المدى بريس/أربيل/ يوسف المحمداوي تركنا
سحر وعسل قضاء راوندوز وتوجهنا الى سحر وعسل لا يقل حلاوة عن جاره ألا وهو
سحر قضاء سوران ،هذا القضاء الذي احتضن العوائل التي هاجرت من كردستان
ابان حكم الديكتاتور ومن الممكن ان نطلق عليه قضاء المهاجرين،القضاء شهد
تطورا عمرانيا كبيرا وتم فتح جامعة سوران فيه لتكون قبلة طلبة الاقضية
المجاورة كراوندوز وقضاء ميركسور وقراه الأخرى،ويعد قضاء سوران احد المدن
القريبة من الحدود الإيرانية التركية الواقعة بالقرب من المثلث الحدودي
الرابط بين إيران وتركيا والعراق،وجواره من هاتين الدولتين جعلت قراه
الواقعة بالمثلث الحدودي التركي الإيراني العراقي تتعرض دائما الى القصف
المستمر من الجانبين التركي والإيراني،خاصة القرى التابعة لناحية
سيدكان،مما يؤدي أحيانا الى إتلاف عدد كبير من البساتين وإحراقها في عدد
كبير من القرى التابعة لذلك القضاء.
غابة من الحسن
وأنت تدخل هناك الى سوران الحسن والفتنة ستردد حتما مع الشاعر الكبير الجواهري حين قال :
قلبي لكردستان يهدى والفم...ولقد يجود بأصغريه المعدم
ولرب آهات حيارى شرد...راحت على فم شاعر تتنظم
ذوبت آلامي فكانت قطرة...في كأس من بنوا الحياة ورمموا
سلم على الجبل الأشم وأهله...ولأنت تعرف عن بنيه من هم
نعم ما تشاهده من عمران يجعلك تردد ذلك وفاءً لمن بنوا ورمموا.
قضاء
سوران يبعد 135كم شمال شرق محافظة أربيل وهو قبالة قضاء راوندوز وتراه
وكأنه غابة من الحسن وسط الجبال فجبل زوزك يحتضنه من الشمال ،ومن الجنوب
كورك،وهندرين من الشرق،وبرادوست من الغرب،واصل تسمية سوران هي (ديانا)
والآن ديانا ناحية تابعة للقضاء ضمن أربع نواحي وهي سيدكان وخليفان وسرشمه
وديانا وتتبعها حوالي (350)قرية.
منتجعات سياحية
مركز سوران هو ناحية
ديانا وهي كلمة من أصل آرامي وتعني الحاكم ،وسبب هذه التسمية إن
الآشوريين أيام إمبراطوريتهم شيدوا فيها محكمة كبرى كان يترأسها حاكم عادل
وقوي ،وتقع ديانا في الجهة الشرقية من شلالات كلي علي بك،في الطريق الى
ديانا القديمة أو الجديدة تبهرك العيون وكذلك الشلالات،لكون القضاء يتمتع
بكثرة مصادر المياه الجوفية ومياه الينابيع والعيون،وهذا ما جعل القضاء ان
يكون حاضنا لأكثر من شلال ونهر،لذا سارعت حكومة الإقليم لإقامة السدود على
تلك الأنهار والروافد للاستفادة منها في البزل وإرواء المناطق الزراعية في
فصل الصيف إضافة الى توليد الطاقة الكهربائية وتحويلها الى منتجعات
سياحية،وقضاء سوران القريب من حاج عمران هو المنفذ باتجاه إيران وخاصة في
مسألة استيراد البضائع على اختلاف أنواعها،لذا تجد اغلب أهالي القضاء
يعملون بالتجارة.
175 عائلة مسيحية
ترى ديانا وأنت تسير باتجاهها
بيوتا تتسلق الجبل بشكل تصاعدي ،ديانا تعرضت لنكبات عديدة فقد أصابها القصف
الإيراني أثناء وجود الجيش العراقي فيها،اما ديانا القديمة التي تسكنها
أغلبية مسيحية ،توجهنا الى أحفاد آشور في ديانا القديمة وهي اختصار
لكلمة(ديانان) وتعني بالكردية موضع المسيحيين وكذلك سمي السهل الذي تقع فيه
البلدة (دشتا ديان)وتعني سهل المسيحيين،دخلنا الكنيسة التي كتب عليها
كنيسة المشرق الآشورية ،والتقينا بعدد كبير من المصلين الذين أرشدونا الى
القس ليحدثنا عن معاناة المسيحيين في الماضي وظروفهم الحالية،يبين القس
تيرون يونان بان المسيح البالغ عددهم في ديانا القديمة 175عائلة ويمارسون
الصلاة يوميا في كنيسة ماري كوركيس التي بنيت عام 1926 اما الكنيسة
الجديدة بنيت عام 1982،وأضاف يونان إن هناك قرية كاملة في ناحية برزان
اسمها بيديال هجرها معظم المسيحيين وجاءوا الى ديانا القديمة.
هجرات متتالية
يقول
القس انه في عام 1964 تعرضنا الى الهجرة حيث كان يبلغ عدد العوائل في
عشرينات القرن الماضي الى(390)عائلة لكنه تقلص بسبب الهجرات المتكررة كما
يقول القس،الذي قال انه في عامي (1973)و(1974) دمرت القرية من قبل الجيش
العراقي بالكامل وهاجر بعضهم الى إيران وبغداد وأربيل،واغلبهم عادوا وبنوا
بيوتهم من جديد مشيرا الى وجود حوالي (50)بيتا من الطين لم تمتد لهم يد
العون من قبل حكومة الإقليم كما يقول القس،وأنت تدور عينك وسط ذلك الجمال
المقدس لكنيسة حديتها تزفر العطر ليتعاشق مع أناشيد الدعاء المقدس لقوم
كانوا هم أبناء البلد الأصليين ولهم إمبراطورية عريضة شملت أجزاء واسعة من
تركيا وإيران وسوريا،واليوم يشعرون كأنهم أغراب في بلدهم.
