الكونجرس الأمريكي هو المجلس التشريعي بالولايات المتحدة الأمريكية، ومهمته سن القوانين للدولة. يتألف الكونجرس من هيئتين هما مجلس الشيوخ ومجلس النواب، ويتمتع كلا المجلسين بسلطات متساوية تقريبا،كما أنه يتم انتخاب أعضاء الكونجرس من قبل الشعب. وبالرغم من أن المهمة الأولى للكونجرس هي سن القوانين؛ إلا أنه يضطلع بمهام أخرى كبيرة، فعلى سبيل المثال فللكونجرس أن يصدق، أو يرفض ترشيحات رئيس الولايات المتحدة لمناصب وزراء الحكومة وبعض المناصب الرفيعة الأخرى. كما أن له الحق في إقرار أو رفض المعاهدات والاتفاقيات، التي يبرمها الرئيس الأمريكي. وحيث إن كل عضو في الكونجرس يمثل عددًا كبيرًا من المواطنين، فإنه يتوجب على الأعضاء معرفة آراء الناخبين والاسترشاد بتلك الآراء عند النظر في القوانين المقترحة. كما أن عضوية الكونجرس تحتم على العضو أن يرد على خطابات المواطنين، والظهور في المناسبات المحلية. كما تحتم عليه أيضـًا فتح مكاتب محلية لمعالجة مشكلات الجمهور مع الحكومة كيفية تنظيم الكونجرس يعد الكونجرس جهازًا تشريعيًا مؤلفًا من مجلسين تشريعيين. يتشكل مجلس الشيوخ من 100 عضو. يمثل كل ولاية من الولايات الخمسين شيخان (سناتوران). ويتألف مجلس النواب من 435 عضوًا. ويتم انتخاب الأعضاء، أو النواب لهذا المجلس من مناطق انتخابية، ولابد أن يكون لكل ولاية مقعد واحد على الأقل في مجلس النواب. ظل الحزبان الديمقراطي والجمهوري لفترة طويلة من الزمن الحزبين الرئيسيين في الكونجرس. ويعتبر الحزب الذي لديه عدد أكبر من الأعضاء في كل من مجلسي الكونجرس حزب الأغلبية، بينما يكون الحزب الآخر حزب الأقلية. تشكل اللجان مظهرًا مهمًا في تنظيم المجلس التشريعي، فهي التي تعد مشاريع القوانين للتصويت عليها. كما أن نظام اللجان يساعد على تقسيم العمل المتعلق بمعالجة التشريعات، ويُمَكِّن الأعضاء من التخصص في أنواع محددة من الموضوعات. ويقوم حزب الأغلبية بـاختيار رئيس كل لجنة، ويحتفظ بأغلبية المقاعد في معظم اللجان. مجلس الشيوخ. وفقًا للدستور، يرأس نائب رئيس الولايات المتحدة، مجلس الشيوخ ولكنه لايعد عضوًا في هذه الهيئة؛ كما أنه نادرًا ما يظهر هناك. وينتخب المجلس رئيسًا مؤقتًا ليتولى العمل في غياب نائب الرئيس. ويقوم بالتوقيع على الأوراق الرسمية الخاصة بمجلس الشيوخ ولكنه لايرأس المجلس بـانتظام، وإنما يقوم بتعيين سناتور أدنى مرتبة رئيسًا مؤقتًا لمعظم الوقت. ويقوم المجلس عادة بانتخاب رئيس دائم له من حزب الأغلبية. ينتخب كل من الديمقراطيين والجمهوريين موظفًا كبيرًا زعيم الردهة، ويعرف بزعيم الأغلبية أو زعيم الأقلية، وينتخب كل حزب موظفًا يعرف بحامل السوط لمساعدة زعيم الردهة في خدمة أهداف الحزب. مجلس النواب. يضطلع رئيس مجلس النواب بمهمة رئاسة الجلسات إلى جانب كونه زعيم حزب الأغلبية. ورئيس مجلس النواب أهم عضو في الكونجرس، نظرًا للسلطات الواسعة التي يتمتع بها؛ فيقوم بتحويل مشاريع القوانين إلى اللجان، وتسمية أعضاء اللجان الخاصة، كما يقوم بترشيح أعضاء حزبه إلى لجنة الأنظمة والقواعد ذات النفوذ. وبالإضافة إلى ذلك، يشارك في التصويت في حالة تعادل الأصوات، ويمنح زملاءه من أعضاء المجلس حق الكلام أثناء المناقشات. وكما هو الشأن في مجلس الشيوخ، يختار كل من حزبي الأغلبية والأقلية زعيم الردهة وحامل السوط، كلاً على حدة. متى يجتمع الكونجرس. يتشكل مجلس جديد للكونجرس كل سنتين إثر انتخابات الكونجرس التي تجري في شهر نوفمبر من السنوات ذات الأرقام الزوجية. ويتقدم نحو ثلث أعضاء الكونجرس للانتخابات العامة كل سنتين. ويصبح الكونجرس بذلك هيئة تتسم بالاستمرارية، لأنه لايكون جديدًا بكامله على الإطلاق. يعقد الكونجرس