شاكر وهيب الفهداوي.. يؤمن بالجهاد لتحقيق الدولة الإسلامية
بغداد - منذ ظهوره بين متظاهري الفلوجة يدعو للجهاد ويروّج لفكر القاعدة ويردد شعاراتها ولمشروعها الجهادي وحتى إشرافه على إعدام ثلاثة من سائقي الشاحنات السوريين على الطريق الدولي، وشاكر وهيب الفهداوي أصبح مثار حديث الشارع العراقي وموضع اهتمام السلطات العراقية التي صنفته بأنه واحد من أخطر المطلوبين وأهمّهم ورصدت مكافأة مجزية لمن يقبض عليه. وشخصية الفهداي وعلاقته بتنظيم القاعدة تعمقت وأخذت منحى جديدا خلال فترة سجنه في معسكرالاعتقال في بوكا بالبصرة جنوبي العراق، فقد تعرف على قيادات التنظيم وقدم لها ولاء الطاعة وإيمانه المطلق برسالته، رغم صدور حكم الإعدام بحقه ونقله إلى سجن في محافظة صلاح الدين. وخلال مكوثه في سجن بوكا لأكثر من ثلاث سنوات تعرف على قيادات القاعدة وآمن بمشروعها ونال ثقتها وأصبح فيما بعد قياديا في التشكيلات القتالية للتنظيم وأنيطت به مسؤولية قاطع مهم في المنطقة المحاذية للحدود العراقية السورية وصولا إلى الصحراء والجزيرة في الأنبار، وأشرف على تدريب مئات المقاتلين في القاطع المذكور حسب متخصص في شؤون الجماعات الجهادية.
أبو درع.. زرقاوي الشيعة
أعاد الفيلم الذي تم تداوله بشكل موسع على الأنترنت ويظهر المتطرف شاكر وهيب الفهداوي، كيف أعدم أناسا أبرياء، صورة أبي درع أو ما يسمى "زرقاوي الشيعة"، وهو المعادل الطائفي للفهداوي، حيث كان يهشم رؤوس ضحاياه لمجرد أنهم من غير طائفته. كان يمارس التعذيب برغبة جامحة في امتلاك أدوات السلطة وبأنه أمير حرب طائفي يرغب في طرد السنة من بغداد وأنه رجل نمت أسطورته الوهمية مع إفلاته بصعوبة من القوات الأميركية آنذاك. وأبو درع معروف لكثير من سكان مدينة الصدر البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة ويتحرك الآن بطريقة سرية ولا يمكنه أن يرى عائلته بانتظام لكنه قال إنه لا يحمل ضغينة ضد رئيس الوزراء نوري المالكي. والمالكي لا يريد أن يغضب أقرانه الشيعة. ورغم عزوفهم عن ترديد اسمه فإن العراقيين يحمّلون أبا درع مسؤولية الآلاف من أعمال الخطف والقتل وتشويه جماجم الضحايا وجثثهم باستخدام المثقاب الكهربائي. ويصر أبو درع الذي لا يستخدم سوى هذا الإسم الحركي فقط على أنه مؤيد مخلص للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر الذي تهيمن ميليشيا جيش المهدي التابعة له على مدينة الصدر. وهو ينفي قطعيا تقارير من مسؤولين عراقيين وتلميحات غير مباشرة من الدائرة السنية بأن الصدر رجل الدين المناهض للأميركيين تبرأ منه لأنه مفرط في العنف. وقال بهدوء بينما بدت لهجة شيعة جنوب العراق في حديثه وهيمنت على كلماته عبارات يستخدمها الصدر "كل هذه الأكاذيب والشائعات ينشرها أولئك. كنت وسأبقى جنديا في جيش المهدي". وأخذ يروي وهو يرتدي زي