نعش رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر على عربة مدفع في طريقه الى كاتدرائية القديس بولس في لندن أمس.
و ص ف، أ ب
2013-04-18
شيّعت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، في جنازة مهيبة ومثيرة للجدل على صورة "المرأة الحديد" التي غيرت وجه بلادها باعتمادها ليبرالية اقتصادية لا هوادة فيها.
وأقيمت الصلاة عن نفسها الساعة 11:00 بالتوقيت المحلي في كاتدرائية القديس بولس في لندن، في حضور 2300 مدعو في مقدمهم الملكة اليزابيت الثانية ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وشخصيات من 170 بلداً بينهم رئيسا دولة و11 رئيساً للوزراء و17 وزيراً للخارجية.
ووصل النعش الملفوف بالعلم البريطاني والمغطى بباقة من الزهور البيض على عربة مدفع، فحمله ثمانية عسكريين يمثلون مختلف اسلحة الجيش الى صحن الكنيسة.
مع ان تاتشر لم تكن تريد خطباً سياسية، تحدث أسقف لندن ريتشارد تشارترز عن المشاعر القوية التي لا تزال رئيسة الوزراء السابقة تثيرها بعد 23 سنة من تركها منصبها. وقال إن "عاصفة الآراء المتناقضة تركز على السيدة تاتشر التي صارت شخصية رمز، وحتى عقيدة... اليوم يرقد جثمان مارغريت هيلدا تاتشر الحقيقية هنا... ثمة مكان مهم لمناقشة السياسات والارث... ولكن اليوم وهنا ليسا لا الوقت ولا المكان المناسبين".
إجلال وجدل
ومنذ الصباح الباكر، بدأ المدعوون الى الجنازة كما المعارضون لها، يستعدون بمواكبة من الشرطة لمراسم دفن "المرأة الحديد" التي تحظى بالاجلال وتثير في الوقت عينه جدلاً.
وفي كلام بدا دفاعياً، صرح رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون: "انه تكريم يليق برئيسة وزراء عظيمة حظيت باحترام حول العالم. واعتقد ان الدول الاخرى حول العالم ستظن ان بريطانيا العظمى تضلّ الطريق، إذا لم نواكب هذا الحدث كما ينبغي". وأضاف في حديث الى تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" التي ارتدى غالبية مذيعيها ملابس داكنة: "كلنا نعيش في ظل مارغريت تاتشر".
وفي الوقت ذاته، وقفت الطبيبة كايتي ماكدونالد (30 سنة) بين الحشود مرتدية ملابس الحداد على "ضحايا الثورة الليبرالية التاتشرية". وبدت مصممة على اتباع توصية انتشرت عبر موقع "فايسبوك" تدعو الى "ادارة الظهر" عند مرور النعش.
وقالت: "بصفتي دافعة ضرائب، انا غاضبة جداً لأنني سأضطر الى المساهمة في تمويل هذا" الحدث.
ونشرت اسكوتلنديارد 4000 شرطي لحفظ الأمن واعلنت انها ستجيز الاحتجاجات "شرط ممارستها بطريقة لائقة".
كذلك نشر أكثر من 700 جندي على طول طريق الموكب البالغة 1,9 كيلومتراً بين قصر وستمنستر وكاتدرائية القديس بولس.
ووصلت طلائع المدعوين قبيل الساعة 08:00 بتوقيت غرينيتش الى الصرح المبني على طراز كلاسيكي وباروكي، للمشاركة في مراسم التشييع التي أتت أقل بقليل من التشييع الوطني الذي أقيم لرئيس الوزراء الراحل ونستون تشرتشل الذي بكته الامة عام 1965.
وحضرت الملكة استثنائياً ومعها زوجها دوق ادنبره الى جانب الحكومة وجميع رؤساء الوزراء السابقين.
ولم ترسل روسيا والارجنتين اي ممثل. واستغرب معلقون اعلاميون بريطانيون غياب جميع الرؤساء الاميركيين السابقين على رغم "العلاقة المميزة" الاميركية - البريطانية العزيزة على قلب "السيدة ت". واعتذر آخر الزعماء السوفيات ميخائيل غورباتشيوف وموحد المانيا المستشار السابق هلموت كول عن الحضور لاسباب صحية.
وكانت تاتشر حاضرة في أدق تفاصيل المراسم، من التراتيل الميتودية التي ترعرعت عليها الى مقتطفات للمؤلفين الموسيقيين الانكليز التي شكلت شهادة على وطنيتها حتى في ذوقها الموسيقي.
وتوافد تحت قبة الكاتدرائية مشاهير الثمانينات، وبينهم انيا هيندمارتش مصممة حقائب اليد التي اشتهرت بها "السيدة الحديد".
وانطلق موكب بارونة كيستيفين المولودة مارغريت هيلدا روبرتس الساعة 09,00 بتوقيت غرينيتش في سيارة لنقل الموتى ثم وضع نعشها على عربة مدفع تجرها ثمانية أحصنة سوداء.
وسار الموكب في شوارع العاصمة على وقع موسيقى جنائزية لشوبان وبيتهوفن ومندلسون بمواكبة جنود يسيرون بوتيرة 70 خطوة في الدقيقة.
وأسكتت اجراس ساعة بيغ بن احتراما، ودوّت 19 طلقة مدفع في سانت بول مع اقتراب الموكب.
وفي يوركشاير بشمال بريطانيا، نظم عمال المناجم المضربون احتفالات عدة.
وفي بلفاست، ملأت كتابات الغرافيتي الحاقدة على تاتشر الجدران، ومنها: "ليأكلك الصدأ في الجحيم".
وينتقد المعارضون حجم المراسم وكلفتها على دافعي الضرائب الخاضعين لسياسات تقشف، وحتى عنوانها "عملية الازرق الحقيقي" اعتبر حزبياً، رمزاً للتيار المحافظ المتشدد الذي جسدته تاتشر.