جلسة دورية واحدة في السنة. وتبدأ الجلسة في 3 يناير مالم يحدد الكونجرس تاريخًا مختلفًا. يكون الكونجرس دائمًا في عطلة لكي يتسنى للأعضاء زيارة ولاياتهم أو مقاطعاتهم. وبعد انفضاض الكونجرس، يحق لرئيس الجمهورية أن يدعو لانعقاد جلسة خاصة. ولا يجوز للرئيس الأمريكي أن يفض الكونجرس إلا في حالة فشل المجلسين في الاتفاق على تاريخ للانفضاض. ويجتمع كل من مجلسي الشيوخ والنواب في قاعتين منفصلتين بمبنى البرلمان (الكابيتول) بالعاصمة واشنطن. كيف يسن الكونجرس القوانين يصدر الكونجرس خلال كل سنتين من دورات الكونجرس نحو 600 قانون، ويوقع عليها الرئيس، ويقدم أعضاء كل من مجلسي الشيوخ والنواب خلال تلك الفترة نحو 10,000 من مشاريع القوانين. وتؤدي العمليات التشريعية المتتالية إلى تمحيص المقترحات التي تنشأ خلال كل مرحلة من مراحل تطور مشروع القانون إلى قانون. ولكي يتسنى لمشروع قانون معين أن يتم إقراره قانونًا، فلابد أن يجتاز المناقشات التي تدور حوله في اللجان وفي المجلس في كل من هيئتي الكونجرس. ولابد أن يحصل مشروع القانون على غالبية الأصوات في الكونجرس وعلى توقيع الرئيس. وإذا استخدم رئيس الدولة حق النقض ضد مشروع القانون، فلابد أن يحصل مشروع القانون المعني على تأييد ساحق في الكونجرس لكي يلغي النقض. اقتراح القوانين الجديدة. يمكن للقوانين أن تقترح من قبل أي شخص، ويشمل ذلك المشرعين أو موظفيهم، أو المسؤولين التنفيذيين، أو جماعات المصالح الخاصة، ولكن لكي يتحول مشروع قانون معين إلى قانون، فلابد أن يتبناه أحد أعضاء الكونجرس، وأن يقدمه رسميًا للكونجرس. يمكن لمشروع القانون أن يكون عامًا أو خاصًا. وتتعلق مشاريع القوانين العامة بأمور تهم الناس على صفة العموم. أما مشاريع القوانين الخاصة، فإنها تخص فقط أفرادًا محددين مثل قضية تخص الهجرة، أو دعوى ضد الحكومة. ولكي يصبح المشروع قانونًا لابد أن يقره المجلس، ويوقع عليه الرئيس. العمل في اللجان. يحال مشروع القانون، بعد تقديمه، إلى إحدى اللجان المختصة بالأمور التي يشملها مشروع القانون المعني. وتتشكل لجان الكونجرس الرئيسية الدائمة من 17 لجنة في مجلس الشيوخ، و 19 لجنة بمجلس النواب. وتتعامل هذه اللجان مع معظم المجالات الأساسية للتشريع، يدخل القانون المقترح مرحلة حرجة بعد إحالته إلى إحدى اللجان. وتقوم هذه اللجان بدراسة جزء بسيط من مشاريع القوانين المحالة إليها، وتقوم بإعداد تقرير عنه يعرض على كامل المجلس. أما مشاريع القوانين الأخرى فإنها غالبًا لا ترى النور. وإذا ما قرر رؤساء اللجان أن يستمر النظر في مشروع قانون معين، فإنهم يلجأون في العادة إلى عقد جلسات استماع مفتوحة للجمهور، للتعرف على الإفادات المؤيدة والمعارضة لمشروع القانون. هنالك بعض مشاريع القوانين التي يتم تمريرها إلى مجلس النواب أو مجلس الشيوخ بدون إدخال أي تعديلات عليها. ولكن معظم مشاريع القوانين تتعرض للتعديل في جلسات ¸التنقيح• التي تعقدها اللجان. وعندما يصوت غالبية أعضاء اللجنة المعنية لصالح مشروع القانون المنقح، فإنهم يحيلونه إلى المجلس بكامل عضويته مع التوصية بإجازته. إقرار مشاريع القوانين. تقوم اللجان بحجب مشاريع القوانين التي تفتقر إلى مساندة كبيرة. وعليه، فإن معظم مشاريع القوانين التي تصل إلى مجلس النواب أو الشيوخ يتم إقرارها في النهاية. وفي العادة يقر أعضاء مجلس الشيوخ مشاريع القوانين إما بالاقتراح البسيط أو بإجماع الأصوات، أي بدون اعتراض أحد من الأعضاء، وحيث يمكن لاعتراض عضو واحد أن يعيق الموافقة الجماعية، فإن زعماء مجلس الشيوخ يعملون على ضمان أن يكون مشروع القانون مقبولاً لدى زملائهم. يقر مجلس النواب معظم مشاريع القوانين بالموافقة الجماعية، كما