قصف وهزات أرضية
الداخل
الى ناحية ديانا وهي مركز قضاء سوران سيلحظ حتما حجم العمران الحاصل في
هذه الناحية فشوارعها العريضة لها قابلية احتواء عشر سيارات في آن
واحد،مولات حديثة مطاعم تفوح منها رائحة الكباب الكردستاني اللذيذ،محال بيع
الملابس وهي تتلون بألوان أقمشتها،كل شيء هناك يقول لك (تعال الجيتك ..آنه
اشتاك....والشوفتك اتمنه)،مع ذلك هذا القضاء الجميل تعرض في شهر شباط من
هذا العام الى هزة أرضية بقوة 4/ 4درجات على مقياس ريختر وبالتحديد في
المناطق المحاذية لإيران،وذكر مرصد الهزات الأرضية إن سكان المنطقة شعروا
بالهزة التي وقعت على عمق(10)كم تحت منطقة(برده قال) السهلية الحدودية،فضلا
عن تعرضه المستمر لقصف إيراني تركي مما يسبب لحرائق وخسائر في بساتين
القرى الحدودية.
غياب التخطيط والبرمجة
ذكر مسؤول الآثار في قضاء
سوران :إن منطقة سوران تضم نحو 400 موقع اثري تاريخي ، إلا ان أيا منه لم
يتم ترميمه على نحو متكامل،كما لم تتم المحافظة عليه كما ينبغي . وقال عبد
الوهاب سليمان مسؤول آثار القضاء : إن عدم توفر إحصاء دقيق عن المواقع
الأثرية في المنطقة بسبب غياب الإحصاء الشامل للمواقع التاريخية القديمة،
نظرا لعدم توفر الإمكانات المادية وموازنة مالية خاصة لتمويل أعمالنا في
هذا المجال " . وأضاف " انه تم وضع الأسلاك الشائكة بطول 1800 متر لحماية
قلعة (ايج قلا) الأثرية الواقعة على الطريق الرئيسي المؤدي الى بلدة
راوندوز ، كما تم استحصال الموافقة على ترميم موقع (قونكري شمام) الا انه
لم يباشر بالعمل حتى الآن ، وهناك العديد من المواقع الأثرية التي بحاجة
الى الترميم " . وأوضح مدير الآثار " أن هناك مشكلة أخرى تتمثل في غياب
التخطيط والبرمجة في مجال البحوث والدراسات العلمية حول المواقع الأثرية
والتنقيب عن حقائق وتواريخ نشوئها ، لأن معظمها مبهمة التواريخ " . وحول
البرامج والتخطيط المستقبلي قال سليمان: " ينبغي لحكومة الإقليم وضع برنامج
مدروس ومحكم من اجل حفظ وإظهار البحوث المتعلقة بالآثار وان تخصص ميزانية
مالية خاصة لإحصاء تلك المواقع الأثرية " ، مشيرا الى ان تلك المواقع
الأثرية لا تحظى بأي اعتبار أو قيمة ، ولم يرد ذكرها في أي فقرة من فقرات
ومواد الدستور الخاص بإقليم كردستان .
مركز لإحصاء المواقع الأثرية
ومن
جانبه قال صديق سعيد رئيس المركز الثقافي في راوندوز في تصريحات إعلامية"
إن المواقع الأثرية في كل دول العالم تعتبر دلالة ومؤشرا على عراقة وتحضر
المجتمعات التي توجد فيها ودلالة على المكانة التاريخية المرموقة للشعوب
والأقوام في سفر التاريخ البشري " . ومضى يقول :" عليه فان السعي لحماية
وتجديد المواقع الأثرية من واجب الجهات المعنية ، ولكن هذا القطاع لا يحظى
بالاهتمام المطلوب في إقليم كردستان مع الأسف ، كما وان القطاع الثقافي
والآثار القديمة تتجه نحو الانقراض والزوال " . ومن جانبه قال كرمانج عزة
قائممقام بلدة سوران :" إن عملية تجديد وتحديث تلك المواقع الأثرية بحاجة
لكوادر وفنيين ومتخصصين أجانب ، لذا أقمنا مركزا ليكون منطلقا لإحصاء
المواقع الأثرية وتأمين الحماية لها " . يذكر إن منطقة سوران تضم الكثير من
المواقع الأثرية كإرث تاريخي من أمراء إمارة سوران في عصر الإمبراطورية
العثمانية واستمرار سلطاتها لفترات طويلة من الزمن ، مثل القلعة والجسور
والسواقي والكهوف والأسوار ، وقد تم إحصاء 53 موقعا اثريا في المنطقة في
إطار عملية إحصاء عابر ومبسط اجري للفترة من 1951 - 1957 .
ودعنا ديانا
ليلا وترى مصابيح بيوتها بيوت قراها من بعيد كأنها نجوم ترصع سماء
الجبال،والثلوج على جبال هندرين تردد مع عبد الله كوران(آه يا أبي
الحبيب،هاهو الثلج يتساقط فأنظر،لم يبق موطأ قدم في ساحة البيت،قطعة،قطعة
يتساقط ابيض جميلا،وتأتي به الريح حبة حبة الى الإيوان،كأنها أرياش خفيفة
لغول أو سيل من فراشات السماء.
وإلى حكاية أخرى من حكايات هذا وطني
من هنا 
من هنا 
من هنا 
الثلاثاء 14 مايو 2013 - 16:41
