♀ مــن المـوت الى الحيــــــاة : طريق الإيمان بقيامـة المسيح ! ♀
كاتب الموضوع
رسالة
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :
موضوع: ♀ مــن المـوت الى الحيــــــاة : طريق الإيمان بقيامـة المسيح ! ♀ الأربعاء 8 يناير 2014 - 21:57
من الموت الى الحياة : طريق الايمان بقيامة المسيح ! بقلـم / الاب أنيس شعبو الدومنيكي 1. طوبى لأنقياءِ القُلوبِ، لأنّهُم يُعاينونَ اللهَ : (متى 8:5 ) من نقطة البداية يجب أن ننطلق ! من كلام الرب يسوع المسيح ، له كل المجد ، يوم وعظ أول وعظة على جبل التطويبات وبدأ رسالته وشرع بشارته بكلمة 'الطوبى' أي الفرح والغبطة والسرور والبهجة. طوبى لأنقياء القلوب ! ومن أنقياء القلوب ؟ وهل يوجد على الأرض أنقياء القلوب ؟ عن مَنْ يتحدث الرب يسوع ؟ أنقياء القلوب لهم الفرح الكامل لأنهم يعاينون الرب ويروه ويشاهدوه منذ الآن وليس فقط بالمستقبل البعيد كما يفهم قسم منا معنى هذه التطويبات. أنقياء القلوب هم أناس ضمائرهم وقلوبهم وارواحهم مُطَهَّرة ومنَّقاة ولم يبق فيها أي شر وأي إثم وأية خطيئة ! ولأنه بمقدورهم معاينة الرب فيجب أن يكونوا أطهار القلب ونظفي الضمير وفي حالة النعمة المقدسة. تعالوا معي لنر مَنْ هم هؤلاء البشر الذي يرون الله ! وكيف يروه ! 2. يسوع أخلى ذاته حباً للبشر : بَشَّرَ الربُ يسوع المسيح بملكوت الله وأظهر حب الله الفياض للبشر وشهد للمحبة الفائقة الادراك في كلامه وأفعاله ، وأعطى حياته حباً بالانسان على خشبة العار وصليب الدمار وجعل من هذا الصليب منارة للخلاص الذي حققه لبني البشر. وبموته الكفاري برر المؤمنين به تبريراً أبدياً من خطاياهم وآثامهم وكل شرورهم وأنقذهم من الموت الثاني الذي ندعوه الموت الابدي. هذه هي رحمة إلهنا وهذه هي محبته العظمى : [ هكذا أحبّ اللهُ العالَمَ حتى وهَبَ اَبنَهُ الأوحَدَ، فَلا يَهلِكَ كُلّ مَنْ يُؤمِنُ بِه، بل تكونُ لَهُ الحياةُ الأبدِيّةُ.] (يوحنا 16:3). يسوع هو التجسيد الكامل لمحبة الله للبشرية. فبعدما أخلى ذاته وبعدما جاء بالجسد وبعدما علم البشر الرجوع الى الله ابيهم بالتوبة والخير والرحمة والمحبة ، أعطى الرب يسوع للبشر محبته على الصليب كاملة حيث هناك مات من أجل خلاص البشر ! 3. على صليب العار مات يسوع الناصري : هناك وعلى الجلجلة مات يسوع مسمراً على الصليب بين اثنين من لصوص الأرض ، وعلى مشهد ومرأى تلاميذه وأمام اليهود الذين اتهموه وحكموا عليه وأمام الرومان جنوداً وقادة وآمرين وعساكر وتحت أنظار أمه مريم العذراء القديسة وانظار التلميذ يوحنا الذي أحبه يسوع وتحت أنظار الكثير من الناس الاتقياء الذين عادوا الى بيوتهم وهم حزانى يندبون على صدورهم . هناك صُلِبَ يسوع وهناك مات حقاً حيث أسلم الروح بين يدي أبيه . مات يسوع هناك ، والمؤرخ اليهودي فلافيوس يوسف كاتب الحوليات اليهودية يشهد لصلب ولموت هذا الشخص المسمى يسوع الناصري على يد وحكم بيلاطس البنطي الحاكم الروماني على