ما حدث في العاصمة بغداد قبل أيام من اقتحام مجاميع مسلحة لبناية البنك المركزي العراقي وقيامهم بإحراق طابقين من المبنى بالكامل وما نتج عنه أيضا من سفك للدماء وقتل عدد من المواطنين .. هذا الحادث الخطير لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال فالمبنى ومعه مجموعة من البنايات المصرفية والائتمانية حيث يقع في قلب العاصمة بغداد وفي شريانها التجاري ويعتبر أيضا من الأماكن شديدة التحصين وتتميز بكثرة نقاط التفتيش والمطوقة أيضا بعشرات أجهزة الأمن والحماية ومعدات التفتيش سواء كانت الذاتية من داخل المصرف أو من خارجه تابعة للداخلية أو الدفاع وما يميز هذا الحادث أيضا انه جاء في ذروة الحركة النشطة التي تتزامن مع خروج الموظفين الذين يعدون بالمئات..
ولكن ما الذي جرى وما الغاية من الاقتحام إذ ثبتت أنها لم تكن من اجل السطو على الأموال فان المهاجمين لم يأخذوا معهم لا بيضاء ولا صفراء ولكنهم قاموا بإحراق طابقين من المبنى بالكامل إذن كانت هذه العملية بالرغم من خطورتها وغرابتها أيضا هدفها إتلاف شيئا معينا وبدقة متناهية فلا يوجد إذن غير الوثائق فالبنك المركزي يحتفظ بكثير من الوثائق المهمة والتعاملات والتحويلات من قبل المسئولين في داخل وخارج البلد وهكذا عملية نوعية لا يمكن أن تقوم بها جهة عادية إذا لم تكن مرتبطة بالحكومة نفسها ومدعومة من قبلها حيث أفاد الكثير من شهود العيان واعتراف بعض المسئولين الأمنيين بان المهاجمين تمكنوا من الفرار بعد انتهاء العملية وان العملية كانت مخطط لها بدقة متناهية ودخلوا وهم يستقلون العربات المدنية والعسكرية ويرتدون بزات الجيش العراقي ومدججون بالأسلحة المتنوعة كالقنابل والأحزمة الناسفة والعبوات وقاموا أيضا بالتمركز على أسطح البنايات والمراقبة والقنص إذن هذه الجهة ليست جهة عادية بل جهة متنفذة تملك الإمكانات التامة ونجحت في مقصودها ..
ولكن يبقى السؤال ما نوع الوثائق تلك ومدى أهميتها لابد أنها من الأهمية بمكان بحيث تجازف تلك الجهة بمثل هذه العملية النوعية , إن أول أصابع الاتهام تتجه نحو الحكومة الحالية التي يرأسها المنتهية ولايته نوري المالكي فهذه الحكومة تعلم علم اليقين بأنها على وشك الزوال وان القادمون الذين يأتون بعدها ربما ينبشون الدفاتر العتيقة فسارعت إلى حرق هذه الوثائق لتفادي ذلك و لتدفن معها أسرارها وخفاياها في طي النسيان , أو إن المالكي وبصفقة معينة مع الأمريكان قام بحرق الوثائق المالية التي تحمل بصمات بول بريمر الحاكم الأمريكي وأتباعه في مجلس الحكم السابق ولغرض دفن أسرار تلك الحقبة التي تميزت بمئات عمليات السرقات والتحويلات المزورة لتكافئه أمريكا لإبقائه على كرسي السلطة وان يغمز من طرف خفي لأسياده انه الخادم الوثيق ..
والطريف إن بعض المسئولين الأمنيين برروا بان الوثائق لا يمكن إتلافها لأنها مبرمجة الكترونيا وغفلوا أو تغافلوا هؤلاء بان نظام البنك المركزي يقع في رأس الهرم الاقتصادي والمالي للعراق وان جميع المؤسسات الأخرى تعتمد عليه في وثائقها وتعاملاتها المالية وليس العكس فإذا اتلف التوثيق في نظام البنك اعتبر أي توثيق غيره لاغيا ولا يملك صلاحية التوثيق وخير دليل على ذلك هو ما جرى من إتلاف وتزوير وإحراق لكثير من الوثائق والتعاملات إبان سقوط النظام بعد 942003 حيث اعتبر البنك المركزي تلك الوثائق المحروقة والتعاملات لاغيه ولم يحقق أو يحاسب عليها القانون في كثير من عمليات السرقة والسطو في المصارف الحكومية آنذاك واعتبرت المبالغ التي عدت بالمليارات موقوفة وتم قيدها على حساب وزارة المالية ..
ولكن الأغرب ما جرى في هذه العملية هو إفادة احد شهود العيان الذي كان مختبئا في احد البنايات المصرفية الملاصقة للبنك المركزي إن المسلحين قاموا باقتياد عدد من ضباط ومراتب الشرطة المسئولين عن حماية البنك وأثناء اعتراضهم للمسلحين قام المسلحون باحتجازهم لمدة وجيزة ومن ثم قاموا بوثاق أيديهم ومن ثم تعليق أحزمة ناسفة على صدورهم كانت معدة سلفا وأمروهم بالجري نحو باب البناية الرئيس والأسلحة مصوبة نحوهم حيث جرى تفجيرهم عن بعد ..
كل ذلك حدث على مرأى ومسمع المحافل الدولية والمؤسسات ودون مراعاة للقيم والأخلاق الإنسانية والمعايير الدولية لما قامت به تلك العصابات من قتل وحرق وتدمير ونهب لثروات الشعب العراقي .. إن الشعب العراقي يحمل كل تلك الجهات الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن التي تدعي الديمقراطية والتحضر وحقوق الإنسان المسؤولية الكاملة عما حدث ويحدث كونها كانت الجسور التي عبر عليها ومن خلالها الاحتلال وعصابات الجريمة وان الشعب العراقي يحتفظ لنفسه الحق والمطالبة بالتعويض المادي والأدبي والقانوني أمام الشرائع والقوانين الدولية وقد اعذر من انذر ..