مدمن ومروج مخدرات يتبرع بملايينه للجمعيات الخيرية بعد أن فقد الأمل في إنجاب طفل معتبراً ذلك عقاباً من الله !! شاب ترعرع بين والدين و12 أخاً وأختاً في حياة بسيطة للغاية ، حيث كان مورد الأسرة الوحيد راتب والده الذي لم يكن يكفي إطعام الأسرة حتى نهاية كل شهر، ما دفع بالأبناء إلى التسرب من مدارسهم واحداً تلو الآخر، ومن ثم العمل في مجالات بسيطة ، قدموا خلالها مساعدات ضئيلة لإعانة الأسرة على حياتها ، بينما البنات اللواتي تساوين مع عدد الذكور تزوجن الواحدة تلو الأخرى وعاشت كل واحدة حياتها الجديدة ، وبقي المراهق الصغير حتى جاء عليه الدور، وتسرب أيضاً من المدرسة بعد عدة مشاجرات افتعلها مع زملائه ومدرسيه إلى أن تم طرده ، وهو ما كان يصبو إليه ، وسقط في يد أصدقاء السوء، وأصبح يكثر من سهراته خارج المنزل من دون أن يجد ما يردعه عن هذه التصرفات، حيث مرض الأب إلى أن أصبح قعيداً ، منعه من متابعة حالة ابنه . ـ يقول المدمن المروج للمخدرات التائب خلال دراسة حالته من قبل قسم الرعاية الاجتماعية والنفسية للمدمنين التائبين بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات بشرطة دبي ، إن السبب وراء إدمانه واتجاهه إلى ترويج المخدرات أن عقدة النقص المادي التي عانت منها أسرته لسنوات رافقته منذ صغره ، فقرر أن يتخلص من هذه العقدة بجلب المال بأي طريقة ، حتى وإن كانت غير مشروعة . طريق الخطيئة : ويضيف أنه من خلال سهراته مع رفقاء السوء عرف طريق الخطأ ، وارتكاب الجريمة، حيث بدأ بالمشاركة في المشاجرات والاعتداءات ، وشرب الكحول ، ثم اتجه إلى السرقة حتى يوفر المال المطلوب لتغطية سهراته وملذاته ، مؤكداً أنه مع وجود المال في يده وازدياده يوماً بعد يوم أحس بالنشوة وأحس بالفارق الكبير بين أن يملك الإنسان المال ، أو لا يملكه ، وبين أن يشتري ما يريد ، وبين أن ينظر فقط لما يريد ، ولا يستطيع الحصول عليه ، ويقول : هنا تناسيت مصدر المال ، أصبح الأهم عندي أن يكون لدي . وأكد أنه لم يكن مدركاً بالقدر الكافي ماذا يفعل المال الحرام بصاحبه ، قائلاً : توجهت إلى المخدرات التي وجدت فيها متعة من نوع آخر بالنسبة لي، فأقبلت عليها بشراهة ، حتى أصبحت مدمناً، ومن ثم انتقلت لمرحلة أخرى، وهي الترويج للمخدرات، حتى أحصل على مال أكثر لأوفر ثمن المخدرات التي أقوم بتعاطيها ، إضافة إلى توفير المال للمتعة الخاصة من سفر وشرب الخمر والنساء وغيرها ، مما كنت أعتبرها ملذات الحياة والمتعة الحقيقية في حينها ، ولم أكن أدرك أنها نقمة كبيرة وغضب من الله سبحانه وتعالى . التحول : وأضاف : جاء يوم رأيت فيه صديقة شقيقتي أثناء زيارتها لمنزلنا ، وشاهدت فيها الوقار والحشمة والجمال ، وتمنيت ساعتها أن تكون زوجة لي وأماً لأبنائي الذين طالما حلمت بهم ، وتناسيت لحظتها أنني مدمن وسارق ومروج مخدرات ، ولكن فجأة عدت إلى رشدي وتساءلت : هل من الممكن لفتاة مثلها أن توافق على الاقتران بشخص مثلي فيه كل هذه الصفات السيئة ؟ وتجاهلت الإجابة لبعض الوقت ، ولكن العاطفة الجميلة تجاه تلك الفتاة حركت بداخلي بقايا الإنسان ، حيث بدأت إرادتي وعزيمتي تقوى للمرة الأولى ، وإدماني للمخدرات بدأ يتراجع شيئاً فشيئاً إلى أن وجدت جسدي يتعافى حتى توقفت تماماً عن الإدمان ، ولكن ما لم أستطع أن أتوقف عنه هو ترويج المخدرات بين الشباب ، لأنه كان مصدر المال ومصدر الاطمئنان ، كما ظننت . ـ ويستكمل الشاب حديثه ، ويؤكد أنه لم يعد قادراً على ترك تلك التجارة المغرية مادياً لأنها توفر له الحياة المرفهة ، وأكد أنه أحس أن ضميره مات مع رؤيته لشاب أدمن أو آخر مات بجرعة زائدة، وأصبح النظر للوظيفة والراتب نظرة متدنية لأنها لن تحقق ما يطمح إليه من تكوين ثروة كبيرة يزهو بها بين الجميع ، وقال : إنني كنت أعمل في ترويج المخدرات بحذر شديد ، أوهمت الجميع من حولي أنني أعمل في الأعمال الحرة في البيع والشراء ، وبيع الرخص وغيرها ، واستطعت