الميليشيا الأسود ويجلس على أريكة متواضعة في منزل عائلته حيث أخذ الأطفال يلعبون كيف أن شهرته أضرت بعائلته الكبيرة التي تضم ثلاثة أبناء رهن الاعتقال الأميركي وآخر فقد يده في هجوم أميركي. ووفقا لروايته فقد تمكن من مواجهة عربة مدرعة أميركية بسلاح آلي فقط أثناء ثورة جيش المهدي في مدينة الصدر في أبريل عام 2004. لكن انتهى الأمر بإصابته بجروح واشتهاره. وهو يقول عن خلفيته إنه كان يبيع السمك. ويقول "كنت عاملا مثل الآخرين قبل الحرب". وأضاف "حققت شهرة من خلال رفضي للاحتلال وحبي لوطني ودعمي للمقهورين". وتطلق عليه بعض وسائل الإعلام وصف "زرقاوي الشيعة" حيث تقارن حبه للعنف بما كان يتصف به زعيم تنظيم القاعدة السابق في العراق الذي قتل لكن أبا درع يقول إن هذه الصفات لا تضايقه. وقال "جميعنا نعلم أن وسائل الإعلام التي تطلق عليّ هذا الإسم هي نفسها التي خلقت الزرقاوي ووسائل الإعلام هي لسان حال الاحتلال". ومع طلب الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر أن يتم اعتقال عدد من مقاتليه السابقين ومعاقبتهم، إلا أن السلطات الحكومية تهوانت مع (أبو درع) فيما تشك مصادر بأنها سهلت تهريبه إلى إيران. وكتب الصدر في رسالة "عليه وعليهم لعائن الله، مجرمون قتلة سفلة لا دين لهم ولا ورع… على الحكومة ردعهم وأنا معهم رادع لهم". وأضاف "على أهالي المدينة عدم السماح لهم بذلك بالطرق الاجتماعية ولو عن طريق العشائر وما شابه". ودعوة الصدر جاءت ردا على رسالة بعثت بها مجموعة من أهالي الحي 33 في مدينة الصدر جاء فيها "أهالي قطاع 33 يستغيثون بسماحتكم ويريدون منكم أن تنقذوهم من مجموعة أبي درع المتمثلين بشقيق أبي درع المدعو حليم أبو درع وسلمان أبو درع وابنه حيدر". وقام هؤلاء بحسب الرسالة "بحرق البيوت وتهجير ست عوائل حيث يجوبون الشوارع ويطلقون العيارات النارية في الهواء وعلى المارة". وبحسب شهود فإن رجال أبي درع يمارسون الابتزاز. وقد قاموا بمنع موظفين في شركة الكهرباء من ممارسة مهامهم لإرغامهم على توظيف عناصر في مجموعتهم، على ما روى هؤلاء الشهود لفرانس برس. وقال أحد الشهود "حصل إطلاق نار وأبو أحمد العضو في المجموعة قتل. وقد ذهب أفراد أبي درع بحثا عن أسلحة ثقيلة إلا أن عناصر الشرطة والجيش منعوهم". وأبو درع اسمه الحقيقي إسماعيل اللامي إنما يلقب بأبي درع أو بالحاج أسماعيل أو بأبي حيدر نسبة إلى إبنه الذي فقد ذراعه خلال مواجهات مع الجيش الأميركي. وكان الرجل مسؤولا عسكريا في جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر قبل أن يفر إلى إيران عام 2008. وبرز إسم هذا الرجل البالغ من العمر نحو أربعين عاما وصاحب الوجه المستدير والملتحي، خصوصا خلال الحرب المذهبية عامي 2006 و2007 من خلال قتله عددا كبيرا من السنة وإعلان نيته إنهاء الوجود السني في العاصمة بغداد.
