أمام أنظار وزير الثقافة..موسوعـة بغـداد الثقافية في العصر العبّـاسي

أمام أنظار وزير الثقافة..موسوعـة بغـداد الثقافية في العصر العبّـاسي

تاريخ النشر 15/08/2013 02:10 PM

الجيران - وكالات:

د. خـيرالله سعيد

وردت للقسم الثقافي هذه الرسالة من الباحث د . خيرالله سعيد موجهة الى السيد وزير الثقافة سعدون الدليمي، يلتمس فيها الموافقة على طبع (موسوعة بغداد الثقافية في العصر العباسي ) وهي من 20 مجلدا، بعد ان ضاقت به السبل، وواجه صدودا من مؤسسات ثقافية معنية بهذا الموضوع, المدى الثقافي تنشر نص هذه الرسالة. تلعب الثقـافة الدور الأبـرز في نهضة الأمـم والشعوب، بوصفهـا تتعاطى مع الحياة بأسلوبها الخاص، ضمن فترةٍ محـدّدة، ولكلِ زمـنٍ ثقـافته الخاصة . والثقافة هي حصيلة مواريث القيـم والتقـاليد . وكل شعب من الشعوب له ثقـافته الخاصة التي تميّزه عن غيره من باقي الشعوب .

كم كـان محقّـاً الفيلسوف ( كـانت ) عندما قال : ( الثقافة هي العقل النظري للأمـّـة ) . وللأمة العراقية ما يميّزها ثقافياً عن باقي الأمم، تراثها الغني ، والذي لا يحصى ولا يُعـد ، ويكفي للدلالة على هذا الأمر ما لاقته ( مكتبات العراق ) في العصر العبّاسي، عندما رمى المغول ( كتب العلماء ) في نهر دجلة، فاصطبغت ميـاهـهُ بالسـواد حُزنـاً بمـداد العلماء المنساب من تلك المخطوطات الثمينـة .

إن هـذا التـراث الثقـافي العظيم للعـراق، مـا زال محفوظاً بأرواح الناس وأفـئدتهم وعقـولهم وهـواجسهم، وكأنما أرض الرافـدين تأبى إلاّ أن يظهَـرَ تراثها في كلٍّ حـين .

والمطّـلع على تاريخ العـراق الثقافي، يـقُـرُّ معنا بـأن بغــداد هي المشيمة التي انبجسـت عنها كل ثقافة العرب والمسلمين في العصور الوسطى، ومن لا يعرف تـاريخ بلاده الثقافي فهو مصاب بانحراف الضمير وكفيف البصرِ والبصيرة .

