الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 10384تاريخ التسجيل : 07/10/2009
موضوع: الدكتاتور يعلنُ موتَ الدولة:ظاهرة احمد نوري المالكي وشرعَنَة الفساد : فخري كريم الجمعة 18 أكتوبر 2013 - 22:54
اقتباس :
اقتباس :
الدكتاتور يعلنُ موتَ الدولة:ظاهرة احمد نوري المالكي وشرعَنَة الفساد
فخري كريم
بقيت في حالة شك موجع، حول ما يصلني من معلومات وتفجعات ضحايا احمد المالكي من المواطنين أصحاب العقارات في المنطقة الخضراء، ومن رجال الأعمال وأصحاب الشركات الخاصة. وحاولت طوال سنوات ان اجد المبررات المقنعة التي تدفع الشك عن السيد نوري المالكي، وما اذا كان على علمٍ بفضائح ولده، أم أن العصابة الملتفة حول احمد تموه عليه الأمور وتُظهر تصرفاته على أنها خارج أية شبهة او ظنٍ بالتجاوز. لقد بدأت هذه الظاهرة المؤرقة خلال الولاية الأولى للمالكي، واذكر انني انتفضت على نفسي، وعنّفتُها وخرجت عن سياق المهمة "التطوعية" التي انتدبت نفسي اليها، كممثل لرئيس الجمهورية وكبير مستشاريه، من منطلق الوفاء لصديقٍ حاول ان يكون مختلفاً، ووافقت على إجراء حوارٍ مع قناة "الحرة" في واشنطن قلت فيه ان المالكي اخذ ينزع نحو تكريس دكتاتورية من طراز جديد. كان ما قلته أول إشارة لظاهرة نوري المالكي، وبقيت على رأيي ذاك، ما دفعني الى إعفاء صديقي الرئيس من الحرج فأعفيت نفسي من المهمة، ولم يقبل هو.
وطوال الولاية الأولى تابعت تطور الظاهرة، وعمّق قناعتي بها تصريح المالكي الشهير "ما ننطيها". يومها قلت للرئيس: "انها فضيحة لا يجرؤ على لملمتها غير مطالبته باعتذار علني". لكن ذلك لم يحصل، وبدأت الظاهرة تنمّي نفسها، مثل كل ظاهرة زلل تبدأ بخطأ "عائلي" غير مقصود، أو غفلة من العائلة، أو عوزٍ وإملاق، يؤدي الى السقوط! وكانت لحظة "غفلتي" الشخصية مع تعقّد المشهد السياسي عشيّة الانتخابات التشريعية، وتصاعد الصراع الطائفي، وبروز ظاهرة "الشّد الخارجي" العربي والإقليمي، وتحولهما الى عامل داخلي في الصراع، فـ"كَبَوت" ويا ليتني لم أعش حتى أشهد نتائج ذلك! ( ٢ ) في أول لقاءٍ لي مع المالكي في مكتبه، ذكر بين قضايا كثيرة ما يتعرض له ولده الشاب من تعريض واستهداف "انه شاب يافع يساعدني في مكتبي كموظف صغير، ومن حقي أن أضع في المكتب من يكون موضع ثقتي، وهم يريدون ان يدسّوا عليّ عناصرهم ليوظّفوها لخدمة أغراضهم!". وراح يضيف "أنت تعرف انهم جميعاً عينوا أبناءهم وبناتهم كمستشارين ومدراء لمكاتبهم دون استحقاق"، واستعرض سيرة القادة من حلفائه. لم اعلق يومها ولم افتح السيرة الفضائحية لولده، وكيف اصبح الناس يقرنون اسمه باسمي عدي وقصي صدام حسين. بدأ اسم احمد المالكي يُذكر بقوة مع حادثة اختطاف الإعلامية "....." واضطرارها لمغادرة العراق بعد التهديدات التي تلقتها، ولم تشفع لها او تطمئنها تأكيدات بعض قادة التحالف الوطني بتوفير مأوىً آمن لها وحمايتها، لشدة ما روَعَها تهديد جلاوزة احمد المالكي. ثم تتالت "بطولاته المالية" وأخذت فضائح تعاملاته مع عالم المال الحرام، واستخواء رجال الأعمال وسيطرته على عقارات المواطنين والدولة، تتعاظم من موقعه في مكتب والده مع بدء ولاية الوالد الثانية، وبعد ان استكمل حلقات مسلسل ملفات الفساد التي يبدو انه لملمها وشارك في استدراج المحيطين به اليها، بدراية منهم او غفلة او طمعاً في مالٍ حرام. ( ٣ ) وبغض النظر عن كل ما يحيط بالنجل المدلل للمالكي من إشاعات وظلال فسادٍ مالي وتجاوزات، فان الفعل السياسي الشائن تمثل بما اقدم عليه رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، حين اعلن ولده "بطلاً" استطاع ان يتولى قيادة قوة عسكرية اتحادية ويلاحق "لصاً" اعتدى على عقارات الدولة وامتلك سيارات غير مرقمة، وأسلحة غير مرخصة (نسي الوالد ان يضيف أنها كلها كانت تُستخدم للنشاطات الإرهابية!)