أورشليم وكل اليهودية آنذاك. مصلوبا فوق قمة الجلجلة مات يسوع على صليب خشبي وهذه طريقة الرومان في تنفيذ حكم الأعدام بحق كل من ليس روماني ! والصلب هو موت شنيع للغاية وقاس وعنيف وفي نفس الوقت اذلال واهانة وعار وإزدراء وتحقير و... و... ودرس للجميع. مات يسوع الناصري بعد معانات وآلام كثيرة واسلم الروح وهو يقول :" أبتاه بين يديك اسلم روحي ". مات يسوع رغم الإدعاءات الديسوتية الهرطوقية الكاذبة التي تدعي بأنه لم يُصلَبْ وأنه لم يَمُتْ !! ورغم كل إفتراآت الهرطقات التي نكرت موت المسيح. فالرب يسوع بتجسده أصبح عرضة للموت لأن كل جسدي هو مائت وقابل للزوال. والرب يسوع هو الاله المتأنس : الكلمة كان الله ... والكلمة صار انسانا وسكن ما بيننا . وموت يسوع المسيح هو هدف تجسده. وهذا الموت هو بمشيئته الشخصية الفذة ، فقد صعد يسوع الى أورشليم وذهب نحو الموت برباط جأشه وصلابة ارادته. ففي انجيل القديس يوحنا وفي الفصول التي تحكي عن آلام وموت المسيح نفهم بأن الرب هو الذي يسلم حياته بحريته وبسلطانه ، وهو الذي يسلم روحه الى الله أبيه. أي أن يسوع هو الذي يمضي الى موته بحريته وهو الذي يقرر أن يعطي حياته. وعلينا أن نفهم بأن يسوع هو الله الذي يفدي نفسه في سبيل عتق وتحرير وإحياء الإنسان المائت. [ ما مِنْ أحَدٍ يَنتَزِعُ حياتي مِنّي، بل أنا أُضَحّي بِها راضِيًا. فَلِـيَ القُدرَةُ أنْ أُضَحّيَ بِها، وليَ القُدرَةُ أنْ أستَرِدّها. هذِهِ الوَصيّةُ تَلقّيتُها مِنْ أبـي".] (يوحنا 18:10 ) عذه الآية كافية لأن تعلمنا أن ما يفعله يسوع حين يذهب طواعية الى الجلجلة ! 4. القبر الفارغ هو علامة سلبية : ماذا رأت المريمات الثلاث في فجر يوم الأحد بعد موت يسوع عندما ذهبن لوضع المطيبات على جثة يسوع ؟ رأين قبر يسوع فارغاً ! ماذا رأت مريم المجدلية عندما جاءت الى قبر يسوع ؟ رأت القبر فارغاً ! ماذا وجدا بطرس ويوحنا عندما ركضا مسرعين ووقفا امام قبر يسوع ؟ رأيا القبر فارغاً ! الكل رأى القبر فارغاً . وهو فارغاً الى يومنا هذا ! ما معنى هذا ؟ القبر الفارغ ليس الا علامة سلبية لأنه لا يقول أكثر مما يقدر أن يقول. وفلما عرفوا الحراس أن القبر فارغ قال بعضهم أن تلاميذه جاءوا ليلاً وسرقوا جثة يسوع كي يقولوا بعد ذلك بأنه قام من بين الأموات. المسألة عويصة وقاسية ومحرجة لؤلئك التلاميذ. وهم جاءوا بهدف مقصود ومحدد للقاء بجثة هامدة لمعلمهم يسوع. فمن الطبيعي أن الميت لا يتحرك ولا يخالف الموعد. بأمكاننا أن نذهب الى أي مقبرة للقاء مع المدفونين فأنهم لا يخالفون الموعد أما قبر يسوع أبهر جميع الذين كانوا يريدون أن يلقوا نظرة على الجثة الساكنة سكون الحجر. فهذا القبر قد نطق بشيء رهيب ومرهب : المدفون الذي كان هنافأنه ليس هنا !! هذا كل ما يقدر أن يقوله لنا القبر الفارغ. ألذي تبحثون عنه ، ليس بعد هنا. 5. إذاً ، أين هو ؟ الموقف المحرج للتلاميذ : إذاً أين هو هذا المدفون يسوع الناصري الذي يدعى المسيح ؟؟ القبر لا يعرف الجواب ! لا يعرف التكلم عن الناصري الذي لم يعد هنا ! القبر شاهد على شيء واحد وهو بأن بابه مفتوح والميت لم يعد في القبر ! القبر الفارغ يدفع التلاميذ الى العجب والتساؤل والتعمق والبحث والاستفسار والتمحيص ! يدفعهم الى التذكير بما قاله يسوع قبل الآلام وقبل الفصح ! ماذا كان قد قال عن آلامه ، عن صلبه ، عن موته ، عن قيامته ؟ يجب أن يتذكر التلاميذ ! القبر الفارغ يدفع الى التساؤل ! قصة يسوع المدفون هنا لم تنته في القبر ! كل قصص البشر تنتهي بالقبر أما قصة هذا الرجل الناصري الجليلي فلم تنته بعد لأنه لم يبق بالقبر ! وإذا لم يبق بالقبر فأين قد يكون ؟ ومن يقدر أن يوضح الأمر المرهب ؟ كل ما يقدر أن يقوله التلاميذ ( ومن الذاكرة ) هو أن يسوع كان قد قال بأنه سيقوم من بين الأموات في اليوم الثالث ! وإذا الناصري لا يأتي بذاته ويظهر نفسه فلا أحد سيعرف أين هو !!! وإذا لا يفصح يسوع عن الحقيقة ويشرحها فلا أحد سيعرف الحقيقة !! إذا لا يوضح يسوع ما حصل بعد الدفن فلا أحد يقدر أن يقول شيئاً !! هكذا إذن كان التلاميذ بحاجة ماسة جداً جداً الى يسوع المسيح كي يأتي بنفسه ويظهر لهم نفسه ويوضح لهم كيف لم يبق في القبر وما حصل له وحدث له !!! إنهم محتاجون الى يسوع ليفهمهم سر مهم جداً جداً. [ تذكروا ما قال لهم : بدوني لا تقدروا شيئاً ] 6. الحاجة الى الرؤية : كان التلاميذ بأمس الحاجة الى اللقاء بشخص يقدر أن يشرح لهم لماذا لم يبق يسوع في القبر ولماذا القبر الفارغ !! وبالحقيقة ليس لأي إنسان أن يشرح حدث القيامة لأن القيامة ليست حدثاً إنسانياً ولا أرضياً ولا طبيعياً ولا يقع في عالم وعلم الإنسان. الانسان يقدر أن يشرح ما هو إنساني وعالمي وبشري وطبيعي لكن تقف حدود فهمه وشرحه أمام حدث الهي مثل حدث القيامة. فالقيامة ليست من صنع البشر وليست من عالم البشر وليست في علم البشر ولا في عالمهم. القيامة هي من الله وهو حدث الهي وميتافيزيقي أي فوق الطبيعة. يجب أن يأتي القائم من القبر ويتدخل بنفسه ليظهر نفسه ويحكي ما حصل بالضبط لؤلئك الذين أحبهم اي التلاميذ الذين كانوامشتاقين أشد الشوق لفهم هذا ما حدث ليسوع، معلمهم. كانوا عطشى للقاء بيسوع الذي لم يحتويه الموت بل قام. بل كانوا يتلهفون الى رؤية القائم من القبر. يجب أن يتدخل يسوع ويظهر نفسه ويريهم جسده للتلاميذ كي يروي ظمأهم وعطشهم. " رأينا الرب" هكذا قال العشرة تلاميذ لتوما ! فرد عليهم توما : "إن لم أرى .. وإن لم أضع أصبعي في آثار المسامير ... لن أؤمن !" مرات عديدة ومتنوعة وفي أماكن مختلفة أظهر يسوع الناصري نفسه للتلاميذ وغير التلاميذ. وهذه الظهورات ما هي الا رحمة ومحبة للتلاميذ ! وفي كل ظهور ، كان ليسوع قصد وهدف يصل اليه. ونقدر أن نقول اجمالياً أن لولا هذه الظهورات لكان يسوع قد بقي في طي النسيان في عقول التلاميذ ! 