الشفافية الدولية : العراق
دولة هشة بمؤسسات عرجاء كتابات
انتقد منظمة الشفافية
الدولية التي تعنى بمكافحة الفساد في العالم، اليوم الخميس، "عدم حصول أي تقدم" في
توفير الخدمات الأساسية للمواطن العراقي على الرغم من مرور عشر سنوات على الغزو
الأمريكي للبلاد، وأكدت أن هذه هي "الحقيقة المأساوية لدولة هشة بمؤسسات عرجاء لا
تتمكن من توفير أبسط الخدمات الأساس لمواطنيها، فضلاً استشراء الفساد في
مفاصلها".
وقالت المنظمة في تقرير
نشرته على موقعها، واطلعت (المدى برس) عليه، إن "تقرير المفتش العام الأميركي
الخاص ببرنامج إعادة اعمار العراق، ستيوارت باوين، وما شابه من قضايا فساد مالي
وتحايل، اظهر أن ما مقداره 800 مليون دولار كانت تحول بشكل غير قانوني اسبوعياً
خارج العراق".
وجاء في التقرير، أن "آذار
الماضي شهد مرور عشر سنوات على بدء احتلال العراق من قبل قوى التحالف، حيث بدت
آثار دمار ما بعد الحرب والاحتلال واضحة للعيان بعد انسحاب القوات الأجنبية من
العراق".
وكان المفتش الأميركي
الخاص، باوين، قد حقق في عمليات فساد امتدت لعشر سنوات تقريباً اشتملت على أموال
أميركية، حيث نشر ذلك مؤخرا في تقرير سماه (دروس من العراق)، حيث يقتبس التقرير
كلاماً لوزير عراقي سابق، جاء فيه أن "الفساد اليوم أسوء من أي وقت مضى"، عاداً
أنه "يشكل كارثة".
وسلطت المنظمة الضوء على
نموذج جاء في تقرير باوين يذكر "تورط مسؤولين كبار في الجيش الأميركي في عملية
غسيل أموال قذرة أدت في النهاية إلى إقرار ثماني إدانات".
وتشير هذه القضية إلى أنه
بعد عام واحد من بدء الحرب كان المدعو روبرت ستين، يعمل في مكتب سلطة التحاف
المحلي لمدينة الحلة،(مركز محافظة بابل، 100 كم جنوب العاصمة بغداد)، حيث قام بسوء
استغلال منصبه كمراقب حسابات، من خلال تقديم هدايا ورشا تجاوزت الـ8.6 مليون دولار،
واشتملت الرشاوى على سيارات غالية الثمن وبطاقات سفر بدرجة رجال الأعمال،
ومجوهرات، حتى أنهم فتحوا حسابات مصرفية في بنوك سويسرية ورومانية لغسيل الأموال،
إما المساكن والمدارس التي كان من المفترض أن تنشئها الشركة في المدينة فقد "أهملت
بشكل كبير".
ويفصل تقرير المفتش العام،
كيف أن متوسط حياة الفرد العراقي "لم تتحسن" على الرغم من انفاق مسؤولي التحالف 60
مليار دولار على مشاريع إعادة الاعمار في العراق.
وذكرت منظمة الشفافية، أن
"قيمة الأموال التي تسربت من العراق بشكل غير مشروع للمدة من 2005 إلى 2010 تقدر
بحدود 63.6 مليار دولار"، مشيراً إلى أنه بعد "مرور عشر سنوات احتل العراق ذيل
القائمة في تقرير مؤشر الفساد للعام 2012 المنصرم، حيث جاء في التسلسل 169 كواحدة
من أكثر عشر دول غارقة بالفساد المالي والإداري في حين جاءت الصومال في قعر الجدول
بالتسلسل 174".
ولفتت منظمة الشفافية إلى
أن "متوسط ما يتلقاه البيت العراقي من طاقة كهربائية هي سبع ساعات فقط يومياً كما
أن الماء الصالح للشرب يعتبر سلعة نادرة في بلد سدس سكانه يصارع من أجل الحصول على
ماء نظيف صالح للشرب يضخ لأكثر من ساعتين باليوم فقط".
