القدّيس إقليمنضُس الإسكندريّ (150 - نحو 215)، لاهوتيّ "بروترِبتيكوس" أو الإرشاد لليونانيّين، 9 "إِلاَّ أَنَّ الحِكمَةَ زَكَّتْها أَعمالُها": الربّ يدعونا إلى التوبة
لا يمكن لإرشادات القدّيسين الآخرين أن تلمس أحدًا بقدر ما يمكن أن تلمسه إرشادات الربّ نفسه، مع كلّ محبّته للبشر، لأنّ همّ الربّ الوحيد هو إنقاذ الإنسان. فهو يصرخ إذًا ليحثّ البشر على إنقاذ أنفسهم: "تَمَّ الزَّمانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكوتُ الله" (مر1: 15). هو يريد أن يهتدي الناسُ الذين يأتون إليه. بالطريقة نفسها، جعل رسول الربّ نفسه لسان حال صوت الله: "إِنَّ الرَّبَّ قَريب؛ أَمَّا أَنتُم، أَيُّها الإِخوَة، فلَستُم في الظُّلُماتِ حتَّى يُفاجِئَكم ذلِك اليَومُ مُفاجَأةَ السَّارِق (فل4: 5؛ 1تس5: 4). أمّا أنتم، فهل تشعرون بهذا القدر القليل من الخشية، أو بالأحرى، هل أنتم جاحدون إلى حدّ عدم الإيمان بالربّ نفسه أو ببولس، خاصّة حين "تكون قيوده في سبيل المسيح"؟ (فل1: 13). "ذوقوا وانظروا ما أَطيَبَ الرَّبَّ!" (مز34(33): 9). الإيمان سيعرّف عنكم، والخبرة ستعلّمكم، والكتاب المقدّس سيرشدكم كالمربّي. لقد قال لكم: "هَلُمُّوا أَيُّها البَنونَ وليَ استَمِعوا مَخافةَ الرَّبِّ أُعَلِّمُكم" (مز34: 12). وللمؤمنين، أضاف الكتاب المقدّس قائلاً: "مَن ذا الَّذي يَهْوى الحياة ويُحِبُّ الأَيَّامَ لِيَرى فيها الخَيرات؟" (مز34(33): 13). "وأَخلُقُ لِلنَّائِحينَ عِندَه ثَمَرَةَ الشَّفَتَين: السَّلامَ السَّلامَ لِلبَعيدِ وللقَريب قالَ الرَّبُّ، وأَشفيه" (إش57: 19). لم يُخفِ الكلمة نفسه عن أحد؛ إنّه نور عام. هو يلمع لجميع البشر؛ فلا أحد غريب بالنسبة إليه. فلنسرع إذًا باتّجاه الخلاص، باتّجاه الولادة الجديدة. فلنسرع، نحن الذين نشكّل العدد الكبير، ولنجتمع ضمن قطيع واحد (يو10: 16)، ولنحقّق الوحدة من خلال اتّباع الرب يسوع بالمسيح الواحد. هكذا، فإنّ اتّحاد الكثير من الأصوات، بعد أن يكون التناغم الإلهي قد أخضع تنافرها، سيشكّل أخيرًا سمفونيّة واحدة. ولن يجد الكورس، المطيع لقائده أي للكلمة، راحته إلاّ في الحقيقة نفسها، حين يصبح بإمكانه أن يقول: "أَبَّا، يا أَبَتِ" (مر14: 36).