أئتلاف انتخابي وطني لا طائفي لإزاحة المالكي ضمان لتحقيق المشاركة والتغيير : د. ع
د. عمر الكبيسي
خلال ثماني سنوات مضت من تمسك المالكي وتفرده المتفاقم
بالسلطة في
العراق، من خلال
حكومة الوكالة والفشل، لم يعد المالكي مجرد فرد حاكم، لأنه أسس لمشروع ونهج وسلوك،
من خلال استغلال كل مستلزمات المشروع من مال وفير وقوة قمعية ورجال سلطة فاسدين
بشكل طائفي مقيت.
اليوم سلطة المالكي ليست أقل استفحالا بشعبها من سلطة بشار
الأسد أو محمد مرسي او الفريق السيسي، وعندما تقف شعوب ودول عظمى، بجانب او ضد هذا
او ذاك منهم، فهذا لا يعني انهم مجرد أفراد بقدر ما هم مشاريع يحسب لها حساب.
في
نظامنا العربي، الحاكم ليس فرداً لا ينبغي ان يستهدفه مشروع، كما يقول بعض ساستنا
الجدد، عندما يرفع شعار إزاحة المالكي كهدف، يصمت الذين يتحدثون عن الديمقراطية
عندما يفوزون بالتزوير، ويتحدثون عن المظلومية فقط عندما تتعرض مصالحهم وامتيازاتهم
لتأثير، ولا يتذكرون الشعب إلا بجو الانتخابات القصير.
اليوم شبع الشعب العراقي
عنفا وقتلا وجهلا ومرضا وجوعا وتهجيرا، وهم يدركون جيدا انه ضحية فساد مستشر وعنف
لميليشيات متصارعة من نمط ونهج واحد لصالح تفرد حاكم واحد.
انتخابات تعيد
المالكي للسلطة من جديد، من خلال إئتلاف انتخابي خطير يبتز ثروة العراقيين النفطية
ويسلخ كركوك ومناطق تحيطها من هويتها العراقية وجنسية مكوناتها، هو أشد ما يقلق
أذهان عرب العراق ومستقبلهم، وبالتالي فإن تشكيل إئتلاف انتخابي وطني عراقي يعبر
الطائفية ويوحد المكون العربي ويسقط مشروع المالكي وولايته الثالثة، بعد إجراء
الانتخابات، سيكون ضمانة أكيدة للاندفاع الى الانتخابات والمشاركة فيها بثقل كبير،
وأرى ان للسيد مقتدى الصدر حظا كبيرا بتحقيق مثل هذا الميثاق بشكل مبكر، طالما تبنى
وبادر بنفسه بإشهار شعار لا ولاية ثالثة للمالكي.
اليوم يتظاهر ويعتصم ويستنكر
شيعة العراق ما اصابهم من فواجع وكوارث في مواكبهم الحسينية، وأمام احيائهم الفائضة
والمنكوبة، كما يتظاهر ويعتصم السنّة في ساحات الاعتصام في محافظاتهم، مطالبين
بالإفراج عن سجنائهم ومعتقليهم نساء ورجالا، وتحقيق التوازن في منح الحقوق
والواجبات.
واليوم يقف ساسة الشيعة بالضـــد من ولاية المالكي الثالثة، أكثر
حزما ومناهضة من ساسة السنّة، الذين نالوا من التهمـــــيش والإذلال على يــــد
المالكي ما لم ينله غيرهم، وحال المكـــونات الاخرى من تركمان ومسيحيين وصابئة
وشــــبك ويزيدين ليست بأقل سوءا من معاناة اخوتهم عرب العراق.
على قادة الكتل
الانتخابية وناطقيها ومرشحيها، مهما كانت طبيعة ومنهجية تشكيلها، أن يدركوا أن
الشعب العراقي لن ينتخب أي كتلة او قائمة او شخص لا يعلن موقفه الصريح من ولاية
المالكي الثالثة، في مرحلة ما بعد الانتخابات، واحتمالية الائتلاف او التعاون معه
بأي صيغة من الصيغ، لأن الشعب يدرك ان التغيير المحتمل لا يمكن ان يحدث إلا من خلال
إزاحته. لقد اعلن السيد مقتدى الصدر موقفه بوضوح حينما رفع شعار (لا ولاية ثالثة
للمالكي) والمفروض ان تعلن كل الكتل والتكوينات الانتخابية الاخرى موقفها في
برامجها الانتخابية من تجديد هذه الولاية. والساسة الذين جاهروا بالأمس بكارثية
تفرد المالكي بالسلطة ودكتاتوريته، عليهم اليوم الا يصمتوا وإلا فإنهم جميعا متهمون
بأنهم سيكونون أطرافا فاعلة باحتمالية العودة الى حقبة المالكي.
الكتل التي تمثل
حواضن السنة هي الأجدى بإعلان ذلك قبل غيرها، والكتل المتشكلة حديثا بنية إحداث
التغيير هي الأولى بتحديد موقفها من ذلك. التغيير المنتظر لا يمكن ان تحدثه مجاميع
النواب الفاشلين والفاسدين والمتقلبين في المواقف، ولا اولئك الذين أثروا من قوت
الشعب، الشعب يعرفهم جيدا بالهويات والأسماء ووجودهم ومحاولة ان يركبوا الموجة
القادمة عملية مفضوحة ومرفوضة. لإحداث التغيير المنتظر ينبغي تهيئة كوادر انتخابية
نزيهة وكفوءة وشابة ليس في كنيتها شائبة فساد او فشل .
الشعب يهتف بـ(لا)
للمالكي وللطـــــائفية، و(لا) للميليشيات والعنف بكل أشكاله و(لا) للاحتلال
والنفوذ الاقليــمي بكل مصادره، و(لا) للتقسيم والأقاليم، و(لا ) للفساد بكل
أشـــكاله، والشعب يدرك أن ولاية المالكي هـــي التي أسســـت لكل هذه الآفات
الســــياسية، وبالتــــالي فان التجديد للمالكي تجديد لكل آفات الموت والانهيار
للعراق المنكوب.
الشعب يريد التغيير لبناء الدولة العراقية المدنية العصرية على
أسس سليمة، وهو يدرك جيدا ان هذه العملية السياسية وهذا الدستور المقيت لا يمكن أن
يؤسس لهذه الدولة، فإذا حدث التغيير المنتظر من خلال الانتخابات القادمة، فإن تعديل
وتغيير دستور الاحتلال هو الخطوة القادمة لاجتثاث المحاصصة والطائفية.
الشعب
يعتصم ويتظاهر بكل وسائل الحراك المتاحة وتنفيذ مطالب الشعب وتبنيها هو هدف التغيير
المنتظر. كل الكتل التي اعلنت مسمياتها لخوض الانتخابات بحاجة لإثبات عراقيتها وعدم
طائفيتها ونقاء وتطهير مرشحيها ومصارحة الناخبين بموقفها الثابت من استمرار مشروع
المالكي وولايته، وتصميمها على إحداث التغيير لإحداث انتقالة جماهيرية، من حالة
اليأس والقنوط التي تدفعها للعزوف عن مشاركة فاعلة في انتخابات تجري بأحلك الظروف،
الى حالة التغيير والانفراج والاندفاع للمشاركة.
مشاركة العراقيين بشكل فاعل
بهذه الانتخابات لن تتحقق إلا من تأكدهم وقناعتهم بأن التغيير محتمل وأن الانتخابات
ستحقق لهم هذا الأمل.
‘ كاتب عراقي