وأورد التقرير أن هذه هي
"الحقيقة المأساوية لدولة هشة بمؤسسات عرجاء لا تتمكن من توفير أبسط الخدمات
الأساس لمواطنيها، فضلاً عن الفساد المستشري بدوائرها وعقود من هدر وسوء إدارة
الأموال العامة عبر سنوات من الحكم الاستبدادي الذي زاد سوءاً بالعقوبات
والحروب".
وأكدت المنظمة الشفافية أن
"العراق انضم في (12 من كانون الأول 2012 المنصرم)، بتعهده إلى مبادرة الشفافية
للصناعات الاستخراجية حيث يعتبر ثالث أكبر مصدر للنفط في العالم"، مضيفاً أن
"إجراءات الشفافية في القطاع النفطي في السنين المقبلة تعتبر من الأمور المهمة من
أجل تسخير هذه الموارد لإعادة بناء دولة مؤسسات فاعلة بخدمات أفضل لمواطنيها الذين
عانوا كثيرا وأوذوا في حياتهم".
يذكر أن وزارة النفط
العراقية، أعلنت أمس الأربعاء، (الثالث من نيسان 2013 الحالي)، عن حصول العراق على
العضوية التامة في مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية، مبينة أنه البلد الوحيد
في الشرق الأوسط ومنظمة أوبك الذي يحصل على هذه العضوية.
وتعد ظاهرة الفساد التحدي
الأكبر إلى جانب الأمن، الذي تواجهه الحكومات العراقية منذ انتهاء الحرب الأميركية
على العراق في 2003، وقد بلغت مستويات الفساد في العراق حداً أدى بمنظمات دولية
متخصصة إلى وضعه من بين البلدان الأكثر فساداً في العالم، إذ حل العراق في العام
2012 المنصرم في المرتبة الثالثة من حيث مستوى الفساد فيه.
وكانت هيئة النزاهة، أعلنت
في (الرابع من شباط 2013)، عن إحالة نحو ستة آلاف متهماً بقضايا فساد إلى المحاكم
المختصة خلال العام 2012 المنصرم، مبينة أن مبالغ التعاملات التي وقعت فيها
ممارسات فساد تجاوزت تريليون دينار.
كما أكدت دراسات أميركية
أجريت مؤخراً، أن العراق حقق نمواً هو الأكبر في المنطقة في وارداته، بسبب ارتفاع
انتاج النفط الذي يعتبر شريان الحياة للاقتصاد المحلي، لكن المحللين التي نقلت عنهم
الدراسات يقولون إن النمو الاقتصادي الكبير هذا لم ترافقه تحسينات على الأوضاع
المعيشية والخدمية بسبب انتشار الفساد.
وكانت هيئة النزاهة، كشفت
في تقريرها السنوي، للعام 2012 وحصلت (المدى برس) على نسخة منه، عن انخفاض قيمة
قضايا الفساد في البلاد من نحو ثلاثة ترليون دينار عراقي خلال العام 2011 الى نحو
133 مليار دينار خلال العام 2012، وأكدت أن مجموع الدعاوى المحالة للقضاء العراقي
بلغت نحو 4278، وفي حين أظهرت أن عدد المتهمين المحالين الى المحاكم بلغ 5980
شخصا، بينت أن عدد المطلوبين للهيئة بلغ 8696 متهماً، منهم 24 وزيراً أو من بدرجته
تم الحكم على 16 منهم.
يذكر أن صحيفة واشنطن بوست
الأميركية، قالت في (السادس من آذار 2013)، إن المفتش العام الأميركي المسؤول عن
برنامج إعادة الإعمار في العراق، ستيوارت باوين، كتب تقريراً "أقر فيه بفشل
البرنامج الذي بدأ قبل عشر سنوات وبلغت تكلفته 60 مليار دولار".
