الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 606تاريخ التسجيل : 12/03/2010الابراج :
موضوع: دروس للشعب من قصة بيلاطس الجمعة 4 يونيو 2010 - 20:20
دروس للشعب من قصة بيلاطس المقدمة باختصار ، لقد كان بيلاطس والياً رومانياً على اليهودية في زمن ربنا يسوع له المجد ، وبعد أن قام يسوع في التعليم والكرازة لأنقاذ الشعب روحياً وايمانياً ، انبرى عليه اليهود وقرّروا قتله ، وبعد أن مسكوا به أخذوه الى بيلاطس وطلبوا منه اصدار الحكم بموته ، كان يستطيع بيلاطس اطلاق سراحه وعدم محاكمته لأنه كان يعتبره بريئاً حسب ما يذكره لنا الأنجيل ولكن اصرار اليهود وتأثيرهم عليه ، جعل بيلاطس يخضع لرغبتهم وأصدر أمرا بتسليم يسوع لهم ليتصرّف قادتهم الدينيين والعلمانيين لمحاكمته وتنفيذ حكم الأعدام به بالرغم من( المُخطط الإلهي !). 1- ظنّ اليهود أن المسيح هو مَلِكاً أرضياً سيُساعدهم في الخلاص من الحكم الأستعماري الروماني وعندما شاهدوا وتيقّنوا أن برنامج يسوع سماوي أكثر مما هو ارضي وليست له الرغبة في دعم واسناد مشاريعهم الأرضية الزائلة ، تشاوروا فيما بينهم وتآمروا وقرروا الخلاص منه مهما كانت النتائج .
الدرس: عندما يُشاهد البعض مسؤولاً ما أو كاتباً مسيحياً يُبدي رأيه باستقلالية تامة ولا يأتي لنجدتهم في الطروحات الفكرية الخاصة بهم ، أو مُساعدتهم من اجل الخلاص من المأزق الذي هُم فيه ، يبدأون بالتهجم عليه والأنتقاص منه ، ومن ثم خلق كل التبريرات الممكنة للنيل من سمعته مهما كان خلوقاً أو مؤدباً غير مُبالين بالنتائج العكسية عليهم ، كما حدث بين اليهود والمسيح يسوع . لو كان يسوع قد عمل بخُطط قادتهم وساعدهم في تنفيذ رغباتهم وتحدث مثلهم ، عندئذٍ كان يصبح بطلاً وقدوة في نظرهم ويستحق الثناء والمجد ، ولكن عندما تكلّم بالحقائق وخالفهم ووضّح لهم بان مملكته ليست ارضية حاكموه واعتدوا عليه بدلاً من أن ينتبهوا الى كل حقيقة وكل عمل قام به يسوع ليُصحّحوا مسيرتهم . هذه الحالة تتشابه في زواياها مع الكثيرين من ابناء شعبنا ، فامّا يكتب كل كاتب مثل ما يرغبون هُمْ به ، أو انّه سيصبح خائن وناكر القومية والأمة وعميل ومأجور وانتهازي ودكتاتور وغيرها من كلماتهم الرنانة التي شبع الكثيرون منها. وقد وصلت الحالة عند البعض الى حد العداء السافر والتجريح والأهانة وهُم يعتقدون بأن كلماتهم لا تنطبق عليهم جميعاً ، والآخرين كلّهم غير أُصلاء بينما هم الأصلاء فقط!! . ينسى هؤلاء بأن كل كاتب يكتب بما يَمْليهِ عليه ضميره وليس بما يرغبون هُم باملائه عليه ، كل كاتب له طريقته الخاصة بحسب التربية والثقافة والعائلة التي تربى من خلالها . الأسئلة هي: هل نستفاد من ذلك لتعديل اساليب كتاباتنا الهجومية وعدم التدخل في شؤون الغير؟ هل نتوقّع بأن الشعب مرتاح وموافق على اتّهاماتنا للآخرين؟ أم نريد أن يصبح الشعب تحت قيادتنا ويمشي كالقطيع ليتبعنا في توجُّهاتنا ومشاريعنا ، ولكن هذا هو المستحيل بعينه ، أنظروا ماذا كانت خُطط اليهود على الرب ، فبالرغم من كل ما عملوه ونجحوا فيه لفترة وقتية ، فقد سقطوا في النهاية وكان سقوطهم مُدوّياً . 2- كان يسوع يلتزم الصمت دائماً عند محاكمته بالرغم من كل الأهانات والتجريح . كان يعلم جيداً بأن اعماله وكلماته واحاديثه هي أقوى من كل الأجابات التي يتفوّه بها وخاصة انه كان بينهم وشفى مُرضاهم وعلّمهم طُرق الحياة فلا داعي بأن يقوم بالتبرير والرد والمناقشة العقيمة التي لا تنفع ولا تثمر. الدرس: كان يسوع يستطيع وبقوّة مجابهة اليهود في الحديث والمناقشة ولكن كان مُصّراً في التزام الهدوء والسكون لكي يُخزي ويفضح اليهود ويقوم بتعريتهم بالكامل لأنهم لم يؤمنوا بما شاهدوه عملياً فلماذا الجدال والأخذ والرد؟ انّ يسوع لن تنقصهُ الحكمة والكلام ، ولم يكُن عدم الرد عليهم ضُعفاً منه وإنما كانت قوّته رائعة أثبتت صحتها الأيام ، هكذا البعض من الذين يتهجّمون على المسؤولين والكُتاب ، عندما لا يُعير لهم أحد أية أهمية فإنهم يتمادون بذلك و تتصاعد كلمات البغض منهم بصورة عنترية وغير حضارية مع الأسف ، انهم يتوقعون أن الذي لا يرد عليهم قد يكون ضعيفاً وغير قادراً على الكلام أو الكتابة ولا يحسبون الحساب بان الذي لا يرد عليهم رُبما طريقته هي أقوى وأنجح وأفضل منهم ، مثل ما كان يتجاهل يسوع كل تخرصات اليهود . ان الشخص الذي لا يقوم بالرد عليهم أو يتجاهل كلماتهم ، بالتأكيد ليس مثل يسوع أو بقوّته وإنما قد يكون يسوع مثاله الصالح في تطبيق الطرق الصائبة في الرد والرد المقابل ولا غير ذلك ، هل نستفاد من الدرس وننظر ونتأمل بامعان الى صمت البعض عن البعض الآخر ونقارن ذلك بمثل يسوع وحكمته الإلهية ؟ 3- يقول الأخ العزيز نافع البرواري في مقالته " البحث عن الحقيققة ج3 " المنشورة في موقعي عنكاوا وعشتار ما نصّهُ " : لم يكن في ذهن بيلاطس ايُّ شك في نطق يسوع بالحق وفي براءته من أيّة جريمة ، فبينما بيلاطس يعترف بالحق فأنّه اختار أن يرفضهُ ، انحنى بيلاطس امام الضغوط السياسية فتخلّى عمّا يراه صوابا لأنّه فكّر بمصلحته الذاتية على حساب الحق والعدالة والقيم وحتى القوانين الرومانية لم يلتزم بها بل راعى مصلحته الشخصية واعتبرها فوق كل اعتبار اخر ، هناك اليوم في العالم كُلِّه من يعرفون الحق مثل بيلاطس ولكنهم يرفضونه ، انّها لمأساة أن نفشل في معرفة الحق والأعتراف به. والمأساة الأفضع أن نعرف الحق لكن نخفقُ في الأنتباه اليه." الدرس: هناك من يعرف الحقائق وينكرها ويبدأ بالرفض التام لها ورُبما يعكسها احياناً لتتلائم مع توجهاته ومصالحه الخاصة حتى لو اتفق مع الشياطين غير مُراعياً مصلحة الشعب وتاريخه وأحاسيسه وهنا لا يرى البعض الصواب الا من زاوية ضيقة جدا غير مُبالين الى تقاطعات الصورة بأكملها ، وعند ذلك تضيع عندهم مقاييس الحق و العدالة وتتدهور القيَم الخاصة بهم ويفقدون التوازن لأبتعادهم عن الحقائق ، بالضبط كما حدث لبيلاطس في ذلك الوقت. لماذا ينظر هؤلاء الى مصالحهم الخاصة الذاتية فقط مثل بيلاطس؟ هل وصل الخجل عند البعض من عدم اعترافهم بالأخطاء أو الحقائق الى حد التأويل اليومي لما يكتبه فلان وفلان؟ نصيحتي لهؤلاء هي: بدلاً من صرف اوقاتكم في رصد الكتابات ومراقبتها والنيل من هذا وذاك أتمنى ان تكتبوا لنا ما يخدم شعبنا وماهو مفيد وناجح ومُمتع . لنُفكّر قليلاً بشخصية بيلاطس وتفكيره وأخطاءه لنستفاد منها في تعديل مسيرتنا نحو الأحسن . أعتقد أن الدخول في الأنفاق الملتوية والمظلمة ما قبل المسيح لا تقودكم الى نتائج مُفرحة أبداً . وإذا رغبتُم بالعودة الى العصور ما قبل الجاهلية فهذا شأنكم وأنتم أحرار ولا تستطيعون فرض ذلك على من يخالفكم في الرأي أو النظرة الى الشعوب والأمم القديمة التي اختلطت مع البعض وأصبح ذكراها في كتب التاريخ . 