، وامكنه ان يلقي القبض على "اللص"، في حين تخاذل ضباط الجيش والشرطة الاتحادية عن القيام بالمهمة البطولية للصبي احمد. ونسي الوالد هذه المرة ان يقول: وهل كان احدٌ من الضباط يمتلك الجرأة للتطّفل على ما اصبح معروفاً في المكتب بانه من صميم مهام احمد نوري كامل المالكي؟! نسي المالكي، او تناسى، انه لم يكن ليضع ولده مسؤولاً عن عقارات الدولة لولا معرفته بشطارته و"قدرته البطولية"، في الضرب على أية يدٍ تتجرأ على الاقتراب منه. نسي ان اقرب مقربيه الذين يرافقونه كظله صاروا يعرفون أن أحمداً " بطل أبيه " ويُحرّم على الجميع الاقتراب منه .! ورضي كل واحد منهم بحصته في "مصائد الدولة" و"كمائن رجال الأعمال" على ان لا تزيد عن عشرات آلاف الدولارات ليس اكثر!، إلا اذا حصل الأمر بمنتهى السرية وخلف الأبواب المستورة عن كاميرات المراقبة. ( ٤ ) ونحن اليوم أمام عودة غير محمودة "للحدث الجلل" الذي أشار اليه المالكي في لقائه الفجائعي المشؤوم، ورأى فيه ما يجعل من الصبي المعجزة احمد "بطلاً" لم يحالفه الحظ ليمنحه والده وسام الرافدين من الدرجة الأولى، لان مجلس النواب لم يتفرغ بعد لتشريعٍ جديد لأوسمة العراق "الديمقراطي". وفي العودة، لا بد من التأكيد على الإشاعات التي تقول إن احمد المالكي، بمساعدة قريبه وكاتم أسراره، يدرس بحكم وظيفته الصغيرة في مكتب والده، كل ملفات الشركات ورجال الأعمال والعقود التي يحصلون عليها، ثم يبدأ، كما تشير الإشاعات، مسلسل الملاحقة البوليسية لكل واحدٍ منهم على انفراد، ووضعه أمام "شرفه الوطني" بدفع "المقسوم" من أرباحه الحرام، وفي خطوة لاحقة القبول بعرضٍ مغرٍ قوامه التعاون معه ومشاركته في مشاريعه، واختصار مسيرة مروره على الدوائر وفاقدي الشرف من المرتشين الصغار. والشريك البطل مستعد لإرساء كل ما يريد من عقود ومشاريع! هذه إشاعات مغرضة، لا تصدقوها، إلا اذا استمعتم أو قرأتم بياناً تكذيبياً من مكتب رئيس مجلس الوزراء. ( ٥ ) وسأعرض وقائع الأكذوبة التي أوردها المالكي في معرض تنصيب ولده الضال، بطلاً مزيّفاً. لقد تعقب احمد المالكي، عن طريق ممثله ياسر، اكثر من رجل أعمال - لن أخوض في تفاصيل ذلك الآن- واستطاع ان يحصل على ما يريد منهم حسب قرار احمد "بالخاوة" المحسوبة على الأرباح والحقوق الشرعية، لكل من اللص وحامي اللص! لم يكن في هذه الحوادث التي تداولتها الإشاعات ومحافل رجال الأعمال وأوساط التحالف الوطني، أي اثر او حقيقة لما قال به المؤمن المختار نوري المالكي، لا أسلحة غير مرخصة، ولا سيارات غير مجازة ولا مواد تفجير، بل ممانعة عن الدفع (حسب الحقوق الشرعية)! وكان فائز ، القريب الآخر، فارسها المغوار الذي لم يسمه المالكي بطلاً، ربما لأنه على غير وئام مع والده المغضوب عليه، واستطاع ان يهرب من المنطقة الخضراء، بعد ان أُسقط في يد المالكي بإحدى تلفيقات ولده حول