وذكرت الصحيفة في تقريرها
أن جهود إعادة الإعمار التي بدأت بآمال واسعة في آذار من سنة 2003 "انتهت الآن في
مستنقع الفساد وسوء الإدارة"، مشيراً إلى أن أكثر ما يلفت الانتباه في التقرير
"اختفاء شكر" المسؤولين العراقيين بعد أن كانوا "يثنون، ولو بحذر"، على المساعدات
الأميركية خلال وجود القوات الأميركية.
وقال إن المسؤولين
العراقيين "ينتقدون الآن بحدة ما يسمونها الفرص الضائعة"، لافتاً إلى إقرار كبار
المسؤولين الأميركيين بـ"صواب بعض تلك الانتقادات".
ونسبت الصحيفة إلى تقرير
المفتش العام، أن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، أعرب عن "شكره للاستثمار
الأميركي في العراق"، لكنه علق قائلاً إن تلك المليارات "كان من الممكن أن تحدث
تغييرا كبيرا، لو اُحسنت إدارتها".
وشمل التقرير أيضا تعليقا
لوزير المالية السابق المستقيل، رافع العيساوي، قال فيه إن الولايات المتحدة
"فشلت في إقامة مشروعات كبيرة لإعادة الإعمار".
أشار المفتش العام لبرنامج
إعادة إعمار العراق ستيوارت باوين، إلى أن الولايات المتحدة "فشلت في الاستثمار
بما يكفي في برامج بناء القدرات التي كان من الممكن أن تسهم في تطوير مؤسسات الحكم
الجديدة".
واختتمت واشنطن بوست
تقريرها بالقول إن المفتش العام الأميركي، أكد أن العراق يُعتبر حاليا دولة غنية
بالنفط، لكن "بناءها السياسي والمؤسسي أبعد ما يكون عن الاستقرار"، ويتابع أن
العراق "ليس على وشك أن يصبح دولة فاشلة، لكنه دولة ممتلئة بتحديات كبيرة في هذه
اللحظة وتحتاج للمصالحة والإجماع وإشراك طيف واسع من المجموعات التي اُستبعدت خلال
العامين الماضيين في صناعة القرار".
وتعتبر الشفافية الدولية
Transparency International يُرمز لها اختصارً (TI) هي منظمة دولية غير حكومية
معنية بالفساد، هذا يتضمن الفساد السياسي وغيره من أنواع، وتشتهر عالمياً بتقريرها
السنوي (مؤشر الفساد)، وهو قائمة مقارنة للدول من حيث انتشار الفساد حول العالم.
مقر المنظمة الرئيسي يقع في برلين بألمانيا.
والمنظمة مجموعة من 100 فرع
محلي، مع سكارتارية دولية في برلين، تأسست في عام 1993 بألمانيا كمؤسسة غير ربحية،
وهي الآن منظمة عالمية غير حكومية، وتدعو لأن تكون منظمة ذات نظام هيكلي ديمقراطي
متكامل، وتقول المنظمة عن نفسها، إن الشفافية الدولية هي "منظمة مجتمع مدني عالمية
تقود الحرب ضد الفساد، تجمع الناس معاً في تجمع عالمي قوي للعمل على إنهاء الأثر
المدمر للفساد على الرجال، النساء والاطفال حول العالم، مهمة الشفافية الدولية هي
خلق تغيير نحو عالم من دون فساد".
ومنذ العام 1995 بدأت
بإصدار مؤشر فساد سنوي Corruption Perceptions Index CPI، وهي تنشر أيضاً تقرير
فساد عالمي، هو باروميتر الفساد العالمي ودليل دافعوا الرشوة، والمنظمة لا تتولى
التحقيق على قضايا فساد معينة أو لأفراد، بل تطور وسائل مكافحة الفساد وتعمل مع
منظمات المجتمع المدني، الشركات والحكومات لتنفيذها، بهدف أن تكون محايدة وتقوم
بعمل ائتلافات لمحاربة الفساد.