العراقيون يئنون بين مطرقة الهجمات المسلحة وسندان الأزمة السياسية
انشطرت الكتل السنية في البرلمان العراقي إلى ثلاث كتل رئيسية بعدما خاضت انتخابات 2010 بتحالف واحد مكّنها من الفوز في الانتخابات برصيد 91 مقعدا. والكتل السنية الثلاث التي ستخوض الانتخابات هي كل من “متحدون” برئاسة أسامة النجيفي الذي يعد الزعيم الجديد للسنة، و”الوطنية” بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، و”جبهة الحوار الوطني” بزعامة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك. وخلال الأسبوعين الماضيين أجرى القادة الثلاثة للقوائم مفاوضات من خلال ممثليهم لبحث طبيعة مشاركة مكونات “القائمة العراقية” السابقة، في الانتخابات المقبلة، وفشلت هذه الحوارات في إعادة إحياء الكتلة الواحدة، فقرروا خوض الانتخابات منفردين. ونقل موقع “نقاش” الإلكتروني عن مصادر سياسية سنية تأكيدها بأن الخلاف حول الزعامة هو من شتت مكونات “القائمة العراقية”، إذ أن علاوي أصرّ على أن يترأس التحالف، لكن أسامة النجيفي الذي سطع نجمه منذ سنتين كزعيم للسنة أصرّ هو الآخر على أن يكون رئيس الكتلة، فيما رفض كل من علاوي والنجيفي التحالف مع صالح المطلك لقربه من رئيس الحكومة نوري المالكي. ويقول النائب عن ائتلاف “متحدون” محمد إقبال “تحالفنا سيكون برئاسة النجيفي ويضم 14 قائمة أبرزها كتلة الحل برئاسة محمد الكربولي وتجمع المستقبل العراقي برئاسة ظافر العاني، والتجمع المدني للإصلاح”. وأضاف “متحدون تضم أيضا الجبهة التركمانية برئاسة أرشد الصالحي وتجمع حماة العراق برئاسة أحمد المساري وتنظيم العشائر المستقل برئاسة عمر هيجل وتجمع العمل لسليم الجبوري وصلاح الدين للتنمية برئاسة عمار يوسف وتجمع عشائر الشرقاط وصحوة العراق بزعامة أبو ريشة”. أما تحالف “الوطنية” بزعامة علاوي فيضم 22 كيانا وحزبا سياسيا، وهي في الأغلب أحزاب مغمورة وصغيرة سنية وشيعية وعشائرية لا تمتلك شعبية كبيرة، لكن علاوي تحالف معها رغبة منه في تجاوز التحالفات الطائفية. ويقول النائب عن تحالف “الوطنية” سالم دلي “سندخل الانتخابات بقائمة تضم شخصيات سنية وشيعية ومن جميع الطوائف وفي جميع المحافظات”. أما الزعيم السني الثالث صالح المطلك فيبدو أن مواقفه القريبة من رئيس الحكومة نوري المالكي في الشهور الماضية أبعدته عن الأوساط السنية، حتى أن المتظاهرين في صحراء الأنبار ضربوه خلال زيارته ساحات الاعتصام قبل شهور. المطلك قرر دخول الانتخابات بتحالف منفرد باسم “العربية”، وضم إليه السياسي المثير للجدل مشعان الجبوري، وفشلت حوارات مكثفة بينه وبين كتلة “متحدون” من أجل التحالف معاً، ما دفع عددا من نواب كتلة المطلك إلى الانشقاق عنه والانضمام إلى النجيفي. وليس مستغربا أن ينقسم الزعماء الذين جمعتهم كتلة واحدة باسم “القائمة العراقية”، فهذه الكتلة كانت من أول الكتل التي تعرضت للانشقاقات بعد شهور قليلة من تشكيل حكومة 2010.
اقتباس :
الانقسامات أضعفت الدور القيادي الذي يلعبه إياد علاوي لصالح رئيس البرلمان أسامة النجيفي، بعدما أصبح الاستقطاب الطائفي أساسا للعمل السياسي في الحكومة والبرلمان
“القائمة العراقية” دخلت الانتخابات السابقة بأربعة مكونات أساسية وهي حركة “الوفاق” بزعامة علاوي، وحركة “تجديد” بزعامة نائب رئيس الجمهورية المطلوب للقضاء طارق الهاشمي، وقائمة “عراقيون” بزعامة النجيفي وقائمة “الحل” بقيادة محمد الكربولي. وعلى الرغم من فوزها في الانتخابات، لكنها خسرت منصب رئاسة الوزراء بعد تشكل كتلة “التحالف الوطني” الشيعية التي تضم 159 نائبا والتي تجمع بين “ائتلاف دولة القانون” و”الائتلاف الوطني” ومن هنا بدأت الانشقاقات. أولى هذه الانشقاقات تمثّل بإعلان ثمانية نواب منها في آذار/مارس 2011 الانشقاق وتشكيل كتلة جديدة باسم “الكتلة العراقية البيضاء” بزعامة النائب حسن العلوي، وبرر المنشقون خطوتهم تلك برفضهم طريقة إدارة “العراقية” من قبل قيادات محددة دون تسميتها. والمشكلة أن علاوي علماني شيعي يقود كتلة سنية، ومع تصاعد الخلافات بين الشيعة والسنة حول تقاسم المناصب والوزارات، برزت الحاجة إلى زعيم سني يأخذ حقوقهم وتم اختيار النجيفي وهو سني من أهالي محافظة الموصل ومعروف بحزمه. ويأتي هذا الخلاف وسط أزمة سياسية أعمق بين الحكومة، بقيادة نوري المالكي، والنواب والمعارضين الذين حمّلوه مسؤولية تدهور الأمن في البلاد. وفي أحدث أعمال عنف شهدها العراق، أمس السبت، لقي أكثر من 11 عراقيا مصرعهم في هجمات متفرقة أعنفها تفجير مزدوج استهدف سوقا شعبيا في ضواحي بغداد، حسبما أفادت مصادر أمنية وأخرى طبية.
أزمات سياسية متلاحقة تزيد الاستقطاب الطائفي والاحتقان الأمني