القدّيس بِرنَردُس (1091 - 1153)، راهب سِستِرسيانيّ وملفان الكنيسة العظة رقم 5 بمناسبة ليلة الميلاد
«وأَشرَقَ مَجدُ الرَّبِّ حَولَهم»
لقد كان الظلام يلفّ العالم بأسره قبل إشراق النور الحقيقي، أي قبل ميلاد المسيح؛ كذلك كان الظلام يخيّم في كلّ واحد منّا، قبل اهتدائنا وتجدّدنا الداخلي. ألم يكن الليل الأكثر سوادًا والظلام الأكثر كثافة على وجه الأرض حين كان آباؤنا يعبدون الآلهة الزائفة؟... وألم يكن ليلاً مظلمًا آخر فينا حين كنّا نعيش بدون الله في هذا العالم، متمسّكين بشهواتنا وبمغريات هذا العالم، ومرتكبين أعمالاً نخجل منها اليوم كما الكثير من أعمال الظلمة؟
لكنّكم الآن قد خرجتم من سباتكم وتقدّستم وأصبحتم جَميعًا أَبناء النور وأَبناء النهار، وليس أبناء الليل والظُّلُمات" (1تس5: 5)... غدًا، سوف ترون مجد الله فيكم. اليوم، جعل الإبن نفسه من أجلنا عدالة آتية من الله؛ غدًا، سيتجلّى حياةً لنا، كي نظهر معه في المجد. اليوم، ولد لنا طفل لكي يمنعنا من الإرتفاع بالمجد الباطل ولكي يحوّلنا، من خلال التوبة، إلى أطفال صغار (متى18: 3). غدًا، سوف يظهر بعظمته لكي يدعونا إلى التسبيح ولكي نستطيع أن نتمجّد حين يعطي الله لكلّ واحد منّا مجده... "نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا نُصبِحُ عِندَ ظُهورِه أَشباهَه لأَنَّنا سَنَراه كما هو" (1يو3: 2). "فنَحنُ اليومَ نَرى في مِرآةٍ رُؤَيةً مُلتَبِسة" (1قور13: 12)، ولا نراه بوضوح. اليوم، هو يستقبل ما يصدر عنّا. لكن غدًا، سوف نراه فينا حين يعطينا ما يصدر عنه، وحين يظهر نفسه كما هو بذاته ويأخذنا ليرفعنا نحوه.
********************************************
الأربعاء 25 كانون الأوّل/ديسمبر 2013 عيد ميلاد الربّ يسوع بحسب الجسد
مقدِّمة القراءات
الميلاد سرّ لقاء الله للإنسان: تأنّس الله ليؤلّه الإنسان! هو حلم الكون والبشر أجمعين، رجاء الآباء القدّيسين، ورؤيا الأنبياء الْمُلهَمين. هو شوق كونيّ تغنّت به الشعوب على اختلاف معتقداتها وحضاراتها، وعاشه شعب التوراة بصورة مميّزة: «أُقطري أيّتها السماوات من فوق، ولتَمْطر الغيومُ الصِدّيق!».
1 - الرسالة (عب 1/1-12): يشدّد الكاتب في مقدّمة رسالته على علاقة الله الشخصيّة بنا، فهو الذي أخذ البادرة فأوحى بذاته إلى الآباء في الأنبياء قديمًا، وإلينا في الأيّام الأخيرة في شخص ابنه. ولا نسبة بين كلمات الله المجزّأة المتنوّعة في الأنبياء، على مدى التاريخ القديم، وكلمته الكاملة الواحدة المتجسّدة في ابنه يسوع المسيح. ثمّ يروح يعرّفنا بهذا «الابن»، في مقطع هو الأكثر وضوحًا عن ألوهة يسوع في العهد الجديد: إنّه الابن الوارث والخالق، شعاع مجد الآب وصورة جوهره، والكاهن والحبر الذبيح الْمُطهِّر الأوحد، واسمه يسمو على أسماء الملائكة أجمعين، لأنَّه الابن المتَّحد بالآب، والمالك الخالق الجميع، والجالس عن اليمين سيّدًا على التاريخ.
2 - الإنجيل (لو 2/1-20): في ثلاثة مشاهد، يروي الإنجيليّ ميلاد الربّ يسوع:
أوّلاً: حدث الميلاد جرى في أمجد عهود الأمبراطوريّة الرومانيّة، في بيت لحم ، مدينة داود، ولكن لا في القصر الملكيّ، بل في معلف الحيوان الوضيع الحقير!
ثانيًا: ظهور الملائكة للرعاة يبشّرونهم «بفرح عظيم» للشعب كلّه، بميلاد «المخلّص المسيح»، أي الملك المسؤول عن قيادة شعبه إلى الخلاص، «والربّ» أي الإله الذي يهب الخلاص؛ ثمّ ينشدون نشيدًا يمجّد الله ويعلن رحمته ومحبّته وإرادته الخلاصيّة لجميع البشر على يد ابنه يسوع المسيح.
ثالثًا: زيارة الرعاة للمولود، وعودتهم وهم يمجّدون الله ويسبّحونه على كلّ ما رأوا وسمعوا، فصاروا أوّل الْمُرسَلين في العهد الجديد.
لقد اختصر الله كلامه إلينا المتفرّق المختلف عَبْرَ الأجيال، في كلمة واحدة، هي ابنه الحبيب الْمُتأنّس. فتجسُّد ابن الله حدث تاريخيّ، حلّ في مريم في الناصرة بالبشارة، وتحقّق في بيت لحم بالميلاد. ولكنّه يبقى حدثًا يتواصل في الكنيسة بواسطة الأسرار والليتورجيّا، ليطال كلّ إنسان في الزمان والمكان. ولن يتمّ حتّى يصير فينا وفي جميع الناس من الأفكار والأقوال والأفعال ما هو في المسيح يسوع»، لأنّ غاية التجسّد هي أن نصبح جميعنا أبناء الله، فنحوّل أرضنا إلى سماء ثانية.
أمّا قراءات الأيّام التي تلي عيد الميلاد المجيد، فقد تمّ انتقاؤها وفق أحداث الطفولة، وتسلسلها كما يلي: 26، تهنئة العذراء بميلاد ابنها الإلهي؛ 27، استشهاد اسطفانوس أوّل الشهداء؛ 28، سجود المجوس للطفل؛ 29، الهرب بيسوع إلى مصر وقتل أطفال بيت لحم؛ 30، العودة بيسوع من مصر إلى الناصرة؛31، إنجيل الكلمة المتجسّد؛ 1 ك2، عيد السلام؛ 2 ك2 ختانة يسوع وتقدمته إلى الهيكل؛ 3ك2 تقدمة يسوع إلى الهيكل، وسمعان الشيخ؛ 4 ك2، تقدمة يسوع إلى الهيكل، وحنّة النبيّة؛ 5 ك2، بيرمون عيد الدنح.
من كتاب الإنجيل الطقسيّ (بكركي-2005)
الإنجيل اليومي بحسب الطقس الماروني السرياني/عيد ميلاد الربّ يسوع بحسب الجسد/الاربعاء 25 كانون الأوّل/ديسمبر 2013