العراقيون يستمتعون بعودة نغمات الاوركسترا الوطنية من اسيل كامي وسيرينا تشودري - بغداد (رويترز) - تبتسم تهاني عبد الواحد المتخصصة في علم الاحياء فيما تجلس على مقعد أخضر متهالك وتنتظر صعود فرقة الاوركسترا السيمفونية الوطنية العراقية الى المسرح.
ويصفق الجمهور تصفيقا حادا حين يصعد قائد الاوركسترا وسريعا ما يخيم الصمت مع عزف أولى النغمات في حفل أقيم يوم السبت بالمنطقة الخضراء في بغداد وهي منطقة محصنة بأسوار خرسانية لحمايتها من الانتحاريين والهجمات الصاروخية.
بعضهم لم يستمع الى عزف حي للموسيقى الكلاسيكية منذ سنوات.
وقال وحيد (44 عاما) "هذه المرة الاولى التي أحضر فيها حفلا موسيقيا منذ عام 2003. كنت معتادا على حضور مثل الحفلات قبل 2003 . أشعر وكأنني دخلت أجواء مختلفة وعالما مختلفا."
وانخفضت وتيرة العنف في العراق في الاعوام الاخيرة مما أتاح للبلاد التي عانت ويلات الحرب وكانت تعتبر ذات يوم درة الثقافة في الشرق الاوسط أن تشهد اعادة احياء ساحتها الفنية وان كان ببطء.
غير أن التفجيرات وجرائم القتل ما زالت تتكرر بشكل يومي. وأثارت الانتخابات التي جرت في مارس اذار ولم تتمخض عن فائز واضح المخاوف من تجدد القتال.
وكادت فرقة الاوركسترا السيمفونية الوطنية العراقية التي تأسست عام 1948 أن تنهار بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق.. لكنها تمكنت من البقاء.
ارتفع عدد الموسيقيين الذين يعملون بالفرقة الان الى 90 بعد أن كان عددهم 52 عام 2005 . ومن بينهم أول عازفة كمان أمريكية تعمل بالفرقة على أساس العمل بدوام كامل. ويأمل الاوركسترا ضم المزيد مع عودة الموسيقيين الذين كانوا يعيشون في الخارج.
وبمصاحبة عازف البيانو والمؤلف الموسيقي الامريكي الزائر لويلين كينجمان سانشيز فيرنر الذي يبلغ من العمر 13 عاما يأمل الاوركسترا الانطلاق في جولة على مستوى البلاد هذا العام وزيارة أوروبا والولايات المتحدة عام 2011 .
ويوم السبت قوبل عرضه بفندق الرشيد بترحاب حماسي من الجمهور الذي وقف تحية للعازفين وضم نحو 250 عضوا.
عبرت الطالبة تقى سعد التي تبلغ من العمر 16 عاما وتعزف التشيلو عن سعادتها الغامرة بالتغييرات التي حدثت منذ انضمت للاوركسترا عام 2006 .
قالت "بدأت العزف مع الاوركسترا السيمفونية الوطنية في سن صغيرة جدا. كان هذا صعبا جدا انذاك الى حد أنني لم أكن أستطيع نقل آلتي من مكان التدريب الى بيتي والعكس بسبب سوء الاوضاع الامنية."
وأضافت وهي تربت بفخر على التشيلو "الان الامور طبيعية جدا. أستطيع أخذ آلتي الى أي مكان أريده... أعتقد أنني أستطيع تحقيق شيء ومساعدة بلادي على التقدم وايضا دعم الفتيات الاخريات وأن أكون رمزا لهن."
وتعكس شعبية الاوركسترا اتجاها أوسع نطاقا في العراق حيث يزداد اهتمام جيل الشباب بماضيهم وتاريخ بلادهم الثقافي.
وحين عزفت فرقة الاوركسترا قطعة (رابسودي ان بلو) للموسيقي جورج جيرشوين كان بين الجمهور عدد كبير من الاطفال الذين كان الحدث بالنسبة لهم أول تجربة مع الموسيقى الكلاسيكية.
وككثيرين غيره أحضر وحيد ابنته معه فضلا عن اثنتين من صديقاتها.
وقالت "أشعر بالسعادة. هذه مبادرة طيبة من الاوركسترا السيمفونية الوطنية. أشعر وكأننا احدى الدول المتقدمة... عازفو الاوركسترا يؤدون دورا لا يقل أهمية عن دور الجندي. لديهم رسالة يسعون لتوصيلها."
ويقدم الاوركسترا حاليا عرضا واحدا على الاقل في الشهر.
وقال كريم وصفي قائد الاوركسترا "انها رسالة واضحة لمن يعتقدون أن العراق لا يحمل الا الاخبار السيئة. ويجب تشجيع هذا."
وأضاف أنه رغم تحسن الوضع الامني بالعراق منذ عام 2005 فانه لا يزال من الصعب تنظيم حفلات موسيقية. وتابع أن المرور بالالات الموسيقية من نقاط التفتيش التابعة للجيش والشرطة عملية مزعجة.
ويوم السبت كان على الجمهور المرور عبر أربع نقاط تفتيش فضلا عن الخضوع لتفتيش ذاتي كامل لدخول الحفل. غير أن وصفي قال ان تحسن الاوضاع الامنية أكسبهم المزيد من الثقة.
وأضاف "مهما كان الوضع الامني ومهما أثرت زعزعة الاستقرار على جهودنا فان هذا سيساعدنا على الاستمرار الى أن تصبح حياتنا طبيعية."