قصة حياة وسيرة إسطفانا الساقط : في مرارة يسجل لنا القديس جيروم سيرة هذا الراهب العملاق الذي انهار بسبب الكبرياء ، وانحل عن حياته الروحية ليعيش في الفساد والدنس ، وقد صار عبرة لكل نفس متشامخة . ـ قال القديس جيروم : " كان في الإسقيط رجل يدعى إسطفانا Stephana ، سكن في البرية تسعة وعشرين عامًا ، كان ثوبه من سعف النخيل، يسلك حياة صارمة مدققة في إنكار الذات ، ويمارس النسك حتى أنه لم يمل لأكل الوجبات العادية ذات المذاق الحسن ، وكان ينتقد بشدة الذين يأكلون بسبب المرض طعامًا مطبوخًا أو يشربون حلوًا . لقد وُهب عطية الشفاء ، فكان يخرج الشياطين بكلمة . حدث مرة أن إنسانًا به روح نجس جاء إلى الإسقيط ليُشفى ، وإذ رأى الراهب أن الرجل يتعذب بشدة من الشيطان صلى فشفي . أخيرًا رفضته نعمة الله بسبب تشامخه وتعاليه المتزايد جدًا ، فقد ظن في نفسه أن حياته وأعماله أعظم مما للآباء الآخرين ، ففي البداية عزل نفسه عن الإخوة ، ثم ذهب إلى أحد الأديرة بالإسكندرية كرئيس للمتوحدين . في كبريائه قال : " أأخضع أنا لمقاريوس ؟ أليست حياتي وأعمالي أفضل من حياته وأعماله ؟ ". وقد بلغ به الجنون ( العظمة ) أنه ذهب إلى الإسكندرية وسلم نفسه للنهم والسكر، وكان يأكل اللحوم بنهم أكثر من العاديين ، وأخيرًا سقط في حفرة اشتهاء النساء . صار يذهب إلى بيوت الزانيات وإلى الأماكن البطالة ، يرتبط بالزناة ويمارس شهواته بطريقة مخجلة ، وكان يقول : " لست أفعل هذا بسبب الأهواء والزنا ، إنني لا أفعل أمرًا مشينًا ، فإن الالتصاق بالنساء ليس خطية إذ خلق الله الرجل والمرأة " . حدث في الأيام أنني نزلت مع الطوباوي أوغريس إلى الإسكندرية لقضاء عمل هناك ، وكان معنا أربعة إخوة . وإذ كنا عابرين في سوق المدينة التقينا براهب في غير قصد ، وكان يتحدث مع زانية في أمور شهوانية . وإذ رآه الطوباوي أوغريس بكى وسقط عند قدميه وصار يتوسل إليه ، أما الرجل فلم يهز له رأسه بأقل انحناءة ، بل في تشامخ معيب وتعالٍ أجابه ، قائلاً : " ماذا تطلبون أيها المراؤون والمخادعون هنا ؟ " صار الطوباوي أوغريس يتوسل إليه أن يذهب معنا إلى حيث نقيم لكنه لم يقبل بأية وسيلة ، وبصعوبة شديدة جاء معنا . وإذ دخلنا وصلينا وقع الطوباوي أوغريس على عنقه وقبّله ، والدموع تنهمر منه ، وهو يقول : " حقًا يا حبيبي لقد هبطت من الخدمة الإلهية التي للملائكة إلى أعماق الشر ! لقد تحولت عن الحديث عن الله لتتحدث مع الزانيات ! عوض الحياة وخدمة الملائكة اخترت حياة الشياطين ! أسألك ، وأتوسل إليك ألا تقطع الرجاء في خلاصك ؛ قم وتعال معنا إلى البرية ، فإن الله الرحيم قادر أن يردك إلى درجتك الأولى " . كان فهمه قد أصيب بالعمى بواسطة الشيطان فلم يعرف كيف ينصت لما قيل له ، ولا ما يجيب به . وإنما قال لأوغريس : " كنت حتى الآن تائهًا ، لكني عرفت طريق الحق " . ثم بدأ يسخر بالآباء ، قائلاً : " إنكم تائهون، تقطنون البرية بسمة باطلة ، من أجل الناس لا الله ، وها أنتم أمام الذين يشاهدونكم كأصنام زيّنها البشر ليتعبدوا لها " . وهكذا في كبرياء إبليس وعجرفته صار يستهزئ بالآباء ، ثم تركهم ومضى . وقد بكى الطوباوي أوغريس والإخوة وتنهدوا من أجله كثيرًا . هذا الرجل أخذ عذراء يتيمة تعيش بمفردها كراهبة بخطة دنيئة ، تحت ستار أنه يتصدق عليها فيما تحتاج إليه ، وكان في حقيقة الأمر يود أن يشبع شهوته . وإذ عاش معها بطريقة منحطة لمدة عامين ، ـ أخيرًا جاء بعض اللصوص ليلاً ، وربطوه بحبال حتى قدم لهم كل ما في مسكنه ، ثم رفعوه مع المرأة التي يصنع معها الشر إلى منزل يوجد به قش ورُبط الاثنان وأشعلوا في البيت نار فماتا أشر ميتة . فيهما . وقد تحقق ما قاله معلم الأمم : " وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق " ( رو 1: 28) . بمعنى آخر أن حرق النار هنا هو عربون للنار التي يتعذب بها الأشرار . الآن فإن ما حدث لإسطفانا إنما لأنه عزل نفسه عن الإخوة ، وانتفخ في ذهنه ، وظن في نفسه أنه كامل " . المصـدر / مُنتـدى العريس المًنتظــــر.
عدل سابقا من قبل نادر البغدادي في السبت 4 مايو 2013 - 20:53 عدل 1 مرات (السبب : نسينا إدراج آســـم المصـدر ! آســــــفين .)