هو الحال في مجلس الشيوخ، أو بإجراء تعليق الأحكام، وكلا الأسلوبين يؤديان لتعجيل عملية التشريع في مشاريع القوانين التي لايوجد بشأنها خلاف كبير. أما مشاريع القوانين التي تختلف حولها الآراء فيتم النظر فيها في مجلس النواب وفقًا لقواعد تضعها لجنة الأنظمة والقواعد. يستخدم المشرعون طرقًا مختلفة للتصويت على قوانين المشروع. ففي حال التصويت بالنطق، يجهر جميع المؤيدين بكلمة نعم سويًا، بينما يجهر المعارضون بكلمة لا، وفي حالة انقسام الأصوات، يقف الأعضاء مجتمعين لتوضيح ما إذا كانوا مؤيدين أو معارضين لمشروع القانون المعني. وفي حالة التصويت عند النداء وفقًا لقائمة الأسماء، يصوِّت كل واحد من الأعضاء بنعم أو لا بعد نداء اسمه. ويعمل المجلس في العادة على تسجيل وإحصاء الأصوات إلكترونيًا، ويقوم الأعضاء بالتصويت بالضغط على زر. يميل أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب للتصويت وفقًا لموقف أحزابهم حيال مشروع القانون المعني. وإذا كان المشرعون على علم بآراء ناخبي دوائرهم ـ أي آراء الجماهير التي انتخبته ـ فقد يصوتون وفقًا لذلك. كما أن لرئيس الدولة وجماعات الضغط القوية أيضًا تأثيرًا في مواقف الأعضاء. من مشروع قانون إلى قانون. بعد أن يجتاز مشروع القانون أحد مجلسي الكونجرس، يحال إلى المجلس الآخر. وبمجرد أن يوافق المجلسان على مشروع القانون، فإنه يحال إلى رئيس الدولة. يحق لرئيس الدولة خلال 10 أيام ـ بدون أيام الأحد ـ من تسلُّمه لمشروع القانون أن يوقع عليه أو أن ينقضه. وإذا لم يقم رئيس الدولة بالتوقيع على مشروع القانون أو بإعادته خلال 10 أيام وكان الكونجرس في حالة انعقاد، فإن مشروع القانون يصبح قانونًا نافذًا. أما إذا انفض الكونجرس خلال تلك المدة، فإن مشروع القانون لايصبح قانونًا، ويسمى هذا الإجراء الأخير باسم فيتو الجيب. نبذة تاريخية نشأت فكرة تأسيس الكونجرس عن تقليد مجالس النواب الذي انتقل من بريطانيا، وصارت له جذور في المستعمرات الأمريكية في أوائل القرن السابع عشر الميلادي. وكان لمجالس المستعمرات سلطات واسعة، وبمضي الزمن، صارت هذه المجالس تعبر بشكل أوسع عن مصالح المستعمرين ضد مصالح الحكام الاستعماريين، الذين كانت تعينهم بريطانيا. وعندما ازدادت حدة التوتر بين بريطانيا والمستعمرات الأمريكية في الستينيات من القرن الثامن عشر الميلادي، تبنت مجالس المستعمرات قضية المستعمرين. ويمكن اعتبار الكونجرس القاري الأول، الذي انعقد في فيلادلفيا عام 1774م، بمثابة الهيئة التشريعية الوطنية الأولى. وفي عام 1776م، أعلن الكونجرس القاري الثاني استقلال المستعمرات عن بريطانيا. وعمل الكونجرس القاري الثاني بمثابة الحكومة الوطنية حتى 1781م، حينما تبنت الولايات مذكرة الاتحاد الكونفدرالي وأنشأت كونجرس الكونفدرالية. وقد عمل كونجرس الكونفدرالية بدون هيئة تنفيذية أو قضائية مستقلة وسرعان ما ظهر ضعفه. وفي عام 1787م رسم مندوبو المؤتمر الدستوري خطة جديدة لشكل الحكومة ـ دستور الولايات المتحدة ـ وظلت سلطة الهيئة التشريعية مهمة، ولكن تمت موازنتها بسلطات الهيئتين التنفيذية والقضائية. وقد دعا الدستور إلى إنشاء مجلسين للكونجرس الجديد ـ بدلاً من مجلس واحد كان في السابق ـ بتمثيل متساو في أحد المجلسين (الشيوخ) وبالتمثيل وفقًا لعدد السكان في المجلس الآخر (مجلس النواب). وقد أدى تشكيل مجلسين للهيئة التشريعية إلى نزاع مرير بين مندوبي الولايات الصغيرة، الذين كانوا يفضلون تمثيلاً متساويًا لكل ولاية، ومندوبي الولايات الكبيرة، الذين كانوا يريدون تمثيلاً مبنيًا على أساس عدد السكان في كل ولاية.
ماذا تعرف عن الكونغرس الأمريكي ومجلس الشيوخ ومجلس النواب وماهي أهدافهم؟