عشية التصويت على مشروع القرار الروسي ـ الأمريكي في مجلس الأمن، والذي يشكل إطارا لنزع السلاح الكيميائي السوري، سجلت أوساط سياسية في واشنطن مجموعة ملاحظات على الكلمة التي ألقاها الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام الجمعية العمومية في الأمم المتحدة، وتوقفت عند خمس مغالطات في هذه الكلمة.
المغالطات الخمس هي الآتية: الخطأ الأول قوله: "لم يكن لدى مجلس الأمن أي ميل على الإطلاق للتدخل في سوريا لولا التهديد العسكري الجدي"، وقد عقّب مايكل شانك على هذا الكلام في مجلة "يواس نيوز اند وورلد ريبورت" بقوله: "لم تطلب الولايات المتحدة إذنا من مجلس الأمن باستخدام القوة العسكرية ضد سوريا، كما لم تناقش الأزمة السورية معه بخلاف ما حصل بالنسبة إلى ليبيا".
الخطأ الثاني هو ادعاء أوباما إنهاء عقد من الحروب مع انسحاب القوات الأميركية من العراق، وإنهاء قوات الائتلاف القتال في أفغانستان في العام المقبل.
لكن ذلك لا يعني انتهاء الحرب فعليا . وربما كان التوصيف الأدق هو بداية عقد جديد من الحرب، فالعنف يسود العراق، و الاقتتال لا يزال مستمرا في اليمن و ليبيا و باكستان وسوريا والصومال. الخطأ الثالث هو تأكيده أن "النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية أودت بحياة أكثر من ألف شخص".
هنا يتوقف المراقبون عند خطأين: الأول يتعلق بهوية من استخدم هذا السلاح، إذ حتى ألآن لم يظهر رأي ثالث محايد (كالأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية) مستندا إلى أدلة علمية لا لبس فيها، يحدد هوية الفاعل بصورة جازمة لا تقبل الدحض. والثاني يتعلق بعدد الضحايا، فالرقم الذي ذكره أوباما يختلف عن تقديرات منظمة "أطباء بلا حدود" التي تحدثت عن "أكثر من 300"، والتقديرات الفرنسية التي تحدثت عن أكثر من 500 ضحية.
الخطأ الرابع يتعلق بليبيا حيث قال أوباما: "لولا التدخل الدولي لكانت ليبيا غارقة اليوم في حرب أهلية و في الدماء". على هذا القول رّد شانك: "هذا تصريح يدعو إلى القلق، لأن ليبيا لا تزال غارقة في الحرب الأهلية و الدماء، ووضعها لم يصبح أفضل بعد الغزو".
و أضاف شانك: " لقد مولنا بسخاء مجموعات الثوار المتنازعة، و المنظمات المعارضة المتنوعة (التي لم تكن متفقة أصلا، وهي غير متفقة حاليا) وغادرنا ليبيا مع احتمالات أقوى بحصول الفوضى وسفك الدماء أكثر من قبل، ونحن اليوم نكرر الأخطاء ذاتها في سوريا".
الخطأ الخامس وقد لا يكون الأخير، هو إعلان أوباما أن الولايات المتحدة "لن تسمح بتطوير و استخدام الأسلحة النووية التي قد تدفع إلى سباق تسلح نووي"، و"على هذه الدول تحمل مسؤوليتها بموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية".
والمشكلة في هذا الإعلان أن الولايات المتحدة وعددا من حلفائها الأساسيين كإسرائيل والهند تتابع تطوير أسلحة الدمار الشامل، وبعض هؤلاء الحلفاء لا يتقيد بأحكام المعاهدة. ولا خلاف أن الرئيس أوباما في حاجة إلى تعيين شخص جديد لكتابة خطبه، وقد تكون المسألة أكثر تعقيدا من ذلك.