7. الظهورات علامة إيجابية : ظهورات يسوع المسيح كانت كثيرة جداً ولأشخاص كثيرين حسب ما يقول لنا القديس بولس. وفي كل ظهور سبب وغاية ورسالة مهمة جداً من قبل الرب يسوع . تأتي كل هذه الظهورات من مشيئة يسوع الحرة وهو يريد أن يفصح للتلاميذ الذين عاينونه والبشر الذي نالوا رؤيته بأنه يحبهم للغاية وما ظهوره لهم إلا فعل محبة من أجل أن يؤمنوا. لاننسى كم أن هذا الظهورات فرحت قلوب التلاميذ وغيرهم من الذين كانوا ينتظرون الرب بفارغ الصبر. هذا الفرح وهذه الغبطة إنما يأتيان من الله. فهذا الفرح كلم به يسوع قبل موته : "سترونني وستفرحون وفرحكم هذا لا أحد يمكن له أن ينزعه منكم." ونؤكد هنا على أمر مهم ألا وهو أن يسوع الذي يُظهر نفسه بعد قيامته لتلاميذه هو بالذات يسوع الذي عرفوه وتبعوه واشتركوا معه قبل الصلب. ولكن يسوع القائم من القبر كان قد تجاوز عالم المادة فلم يبق للواقع المادي أي سلطان عليه. من هنا نفهم أن يسوع لم يعد مادياً ولو أن له هيئة انسانية ويحمل جسه النوراني آثار الصلب والحربة والمسامير. فندرك وبالاستعانة بالنصوص الانجيلية بأن يسوع المسيح القائم من القبر هو ذاته الذي عرفوه من قبل وهو يعمل ذات الأفعال ويقول نفس الكلام الذي سمعوه قبل الصليب ويمكن التعرف عليه. ولكن هذا القائم من القبر يأتي والابواب مغلقة ويدخل الى غرفة التلاميذ وهو يخترق الحيطان ويسير مع تلمذي عماووس بدون أن يتعرفوا عليه منذ اللحظة الأولى. إذاً يسوع القائم من القبر صار روحانياً ولم يعد جسدياً فقط. ورغم الحالة الروحية ليسوع المسيح بعد القيامة فهو يقدر أن يأكل قطعة من السمك. فنفهم بأن يسوع له سلطة كبيرة جداً وقد انتقل من عالم المخلوق المادي الى عالم الروح الالهي. وإذا كان القبر الفارغ علامة سلبية فأن الظهورات علامة إيجابية لأنها أتت بنتائج كثيرة وقيمة جداً. 8. القائم من القبر يعطي الحياة : عندما عُلِّق المسيح على خشبة الصليب هرب التلاميذ من هذا المشهد المروع وتفرقوا وتشتتوا وأصابهم الألم في الصميم لأن معلمهم مات وأملهم دُفن وضاعت كل انتظاراتهم في مهب الريح. لكن ظهورات يسوع المتعددة عززت وقوت إيمان الرسل وأعطتهم الحياة والقيامة. لأنهم كانوا قد ماتوا روحياً ونفسياً ومعنوياً بموت قائدهم ومسيحهم ومخلصهم وأصيبوا بموت الأمل والرجاء. فكان لازماً بكل معنى الكلمة أن يأتي القائم من بيت الأموات ليحي وليقيم أحبته وأخوته وأصدقائه التلاميذ. واكبر عطاء يقدمه القائم من القبر هو ظهوره لهم لأن بظهوره قيامة وحياة وأمل ورجاء لهم وقوة وشجاعة ونفخة الهية. قيامة المسيح أقامت التلاميذ. وبظهوره لهم اسرى في عروقهم دماً جديداً يحيهم للحياة الأبدية. 