حادثة مماثلة لما أشار اليها في حديثه الساخر. ( ٦ ) اكثر من حادثة من بطولات احمد سردتُ وقائعها على قادة في حزب الدعوة ودولة القانون، وأسندتُ بعضها بوثائق تُكّذب ادعاءات المالكي وولده، وطالبتهم بوضع حد لهذه المسخرة المنكرة التي تخالف كل شرع سماوي او دنيوي، وتتعارض مع ابسط القيم الأخلاقية والأعراف والتقاليد، بل واستحلفت بعضهم بالقرآن ان يتخذوا موقفاً مشرفاً اذا ما بينت لهم ما يقنعهم بفساد فائز واحمد وعصابة اللصوص التي تلاحق الناس. بالمناسبة\ لم اقبل بحلفهم القرآن قبل الوضوء، استغباءً مني بأن في ذلك ردعاً لمن تسوّل له نفسه معصية كتاب الله وأحكامه! ( ٧ ) منذ تأسيس الدولة العراقية، مرورا بكل الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة، وتخصيصاً لأكثرها استبداداً، لم يجرؤ أي من قادتها على فعلة شائنة، يسمي فيها ابنه بطلاً، ويستخف بقواته المسلحة ويحتقر قادتها وضباطها ومنتسبيها، ويتهمهم بالتخاذل والجبن والتردد في ملاحقة "لص"! حتى صدام حسين لم يجرؤ على تحقير شعبه ودولته، كما فعل المالكي، زعيم حزب الدعوة. الزعيم الوحيد الذي فعل ذلك معمر القذافي عندما سمّى الليبيين "جرذاناً". كما لم يتطاول قائد عام للقوات المسلحة، او يقوم بهدم معنويات قواته وهي في حالة حرب مع الإرهاب، كما فعل المالكي. وكيف سيثق الشعب بقدرة القوات "المتخاذلة" عن ملاحقة رجل اعمال،على إلحاق الهزيمة بالقاعدة والمنظمات الإرهابية والقتلة على الهوية والميليشيات شبه العلنية التي تستبيح أرواح وأملاك المواطنين، على مرمى ومسمع من القوات الأمنية والسيطرات المرتبطة بمكتب القائد العام؟ لقد سقط المالكي في "فخ" أطماعه السلطوية، وأوهام عظمته المزيفة وتخاذل القادة من حوله، فجاهر بحنثه بالقسم على حماية الدستور والقانون وضوابط وظيفته، حين اعلن عن تكليف ولده بقيادة قوات مسلحة، وهو مجرد موظف صغير في مكتبه، إلا اذا كان صحيحاً انه عينه نائباً للقائد العام "كأمر واقع" من وراء ظهر البرلمان، كما فعل مع كل قادة الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية والمخابراتية، والعقد الأساسية في شبه الدولة المتداعية! والحنث بالقسم جريمة توجب المحاكمة والاعتقال والإقصاء عن أية وظيفة رسمية وحرماناً من الحقوق المدنية! كلام المالكي إنما هو رسالة علنية لكل الشركات ورجال الأعمال بالاستجابة لطلبات احمد ، ولا خيار آخر لهم سوى الخضوع دون اعتراض او محاولة استئناف! واذا لم يفرض البرلمان وقادة التحالف على المالكي ان يتراجع علنا ويعتذر بإعفاء ابنه من كل مسؤولية وإبعاده الى خارج البلاد، فان ذلك يعني منتهى التواطؤ والاتفاق على نهاية الدولة بما هي عليه الآن من انقاض دولة. ( ٨ ) شركاء في جريمة المالكي ونجله، كل قادة الكتل الذين استمرأوا حالة الصمت حيال الاستباحات التي ترتكب على مدار الساعة، فلا ينتفضون على هذا الواقع الفاسد. والشريك الاول، قادة التحالف الوطني كلهم، ولا عذر لهم او شفاعة بانتظار الانتخابات للحكم الفصل، فكل من الفاسد والمزور والكاذب، قمين بفعل كل موبقة لإنقاذ مصيره من العاقبة التي تظل بانتظاره مهما طال الأمد. سأنتظر تكذيب زبانية المالكي، لأضع النقاط على الحروف، فأذكر تفاصيل الحوادث والفضائح بالأسماء والوقائع. بالمناسبة، سيد احمد، هل مازلت تلاحق رجال الأعمال بصفتك رقم واحد؟