نيويورك تايمز: مدينة الصدر غارقة في موت متنوع.. وزعيمها رفض إعدام المتورطين بالتفجير
كاتب الموضوع
رسالة
siryany عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 8408مزاجي : تاريخ التسجيل : 13/09/2012الابراج :
موضوع: نيويورك تايمز: مدينة الصدر غارقة في موت متنوع.. وزعيمها رفض إعدام المتورطين بالتفجير الأحد 29 سبتمبر 2013 - 21:56
2013/09/29 (00:01 مساء)
نيويورك تايمز: مدينة الصدر غارقة في موت متنوع.. وزعيمها رفض إعدام المتورطين بالتفجير
بغداد / تيم ارانغو
بينما كان ستار جبار يقيم عزاءً لأمه في الاسبوع الماضي، ضربت ثلاثة تفجيرات خيمة العزاء، فأودت بحياة ما يقرب من 100 شخص، من بينهم ابنه الاصغر واثنان من اخوته.
يقول ستار، بينما كان يستقبل المعزين بعد ظهر يوم الأربعاء ببيته في مدينة الصدر، الحي المغبر مترامي الأطراف الذي شهد الهجوم، "اشعر انني فقدت حياتي، بيتي." ويضيف "خربوا كل شيء". وبينما كان المعزون يقرأون الفاتحة ويشربون الشاي، تجمع سكان غاضبون في ركن موقع الهجوم، الذي كانت فيه شاحنة متفحمة ومبان محترقة، وطالبوا باعدام المهاجمين. قال ستار "نريد اعدامهم هنا". وكان الهجوم على العزاء في نهاية الاسبوع الماضي هو اشد هجوم ارهابي منفرد دموية في ذاكرة العراق الحديثة، وقد اغرق مدينة الصدر، التي تسكنها طبقة شيعية واسعة موالية لرجل الدين القوي سياسيا، مقتدى الصدر، بالحزن. كما اثار هذا الهجوم موجات غضب تجاه الحكومة التي يتزايد نظر العراقيين اليها على انها غير كفء وفاسدة، لا بل غير شرعية، الامر الذي يضاف الى عزلة قيادة شيعية تكافح لاحتواء تزايد الاضطرابات السنية. وبينما كان الغضب يكبر بين اوساط مجتمع مدينة الصدر، تجمعت مجموعات من الناس بموقع الهجوم ووضعوا حواجز لسد المرور، اختفت اثار سلطة الحكومة. فقد انسحبت القوات الامنية من مركز مدينة الصدر، ونزل رجال يرتدون ملابس سودا الى الشارع قالوا انهم ميليشيا يتولون مهمة ادارة الدخول الى بعض المناطق. الموظفون في المباني الحكومية ـ المحكمة، المركز الصحي، مديرية التربية ـ ذهبوا الى بيوتهم بعد ان طالبهم محتجون بالمغادرة. وراجت شائعات تقول ان عملية اعدام علني كانت توشك على الحدوث، وتوقع كثير من السكان المتجمعين انها ستنفذ. لكن في الحقيقة، ان اربعة من المشتبه بهم الذين القى القبض عليهم عناصر من الميليشيات المحلية كانوا قد سلموا الى الحكومة. الحكومة المركزية التي يهيمن عليها شيعة، ويقودها رئيس الوزراء نوري كامل المالكي، تحارب تمردا سنيا تتزايد دمويته ويتحول الى قتال طائفي دموي تذكر بحرب البلد الاهلية التي حدثت قبل سنوات عدة. فالعنف لا يهدأ ويحدث يوميا: ففي صباح يوم الخميس ضربت تفجيرات اسواقا شعبية في منطقتين قرب بغداد، واحدة تسكنها اغلبية شيعية، والاخرى سنية، فقتلت ما يزيد عن عشرين شخصا. وبينما تحاول الحكومة اخماد التمرد السني، هي الان تواجه قلاقل متزايدة بين اوساط اغلبية البلد الشيعية، التي اصبحت اكثر عزما على تولي القتال بنفسها. ولعل هذا يظهر بجلاء في مشاعر مدينة الصدر الغاضبة، موضع المقاتلين السابقين في ميليشيا السيد الصدر، جيش المهدي، الذين القى قسم كبير منهم اسلحته في السنوات الماضية ووضعوا ثقتهم بالعملية السياسية. لكن بينما يواجه مجتمع مدينة الصدر الان جبهة عنف إرهابي، ويعتقد ان الحكومة عاجزة عن حمايته، فان هذا الحال في تغير، وهو ما تبين في الاحتجاجات والاضطرابات التي شهدتها مدينة الصدر في الاسبوع الماضي. وقال رزاق جاسم، 43 عاما، صديق ستار جبار وجاءه لتقديم واجب العزاء يوم الاربعاء، ان "المدينة كلها غاضبة". وقال ستار "كلنا نغلي"، مضيفا "اننا كلنا ننتظر امرا من مقتدى". لكنه يقصد من كلامه انتظار امر