9. القائم من القبر يهب السلام : عندما يظهر يسوع نفسه لتلاميذه يبدأ معهم بالسلام : السلام لكم ! كلمتان مهمتان جداً جداً ! فيسوع المسيح الذي صلبوه اليهود والرومان وأماتوه بعد آلام كثيرة وهجروه وتركوه التلاميذ لا يأتي لكي ينتقم من صالبيه ومن المسيئين إليه ومن الذين تركوه معلقاً على الصليب. لا يأتي للدينونة والانتقام وإنما يأتي بالسلام. والسلام الذي يعطيه ليس كالسلام الذي يعطيه الناس الذين يقولون : السلام عليكم !! إنما يسوع يقول : السلام لكم ! أي لأرواحكم ولأجسادكم ولحياتكم وهو السلام المسيحاني الالهي. هذا السلام إنما يأتي من المسيح المملووء بالسلام والحياة والقيامة. لا يقدر أحدٌ أن يعطي السلام للآخرين إلا إذا كان مملووءاً بالسلام الإلهي. فالمسيح هو الوحيد وفعلاً الوحيد الذي يقدر أن يعطي السلام. وسلامه حقيقي وأبدي وفعال ومثمر بحق. هذا السلام لا يأتي بغموض وإبهام بل بحق وحقيقة لأنه من شخص كان غير مرئياً وصار مرئياً ، من شخص كان ميتاً وصار حياً لأن الله أحياه بقوة وبجبروت الله وأعطاه سلطاناً أعظم من سلطان الموت. إذاً، سلامه حق ونعمة لا تُثمن ! 10. إيمان الرسل : جدير بالذكر أن بعض التلاميذ آمنوا بقيامة الرب يسوع قبل ترآيه لهم ومن بين هؤلاء يوحنا الرسول الذي عندما شاهد القبر المفتوح والفارغ آمن. "ودخَلَ التّلميذُ الآخَرُ الذي سَبَقَ بُطرُسَ إلى القَبرِ، فرأى وآمنَ" ( يوحنا 8:20) بماذا آمن يوحنا آنذاك ؟ آمن بأن الرب يسوع قام من بين الأموات كما قال سابقاً وأن أقواله كانت حق. لأن بالحقيقة كان الرب يسوع قد تنبأ عن موته وتكلم عن صلبه لثلاث مرات وكان قد تكلم عن قيامته من بين الأموات. فيوحنا آمن بقيامة معلمه المسيح بمجرد رؤيته للقبر الفارغ. لكن ليس الحال مع كافة التلاميذ فتوما مثلاً لا يريد الأيمان بيسوع القائم من القبر الا بعد رؤياه ومشاهدته له ووضع اصبعه في أماكن المسامير وفي آثار الرمح. [ فقالَ التلاميذُ لتوما: "رأينا الرّبّ!" فأجابَهُم: "لا أُصَدّقُ إلاّ إذا رَأيتُ أثَرَ المَساميرِ في يَدَيهِ، ووَضَعْتُ إصبَعي في مكانِ المساميرِ ويَدي في جَنبِهِ". وعندما يُظهِرٌ يسوع نفسه وجسده لتوما يقول له : "هاتِ إصبَعَكَ إلى هُنا واَنظُرْ يَدَيّ، وهاتِ يدَكَ وضَعْها في جَنبـي. ولا تَشُكّ بَعدَ الآنَ، بل آمِنْ!" فأجابَ توما: "رَبّـي وإلهي! " فقالَ لَه يَسوعُ: "آمَنْتَ يا توما، لأنّكَ رأيتَني. هَنيئًا لِمَنْ آمَنَ وما رأى". [يوحنا 27:20ـ29] نفهم من هذا أن يسوع يستجيب لطلب توما الذي هو طلب فردي ومحدد من أجل الإيمان. ونفهم أن يسوع لا يبخل على توما تحقيق طلبه. لماذا ؟ لأن يسوع دائما كان ولا يزال حتى بعد قيامته أيً تمجيده خادماً من أجل خلاص نفوس الذين أحبهم الى الموت من أجلهم. وكذا الحال مع تلمذي عماوس اللذان لم يؤمنا الا بعد أن شاهدا الرب وجهاً لوجه وعرفاه بأنه هو. فكانت عيونهما مغلقة تماماً طوال الرحلة بين اورشليم وعماوس. ولكن الرب يسوع يهب لهما نعمة الرؤيا وهذه هي نتيجة شوقهما ومحبتهما ليسوع. 