وزير الخارجية الإيراني متكي يرى أن من يقف بوجه طموحات بلاده النووية سيعاقب إلهيا بالخروج المبكر من المونديال! ميدل ايست اونلاين
لماذا خرجت منتخبات فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة مبكِّراً من "المونديال"، وبفضيحة كروية، ولفرنسا وبريطانيا على وجه الخصوص؟ هذا السؤال رياضي (كروي) صرف، وإجابته يجب أن تكون، بالتالي، من جنسه، أي رياضية (كروية) صرف؛ ولكنَّ وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي كان له رأيٌ آخر، أي إجابة أخرى؛ ولا تَظنُّوا أنَّ هذا "الرأي ـ الجواب" سيتخطَّى الرياضة إلى السياسة، التي يُفْتَرَض فيه، وبحكم منصبه، أن يكون متضلِّعاً منها، وبما تعصمه من الاعتصام بـ "التفسير اللاهوتي" لأحداثها، ولسائر ما يشبهها من أحداث، كذاك الحدث الرياضي. متكي فسَّر ذلك الخروج على أنَّه "انتقام إلهي" لإيران من تلك الدول الثلاث على "سوء معاملتها" للأمَّة الإيرانية، مشيراً بذلك إلى ما تتعرَّض له إيران من عقوبات دولية (وغير دولية) لإرغامها على تلبية شروط ومطالب الغرب في ما يخصُّ برنامجها النووي؛ فإذا تضرَّرت الأمَّة الإيرانية، وعانت، من عواقب العقوبات الدولية، أو من "سوء المعاملة" التي تلْقاها من تلك الدول الثلاث، وغيرها، فإنَّ عليها أن تَجِد في هذا التفسير ما يكفي من العزاء، وأن تَفْهَم كل سعي داخلي أو خارجي ضدَّ "نظام ولاية الفقيه"، أو ضدَّ ما ينتهجه من سياسة، أو يتَّخِذه من إجراءات، على أنَّه شيء يغضب الله، ولا يرضيه، ويعرِّض أصحابه إلى "عقاب سماوي عادل" كهذا الذي تعرَّضت له منتخبات فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في بطولة كأس العالم لكرة القدم في جنوب إفريقيا؛ وإنَّها لمأساة حقَّاً أن يقع كلام متكي على أسماع شعبية إيرانية تشبه سمعه، مع أنَّني أشكُّ كثيراً في أن يكون متكي نفسه مقتنع بكل كلمة قالها. لقد عاقب الله "الدول الثلاث" على "سوء معاملتها" للأمَّة الإيرانية، إذ أخرج منتخاباتها مبكِّراً من "المونديال"، فماذا كان سيقول متكي لو أنَّ الله كافأ الأمَّة الإيرانية، وجازاها خيراً، بأنْ مكَّن منتخبها الكروي من الوصول إلى "المونديال"، ومن أن يكون هو الذي أخرج منتخباتها منه؟! عندما فاز أوباما بالبيت الأبيض حار بعض الإيرانيين، من أمثال متكي، لجهة شغفهم بـ "التفسير اللاهوتي" حتى للسياسة، في معرفة الفائز "الحقيقي"؛ فربَّما يكون "مبارك حسين" أوباما، وليس، على ما أُشيع، "باراك" أوباما. هؤلاء الإيرانيون، وهم من القائلين بخرافة المهدي المنتظَر، وبالعقيدة السياسية المشتقة من هذه الخرافة، وهي عقيدة "ولاية الفقيه"، وبضرورة طاعة "الإمام القائد المرجع السيد الخامنئي قدس سره"، بوصفه تجسيداً آنياً لـ "ولاية الفقيه"، اكتشفوا في أوباما علامة على قرب ظهور المهدي المنتظَر (أو المنتظِر في سردابه) فسيِّد البيت الأبيض الجديد إنَّما هو، بحسب الحديث المنسوب إلى الإمام علي، "الرجل الأسود طويل القامة الذي سيحكم الغرب، ويقود أقوى جيش على الأرض قبل ظهور المهدي". أمَّا المرجع الذي ورد فيه هذا الحديث فهو كتاب "بحار الأنوار (أي بحار الظلمات)"، الذي ألَّفه محمد باقر المجلسي، في العهد الصفوي، في القرن السابع عشر. ومع إخضاع الاسم (باراك حسين أوباما) لفحص مجهري شيعي ثَبْت وتأكَّد أنَّ "مباركة الحسين" هي المعنى الحقيقي لـ "باراك حسين"، وأنَّ "أوباما"، في الفارسية، يعني "إنَّه معنا". وبعد طول تفكير وتأمُّل في نتائج هذا الفحص المجهري توصَّلوا إلى أنَّ الحسين بن علي يبارك (ويهنىء) أوباما الذي إنَّما جاء وفاز ليقف مع الشيعة (في إيران النووية). قبل ذلك، وعندما احتلت الولايات المتحدة العراق، جابت عربات عسكرية لـ "المارينز" المناطق الشيعية في بغداد لتَبُثَّ عبر مكبرات الصوت "أناشيد وأغاني دينية شيعية"، تُصَوِّر "وقائع مأساة الإمام الحسين بن علي وآل بيته"؛ ثمَّ حضر بعض من "المارينز" جلسات استماع لأحاديث دينية شيعية، مدارها "التبشير بعصر ظهور المهدي المنتظَر الإمام الثاني عشر من أُمَّة آل البيت"، فاغتنم قيادي في "كتلة الائتلاف العراقي الموحَّد" الشيعية هذه الفرصة ليخطب في الجمهور قائلاً إنَّ إدارة الرئيس بوش (والرئيس بوش على وجه الخصوص) تُبدي اهتماماً متزايداً بـ "عصر ظهور المهدي"، وإنَّ الولايات المتحدة، على ما يَعْتَقِد، لديها "خوف حقيقي من هذا الظهور". وقد قادته أوهامه تلك إلى أن يكتشف أنَّ "أحد أهم أسباب الوجود العسكري للولايات المتحدة في العراق هو أن تكون على مقربة من منطقة الكوفة التي سيتَّخذها المهدي عاصمة له عند ظهوره (الحتمي)". ولكنَّ الرئيس أوباما (عجَّل الله فرجه من سرداب اللوبي التلمودي) أبى إلاَّ أن يكون المهدي المنتظَر لأولئك الذين "أساءوا معاملة" الأمَّة الإيرانية فاستحقوا أن يغضب الله عليهم، ويخرجهم من "المونديال" أذلَّة وهم صاغرون؛ أمَّا ذلك المهدي (الذي عمره الآن 1200 سنة، والذي سيبقى في السرداب حتى يشبع العالم ظلماً وجوراً وفساداً) فلن يَظْهَر في عصرنا؛ ولِمَ يَظْهَر، فنحن الذين عُدْنا إلى عصره؟! أوباما هذا، والذي صوَّرته لنا أوهامنا على أنَّه لينكولن في بشرة سمراء، زار، على ما ورد في نكتة، ضريح الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة أبراهام لينكولن ليشكره على جميل صنعه لأبناء جلدته، وهو تحرير العبيد، فسَمِع صوتاً منبعثاً من داخل القبر "آسِف ـ يا سيِّدي ـ لأنَّني لم أتمكَّن من تحريركَ معهم!". جواد البشيتي