لندن ـ القدس العربي ـ من انور القاسم ـ الفنان السوري فهد بلان الذي أغنى الساحة العربية عموماً والسورية خصوصاً بإرث فني ثمين، فكان مدرسةً في عالم الغناء لا يمكن أن تغيب عن متذوقي الفن الأصيل، ولد عام 1933 في السويداء مقابل المجلس الغربي. وكان والده حمود من مشاهير القوة الجسدية والكرم ولكن بعد تفتت أسرة فهد بلان غادر مع والدته من قرية ملح. وعمل فهد بلان في كثير من الأعمال الجسدية، ومن أحد الأعمال أن عمل مرافق سائق باص من وإلى دمشق، اشترك في مسابقة فنية وادى أغنية الفنان الكبير فريد الأطرش في أغنية (تطلع يا قمر بالليل) ونجح بشكل كبير. بعد ذلك في دمشق تقدم إلى الإذاعة السورية وعمل في كورس الإذاعة إلى حين كانت أغنيته الأولى مع سحر (أه يا قليبي) وبعدها (أه يا غزال الربى) التي لحنت من قبل رجل غير موسيقي على إيقاع عزف من قبله على الطاولة، تزوج من الفنانة مريم فخرالدين.
واكتسب فهد بلان من والده الميل إلى الموسيقا والغناء الذي بدأه هاوياً في الأعراس والمناسبات حتى عام 1957، حيث انطلق إلى دمشق وعمل في كورس الإذاعة مردداً ونجح في مسابقتها بأدائه لأغنية شعبية من تراث جبل العرب.
وقال الباحث الموسيقي معين العماطوري: "إن فهد بلان أثناء وجوده في كورس الإذاعة الذي كان يرأسه الملحن عبد الفتاح سكر تعرف على الملحن سهيل عرفة، فلحن له أغنية بعنوان "يا بطل الأحرار" عام 1958 احتفاءً بالوحدة العربية بين سورية ومصر"، حسبما ورد في وكالة الأنباء السورية "سانا".
وأشار الباحث الموسيقي في تصريح لوكالة الأنباء السورية "سانا" إلى: أن محطة فهد الفنية كانت في مطلع الستينيات في حلب موطن الفن السوري الأصيل، حيث نجح بالعمل مع الفنان شاكر بريخان الذي وضع ولحن له كلمات أغنية باللهجة البدوية حملت عنوان "آه يا قليبي" التي غناها مع المطربة الراحلة سحر.
وبعد حلب يضيف العماطوري عاد الفنان الكبير إلى دمشق ليكمل تألقه بصحبة عبد الفتاح سكر الذي وضع له ألحان مجموعة من الأغاني حققت شهرة على مستوى الوطن العربي منها "جس الطبيب"، "تحت التفاحة"، "يا بنات المكلا"، "واشرح لها"، "لركب حدك يالموتور".
وأوضح العماطوري أن فهد بلان انتقل بعد دمشق إلى بيروت، حيث قدمه الفنان نجيب حنكش في برنامج ألوان وأطلق عليه لقب مطرب الرجولة وفي تلك الفترة حقق حضوراً كبيراً بأغانٍ عديدة منها: "أنا صياد" و"شارد بالبراري" للملحن اللبناني نور الملاح.
كما مثل مجموعة أفلام مع نخبة من نجوم السينما العربية آنذاك وخاصةً مريم فخر الدين في فيلم "فرسان الغرام" الذي تحول إلى غرام حقيقي بزواجه منها، وكذلك مع المطربة صباح في فيلمي "عقد اللولو" و"أين حبي" و"حبيبة الكل" ومع المطربة نجاح في "يا سلام على الحب".
ودخلت حياة فهد بلان منعطفاً جديداً عام 1964 عندما انتقل إلى القاهرة عاصمة الفن والتقى فيها خلال تسع سنوات تعتبر من أهم سنوات حياته الفنية بالعديد من عمالقة الفن العربي كـ"فريد الأطرش" و"بليغ حمدي"، الذي لحن له أغاني عديدة منها على كفي، "بحر الهوى"، و"محمود شريف" أغنية القدس والمسجد الأقصى وخالد الأمير الأغنية الشهيرة "ركبنا على الحصان"، إضافة لظهوره بعدة أفلام سينمائية.
ومن أبرز الشهادات التي قيلت بـ "فهد بلان" في تلك المرحلة ما قاله الشيخ سيد مكاوي: "أنت تعطي فهد اللحن شجرة عارية فتسمع منه اللحن مزهواً بأجمل الأثمار"، وكذلك ما قالته سيدة الغناء العربي أم كلثوم: "فهد بلان لون جديد وأداء جديد ومغنى جديد في الغناء العربي".
وفي منتصف السبعينيات من القرن الماضي عاد فهد بلان إلى وطنه سورية ليمضي بقية حياته ورحلته الفنية، حيث أسس فرع المنطقة الجنوبية لنقابة الفنانين وكان سعدو الذيب كاتباً وملحناً لكوكبة من أغانيه أشهرها "يوم على يوم لو طالت الفرقة" و"غالي علينا يا جبل"، كما لحن له رياض البندك أغنية سورية الدرب للوحدة العربية وظهر بأغانٍ وطنية حملت معها حبه وعشقه لوطنه منها، تهانينا يا عربي من ألحان رفيق شكري ويا رب تبارك سورية للملحن، إيلي شويري وفارس التصحيح وغيرها الكثير.
وفي صباح يوم الأربعاء الموافق 24-12 1997 رحل فهد بلان إثر نزيف دماغي حاد، وبرحيله فقدت الساحة الفنية السورية والعربية أحد أهم أركانها.
المطرب السوري فهد بلان مطرب الرجولة من السويداء الى القاهرة