11. الهدف العام الظهورات : لكل ظهور اسبابه وهدف الخاص لكن بشكل عام هدف هذه الظهورات هو جعل التلاميذ يؤمنون بأن يسوه هو حيٌ وقد قام من بين الأموات. وجعل ايمانهم يتطور ويكبر ويكتشف ما لم يكن مكتشفاً من قبل في شخصية المسيح ! التلاميذ رأوا المسيح القائم الحي وآمنوا به وآمنوا ايضاً بأن كل ما قاله لهم قبل موته كان حقاً ! آمنوا بأن القائم من القبر هو بحق إبن الله لأن لا أحد يقوم إلا إذا كان الله نصيره ومعه وفيه. آمنوا بأن كل حياته السابقة كانت تهيئةً وتحضيراً لحدث الفداء والموت والقيامة من أجل تحرير الانسان من سطان الموت ! آمن التلاميذ بأن يسوع من الله والى الله يعود وان الله أبوه لم يتركه فريسة للموت والفساد بل جاء الله وأقامه لأنه مسيحه وإبنه. فحدث القيامة المثبت بالظهورات يقيم التلاميذ قيامة فذة ! فمن شكوكهم الى الإيمان ، ومن تخوفاتهم الى قوة الرب القائم من الموت ، ومن إيمانهم بيسوع كنبي ومعلم الى الإيمان بيسوع إبن الله الحي بعد الموت ! هذا الإنتقال الإيماني نراه واضحاً عند تليمذي عمواس. يتحول ايمانهم من الايمان بنبي الى الإيمان بالرب : [ فقالَ يَسوعُ : "ماذا حدَثَ؟" قالا لَه: "ما حدَثَ ليَسوعَ النّاصريّ وكانَ نَبيّا قَديرًا في القولِ والعَمَلِ عِندَ اللهِ والشّعبِ كُلّهِ، كيفَ أسلَمَهُ رُؤساءُ كَهَنَتِنا وزُعماؤُنا لِلحُكمِ علَيهِ بالموتِ، وكيفَ صَلبُوهُ. وكُنّا نأملُ أنْ يكونَ هوَ الذي يُخَلّصُ إِسرائيلَ. ومعَ ذلِكَ، فهذا هوَ اليومُ الثّالِثُ لتِلكَ الأحداثِ التي وقَعَت. ] كانت نظرتهما اليه كنبي ولكن تتحول هذه النظرة الى رب بعد أن يشاهداه حياً وقائماً من بين الأموات فهما يشهدان بقيامته أمام الرسل لأنهما رأياه بحق [ فأخبَراهُم بِما حدَثَ في الطّريقِ، وكيفَ عَرَفا الرّبّ عِندَ كَسرِ الخُبزِ.] . هذا الانتقال من إيمان بسيط الى إيمان حي هو هدف الظهورات العام. والايمان المسيحي هو إيمان حي يتطور وينقل الانسان المؤمن من حالة الى أخرى الى أن يصل الانسان الى الحياة مع الله وفي الله وبالله. وهكذا يقول القديس بولس بعد مرور زمن طويل على إيمانه : "لست أنا أحيا وإنما المسيح يحيا فيَّ." 12. إيمان أبناء الكنيسة : يأتي إيمان الرسل من حدث القيامة ومن الظهورات الكثيرة للقائم من القبر . وهنا الايمان هذا هو ثمرة القيامة وعطية من القائم من بين الأموات. وما ترائي يسوع لتلاميذه إلا لجعلهم مؤمنين به إيماناً ثابتا لا يتزعزع وليجعل منهم شهوداً له في كل مكان ولكي بأيمانهم وبشهادتهم يُدخِلوا البشرَ الى حياة وفرح الله. بعدما صعد يسوع الى السماء ، بدأ التبشير بالمسيح المخلص بالمعمورة كلها. وأصبح إيمان المسيحيي ن يرتكز إرتكازا كلياً على إيمان الرسل وشهادتهم . [أمّا الآياتُ المُدوّنَةُ هُنا، فهيَ لتُؤمِنوا بأنّ يَسوعَ هوَ المَسيحُ اَبنُ اللهِ. فإذا آمنتُم نِلتُم باَسْمِهِ الحياةَ. (البشارة كما دوّنها يوحنا ] [31:20] فنحن كأبناء الكنيسة لم نرَ المسيح ولم نسمعه مباشرة ولم نتعرف عليه وجهاً لوجه لكن نقدر أن نقول بأننا التقينا بالمسيح من خلال الشهود الذين أقامهم المسيح لهذا الشأن ولهذا الأمر ولهذه المهمة. فكي نتعرف على المسيح يجب أن نقرأ الاناجيل المقدسة التي كتبها متى ومرقس ولوقا ويوحنا والرسائل الكاثوليكية