كنا وقد أزفّ المساء : للشّاعر والكاتب جيران خليل جبران ..
كنا وقد أزف المساء *** نمشي الهوينا في الخلاء ثملين من خمر الهوى *** طربين من نغم الهواء متشاكيين همومنا *** وكثيرها محض اشتكاء حتى إذا عدنا على *** صوت المؤذن بالعشاء سرنا بجانب منزل *** متطامن واهي البناء فاستوقفتني وانبرت *** وثبا كما تثب الظباء حتى توارت فيه عني *** فانتظرت على استياء وارتبت في الأمر الذي *** ذهبت إليه في الخفاء فتبعتها متضائلا *** أمشي ويثنيني الحياء فرأيت أما باديا *** في وجهها أثر البكاء ورأيت ولدا سبعة *** صبرا عجافا أشقياء سود الملابس كالدجى *** حمر المحاجر كالدماء وكأن ليلى بينهم *** ملك تكفل بالعزاء وهبت فأجزلت الهبات *** ومن أياديها الرجاء فخجلت مما رابني *** منها وعدت إلى الوراء وبسمت إذ رجعت *** فقلت كذا التلطف في العطاء فتنصلت كذبا ولم *** يسبق لها قول افتراء ولربما كذب الجواد *** فكان أصدق في السخاء فأجبتها أني رأيت *** ولا تكذب عين راء لا تنكري فضلا بدا *** كالصبح نم به الضياء يخفي الكريم مكانه *** فتراه أطيار السماء ثم انثنينا راجعين *** وملء قلبينا صفاء مفكهين من الأحاديث *** العذاب بما نشاء فإذا عصيفير هوى *** من شرفة بيد القضاء عار صغير واجف *** لم يبق منه سوى الذماء ظمآن يطلب ريه *** جوعان يلتمس الغذاء ولشد ما سرت بهذا *** الضيف ليلى حين جاء فرحت بطيب لقائه *** فرح المفارق باللقاء .