بعد عقد من غزو العراق: هل
بقي صوت لواشنطن في بغداد؟! بغداد/واشنطن/اور نيوز
يرصد الصحفي الاميركي
الخبير بالشأن العراقي ارنستو لوندونو، من خلال سلسلة من المقالات تنشرها صحيفة
واشنطن بوست، التغييرات التي طرات في العراق سلباً وايجاباً بعد مرور عشر سنوات على
احتلال العراق.
لوندونو الذ سبق ان عمل في
العراق حتى عام 2010، ويمتلك علاقات جيدة في الاوساط السياسية والحكومية
والاعلامية، يرى ان صوت واشنطن في بغداد قد خفت، ويقول: اقامت الولايات المتحدة
نغمة صوتها في علاقاتها الجديدة مع العراق قبل عقد من الزمن على حملة القصف التي
عبر عنها "الصدمة والترويع "، وكانت تتكلم بنبرة الصوت المرتفع خلال السنوات
التالية حيث كانت تعمل على تشكيل مستقبل البلد، واليوم فان صوت اميركا هنا في
العراق انخفض الى الرنين او التذمر.
وبدون وجود قوات على الارض
لمشروع قوة والقليل من المال لكي توزع في الساحة، فقد اصبحت الولايات المتحدة بصورة
متزايدة صاحب مصلحة لاقوة لها في العراق الجديد. وقد فشلت في كبح جماح فيما يبدو من
تعسف الحكومة والذي يحوز القوة المحتملة في اشعال حرب طائفية جديدة. وللولايات
المتحدة ايضا نجاح صغير في اقناع بغداد ضمنيا لوقف الدعم الايراني المميت الى
دمشق،والذي يسرع بصورة مهمة النزاع المجاور.
ويرى ان انتهاء الانخراط
الاميركي في العراق بعد حرب كلفت الاميركيين مايقدر 1.7 ترليون دولار يطرح دروسا
متزنة حيث تستمر الولايات المتحدة في تقليص حربها في افغانستان بنهاية 2014، وهي
عملية تلوح ضمنيا بانها اكثر تعقيدا.
يقول صالح المطلك نائب رئيس
الوزراء والسني الاكثر منزلة في الحكومة الائتلافية في حوار معه :" لا احد يعتقد
بان للولايات المتحدة نفوذ الان في العراق، وقد تستطيع اميركا القيام بالقليل اذا
اردوا القيام به. ولكني اعتقد لان اوباما اختار خطا من انه يهتم بالامور الداخلية
بدلا من المشاكل الخارجية، فان ذلك جعل اميركا ضعيفة – وعلى الاقل في العراق
".
تعمل الولايات المتحدة على
تفكيك الاثر الباقي لبرنامج تدريب الشرطة الذي كان متصورا في وقت ما بانه الاسهام
المعنون في مرحلة ما بعد حرب العراق،وقد وصلت الى مرحلة ان العراقيين حقيقة ليس
لديهم رغبة في الاستثمارات بملايين الدولارات المخطط لها لكي تساند النظام القضائي
العراقي المتعب.
وخطط الابقاء على وجود
دبلوماسي قوي على طول الحدود المتنازع عليها في شمال العراق والتي منعت العرب
والاكراد من التقدم نحو الحرب قد تم التخلي عنه ايضا، والسبب الرئيسي لان المسؤولين
في بغداد لايريدون الاميركيين هناك. والقوة الرئيسية في حصن السفارة الاميركية في
بغداد تتقلص بسرعة. والبعثة وقنصلياتها الثلاثة تتضمن الان 10500 شخص، معظمهم من
المتعاقدين، نزولا من اكثر من 16000 كان عددهم في العراق قبل سنة مضت. وبنهاية هذه
السنة فان الرقم سيهبط الى 5500 شخص. ويعترف المسؤولون الاميركيون في مقابلات معهم
بانهم قد فقدوا النفوذ في العراق ولكنهم يقولون بان الولايات المتحدة تحتفظ بتاثير
معتبر، لسبب رئيسي لان واشنطن تبقى المجهز الدفاعي الرئيسي للعراق. وحينما اندلعت
الازمة السياسية، كما يقولون، يتصل العراقيون عادة بالسفارة اولا. وقال مسؤول
اميركي كبير بشرط عدم الافصاح عن اسمه لكي يستطيع الحديث بصراحة عن الدور الاميركي
في العراق، قال :" حقيقة انهم يلجأوان الينا تشير بانهم ينظرون الينا باننا نملك
نفوذا معينا وبعض الفعالية ".
ويقول اثنان من المسؤولين
الاميركيين الكبار، انه ببعض الطرق، بوجود بعثة صغيرة في بغداد،بدون وجود قوات
اميركية، قد ارست النغمة لعلاقات مزدهرة. وقد ذكروا، انه على سبيل المثال، انه
بمجرد مغادرة القوات الاميركية للعراق في نهاية 2011، فقد توقفت الميليشيات الشيعية
في قصف السفارة الاميركية بالصواريخ. وقال مسؤول اميركي كبير اخر طرف في السياسة مع
العراق :" بقدر صغر وجودنا، فان وجودنا اكثر استراتيجيا ونكون اكثر فعالية بقدر ما
نستطيع، ويسلم المسؤولون الاميركيون بصورة روتينية رسائل خشنة الى الحكومة العراقية
بصورة خاصة ".
