الدولة : عدد المساهمات : 162تاريخ التسجيل : 07/10/2009
موضوع: كتابات : رسالة الى سردشت عثمان من أحمد عبد الحسين الأحد 23 مايو 2010 - 23:16
وأنا أيضاً أحبّ ابنة مسعود البارزاني
رسالة إلى سردشت عثمان
كتابات - أحمد عبد الحسين
حبيبي سردشت
آسف لأني لا أتقن الكردية تماماً، رغم أني عشت في كردستان كثيراً، أعرف بعض الجُمل لكنها لا تكفي لإنشاء حوار معك، أنا مضطر للكتابة إليك بالعربية، فلعلك في أرضك الجديدة المبهمة التي تتفتح فيها العقول والقلوب على وسعها أصبحت تتقن كل اللغات.
كاكه سرو
رأيت صورتك الآن، بعد أن قرأت مقالاتك منذ أيام. قرأت فيها "في صورتك" فضلاً عن وسامتك البادية للعيان، سبباً آخر لأحسدك وأنت الميّت، إنها براءتك. وكان عليّ أن أرى الصورة لأعرف لمَ كانت كلماتك تقطر براءة، ولم أنت ساذج إلى هذا الحدّ، سذاجة لا علاقة لها بالجهل، سذاجة هي هبة رحمانية تعطى للأطفال ومن في حكمهم من الشعراء وأنقياء القلوب، ونطلبها نحن حثيثاً بلا طائل.
العام الماضي أتى زميل لك، صحفي من أربيل، حدثني عن فظائع ما يحدث هناك قال انه كتب مقالة عن فساد الآلهة الكرد فأحرقوا سيارته أمام بيته، كنت أظنّ ان التيوس التي تتناطح في المنطقة الخضراء هي وحدها القادرة على القتل بدم باردٍ، وكنت أظنّ ان الدوابّ المعممة والملتحية هنا في بغداد أو في النجف أو في البصرة هم وحدهم من يملكون تخويلاً إلهياً لإرسال من يشاؤون إلى نعمة العدم. وكم كنتُ مخطئاً.
الآن أعرف ان الله الذي أصبح سلاحاً في يد مهرج معصوم هنا في بغداد، ليس الإله الذي قرأناه قديماً في الكتب، ليس إلهك أو إلهي أو إله حمزة الحسن "الذي أبكتني مقالته عنك اليوم"، هو إله مرسوم على ورقة الدولار، ربّ أعور بعمامة ولحية وبه كثير من أمراض الدواب لكنه يغدق العطاء لمن هم على شاكلته، يمنحهم سلطةً وكراسي وثيرة ومالاً سحتاً بلا حدّ، بيوتاً ورجال حمايات وأناساً تهتف باسمهم وديمقراطية ترفعهم على رقابنا، إله الساسة العراقيين هو ربّ العراق الجديد الذي تنحر من أجله الأضاحي، وتقدم له القرابين، وكنت أنت أيها الوسيم البريء الجميل آخر القرابين التي تشممها بمنخريه الوسخين هذا الربّ ـ الدجال الأعور.
أنت مخطئ إذا دار في خلدك ان السياسيّ "وهو عبد متسلط" قتلك ليثأر لشرف ابنته التي قلت انك أحببتها، لا، معايير الشرف عند هؤلاء مختلفة، شرفهم وناموسهم الوحيد هو ما أردت أنت أن تزاحمهم عليه حين تمنيتَ أن تشاركهم في مصايفهم وسياراتهم الفارهة وأرصدتهم المصرفية وحرسهم الخاص، ينتهي شرفُ ساسة العراق عند هذا الحدّ: المال والسلطة المفضيتين لمزيد من المال والسلطة، وإلا فأنت تعرف أن السياسيّ الشيعيّ يلعق مداس الإيراني الآن من أجل أن ينصبه حاكماً، كما يلعق السياسيّ السنيّ حذاء ملك عربيّ أجرب ليرضى عنه، كما يتماوت الكرديّ أمام الأميركان ليبقى سيداً عشائرياً في إقليم اللبن والعسل.
هذا شرفهم، وإلا فإنك إذا تمعنت في ضمائرهم ووجدانهم فسنقف أنا وإياك إجلالاً وتعظيماً لروح المرحومة حسنة ملص، أنظر إلى بقايا شرفهم الشخصي كيف يهدر في لعبة الوصول إلى رئاسة الوزراء، واحدهم يهدد الآخر انه إذا لم يكن هو فإن دماً كثيراً سيسفك، والآخر يصرخ أمام الكاميرات "ما ننطيها"، وثالث يقول ساخراً ـ وفوق رأسه علم العراق ـ ان وحدة العراق أحلام عصافير، هؤلاء لك أن تتكلم عن بناتهم وأخواتهم وأمهاتهم ما شئت فلن يرفّ لهم جفن ولن تهتزّ شواربهم ولحاهم إلا عند مضغهم الأكل. لكنك يا سرو طعنتهم في الصميم حين تكلمت عن شرفهم الوحيد الذي يحيطونه بالكلاب خوفاً عليه، تكلمت عن المال والسلطة وأردت ولو مازحاً وساخراً أن تزاحمهم عليه.
مقالك الأخير الذي تكلمت فيه عن دنوّك من الموت، أستشعره بعمق، عشت هذه التجربة مراراً، كنت أشم رائحة الموت أنى التفتّ، حين هددني شيخ من شيوخ هذا الدين العراقيّ الجديد، من على منبر أقيم فوق مقبرة جماعية حديثة، كتبتُ شيئاً يشبه مقالك لكني لم أنشره، ربما لأنك، وهذا سبب ثالث لأحسدك، أشجع مني.
هل تعلم؟ أنا أيضاً مثلك أحبّ ابنة البارزاني يا سرو، بل أعشق ابنة المالكي، والابنة الصغرى للجعفريّ، وأهيم بابنة علاوي، أما تلك الفتاة العلوية التي كانت بصحبتي اليوم فهي ابنة رمز سياسيّ ودينيّ لن أسميه لئلا يفتضح أمري، أحبهنّ .. أموت فيهنّ وألثم أجسادهن من أعلى إلى أسفل وبالعكس، وأريد مثلك أن أتزوج بواحدة منهنّ "لأزور قصر عمنا لبضعة أيام في امريكا. ولأنقل بيتي من حيّنا الفقير في مدينة الثورة الى المنطقة الخضراء، حيث تحرسني ليلاً كلاب امريكا البوليسية وحراس اسرائيلييون" ومثلك تماماً أحبهنّ من أجل "أمي التي تعاني امراض القلب والسكر وضغط الدم ولاتملك المال للعلاج خارج الوطن، ساجلب لها طبيبين ايطاليين خاصين بها في البيت. وسافتح لأعمامي دور ضيافة وأعيّن أبناء عمومتي وأخوالي نقباء و عمداء ألوية في الجيش "لكن صديقا قال (اذا تسمع كلامي اقترب من "أبو أكبر الساعدي معذب الأسرى القديم، في مؤتمر صحفي واهمس في اذنه انك وراء مهمة خيرية. او اذا لم تستطع فاسأل إحدى الكاوليات ان تدبر لك هذا لامر، فهي تلتقي بأرباب المنطقة الخضراء كثيراً. حبيبي سردشت
نم بهناء وسنلتقي أنا وإياك بهم هناك عند إله نرجو أن يكون أكثر رحمة وإنسانية من ربّ العراق.
* العبارات المكتوبة باللون الأحمر من مقال الشهيد سردشت عثمان بتصرف