توقيع الصفقة أعلن في وسائل الإعلام رغم أرقامها المريبة
لندن- وجه مراقبون عراقيون أسئلة محرجة بشأن صفقة عملاقة بقيمة 6 مليارات لإنشاء مصفاة متواضعة بطاقة 150 ألف برميل يوميا. وقالوا إن المقارنات تشير الى أن قيمة العقد تكفي لإنشاء مصفاتين بتلك الطاقة على الأقل، وأنها ذهبت لشركة لا تشير سجلاتها الى أنها قامت بإنشاءات من هذا النوع أو وجود مناقصة دولية شفافة. أثار عدد من الصحف والمواقع العراقية والمراقبين أسئلة كثيرة فيما يتعلق بصفقة عملاقة تم التوقيع عليها رسميا بحضور رئيس الوزراء نوري المالكي. وبلغت قيمة الصفقة التي جرى توقيعها مع شركة ساتارم السويسرية، 6 مليارات دولار. وتبلغ طاقة المصفاة التي سيتم إنشاؤها في محافظة ميسان جنوب شرق العراق 150 ألف برميل يوميا. وتشير المقارنات الى أن قيمة الصفقة مبالغ فيها الى حد بعيد وأن عددا من عقود إنشاء المصافي في دول المنطقة تشير الى أن قيمة العقد تزيد على ضعف العقود المبرمة لإنشاء مصاف بهذه الطاقة، التي تبلغ 150 ألف برميل يوميا. وتساءل المراقبون عن طبيعة العقد الذي لم تعلن تفاصيله، وما إذا كان استثمارا أجنبيا، أو اتفاق شراكة مع الشركة السويسرية التي لا تشير سجلاتها الى أنها قامت بإنشاءات من هذا النوع. ويقول المراقبون أن الحكومة العراقية، لم تعلن عما إذا كانت قد أجرت مناقصة دولية شفافة، وما إذا كانت قد عرضت المشروع للمنافسة أما الشركات العالمية المعروفة بإنشاء المصافي النفطية. يذكر أن شركة ساتارم السويسرية مسجلة في كانتون زك السويسري وخبرتها كما يقول موقعها هو في معالجة المخلفات النفطية وبناء مصانع الاسمنت والطاقة المتجددة والمعدات النفطية. ورجحوا أن تكون شركة استشارات، لأن موقعها لا يشير الى أنها قامت بإنشاء أية مشاريع محددة، حتى في تلك المجالات، التي لا علاقة لها بإنشاء المصافي. وتساءل المحلل صبيح العبودي عما إذا كانت السلطات العراقية قد طلبت من الشركة السويسرية شهادات معتمدة من مصارف عالمية تثبت قدراتها المالية اللازمة لتوقيع عقد بهذا الحجم. وأضاف لموقع صوت العراق بأن الحكومة كان يفترض أن تحصل من الشركة على شهادات من الزبائن الذين يفترض ان تكون أنشأت مصاف من هذا النوع كذلك يجب ان يقوم فريق من الخبراء العراقيين من المصافي والبنك المركزي بزيارة الشركة في سويسرا للتأكد انها تصلح ان تبني مصفاة للنفط بهذا السعر الخيالي.
مقارنات مجحفة
ويورد المراقبون للمقارنة أن شركة النفط الكويتية تعاقدت مع شركات يابانية وكورية معروفة وعريقة في بناء مصفاة تبلغ طاقتها الانتاجية 600 الف برميل يوميا أي ما يعادل 4 أضعاف طاقة مصفاة ميسان. وبلغت الاستثمارات في المصفاة الكويتية نحو 14 مليار دولار أي 3.5 مليار دولار لكل 150 الف برميل يوميا. ويمكن الاستنتاج بأن مصفاة ميسان بطقتها التي تبلغ 150 الف برميل يوميا يفترض أن لا تزيد تكاليفها عن 3.5 مليار دولار، وليس 6 مليار دولار حسب العقد التي تم توقيعه بين الحكومة العراقية والشركة السويسرية. كما يورد موقع صوت العراق ومثال أخر فإن شركة بكتل العالمية بتحالف مع شركة هندية كبيرة قامت ببناء أكبر مصفاة بالعالم بسعة إنتاج 600 الف برميل يوميا مع محطة كهرباء بسعة 600 ميغاواط وبتكلفة 6 مليار دولار. وبالمقارنة يمكن القول إن تكلفة بناء المصفاة العراقية تكفي لإنشاء 4 مصاف بتلك الطاقة المقررة. وتذهب المقارنة الى أن شركة أرامكو السعودية أبرمت مع شركة توتال الفرنسية عقدا لبناء مصفاة الجبيل يكتمل إنشاؤها في العام الحالي، وفق أحدث المواصفات العالمية بطاقة تبلغ نحو 400 ألف برميل يوميا وبقيمة 9.6 مليار دولار. وتؤكد المقارنة أيضا أن تكلفة إنشاء مصفاة بطاقة 150 ألف برميل يوميا في حدود 3.6 مليار دولار. ودعا المحلل صبيح العبودي المختصين بصناعة المصافي وتأهيل الشركات من الناحية المالية والفنية دراسة ملف الشركة السويسرية للتأكد ان لديها القدرة المالية التي تؤهلها للدخول في مناقصات بهذا الحجم الكبير. كما دعت أصحاب الخبرة في إنشاء وتشغيل المصافي النفطية لدراسة ما إذا كانت الشركة السويسرية نفذت بالفعل مشاريع لبناء مصافي ومعرفة حجم المصافي المفترضة التي بنتها الشركة السويسرية وفي أي بلد ولصالح أي شركة او مؤسسة والقدرة الانتاجية وكلفة المشاريع التي نفذتها. ويقول المراقبون إن بناء مصفاة ميسان بطاقة 150 الف برميل يوميا بتكلفة 6 مليارات، تبدو خيالية، وأن نصف المبلغ يكفي لبناء المشروع. ويضيف المراقبون أن الصفقة تطرح أسئلة كثيرة، وأنها قد تكون صفقة فساد كبرى، تضاف الى الصفقات الكثيرة التي كشف عنها في السنوات الأخيرة.
اتهامات فساد في عقد إنشاء مصفاة عراقية بقيمة 6 مليارات دولار