لا يقبل الحلول الوسط
ويوصف شاكر وهيب الفهداوي بأنه قاس وعنيف ولا يقبل الحلول الوسط ومتطرف إلى حد رفض الرأي الآخر، ويذكر بشخصية "أبو درع" الذي شاع إسمه إبان الحرب الطائفية التي شهدها العراق، وكان يستهدف الأشخاص على الهوية ويقوم بقتلهم بطريقة بشعة، وأشيع أنه هرب إلى إيران بمساعدة الأحزاب والمليشيات الطائفية. ويؤمن الفهداوي بشكل مطلق بمشروع القاعدة "الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام" وهو من الجيل الثاني بعد الزرقاوي له أخ إسمه شاكر قتل على يد القوات الأميركية عند حاجز في منطقة الصوفية في الرمادي. ورغم أنه يتحدر من أكبر قبيلة في الأنبار "البوفهد" غير أنه على خلاف مع أبرز وجوه قبيلته لتطرفه وانحيازه لمشروع القاعدة، الأمر الذي خلق له مصاعب مع الوسط الذي كان يعيش فيه. واعتبر ظهور الفهداوي وهو مكشوف الوجه في عملية إعدام السوريين الثلاثة بمثابة نسخة جديدة من الزعيم السابق لتنظيم القاعدة في العراق، أبو مصعب الزرقاوي، وتجسيدا لدوره حيث أعاد إلى الأذهان الظهور الأول لأبي مصعب الزرقاوي بينما كان يجوب الصحراء أثناء تدريبات بمعية مجموعة من المقاتلين ويتجول مطلقا النار في الهواء، والذي قتل خلال غارة أميركية استهدفت منزلا في بلدة هبهب، شمال شرقي بغداد، في يونيو 2006.
لم يكمل دراسته الجامعية
والفهداوي من مواليد 1986 لم يكمل دراسة الكومبيوتر في جامعة الأنبار، كانت القوات الأميركية اعتقلته عام 2006 وأودعته معتقل بوكا في البصرة الذي يعتبره مسؤولون عراقيون المكان الأفضل لتخريج المتشددين، ونقل عام 2009 إلى سجن تكريت، كبرى مدن محافظة صلاح الدين، لكنه تمكن من الفرار بمساعدة عناصر من «القاعدة» العام الماضي ليتولى بعدها إدارة عمليات ضد قوات الأمن العراقية. وشوهد الفهداوي، المحكوم بالإعدام مؤخرا وهو يقود مجموعة تضم نحو خمسين رجلا تجوب الصحراء بشاحنات دفع رباعي في وضح النهار مدججين بالسلاح، قبل أن يقيموا حاجزا للتفتيش على الطريق الدولي بين بغداد وعمان. ويرتدي زي مقاتلي طالبان المتمثل في سراويل فضفاضة وعصابة تغطي الرأس. ويذكّر مشهد إقامة الحاجز بأيام سيطرة "القاعدة" بقيادة الزرقاوي على هذا الشريان الحيوي. وشهد الطريق الدولي الذي تحفه الصحراء طوال مسافة 350 كلم العديد من عمليات الخطف والقتل بين عامين 2006 و2007 قبل أن تستعين القوات الأميركية بالعشائر ضمن مشروع الصحوات التي استطاعت تأمين المنطقة. ورغم العمليات العسكرية التي بدأتها السلطات العراقية مؤخرا ضد معاقل تنظيم القاعدة، فإن أعمال العنف ما زالت تشكل مشهدا يوميا في عموم البلاد. وصنفت الحكومة العراقية شاكر وهيب الفهداوي، البالغ من العمر 27 عاما على أنه الأشد خطرا وخداعا في العراق، هو وجه جديد للقاعدة، يعيد أسطورة أبي مصعب الزرقاوي وأبي درع وتجربتهما ويعتبر من أخطر الشخصيات في تنظيم القاعدة في العراق وهو الوحيد الذي يقتل دون أن يغطي وجهه، ويعمل على إعلان دولة إسلامية"، وهو شخص خطر ومخادع". وكان الفهداوي قد ظهر في فيديوهات نشرت في مارس الماضي، أثناء قراءة