من مقتدى هو الانتفاض ضد الحكومة والمجتمع السني على حد سواء. ولو حدثت مثل هكذا انتفاضة، فهذا من شأنه ان يزيد من زعزعة العراق ومن الممكن، ربما، ان يعيد البلد الى الى ايام الحرب الاهلية الطائفية السود التي نشبت في الاعوام 2006 و2007. لكن حتى الآن، فان الصدر يحث على الحذر، وهو الذي اصبح صانع الملوك في السياسة العراقية بعد انتخابات العام 2010 من خلال دعمه ولاية ثانية لرئيس الوزراء المالكي. فعلى سبيل المثال، بعد ان أوقف عناصر ميليشيا بمدينة الصدر المشتبه بهم الاربعة اثر هجمات نهاية الاسبوع الماضي الإرهابية، يقول أشخاص من المدينة انه رفض الدعوات الى تنفيذ حكم إعدام علني بهم وامر بتسليمهم الى الحكومة. وقد يكون الصدر حذرا في الوقت الحالي، لكن عصائب الحق، وهم ميليشيا شيعية قوية اخرى وخصم جيش المهدي وتتلقى ايضا بعض الدعم في مدينة الصدر، قد حشدت عناصرها. وعصائب الحق، المدعومة من ايران وانشقت عن الحركة الصدرية قبل سنوات عدة وكانت مسؤولة عن الكثير من الهجمات الدامية على الجيش الاميركي عندما كان في العراق، لقي جناحها السياسي ترحيبا من جانب حكومة المالكي. ومع ثبوت عدم فاعلية قوات الامن في صد هجمات مجموعات سنية متمردة، تعمل وحدة العصائب المسلحة الان، حسب ما يقول احد عناصر الميليشيا، بشكل سري بنحو متزايد مع الحكومة. وقال احد قادة المجموعة، ذكر بان اسمه هو ابو عبد الله "نحن لانقدم على فعل اي شيء حتى تطلب منا الحكومة"، مضيفا "لدينا اتصال مباشر بقادة القوات الامنية". وبدعمه عصائب الحق، ظهر ان المالكي حسب حسابات محفوفة بالمخاطر من خلال مساندته بعض الميليشيات الشيعية، حتى ولو سرا، بانه يستطيع الحفاظ على السيطرة على السكان الشيعة الغاضبين، وفي نهاية المطاف، الاحتفاظ بالسلطة بعد الانتخابات الوطنية المقبلة، التي من المقرر اجراؤها في العام المقبل. اذ يقول عناصر ميليشيات وسكان من مناطق شيعية ان افرادا من عصائب الحق يحصلون على باجات حكومية واسلحة تسمح للقوات الامنية منحهم حرية الحركة. لكن فصائل شيعية قوية اخرى، من بينهم الصدريون، الذين شكلوا حركتهم على غرار حزب الله اللبناني، هم ايضا خصوم عصائب الحق، التي تسبب دعمها من جانب الحكومة بمشاعر سخط عميقة بين صفوف اتباع الصدر. كما اثار هذا الامر مواجهات عدة في الشوارع بين ميليشيا العصائب ومسلحين موالين للصدر، الامر الذي قد ينذر باقتتال دموي من اجل الهيمنة الشيعية في العراق. وردد كرار حسن، 46 عاما، مشاعر كثيرين من اتباع الصدر، فقد احد ابناءه بالهجمات على مدينة الصدر في الاسبوع الماضي. قال كرار "اننا سئمنا من القتل. وحان دورنا لنقوم بفعل". ويقول حامد خلف، 37 عاما، الذي التحق بالمحتجين بمدينة الصدر، "لن نخدع مرة اخرى بوعود الحكومة. لقد رمينا اسلحتنا ووضعنا ثقتنا بالقوات الامنية، وكل ما حصلنا عليه هو المزيد من القتل ومزيد من عدم الاستقرار. نقول للمالكي هذه فرصتك الاخيرة. اما نقوم بانقلاب على حكومتك، او سيكون عليك قتلنا جميعا". ومدينة الصدر، من نواح كثيرة، مجتمع استهلكه القتل ومفاهيم الثأر. رايات خضر وبيض وصفر موضوعة على جدران وتقاطعات شوارع تكريما لابناء المدينة الذين قتلوا في سورية. وعلى البيوت على امتداد الشوارع الضيقة والمتربة ترى لافتات سود وصور ضحايا الهجمات الارهابية على المدينة، بعضهم اطفال. ثمة لافتة، رفعها المحتجون في المدينة، تقول "لا نريد ماءا ولا كهرباء، نريد فقط رؤية اعدام قتلة ابنائنا". وبينما كان ستار جبار يمشي بمحاذاة شارعهم يوم الأربعاء اشار الى بيت احد جيرانه. وقال "قتل واحد هنا". وأشار الى بيت آخر، وقال "وهنا واحد أيضاً".
نيويورك تايمز: مدينة الصدر غارقة في موت متنوع.. وزعيمها رفض إعدام المتورطين بالتفجير