قالت وسائل إعلام أميركية إن إدارة الرئيس باراك أوباما قدمت تنازلات جوهرية لروسيا والصين مقابل ضمان موافقتهما على فرض حزمة جديدة من العقوبات الدولية على إيران بسبب برنامجها النووي.
ففي مقال نشر مؤخرا على موقعها الإلكتروني قالت صحيفة "ذي نيويورك تايمز" إن إدارة أوباما قدمت لموسكو تنازلين مهمين وإنهما جاءا بعد ثلاثة أيام من اتفاق أميركي روسي على فرض حزمة عقوبات دولية جديدة على إيران.
وأوضحت الصحيفة أن التنازل الأول تم الأسبوع الماضي عندما رفعت الإدارة الأميركية العقوبات عن وكالة حكومية روسية لتصدير الأسلحة وعن ثلاث جهات روسية أخرى وجد في السابق أنها نقلت تكنولوجيا حساسة أو أسلحة إلى إيران.
وفي التنازل الثاني، تضيف الصحيفة، وافقت الإدارة الأميركية على عدم فرض حظر على صفقة روسية لبيع أنظمة صواريخ مضادة للطائرات إلى إيران.
ويقول مسؤولون أميركيون وروس إنه بينما يحظر قرار الأمم المتحدة بيع العديد من الأسلحة لإيران، فإنه لن يمنع موسكو من إتمام صفقة بيع صواريخ أس-300 المضادة للطائرات لطهران، وهي صفقة اختلقت روسيا ذرائع عدة لتأجيلها تحت ضغط أميركي قوي ولكنها لم تلغها.
وقد يساعد هذا النظام الدفاعي المتطور إيران على صد الطائرات الأميركية والإسرائيلية عند أي محاولة لتدمير منشآتها النووية.
وبحسب كاتبي المقال، بيتر بيكر وديفيد سانغر، فإن تلك التنازلات الأميركية تعد أحدث تحرك ضمن جهود أوباما لتأسيس علاقة شراكة جديدة مع روسيا بعد سنوات من الشكوك المتبادلة.
ففي الشهر الماضي وقعت روسيا وأميركا معاهدة جديدة لنزع الأسلحة النووية، وأحيا أوباما هذا الشهر اتفاقا للتعاون النووي المدني كان قد جمد بعد الحرب الروسية مع جورجيا، كما يرى مراقبون أن قرار أوباما العام الماضي إعادة هيكلة نظام الدرع الصاروخية في أوروبا هو أيضا بمثابة إيماءة إلى موسكو رغم نفيه ذلك.
وينتقد نواب أميركيون وخبراء في الأمن القومي هذه التنازلات، ويقولون إن الإدارة أعطت أكثر بكثير مما حصلت عليه في المقابل، وقام فريق من الحزبين الديمقراطي والجمهوري مؤخرًا بإطلاق حملة قانونية لمنع قرار الإدارة إحياء الاتفاق النووي المدني مع روسيا.
ويقول مسؤولون في إدارة أوباما إن الخطوات الأخيرة هي بوادر ثقة مبررة مع تحسن العلاقات بين البلدين، مؤكدين أن قرار رفع العقوبات عن الشركات الروسية لم يكن نتيجة مباشرة لدعم العقوبات الدولية ضد إيران وإنما هو انعكاس لهذه الثقة المتزايدة التي كسبت روسيا جزءًا منها من خلال تجميدها بيع إيران أنظمة أس-300.
ماذا جنت الصين؟ أما فيما يتعلق بالصين التي كانت تعتبر المعارض الرئيس الثاني لفرض عقوبات دولية جديدة على إيران، فإن مجلة تايم الأميركية ألقت الضوء على بعض التنازلات التي تقول إن إدارة أوباما قدمتها لها في سبيل ضمان دعمها.
وذكر كبير المحررين بالمجلة توني كارون في مقال نشرته تايم في عددها الأخير أنه قياسا على ردود بكين السابقة وتجاوبا مع الاتفاق التركي البرازيلي الإيراني, كان متوقعا أن يطالب الصينيون بإرجاء مناقشة فرض العقوبات إلى ما بعد تقييم آلية بناء الثقة.
وبدلا من ذلك -يقول كارون- أيدت الصين الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن المسؤولية الآن تقع على عاتق إيران لتبديد الهواجس الدولية بشأن برنامجها النووي.
فماذا تغير؟ يتساءل كارون في المقال قبل أن يجيب نقلا عن الباحث والأستاذ الجامعي الأميركي بيتر لي، بأن الصينيين يدّعون في تعليقاتهم بالنشرات الرسمية أنهم انتزعوا "ثمنًا غاليا" نظير دعمهم للولايات المتحدة.
فنجاح بكين في رأي المحللين الصينيين لم يقتصر على تخفيف العقوبات المنتظرة إجازتها من مجلس الأمن بحيث لا تحول دون توسيع الصين علاقتها الاقتصادية مع إيران, بل تعداه ليشمل انتزاع حكومتها تعهدات من واشنطن بإعفاء الشركات الصينية من أي عقوبات أحادية أميركية على شركاء طهران التجاريين ممن ينتمون إلى دول أخرى.
وقد كتب أحد المعلقين في صحيفة غلوبال تايمز الصينية المتنفذة قائلا إن الصين حصلت على موافقة أميركية بأن مصالحها الهامة في قطاعات الطاقة والتجارة والمال الإيرانية، ستكون مصانة في حال فرض أي عقوبات جديدة تتبناها الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون.
وكانت إحدى لجان الكونغرس الأميركي الرئيسية قد أعلنت الثلاثاء أنها سترجئ لمدة شهر المصادقة على حزمة من العقوبات من جانب واحد, مشيرة إلى التقدم الذي طرأ على الموضوع في الأمم المتحدة.