|
| أسامة أنور عكاشة ...... حكاء مصر الدرامي | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
كريمة عم مرقس عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 24429 مزاجي : تاريخ التسجيل : 31/01/2010 الابراج :
| موضوع: أسامة أنور عكاشة ...... حكاء مصر الدرامي الأربعاء 2 يونيو 2010 - 11:45 | |
| بسم الاب والابن والروح القدس الاله الواحد امين نقل الدراما التلفزيونية إلى آفاق رحبة ورصد المسكوت عنه القاهرة: محمد فتحي يونس [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]جاء صوته واهنا من بين الأسلاك وثقوب الحقن.. كان ينعي من أسماه «قوال مصر» محمود السعدني، والوصف من منحوتاته الخاصة.. أصر على الشهادة وتقديم رثائه للرجل الذي أحبه، ولم يدر أنه في الحقيقة يرثي نفسه ويستعد للحاق به بعد أيام قليلة. ويرحل عن عالمنا قوال آخر، تحولت الدراما التلفزيونية على يديه إلى دفتر أحوال للوطن تنبض صفحاته بالحياة ويتماهى مشاهدوها مع شخصياتها وحكاويها التي تطل من جعبة التاريخ والزمن. في دنيا الإبداع بدأ أسامة أنور عكاشة رحلته بقارب صغير، مستندا على شراع القصة القصيرة ثم الرواية، فكتب عددا من المجموعات القصصية من بينها «خارج الدنيا»، وصدرت عام 1967، و«مقاطع من أغنية قديمة»، وصدرت عام 1985، أما الروايات فمنها «أحلام في برج بابل»، عام 1973، و«منخفض الهند الموسمي»، و«همس البحر» و«تباريح خريفية» و«وهج الصيف». كما كتب للمسرح «القانون وسيادته»، و«البحر بيضحك ليه»، ومؤخرا «الناس اللي في التالت»، وفي السينما قدم تجربتين مهمتين هما: «دماء على الإسفلت» و«الهجامة». من بين مجالات الحكي وشواطئه توهجت قصة حبه مع الدراما التلفزيونية، فعبرها تغلب على نخبوية القص وتغلغل إلى البسطاء وعظم تأثيره، وشاركه في حيرته الإبداعية وتفاعل مع رؤاه الملايين، كما برع في استخدام وسائطها الإضافية التي تخطت حدود الورق والأقلام لتكتسب من الموسيقى التصويرية ورؤية الإخراج وأداء الممثل أبعادا إضافية تزيد الإبداع ثراء. عبر الدراما التلفزيونية طرح عكاشة أسئلته الكبرى ورصد من خلالها تاريخ مصر الاجتماعي والسياسي عبر أنسنة شخصياته واستبطان نوازع الخير والشر في طبقات وعيها المهمش، كما رصد أزمات الأجيال بشكل يوازي ما فعله نجيب محفوظ في الرواية. ساعده على ثراء شخصياته، إضافة إلى موهبته، رحلة طويلة لم تنته إلا بوفاته قطعها في التفاعل مع نماذج عجيبة ومتنوعة من البشر، بدأها مع فلاحي كفر الشيخ بدلتا مصر حيث عاش، ثم الإسكندرية التي عشقها ونهل من روحها الكوزموبوليتانية، ثم دارسا بجامعة عين شمس لعلم النفس والاجتماع، وأخصائيا اجتماعيا في مؤسسة لرعاية الأحداث وفي مدرسة بأسيوط، وموظفا يحفظ أروقة البيروقراطية المصرية عن ظهر قلب ما بين جامعة الأزهر إلى ديوان محافظة كفر الشيخ. ومن صعلوك يجوب حواري القاهرة ومقاهيها إلى متأمل أعظم يشاكس أفكاره ويراجعها بدأب وشجاعة. كتب عكاشة ما يقرب من 43 عملا تلفزيونيا وهو رقم يعبر عن غزارة غير مسبوقة، وخصوصا مع الوضع في الاعتبار أن بعض أعماله تحولت إلى أجزاء يتجاوز الجزء الواحد 30 حلقة. قال عن نفسه إن من بين أعماله 20 عملا قادرة على محاربة الزمن والبقاء طويلا. وهو الحكم الذي اعتبره طارق الشناوي مثلا ظالما لموهبته، لافتا إلى أن العدد يقترب من 30 عملا، أي نسبة 70 في المائة من أعماله، وهي نسبة كبيرة للغاية. في ملحمة «ليالي الحلمية» قدم عكاشة رصدا مذهلا لتاريخ مصر الاجتماعي منذ فترة ما بين الحربين إلى مطلع التسعينات. كان له السبق في القفز على ثنائية الخير والشر في الدراما التلفزيونية المصرية، وتسليط الضوء على أجيال حائرة شاركت في النضال ضد المستعمر وحاربت الوضع القائم قبيل 1952 ثم وجدت نفسها خارج الساحة في الوضع الجديد. وهي الحيرة نفسها التي رصدها نجيب محفوظ مثلا في «السمان والخريف» مع شخصية عيسى الدباغ. في «ليالي الحلمية» قدم عكاشة الرأسمالية الوطنية في شخصية «سليم