يتبنى الناخبون في اقليم كردستان العراق وجهات نظر مختلفة حيال السياسة التي تتبعها احزابهم، لكنهم يلتفون رغم ذلك حول حلم واحد يجمعهم على مختلف انتماءاتهم السياسية: الدولة المستقلة. ومع ذلك، يبدي اكراد العراق وقادتهم مقاربة مختلفة حيال عدد من المسائل الرئيسية المرتبطة بهذا الهدف، وبمستقبلهم في عراق موحد، وبعلاقتهم مع الاكراد في الدول المجاورة. ويختلف الناخبون الذين شاركوا نهاية الاسبوع الماضي في الانتخابات التشريعية الخاصة بالاقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي، حول فكرة اساسية: التوجه فعلا نحو الاستقلال التام، في وقت تحظى محافظات الاقليم اصلا باستقلال اقتصادي متزايد عن الحكومة المركزية. ويقول رئيس الحكومة المحلية السابق برهم صالح لوكالة فرانس برس ان "الحلم الكردي بالاستقلال موجود، ولدينا الحق بذلك، لكننا نامل في الوقت ذاته بان ينجح العراق في ان يكون دولة ديموقراطية"، مضيفا ان "مسالة الهوية مهمة. انها مسالة عاطفية جدا". وتابع "اشعر بالفخر تجاه ارثي الكردي وهويتي. اود رؤية دولة عراقية ديموقراطية، تحترم الحريات الشخصية وتجعلنا نفخر بان نكون عراقيين. العراق لا يزال في طور البناء". غير ان الاكراد في الشارع يبدون وجهات نظر اكثر تشددا تجاه بغداد. ويقول محسن علي (57 عاما) وهو يجلس في مقهى في اربيل مرتديا ثيابا كردية تقليدية "علاقتي مع الاكراد فقط، كلهم اكراد، اينما كانوا. اود رؤية العلاقات مع المركز مقطوعة. اريد ان نتحرر (...) والا نكون مرتبطين باي مكان اخر". ويضيف المقاتل السابق في حزب صالح، الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني "نحن، اكراد سوريا، واكراد تركيا، واكراد ايران، واكراد العراق، نريد ان نعيش بحرية في بلد واحد حر". ويشكل الاكراد اقليات في العراق وتركيا وسوريا وايران، حيث تعرضوا على مر التاريخ الى ممارسات قمعية من قبل حكومات هذه الدول. ففي العراق تحديدا، خاض المقاتلون الاكراد نزاعا مع الحكومة المركزية في بغداد، وتعرضوا لقمع دام في بعض الفترات، وخصوصا خلال حملة الانفال والهجوم الكيميائي على حلبجة. لكن اكراد العراق، ومنذ العام 1991، يديرون بشكل متزايد تفاصيل حياتهم اليومية، ويتمتعون حاليا بحكم ذاتي في الاقليم الذي يشرع قوانينه، ويملك قواته الخاصة، ويتحكم حتى بتاشيرات الدخول اليه. ونتيجة ذلك، يبتعد اكراد العراق شيئا فشيئا عن العراقيين العرب، حيث يتحدث قلة منهم العربية، ويتابعون محطات فضائية خاصة بالاكراد، ويتمتعون بامن واستقرار تفتقدهما بشكل كبير المناطق الاخرى من البلاد. ويقول محمد صالح المهندس الذي تلقى تعليمه في جامعة بغداد حتى العام 1979 "كنا عبارة عن مواطني درجة ثانية. الناس هنا لا يحبون ان يكونوا عراقيين، ولا يشعرون بانهم افراد في هذا البلد". ويتابع "لدينا حكومة فدرالية، لكن لا علاقة بيننا وبينهم". في موازاة ذلك، لا يشعر كثير من الاكراد بالتفاؤل حيال تحقيق الاستقلال، مشيرين الى ان اعلان استقلال اكراد العراق قد يدق اجراس الانذار في المنطقة، ويؤثر بشكل سلبي على العلاقات الجيدة التي تقيمها اربيل، مركز اقليم كردستان، مع الدول المجاورة. ويقول اسوس هاردي الصحافي والمحلل المقيم في السليمانية، ثاني اكبر مدن الاقليم، ان "الجميع يؤمنون بان استقلال كردستان حق لنا، لكنني اعتقد انه سيكون من الصعب تخيل اننا سنحظى بدولة مستقلة في السنوات العشر المقبلة مثلا". ويضيف "امل ان نبنى نظاما ديموقراطيا في هذه المنطقة، وان نقوم بدعم المناطق الاخرى من كردستان، كاتفاق السلام بين الاكراد والدولة التركية، وان نقدم كل الدعم الممكن لاكراد سوريا وايران". وفيما تعبر الغالبية العظمى من الاكراد عن رغبتها برؤية علاقات اقوى مع الاكراد في الدول المجاورة، يتحدث سياسي كردي عن امكانية فشل محاولة جمع الاكراد تحت سقف دولة واحدة، مشيرا في ذلك الى محاولات مماثلة للعرب خلال القرن العشرين. ويبتسم ابو بكر علي، احد ابرز قادة الاتحاد الاسلامي الكردستاني، وهو يتحدث عن جامعة الدول العربية قائلا "حتى لو تحقق الاستقلال، فستكون هناك اربع دول. وبعدها ستكون لنا جامعة مماثلة".
اكراد العراق متفقون حول الاستقلال ومختلفون على التفاصيل