ولا احد في العراق يدعو الى
العودة الى الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تتصرف باعتبارها القوة المحتلة، تملي
المعتقد الذي يتضمنه الدستور وتدير السياسة الامنية للعراق. ولكن مسؤولا عراقيا
كبيرا ينوح من ان الولايات المتحدة قد اصبحت ليس اكثر من متفرج على الامور الكبيرة
الجارية، وربما الاكثر ملحوظة الجهود المتجددة من قبل رئيس الوزراء الشيعي نوري
المالكي لتهميش سياسيين سنة كبار. وقد اتهمت حكومة المالكي نائب الرئيس السني
العراقي برابط بالارهاب في كانون الاول 2011 واجبرته على المنفى. وفي كانون الاول
الماضي، وجهت مزاعم مماثلة الى سني بارز اخر هو وزير المالية رافع العيساوي، لكي
يلجأ الى بلدته الانبار. وقد اشعلت القضية موجة من الاحتجاجات في المناطق السنية
والتي فاقمت التوتر الطائفي وافضت الى دعوات لانتفاضة سنية لاسقاط نظام المالكي.
وفي هذا الوقت، فقد فقد تصالحت حكومة المالكي مع قادة ميليشيات شيعية ممن كانوا
مسؤولين عن قتل عدد كبير من الجنود الاميركيين في العراق، وسمحت لهم بالدخول في
السياسة.ويقول كينث بولاك الخبير بشؤون العراق في معهد بروكنغز :" سوف اصف السياسة
بكونها : دعونا نحاول ابقاء جفن على العراق بموارد قليلة بقدر الامكان وبطاقة قليلة
بقدر ما نستطيع، وقد تقلص نفوذنا بصورة هائلة ".
ويقول منتقدين اخرين بان
الولايات المتحدة قد اخطأت في الاستثمار الكبير على المالكي. وفي 2010، اثناء
الانتخابات البرلمانية المتنازع عليها، فقد ظهرت الولايات المتحدة تساند المالكي
بصورة واسعة لكي يكون رئيسا للوزراء امام منافسه وهو المكون الذي يسانده السنة،
والذي فاز بمقعدين اكثر. وطرح المسؤولون الاميركيون وجهات نظر متنازعة حول الدرجة
التي كانت فيها الدعم الاميركي متاحا، ولكن كل مسؤول تمت مقابلته وافق بان المالكي
قد اصبح بصورة متزايدة صعبا في العمل معه او التأثير فيه. وتقول ايما سكاي والتي
عملت في وقت ما مستشارة سياسية للقائد العسكري الاميركي في العراق :" وضعت الولايات
المتحدة عبادة الشخصية قدما امام بناء المؤسسات ودعم الديمقراطية ".
وسعت واشنطن بلا جدوى لكي
تجعل المالكي يدعو لاخراج الرئيس السوري بشار الاسد في صيف 2011. ومنذ ذلك الوقت
احتج المسؤولون الاميركيون حول ما يرونه من تواطؤ بغداد في السماح لطهران بشحن
اسلحة ثقيلة الى دمشق مستخدمة الاجواء العراقية، وكانت احتجاجتهم بتاثير محدود.
وقال مسؤولون في بغداد بانهم ليسوا متصلبين في مساعدة ايران.
ويقول بعض المسؤولين
الاميركيين السابقين بان الولايات المتحدة كانت ستتمتع بنفوذ اكثر لو ان واشنطن
عملت على التفاوض على اتفاقية ثنائية لابقاء بعض من 10 الاف جندي اميركي في العراق.
وقال السفير الاميركي السابق في بغداد رايان كروكر في منتدى اخيرا حول العراق :"
اعتقد بانه كانت اشارة قوية للعراق ولايران وللمنطقة بان الولايات المتحدة منخرطة،
مهتمة، وصاحبة مصلحة وفعالة".
ولم يقدر المسؤولون
الاميركيون علنا حول القضية الجنائية التي استهدفت العيساوي، بالرغم من انهم قلقون
بان تصعيدا في الاجراءات الصارمة للمالكي ضد السنة تتضمن احتمالات اشعال موجة جديدة
من العنف الطائفي. وبعد عودة احد زملاء المالكي من رحلة الى واشنطن مؤخرا واعلانه
ان الولايات المتحدة تستحسن كيفية حكم رئيس الوزراء للبلد، اطلق المسؤولون
الاميركيون دخانا بصورة ساكتة ولكنهم لم يردوا.
وتقول ناجحة كاظم وهي
صحافية عراقية تدير وكالة اخبار مستقلة،باسم وكالة اور الاخبارية، بانها ن مثل
العديد من العراقيين، تنظر الى الدور العسكري الاميركي في العراق بكونه شيطانا
ضروريا. وبدونه، كما تقول، فليست هناك قوة خارجية قادرة على كبح السياسيين
العراقيين من السلوك المدمر. وتقول كاظم "لقد كانوا الصمام الامني للعراق"، وتوضح
قائلة:"لقد كانوا مثبتا لتوازن الحكومة".