السـيد الـوزيـر : لقد تميّزت المدرسة العراقية في التأليف وتحقيق التراث، عن باقي مثيلاتها في المدارس العربية والإسلامية، لأنهـا انطلقت من تُـراثٍ غني وأصيل وعميق الجذور في ثقافـته، إذ أن تُـراث العـراق السومري والبابلي والآشوري والعبّاسي، يشكِّل علامـة فارقة عند كل المدارس العلمية المهتمّـة بهذا التراث الإنساني، وأهـلُ العـِراق أعلـم بـهِ من غيرهم، ومن هُـنا تنبع أصالـة بحوثهم وتحقيقاتهم في كّـتب التـراث ودراساتهِ المتعـدِّدة . ومـا أنــا سوى لاحِـق لأولئك الباحثين الأفـذاذ، الذين أفنـوا العُمـرَ في نبشِ تراث العراق الخالـد، وأخـذتُ منهـم مضغـة الصبرِ والجَـلَـد، فاستمرأتها، واستعذبتها ، واستحليتُ مـذاقها، فـأغـوتني في موضوعاتها، وأقلقت ليلي ونهاري، وجعلتني كالمُـدمن الذي يـروم الترياق في لحظاتِ انفعـاله ، هـكذا هو تراث العِـراق بالنسبة لي .
ومُـذ خروجي من العِـراق بتاريخ 13 – 6 – 1979م وحتّى هذه اللحظة، ما فـارق هذا التُـراث هـواجســي، ولا طابت لي موضوعات سواه، فـتوحّـدتُ معـه، وحّـلِّ بي ، وأعطيتهُ كامل طاقتي وعنفوان شبابي، وهـا أنا أتعكّـزُ عليه في شيخوختي، وقـد نهلتُ من مـواردهِ ما نهلت، وبامتيازٍ قـلَّ نظيرهُ من زملائي الباحثين والكُتّـاب العـراقيّين، فكانت حصيلة ما نهـلت الموضوعات التالية ، والتي انتظمت تحت عـنوانٍ جامعٍ ورئيسي هـو: ( موسوعـة بغـداد الثقافية في العصر العبّـاسي ، في 20 مجلداُ ) وعلى النحو الاتي لأسماء المجلّـدات :
1- مُقـدّمة الموسوعـة والمصادر المعتمـدة فيها .
2- صناعـة الـورق وأدوات الكتاب في بغـداد في العصر العبّـاسي .
3- أدبــاء بغـداد في العصر العبّـاسي .
4- شُـعراء بغـداد في العصر العبّـاسي .
5- ورّاقــو بغـداد في العصر العبّـاسي .
6- مُترجمو بغـداد في العصر العبّـاسي .
7- مدرسـة بغــداد العبّـاسية في الخـط العـربي .
8- مُغـنيات بغـداد في العصر العبّـاسي .
9- مجالس الغِـناء في بغـداد في العصر العبّـاسي .
10- مكتبات العِـراق في العصر العبّـاسي.
11- لصُـوص بغـداد في العصر العبّـاسي.
12- أطبـاء بغـداد في العصر العبّـاسي .
13- أوراق بغـــداديـة من العصر العبّـاسي.
14- بغــداد في حُـلَّـتِهـا العبّـاسيّـة .
15- أحـزاب المعارضة السياسية في بغـداد في العصر العبّـاسي . وهي 3 أجـزاء :
16- أحزاب المعارضة الشيعية – ج 1 –
17- الحركات الفكرية والباطنية المعارضة – ج 2 –
18- إخـوان الصفاء في بغـداد وتأسيسهم لأوّل حزب سياسي منظّم في الثقافة العربية – الإسلامية .
19- بغـداد والشعراء والقــدرُ .
20- المـوّال البغـــدادي، منذ ولادتهِ في العصر العبّـاسي وحتى الآن .
* * *
تـلك هي يا سـيادة الـوزير، جعـبتنا الأولى وقـد أفـرغـناها أمـامكم لتطَّلعـوا عليها، مع العِـلم أن لي أكثر من 10 مؤلفـات منشورة حتى الآن ، يمكنكم الاطلاع عليها من خلال سـيرتنا الـذاتيـة المنشـورة على الانترنت
وقـد تسـأل سيـادة الـوزيـر، والحقُّ معـك في السؤال : لِـمَ لم تتّصل بدائرة الشؤون الثقافية في الوزارة حول هذه الأمور وتعرضها عليهم ؟
وأُجيبك بالمـوافقة على ذلك وأقـول : لقـد تـمَّ ذلك فعـلاً، من خلال عـِدّة رسائل إلكترونية ومقالات قـدّمها عدد من الزملاء الى دائرة الشؤون الثقافية حول الموضوع من العام الماضي، ولم يَـرُدّ على أحّـدٍ منّـا ، حتى لحظة كتابة هـذا الخطاب ! .
وعليه نخـاطبكم شخصيّـاً حول تـبنّـي طباعـة هـذه الموسوعـة التراثية ، لأن وزارة الثقافة لجميع العراقيين، ومن مختلف الانتماءات الدينية والسياسية والقومية والأثنية، وليست محصورة أو مخصوصة لفئة دون أخرى ، هذا أولاً ، وثـانياً : أعكِف الآن على تـأليف ( موسوعـة الفـولكلور العـراقي ) وقـد أنجـزت منها بحـدود 5 أجزاء، وبقي أكثر من 15 جزءاً، وتحـتاج الى تفرّغ باحثين معي، وإمكانيات وزارة للنهوض بالعمل، وليس لجهد شخصي فردي، مع ملاحظة انه لحـد الآن لا توجــد ( موسوعة فولكلورية علمية ) في المكتبة العراقية أو العربية، وهذا الجُهـد من البحث يحتاج الى سنواتٍ طويلة قـد تتجاوز العقد من السنين ,
وعليه أقـول : هـا أني أشعرتكم، كشخص يقف على هـرم السلطة الثقافية في العراق، يتوجّـب عليه ادراك مهماته الثقافية والأخلاقية والوطنية، لأن المسؤولية فـيتامين الشخصية ، كما يقول المفكّـر الراحل سلامة موسى .
السيد الـوزير : ذلك ما لدينا وعرضناه لكم، والله من وراء القـصد – وأترك أدنـاه عـنواني الكامل ورقم هاتفي المحمول، والبريد الإلكتروني... للاتصال ، مـع خـالص التقـدير .
كلمة أخيرة للشعب العراقي : هـذا تُـراثكم الغـني، أملت علينا المسؤولية الوطنية والأخلاقية والإبداعية، أن نجلوَ عـنه غِـبار السنين، بدقّـةٍ وموضوعية ، وأمانة علمية، ومنهج أكاديمي مُحكم، وأعطيناه ما يستحقُّ من السنين، وهـا هو معروض أمامكم، وعليكم تقـع مسؤولية ( ولادتـه وحضانته ) . اللّهم أني قد بلغت فاشهد.