الصوم وقمع الذات الاب سعيد بلو

الصوم وقمع الذات



الاب سعيد بلو

هيا ايها الاحبة لنصعد الى جبل "قرنطل" حيث صام المسيح اربعين يوما. منه نتعلم في تامل عميق كيف نصوغ برحمته سلم التوبة والانسحاق فيه نصعد الى السماء. هناك "عرض عليه المجرّب السلطان على العالم اجمع فاجابه يسوع: "ابتعد عني يا شيطان! لان الكتاب يقول: للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد (متى 10:4) هنا يخوّلنا الرب ان نتسلح بدرع المسوح فمتى جاءنا الابليس نشهر عليه سيوف الصلاة ونصرعه تحت اقدامنا بالبر والقداسة. بهذه الشجاعة والاقدام نحارب الشر والخطيئة والشيطان للاستعداد التام لعيد القيامة عيد النصر والابتهاج.

لقد مارس جمع غفير من المسيحيين الاوائل فضيلة الصوم منذ القرن الثاني للميلاد نظير بني اسرائيل للبذر في القلب النقاء والزرع في النفس الصفاء. بيد ان الكنيسة المقدسة جعلت بعدها الصوم الاربعيني فريضة اكراما لصوم المسيح في القفر (متى4: 1-2) واستثنت يوم الاحد اذ لم تشأ منذ ذلك الوقت ان يكون محسوبا ضمن الاربعين يوما. كما ان في فترة التوبة هذه كانت الكنيسة تهتم اهتماما خاصا بتهيئة غير المسيحين للعماذ. ولازال هذا التقليد سائرا حتى اليوم بتحضيرهم لقبول هذا السر العظيم فجر احد القيامة كمرحلة اخيرة في هذا الاستعداد. ولا غروى ان ما جاء في قرارات المجمع البطريركي الكلداني سنة 1967 بخصوص الاصوام سيردّ على تساؤلات شعبنا المؤمن كما يلي:

1- الصوم الطبيعي حتى الظهر والقطاعة عن الزفرين: تفرض في الاثنين الاول من الصوم الكبير والجمعة العظيمة فقط.

2- القطاعة عن اللحم : تفرض في كل جمع السنة وايام الباعوث الثلاثة واليوم السابق لعيد ميلاد الرب ولعيد انتقال مريم العذراء.

يجوز: اكل اللحم في الجمع الواقعة بين عيد الميلاد والدنح، وبين الباعوث والصوم وبين القيامة والصعود وفي كل جمعة يقع فيها عيد بطالة، وفي تذكار قلب يسوع الاقدس.

ملاحظات:

1- لا الزام بالصوم في ايام الآحاد والاعياد.

2- يجوز استبدال الجمعة بالاربعاء.

3- حيث الطائفة تؤلف اقلية في احدى البلاد خارج العراق لراعي الابرشية ان يتصرف بما يراه مناسبا مع باقي الطوائف.

مشوارنا في الصعود

المدفاة بلا وقود لا تعطي الدفء. كذلك الصوم من دون صلاة. "هذا الجنس من الشياطين لا يطرد الا بالصلاة والصوم" (متى21:17).

فالصوم يجعل الصلاة فاعلة وكلاهما يستسرّان بالايادي البيضاء للصدقة والتضحية والاحسان. فتمسي لنا هذه الفضائل اجنحة روحية للتحليق في فضاء المسيح "الطريق والحق والحياة".

الانسان نفس وجسد وبأذلال الجسد بالصوم التقشفي تطهير للنفس. ومع الصلاة نعبّر لله عن تواضعنا ورجائنا ومحبتنا واذ نسكب دموع الندامة مستسلمين لعنايته الربانية نسأله الغفران ونلتمس منه الشفاء ونفتح قلوبنا للاستنارة بنعمته لاحياء القداسة التي منحت لنا بالعماذ. وبما ان لكل واحد رسالة في الحياة علينا ان نسير أثر يسوع الذي بدأ رسالته المسيانيه بالصوم الاربعيني مناجيا الآب السماوي بثقة كاملة:

"ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (متى 4:4).

يجب ان يكون حبّنا لله الدافع الاول للصوم وكذلك التجرد من حب المال وحرمان نفوسنا عما يطيب لها عادة في مسرى الحياة هبة للقريب. واذا اردنا ان نرى بالسمع وان نسمع بالقلب فصوت الراعي يسمو بنا الى ممارسة العفة وانكار الذات وان نحمل صليبنا ونتبعه محتفظين بصوم التوبة بجماله في الممارسات الطقسية بانتظار مجئ العريس يسوع المسيح.