أن أكوّن ثروة فاقت المليون درهم ، وامتلكت عدداً من السيارات الفارهة الحديثة التي لم يملكها سواي في المنطقة التي أقطنها ، وأصبحت أدفع لإخوتي المال الذي يعينهم على حياتهم ومعيشتهم . القدر والعقاب : ويتابع : بعد فترة دخل الخوف قلبي من انكشاف أمري ، وفضيحتي أمام الفتاة التي أحببتها ، وأهلي ، وخفت من الشرطة وأنظارالناس في حال عرفوا بما أقوم به ففكرت في إقامة مشروع يدرعليّ دخلاً جيداً ، ونظراً لأنني لم أمتلك الخبرة ولا المهارة في إدارة المشاريع لم أوفق كثيراً ، وسارعت بالزواج بمن اختارها قلبي وعقلي ، وعشت حياة مستقرة معها ، وتمنيت أن يرزقني الله منها أطفالاً ، لكن مرت السنوات وضميري في سباق عميق ، ولم يحدث ما تمنيت ، بل مع كل حمل أزداد فرحاً وأملاً ، ولكن بعد أشهر قليلة يحدث إسقاط للجنين !! ، وتكرر الأمر عدة مرات ، وأصبحت حياتي وحياة زوجتي يخيم عليها القلق والحزن ، وسافرنا للعديد من الدول من أجل انجاب طفل ، لأن هاجسنا الأول أصبح هو مشاعر الأبوة والأمومة ، ولكن كل المساعي باءت بالفشل بعد أن اختلف الأطباء في تشخيص السبب ، وجاءت الردود مخيبة لكل آمالنا لعدم إعطائنا سبباً واحداً يمنع اكتمال الحمل . التبرع : ويؤكد الشاب أنه مع هذه المحنة بدأ ضميره يستيقظ ، واعتصره الألم من موت ضميره لسنوات ، عندما كان يسمع عن شاب مات من المخدرات بسببه ، ولحظتها تذكر المقولة التي تقول » كما تدين تُدان « وأن الجزاء من جنس العمل ، ويرى أنها مقولة صحيحة وحقيقة ناصعة البياض أصبحت أمامه ليلاً ونهاراً ، حتى في منامه ، وهنا أيقن أن الشيطان زين له كسب المال وامتلاكه وامتلاك السيارات الفارهة ، وأيقن أنه لا خلاص من الوضع الكئيب الذي يعيشه إلاّ ترك هذا المال وتلك السيارات والبحث عن وظيفة شريفة يقتات منها هو وزوجته . ويشير إلى أنه استيقظ ذات يوم وتوجه إلى السوق وباع سياراته الفارهة ، وجمع ماله وذهب به إلى عدد من الجمعيات الخيرية وتبرع به ، وتوجه للبحث عن وظيفة حيث يؤكد أنه لأول مرة تذوق الحلال ، ولأول مرة ينام من دون قلق ، ووجد نفسه نقياً من الهموم ، وحمد الله على النعمة الجديدة التي أنعمها الله عليه بوظيفة شريفة ، وزوجة صالحة . ـ وأراد الشاب أن يكفر عن كل ما اقترفه ، فتوجه إلى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ليروي قصته لهم ، ويؤكد توبته الموثقة بما فعل من توزيع أمواله وثروته على الجمعيات الخيرية ، ويؤكد للجميع أنه لا متعة ، ولا حياة ، ولا مستقبل مع المخدرات . وطالب الشباب بالإبتعاد عن هذه الآفة الخطيرة المدمرة ، ولا بد من الثقة أن القناعة كنز لا يفنى ، وأن كل الخيرهو في العمل الشريف . رفقاء السوء : وعلق اللواء عبدالجليل مهدي العسماوي مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات على هذه الحالة ، مؤكداً أنه تم التأكد فعلياً من صدق الشاب ، وأنه هو من بادر وجاء للإدارة ليروي ما حدث معه ، وأنه الآن متعافى ، لافتاً إلى أن الإدارة شجعته على توبته ، وأرادت من نشر قصته أن يتعلم منها الآخرون حتى تكون بمثابة عبرة وعظة لكل من يرى في المخدرات ضالته . وقال إن رفقاء السوء هم دائماً الأساس في انحراف أي شاب ، وغياب الرقابة من الأسر، وازدياد الفجوة بين الآباء والأبناء يدفع بهم إلى الجريمة بشتى أنواعها ، لذلك فإن الأسرة تعتبر خط الدفاع ضد أي سلبيات أو مغريات ، لافتاً إلى أن نشأة هذا الشاب من الأساس طيبة وصالحة ، ولكن الظروف المحيطة هي التي دفعته للانزلاق في هوة المخدرات ، إلاّ أنه استفاق أخيراً وعاد إلى الحياة الصحيحة مكفراً عن كل ما اقترفه ، سواء بترك المال الحرام ، أو الذهاب للحج مع زوجته عدة مرات ، حتى يغسل ما اقترف من ذنوب . وأكد العسماوي أن الجميع بالإدارة تمنى له أن يواصل حياته بشرف وأمانة واطمئنان ، بعيداً عن المال الحرام . المصدر / اخبار الوطـــن ( الإمارات ) .
من هنا 
من هنا 
من هنا 
السبت 1 يونيو 2013 - 14:04
