبين دينا أن "الاحتفال بعيد الحب يرتبط بعلاقة وثيقة مع الزهور الحمراء على اختلاف أنواعها".
وتضيف الخياط (21 عاماً)، في حوار مع DW عربية، وهي طالبة في كلية التراث الجامعة ببغداد أن "الحب هو نبعه الحياة ويستحق منا أن نحتفل به في كل الأيام وليس ليوم واحد"، داعية إلى أن يعم الأمن والسلام بلادها العراق "وننشر ثقافة الصلح بدلاً من العنف الذي عشنا مرارته لسنوات طوال".
وبحسب أرقام المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان فإن مئات الآلاف من العراقيين سقطوا كضحايا بين قتيل وجريح في موجات العنف المتواترة التي طالت البلاد بعد الاجتياح الأمريكي للعراق في ربيع عام 2003، فيما هجرت أرقام مضاعفة لضحايا هذه الموجات إلى داخل وخارج البلاد.
من محب إلى آخر
ظاهر الاحتفال بـ"عيد الحب" لم تكن حاضرة أبان سيطرة العديد من المجاميع المسلحة على أغلب مناطق بغداد.
أما الشاب محمد صالح زكي (23 عاماً) فأبدى تفاجئه من ازدياد إعداد العشاق المستعدين للاحتفال بعيد الحب للعام الحالي. ويعتزم زكي أن يحتفل مع حبيبته بالـ"فالنتاين داي" في إحدى الحدائق العامة في بغداد، وحرص على أن يأتي بهدية مغايرة مما يقدمه أقرانه من العشاق من الهدايا الحمراء.
"حرصت أن أقوم بتكبير أول صورة لي مع حبيبتي وأقدمها كهدية لها في عيد العشاق"، يقول زكي الذي سيتقدم لخطبة حبيبته قريباً، إذ يعيشان قصة حب منذ سنتين تقريباً، آملاً في نهاية حديثه مع DW عربية بأن يحي مثل هذا اليوم من العام المقبل وهو في "عش الزوجية".
ولم يقتصر "عيد الحب" على العشاق والمحبين والمغرمين فحسب، إذ عمد البعض إلى أن يجعلها مناسبة خاصة من أجل أن يصالح شخص ما كان قد تخاصم معه في السابق، كما هو حال الموظف الحكومي محمد هادي.
ويضيف هادي (28 عاماً) في حوار مع DW عربية: "لا يقتصر عيد الحب على العشاق فقط (...) لقد أهديت زميلتي في العمل دمية بهيئة دب لمصالحتها"، مبيناً أن عيد الحب هو رمز للمحبة والوفاء والتسامح والتفاؤل "فهو فرصة للتعبير عن مشاعرك تجاه شخص ما".
بغداد تتزين بالأحمر
خلدون وليد جاسم ،صاحب محل ورد، لم يكن يتوقع هذا الإقبال على شراء باقات الورود بوقت مبكر من عيد الحب.
وزينت الزهور الطبيعية والصناعية والدمى المحشوة بأشكال القلوب والدببة بالإضافة إلى أدوات الزينة والبالونات وغيرها من الهدايا التي ترمز إلى "الحب"، واجهات العديد من محال الهدايا وخاصة في المناطق الراقية من بغداد كالكرادة وزيونة والعرصات والمنصور والحارثية.
وبالعودة إلى صاحب محل "المايا"الذي تحول محله إلى اللون الأحمر، فإن محله يشهد إقبالاً كبيراً ومتزايداً من قبل"العشاق" على شراء الورود قبيل "عيد الحب" وخاصة من قبل الطلبة والطالبات، لافتاً إلى أنه "استعد لهذه المناسبة منذ أسابيع عدة".
ويوضح خلدون وليد جاسم (25 عاماً) في حوار مع DW عربية، بأنه لم يتوقع هذا الإقبال على شراء الهدايا وباقات الورود الطبيعية بوقت مبكر من يوم الحب، منوهاً إلى، "أنها المرة الأولى التي نستقبل هكذا عدد من الزبائن"، ومشيداً في الوقت ذاته بدور الأجهزة الأمنية في توفير الأمن في جميع مناطق بغداد.
ولم تكن مظاهر الاحتفال بـ"عيد الحب" حاضرة أبان سيطرة العديد من المجاميع المسلحة على أغلب مناطق بغداد، إذ كان إحياء "عيد الفالنتاين" ضرباً من الخيال بعد أن كانت تلك الجماعات تقتل من يحي هذا العيد الذي تعده مخالفاً" للشريعة الإسلامية".
الشباب العراقي يواكبون اقرأنهم في دول العالم
ويرى مختصون في الشأن الاجتماعي العراقي بأن الثورة المعلوماتية والانفتاح الكبير الذي شهده البلاد في السنوات القليلة الماضية تعد من أهم الأسباب التي دفعت الشباب العراقي بإحياء"عيد الحب" بالتزامن مع أقرانهم في الدول الغربية، وهو العيد ذاته الذي لم يكن يحظى بأي اهتمام يذكر قبل عقد من الزمان.
من جانبها، تعزو الباحثة الاجتماعية في منظمة حرية المرأة، دلال الربيعي، سبب تنامي ظاهرة الاحتفال بـ"عيد الحب" إلى انفتاح الشباب العراقي على العالم الأخر "من خلال ثورة المعلومات والاتصالات، ومحاولتهم مواكبة اقرأنهم في دول العالم كمتنفس يبعدهم عن الجو غير المستتب الذي يشهده بلادهم".
وتضيف الربيعي في حوار مع DW عربية أن "شخصية الفرد العراقي المتشوفة للحياة جعلت من هذه المناسبات رمزاً للمحبة والسلام في بلد فقدت فيه هاتان الصفتان (...) يحاول العشاق والعاشقات في بلدي أن يثبتوا للعالم أجمع أنهم دعاة للحب والوئام".
وعيد الحب أو عيد العشاق أو "يوم القديس فالنتاين" مناسبة يحتفل بها الكثير من الناس في كل أنحاء العالم في الرابع عشر من شهر فبراير/شباط من كل عام. ويعتبر هذا هو اليوم التقليدي الذي يعبر فيه المحبون عن حبهم لبعضهم البعض.