تخوض القوات العراقية، بعد عامين على الانسحاب الاميركي، معركة يومية ضارية تصارع فيها للحد من تصاعد اعمال العنف التي بلغت معدلات لم يشهدها العراق منذ العام 2008، في ذروة الانتشار العسكري الاميركي. أ. ف. ب. بغداد:
اقتباس :
تجد القوات العراقية نفسها وحيدة اليوم في مواجهة جماعات مسلحة تستمد زخمها من النزاع في سوريا المجاورة، ومن استياء الاقلية السنية التي تشكو من تعرضها لتهميش واستهداف من قبل الاكثرية الشيعية الحاكمة. ويشهد العراق منذ ابريل (نيسان) الماضي تصاعدًا في اعمال العنف اليومية المتواصلة منذ اجتياح البلاد في العام 2003، والتي تشمل استهداف كل اوجه الحياة فيه، وبينها المقاهي والمساجد والمدارس وحتى مجالس العزاء. مساندة اميركية ومنذ بداية العام 2013، قتل في العراق اكثر من 6500 شخص في اعمال العنف اليومية، بحسب حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس استنادًا الى مصادر امنية وعسكرية وطبية. وقال مسؤول عسكري عراقي بارز لوكالة فرانس برس رافضًا الكشف عن اسمه إن "القوات الاميركية كانت تشرف أو تشارك أو تنسق مع القوات العراقية بمهامها قبل الانسحاب، وكانت هناك نتائج سريعة". واضاف "هم يمتلكون القوه النارية والجوية والبحرية بينما العراق ما زال في بداية الطريق، فاميركا تمتلك جيشاً مميزاً في كل شيء، وفقدان ذلك هو خسارة لنا، مما جعلنا نتحمل المسؤولية من دون أن يكون لدينا اتمام لسد النقص". وانهت القوات الاميركية العمليات القتالية في العراق في العام 2010، وجعلت محور عملها بعد ذلك تدريب القوات العراقية. وفي العام التالي، توقفت المفاوضات العراقية الاميركية حول بقاء قوات لتدريب نظيرتها في العراق بسبب رفض بغداد منح الجنود الاميركيين الذين كان من المفترض أن يبقوا، الحصانة القانونية. وغادر آخر جندي اميركي العراق في 18 كانون الاول العام 2011، باستثناء عدد من افراد الجيش الاميركي الذين بقوا تحت سلطة السفارة الاميركية. ويقول فرانك هالميك، الجنرال الاميركي المتقاعد الذي شارك في مهمات في العراق على مدى عدة سنوات، بينها العام 2011، "غادرنا قبل أن نحقق العديد من الاهداف الاساسية للتدريبات". واضاف "القوات الجوية العراقية لم تكن جاهزة بعد للدفاع عن اجواء البلاد، وما زالت حتى الآن تفتقد لهذه القدرة". وتابع: "اعتمدت (القوات العراقية) على الجيش الاميركي لتستحصل على دعم استخباراتي سمح لها بابقاء الضغط على شبكات المتمردين"، مشيرًا الى أن "هذه القدرة عانت كثيرًا في غياب الدعم الاميركي". من جهته، يرى السفير الاميركي السابق جيمس جيفري ان التدريبات التي تتلقاها القوات العراقية تقلصت منذ مغادرة القوات الاميركية. وقال لفرانس برس: "كان لدينا برنامج متطور حين كانت قواتنا هناك"، وهو برنامج يشمل "تدريب وحداتهم وفرقهم والويتهم (...) وهذا الامر غير متوفر حاليًا كما نرى، أو أن المتوفر الآن ليس بالدرجة نفسها التي كان عليها". واضاف: "نشر قوات عسكرية على الارض امر معقد جداً (...) عندما يطلق الناس النار عليك، والامر يتطلب تدريبًا كبيرًا، وخبرة كبيرة، وهم لا يملكون هذه المسائل حالياً، علمًا أنه كان بامكاننا أن نمنحهم اياها". القيادة العراقية وكان تقرير صادر عن "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" الاميركي حول القوات العراقية هذا الاسبوع اشار الى أن البلاد "لم تجد بعد طريقة فعالة تستبدل عبرها الاعتماد" على المساعدة الاميركية. وتحدث التقرير عن محاولة رئيس الوزراء نوري المالكي، القائد العام للقوات المسلحة، احكام سيطرته على القوات المسلحة. واعتبر التقرير أن "القيادة السياسية العراقية تصر على تكرار مساعي صدام حسين في ادارة كل تفاصيل العمليات الامنية، وتعزيز سيطرتها السياسية، وتجاوز التسلسل القيادي الرسمي، والحد من المبادرات". وفي موازاة نقاط الضعف لدى القوات العراقية والتي تصعب مساعي الحد من العنف المتصاعد في البلاد، تبرز ايضًا الخلافات السياسية المتفاقمة، ومصدرها الاستياء السني من الحكومة الحالية. وقال انطوني كوردسمان الذي اعد تقرير "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" لفرانس برس إن العراق "يحتاج الى ادراك وطني اكبر (...) وللمضي باتجاه تبني حكومة اكثر وطنية". واضاف انه اذا لم يحدث ذلك، فإن العراق "سيجد نفسه، كما يحدث حاليًا، في طريق العودة الى الحرب الاهلية التي شهدتها البلاد" .
بعد عامين على الانسحاب الاميركي العراق يغرق في دوامة عنف متصاعد