البدري» المليء بالمشاعر الوطنية، المستغل في الوقت ذاته، وباشا الأرياف المتمرد على الأتراك والإنجليز، «سليمان غانم» بل المتعاطف مع حكم العسكر. عاد بجذور أمراض المجتمع الحديثة إلى عصور غابرة. فـ«السبعاوية» و«الخُمس» و«بِسّة»، شخصيات تعيش على الهامش، تقتات من بيع «السبارس» (أعقاب السجائر)، تتعاون مع الإنجليز في فترة الحرب العالمية الثانية فتكون ثرواتها (أغنياء حرب) وفي فترة السلام والانفتاح تمارس خيانتها المجتمعية بالتورط في شركات توظيف الأموال. في «ليالي الحلمية» رصد عكاشة جذور التطرف، والاستغلال. وتتبع مصير باشوات ما كانت تسميه الثورة العهد البائد، كما سجل بعذوبة حياة الثوار وكيف يخبو لهيب ثورتهم ويبحثون عن ثمن ما قدموه مسبقا من نضال، فانتهى (محمد وفيق) وهو الثائر متزوجا من راقصة (لوسي)، وارتاح كمال خلة (شوقي شامخ) إلى نفوذه الناصري، وكيف تحول اليساري المتطرف مناضل الجامعة (علي البدري) إلى رأسمالي قاس. إلى جانب الرصد الاجتماعي لما أغفله المؤرخون والساسة كانت «ليالي الحلمية» بوتقة لشخصيات الحارة المصرية الشعبية، مع أخلاق أولاد البلد المختلفة تمام الاختلاف عن أخلاق العشوائيات. كما كانت مسرحا لرؤى أعلنها عكاشة بشجاعة ثم تراجع عنها في شجاعة. فالرجل المتعاطف مع القومية العربية والثورة المصرية ما لبث أن انتقد ممارسات نظام يوليو (تموز)، بل أعاد النظر في قوميته بشكلها القديم معتبرا إياها نوعا من العنصرية، طارحا سؤال البحث عن الهوية في عملين آخرين هما «أرابيسك» ثم آخر أعماله «المصراوية». في «الشهد والدموع» جمع شجن الحكي وعذوبته مع ثراء الشخصيات وتعقدها.. يقتنع المشاهد بحقد المهندس أحمد «خالد زكي» على عمه وأسرته لاستحواذه على ميراث أبيه، ثم لا يخفي حنقه وتعاطفه مع نسرين ابنة عمه وهو يتركها صباح الزفاف ليوقع عمه في الفضيحة رغم حبه لها. يتفاعل المشاهد مع صرامة عفاف شعيب (زينب) الأرملة المعتزة بنفسها وأولادها، من تفضل الفقر والكرامة على الرضا بالفتات، تسهر منحنية الظهر أمام ماكينة خياطة فتربي مهندسين وأطباء بأقل القليل، مع انغماسها في شحن أطفالها عن ضرورة الثأر والتفوق واسترجاع حقوق الأب الضائع. كانت زينب في «الشهد والدموع»، وفاتن حمامة في «ضمير أبلة حكمت»، وسميرة أحمد ومحمود مرسي في «رحلة أبو العلا البشري» ملمحا دائما لحرص عكاشة على التركيز والسمو وإعلاء قيمة الرسالة دون الوقوع في النمطية أو القولبة. في «الراية البيضا» رصد صراع القيم والأخلاق مع فوضوية أبطال الانفتاح الاقتصادي وهمجيتهم، تحاول «فضة» وعائلتها استخدام أموالها ونفوذها للاستيلاء على فيلا الدكتور «مفيد أبو الغار» الأثرية لإقامة برج سكني مكانها، فالتاريخ في زمن الانفتاح لا قيمة له، والجمال الذي لا يترجم إلى أموال يذهب للجحيم، وفي «زيزينيا» مارس عكاشة رصده الاجتماعي التاريخي للإسكندرية الكوزموبوليتانية الثرية بالثقافات المتنوعة من بقايا الجاليات الأجنبية إلى اليهود والأرمن والسكندريين في الأحياء الشعبية. غزل معزوفة تتجاور فيها الصوفية إلى جانب حياة القصور وبذخ الجاليات مع تأجج المشاعر الوطنية ضد المحتل. إضافة إلى تأريخه الدءوب مارس عكاشة التجريب الدرامي. غير عابئ بمصير تجريبه، فكتب مثلا «لما التعلب فات» وأداها يحيى الفخراني ومحمود مرسي، ولم تخلد طويلا في الذاكرة، لكنه آمن أن التجريب إكسير الخلود. مع عكاشة تجولت الكاميرا في «السيالة» حيث الإسكندرانية «الجدعان»، ودخلت قصور جاردن سيتي مع باشوات الاحتلال، وجلست في مقاهي الحلمية. كما شخصت أمراضا وبكت على راحلين وقيم غابت. ولم تجد كاميرا عكاشة حرجا في الندم على بكاء البعض أو تقديم الاعتذار عن مواقف سابقة، وبوعي الماضي والحاضر ومقدرتهما على استشراف المستقبل بحثت عن المصداقية وصادقتها فجلست في النهاية تتبوأ مقعدها في الخلود. الشرق الاوسط | |
| | | | أسامة أنور عكاشة ...... حكاء مصر الدرامي | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |