في ذلك الزمان، و قبلَ أن ينتقلَ يسوعُ من هذا العالَمِ إلى أبيه، قالَ لتلاميذِه: «لا يَزالُ عِنْدي أَشْياءُ كثيرةٌ أَقولُها لَكم ولكِنَّكُم لا تُطيقونَ الآنَ حَملَها». فَمتى جاءَ هوَ، أَي رُوحُ الحَقّ، أَرشَدكم إِلى الحَقِّ كُلِّه لِأَنَّه لا يَتَكَلَّمَ مِن عِندِه بل يَتَكلَّمُ بِما يَسمَع ويُخبِرُكم بِما سيَحدُث سيُمَجِّدُني لأَنَّه يَأخُذُ مِمَّا لي و يُطلِعُكُم عَلَيه جَميعُ ما هو لِلآب فهُو لي ولِذلكَ قُلتُ لَكم إِنَّه يأخُذُ مِمَّا لي ويُطلِعُكُم عَلَيه».
الطوباوي يوحنا هنري نِيومَن (1801 - 1890)، كاهن ومؤسّس جماعة دينيّة ولاهوتي
"رُوحُ الحَقّ يَأخُذُ مِمَّا لي ويُخبِرُكم بِه"
البارقليط، المعزّي الجديد، بكونه واحدًا مع الإبن، وبكونه الروح الذي ينبثق من الإبن، كيف يمكنه، من خلال إظهار نفسه للعالم، أن يقوم بشيءٍ آخر غير إظهار الإبن للعالم؟ كيف له ألاّ يلقي نورًا جديدًا على الذي، من خلال موته على الصليب، قد أتاح للروح القدس الدخول إلى قلب الإنسان؟ كذلك، ورغم قول الربّ يسوع "إِنَّه خَيرٌ لَكم أَن أَذهَب. فَإِن لم أَذهَبْ، لا يَأتِكُمُ المُؤيِّد" (يو16: 7)، فعلينا ألاّ نُحيد البتّة نظرنا عن الإبن بحضور المعزّي. ألم يقل المسيح نفسه للرّسل: "سيُمَجِّدُني لأَنَّه يَأخُذُ مِمَّا لي ويُخبِرُكم بِه"؟
كيف يمجّد الروح إبن الله؟ إنّه يكشف أنّ الذي أعطى ذاته كابن الإنسان هو إبن الله الوحيد. إنّ مخلّصنا قد أوضح لنا جيّدًا كلّ ما ينقصنا، لكنّ رسله لم يفهموه. حتّى حين اعترفوا بإيمانهم باقتناع تحت تأثير النعمة السرّي، لم يفهموا حينها كلّ ما كانوا يؤكّدونه... هل كان المخلّص يريد أن يحجب سرّه؟ ألم يبدو أنّه أراد أن نكتشف هذا السرّ ليس في اللحظة ذاتها بل بعد حين؟ كأنّ كلامه عليه أن ينتظر طويلاً أيضًا كي يحظى بتفسيره الإلهي.
جيّدٌ ما حفِظه الإبن إلى وقت مجيء الروح المزمع أن يُرسله. إنّ الروح هو الذي سيضع في ملء النور شخص الربّ يسوع وكلامه... لقد انتظر الرسل إلى ما بعد قيامة المسيح، وحتّى إلى ما بعد صعوده، وحلول الروح القدس عليهم، حتّى يفهموا أخيرًا من هو الذي كان معهم. لقد كتب القدّيس يوحنّا: "فلمَّا قامَ مِن بَينِ الأَموات، تذكَّرَ تَلاميذُه أَنَّه قالَ ذلك، فآمنوا بِالكِتابِ وبِالكَلِمَةِ الَّتي قالَها يسوع" (يو2: 22)
الإنجيل اليوميّ بحسب الطقس اللاتينيّ / الأربعاء 08 أيّار/مايو 2013