4- قال بيلاطس الوالي الى اليهود بأنه لا يرى أيّة علّة بشخصية المسيح ولا هناك سبب لمحاكمته واقترَحَ عليهم أن يختاروا واحداً من المسجونين لكي يطلق سراحه ، عندها صرخ الشعب اطلق سراح براباس واصلب يسوع . الدرس: انظروا كيف فضّل اليهود السارق المجرم على ملك الملوك وأرادوا الأنتقام منه لأنه لم يُحقق رغباتهم في تأجيج المعركة مع الرومان وتحريرهم من الغزاة ، كانوا يريدون من يسوع ملكاً قوياً أرضياً مقاتلاً زائلاً مثلهم ومُهاجماً حاملاً سلاحه معهم ، لم يفهم اليهود خُطط الله ، والذين فهموها أنكروها . هكذا البعض من ابناء شعبنا ينتقمون من كل الذين يخالفون آرائهم والذين لا يرغبون في تأجيج المهاترات والمعارك الجانبية مع اخوتهم ، وفي نفس الوقت يحقدون على كل من ينصحهم ويبدي رأيه في بعض النقاط التي هي لفائدتهم أصلاً ، ويعتبرون الآخر ، إذا كان مُستقلاً أو منتمياً الى أحد الأحزاب ، شخصاً غير مرغوباً فيه ولا يحق له الكلام ويجب أن يكون الحديث والرأي لهم فقط ، أما الآخرالذي له رأياً مختلفا ، قد يكون أفضل من رايهم ، يصبح خارج قوس!! ووصلت الحالة عند البعض بمطالبة هؤلاء بالتهجّم والكلام على الغير بطريقة الوصاية والتهديد ، كأن يقولون لماذا الحديث عن (س) وليس عن (ص) ، لماذا يتكلمون عن الأول فقط ولا عن الثاني ، طيب أنتم اكتبوا عن (ص) كما كتب غيركم عن (س) ، أم ترغبون في إثارة الفتنة بين المؤمنين بقضيةٍ ما ليكون غيركم بديلاً عنكم !! وفي كلتا الحالتين فأن هؤلاء يخسرون ولا يعلمون بأنهم يخسرون!! وأتمنى أن نفهم الدرس جيداً ولا نتعامل مع الغير كما تعامل اليهود مع المسيح . 5- لقد قام بالتحريض على يسوع الكهنة والشيوخ وجلبوا شهودَ زورٍ لكي ينتقموا منه ويُقدمون شهادات كاذبة ضده ولما رأى بيلاطس أن الأمور تسير نحو الأسوأ وقد تحدث قلاقل واضطرابات ، طلب الماء لغسل يديه من الدم البار وقال لهم " أنا بريئ من دم هذا البار " . الدرس: لنسأل أنفسنا ، كم كاتب من عندنا يقوم باثارة القُراء والتحريض على الغير وبدون وثائق ومُستمسكات وحقائق؟ وكم من الكُتاب يطلقون التُهم يميناً ويساراً على ابناء شعبهم وبدون وجه حق؟ هل تطلبون من الشعب أن يغسل أيديه منكم كما فعل بيلاطس؟ ولكن هنا غسل الأيدي ليس لأنكم أبرياء ، بل لأن الكلام معكم لا فائدة منه أبداً ، إذا أنتم لستُم بحاجة الى اخوتكم وتتهمونهم زوراً وبهتاناً في كتاباتكم الغير متوازنة ، لا تنسون أن اخوتكم لا يستغنون عنكم ولا يتركونكم ولا يسمحون الى أحد باهانتكم ، فلماذا كل هذه الزوابع وكأن الأخوة أعداء وليسوا ابناء الكنيسة المشرقية الرسولية الواحدة. الخلاصة كان الأنتصار في النهاية الى ربِّنا له المجد ، لقد كسب البشر من خلال الهدوء والصمت وليس بطريقة الهجوم على المخالفين له ، وهكذا الفوز سيكون لِكُلِّ من يقتدي بخطط الرب حتى لو بقي صامتاً يتحمّل كل أنواع الكلام الذي يجرحه ، لأن صبرهُ يفوق كل قوّة افكار هؤلاء الذين يدينون ويتّهمون الآخرين ، لأن الذي يقتدي بالرب يتحمّل حتى الموت والجلد على الصليب مثل الذي يقتدى به ، وأعتقد أن مثل هذا الشخص سيقول الى كل من يتكلّم بالضد منه " شكراً لكم والرب يغفر لكم خطاياكم لأنكم لا تعلمون ماذا تكتبون وتفعلون " . والدروس واضحة جداً لمن يفهمها ويؤمن بها ، لأن الذين صلبوا المسيح أصبحوا في خبر كان والذين أمنوا به انتشرت افكارهم في الأرض ولا زالت تنتشر ولا أحد يستطيع أن يغلبهم ، ان أحد الأسباب الرئيسية لتشرذمنا وتأخرنا وضياعنا بين الأمم هو ما يقوم البعض من عندنا في صلب زملائهم الآخرين وعدم مقدرتهم على فهم واستيعاب الرأي المخالف لهم وخسارة اوقاتهم بامور جانبية لا تخدم أية قظية ، والنتائج قاسية علينا وثقلها كبير وعظيم جداً . مسعود هرمز النوفلي 1/6/2010