التي كتبها بولس وبطرس ويوحنا ويهوذا ويعقوب. وهذه الكتابات إنما كتبها هؤلاء الشهود الحقيقيين كي يشهدوا بإيمانهم وكيما بشهادتهم نصل الى الإيمان بيسوع المسيح وكيما بإيماننا نحصل على الخلاص والحياة الأبدية. وهذا ما جاء في الآية التي سطرتُها اعلاه من انجيل يوحنا. وهكذا يتم التواصل المتواتر بيننا وبين الرب يسوع مروراً بشهود المسيح. وكما كان الآخرون شهوداً للمسيح لنا فإذاً علينا أن نكون شهوداً للمسيح أمام الآخرين الذين يضعهم المسيح في طريقنا. 13. طوبى لأنقياءِ القُلوبِ، لأنّهُم يُعاينونَ اللهَ : (متى 5:8 ) إن معاينة الله هي هدف الانسان والله وهي قمة الوصول الى الملكوت الله السماوي. فلنتذكر طلب فيلبس من الرب يسوع : " أجابَ يَسوعُ توما : "أنا هوَ الطّريقُ والحقّ والحياةُ، لا يَجيءُ أحَدٌ إلى الآبِ إلاّ بـي. لَو كُنتُم عَرَفْتُموني لَعَرَفْتُم أبـي أيضًا. ومِنَ الآنَ أنتُم تَعرِفونَهُ، ورأَيتُموهُ". فقالَ لَه فيلبّسُ: "يا سيّدُ، أرِنا الآبَ وكَفانا". فقالَ لَه يَسوعُ: "أنا مَعكُم كُلّ هذا الوَقتِ، وما عَرَفتَني بَعدُ يا فيلبّسُ؟ مَنْ رآني رأى الآبَ، فكيفَ تَقولُ: أرِنا الآبَ؟ ألا تُؤمِنُ بأنّي في الآبِ وأنّ الآبَ فيّ؟ الكلامُ الذي أقولُهُ لا أقولُهُ مِنْ عِندي، والأعمالُ التي أعمَلُها يَعمَلُها الآبُ الذي هوَ فيّ. صدّقوني إذا قُلتُ: أنا في الآبِ والآبُ فيّ، أو صدّقوني مِنْ أجلِ أعمالي." إن ما طلبه فيلبس من يسوع هو أن يرى الآب. وكيف رؤية الله ؟ كيف للإنسان أن يرى الله ؟ ونحن نجاوب بالإستحالة طبعاً . لأن الله قال لموسى عندما طلب موسى رؤية وجه الله. فقال الله لموسى : " لا يمكن لأحدٍ أن يَراني إلا ويموت ! " لكن الذي كان مستحيلا في العهد القديم أصبح ممكناً في العهد الجديد. بالمسيح يسوع نرى الله ونلتقي بالله. لأنه فقط المسيح هو الطريق والحق والحياة. المسيح هو صورة الله المنظورة التي رآها البشر أيام حياة المسيح الأرضية ! لكن بصعود المسيح الى السماء أصبحت هذه الرؤيا المباشرة رؤية قلبية بالشوق والرغبة والأمل والرجاء لكل مَنْ يؤمن بالمسيح إيماناً ثابتاً وحقاً ! فالمؤمن الحقيقي بالمسيح يُبرره المسيح بالإيمان وبما أن المسيح يبررنا بالإيمان فأنه ينقينا قلبيا وروحياً ويجعلنا قادرين للهذه الرؤية الإلهية. التبرير ينقي قلوبنا فيجعلنا قادرين أن نعاين الله. فتتحقق التطويبة بعد التبرير : فطوبى لأنقياء القلوب ، المبررين بالإيمان لأنهم بإيمانهم يرون الله ومنذ الآن ! هؤلاء هم أنقياء القلوب الذين حازوا على إيمان ثابت وأكيد لا تهزه رياح الشك ولا يعصف به الشر ولا تنال منه الخطيئة ! إننا ظمن هؤلاء الذين بررهم الإبن من أجل معاينة الآب لأننا نؤمن بأن الرب الاله أقام إبنه يسوع المسيح من بين الأموات. وبإيماننا إنتقلنا من الموت الى الحياة فنحن نحيا في قلب الرب وحياته تسري في عروقنا.
♀ مــن المـوت الى الحيــــــاة : طريق الإيمان بقيامـة المسيح ! ♀