قصيدة في تظاهرة بالفلوجة، بعد انفجار الاحتجاجات المعادية للحكومة في محافظة الأنبار، وبعدها بشهرين أصبح متهما بأنه يقود مسلحين في اختطاف 16 شرطيا على طول الطريق الممتد بين العراق والأردن في محافظة الأنبار، وخلّف هجومه 12 قتيلا. والفهداوي طبقا لنشاط القاعدة في قاطع الأنبار يشرف على مجاميع قتالية تتخذ من جبال حمرين والجزيرة وصحراء الأنبار وبحيرة الأسماك مكان محتملا لتحركاته، وقد فشلت القوات الأمنية في تحديد مكانه باستخدامها طائرات الهيلوكوبتر لملاحقته على مدى شهور. وأعلن رجل أعمال عراقي، أنه خصص مكافأة مقدارها مليونا دولار، أي ما يعادل ملياري و400 مليون دينار عراقي، لمن يساعد القوات الأمنية العراقية في إلقاء القبض على المطلوب شاكر وهيب الفهداوي، غير أن رجل الأعمال فضل عدم الكشف عن هويته لوسائل الإعلام. وأوضح أن المكافأة ستمنح لكل مواطن يرشد على مكان الفهداوي. وأظهر شريط فيديو في 2 يونيو الماضي توقيف أربعة سائقي شاحنات سوريين في منطقة الرطبة في الأنبار، غرب العراق، قبل إعدام ثلاثة منهم بإطلاق النار عليهم، بعد التحقق والتأكد من معتقداتهم الدينية، في حين نجا الرابع لأنه من مكون آخر. ونفذ عناصر المجموعة عملية الإعدام للسائقين الثلاثة، رغم توسلات الضحايا لإقناعهم بأن مبتغاهم هو لقمة العيش ليس أكثر. وقاد التحقيق مع السائقين قائد المجموعة شاكر وهيب الفهداوي الذي بدأ يسألهم عن مذهبهم وعدد ركعات صلاة الفجر وإذا كان بإمكانهم آداء الآذان. وقام مواطن من مدينة بعقوبة يدعى خميس الكروي بتوزيع منشورات وملصقات جدارية في ناحية بني سعد (18 كيلومترا جنوب غرب قضاء بعقوبة، مركز محافظة ديالى)، يعلن فيها عن تخصيص مكافأة قدرها 10 ملايين دينار مقابل قتل ابنه القيادي في تنظيم القاعدة أو المساعدة في إلقاء القبض عليه. ويؤكد النقيب علي كامل من شرطة بعقوبة، أن "الرجل جاد في الموضوع وقد تبرأ من إبنه، وكذلك فعلت والدته وأشقاؤه وزوجته"، مضيفاً "لقد أبلغ القوات الأمنية على الفور عن مكان وجود إبنه الذي تمكن من الفرار قبل اقتحام المبنى الذي كان يتحصن بداخله". وكان الكروي قد أبلغ السلطات الأمنية عن إبنه هاني الكروي، الذي يتوارى عن الأنظار لأكثر من عام، ثم ظهر فجأة وبشكل علني مع مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة. وعثرت القوات العراقية على خارطة شبه مكتملة لمواقع قبور المقاتلين الأوائل لتنظيم القاعدة في العراق في مناطق متفرقة من مدينة بعقوبة (57 كيلومترا شمال شرقي بغداد). وتمثل المقابر التي تم اكتشافها خارطة شبه متكاملة عن مواقع قبور (الجهاديين الأوائل)، وفق المصطلح المستخدم من قبل (القاعدة)، ولكن هناك مقابر سرية لا تزال غير معلومة، وهناك معلومات تتحدث عن مقابر في مناطق تقع شمال قضاء المقدادية وقضاء بلدروز، لكن لم يجر التأكد من مواقعها بعد. وبعض رفاة القبور، وفق المعلومات المتوفرة، لجنسيات عربية وأجنبية كانت تقاتل في صفوف الجماعات المسلحة وقتلت على يد القوات العراقية والأميركية المشتركة، وجرى دفنها في مقابر سرية تابعة للقاعدة.